أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رضا لاغة - محاولة في اكتشاف المسارب الأنثروبولوجية للرعب الميثولوجي














المزيد.....

محاولة في اكتشاف المسارب الأنثروبولوجية للرعب الميثولوجي


رضا لاغة

الحوار المتمدن-العدد: 6477 - 2020 / 1 / 30 - 14:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بيّنّا في مقالنا السابق مضمون ما قدمه هيغل من وصف تفصيلي لتطور الروح الذاتي بصورة تنم عن معنى اعجازي للعقل الذي بلغ بفكرة الارتقاء ذروته.لقد أخذت الفلسفة وفق هذا الطرح الجدلي منحى شموليا للتاريخ. و ذلك بتقديم صورة وثوقية لمفهوم الحقيقة التي تتجسد في الزمان المحسوس.
إن هذا النوع من التحليل وسم بالتاريخانية ، و هو نهج يخل بالدلالة النفسية المحايثة و التي تشكل إشارة كاشفة لمعنى الرعب الإنساني في الحاضر و المستقبل.و إذا كان من الضروري مساءلة التاريخ حول ما أسميناه الاختزان الميثولوجي للعقلانية فإن ما ننشد بيانه هو لا مفكر الفكر العقلي .إننا نعمل على اكتشاف المسارب الأنثروبولوجية التي تعيد بشكل متجدد فهم شروط بزوغ العقلانية.
هل يعني ذلك أن الميثولوجيا تترعرع في فضاء الأنثروبولوجيا؟
إنه من الصعب تعيين هذه اللحظة لكونها لحظة خالصة من كل تأثير ميتافيزيقي.
هنا بالذات يحضرنا موقف بول ريكور الذي ينبّهنا إلى صعوبة موضعة المشكل الذي يكاد يسقط في دائرة الميتافيزيقا. يكاد لأنه موسوم بما هو نفسي انثروبولوجي باعتبار أن مفهوم الرعب يمتلك فعالية ذات خصوصية واضحة. انه يتحيز داخل ضرورات وعوائق وتقلبات نفسية تطمح للانفلات من قبضة هذا الانقسام الذي يخترق الذات الإنسانية.
و من الأفضل قبل تفحّص الموقف الفلسفي لبول ريكور ، أن نبدأ في محاولة فهم هذا التهديد الأعظم الذي يتغلغل في أعماق ذاتنا. أودّ الإشارة هنا أن ما يثير اهتمامي هو المتعارضات بين العقلانية و اللاعقلانية ، لا في محتواها المفهومي الذي يلهث وراء وصاية المعنى كدليل مركزي يحط من قيمة اللاعقلي و إنما في الطابع النسقي لمؤثرها التاريخي. لأجل هذا يحضرني قول لوك فيري حين يشرح لنا أهمية الدور الذي تضطلع به الفلسفة.فهي " تعدنا بمساعدتنا في انقاذ أنفسنا و التغلب على مخاوفنا و وساوسنا ، ليس بواسطة آخر ، بواسطة إله ، بل بذواتنا و بقواتنا الخاصة لدى استعمالنا عقلنا فقط"( كتاب تعلّم الحياة ص 68 ).
إن هذا الاتجاه العقلي الذي سعى الفيلسوف إلى اظهاره يبدو متعارضا من الناحية الواقعية مع القراءات و التصورات المعاصرة التي شرحت لنا حقيقة المضمون النسقي للخوف لا باعتباره حالة فردية و إنما بالإضافة إلى ذلك ظاهرة اجتماعية من صنع العقل ذاته. أي أن الصورة التي تتجذر مع حضارة العقل تتصف في طورها الأدق كبينة تفرز أنواع معقدة من الخوف المعولم.
لنحدد باختصار نصيحة فيري :" علينا إذا أردنا أن نحيا ، أن نعيش أحرارا قادرين على الفرح و العطاء و الحب ؛ أن نتغلب أولا وقبل كل شيء على الخوف أو بالأحرى على المخاوف" (نفس المرجع،ص27 ).
إن الطريقة التي صاغ بها فيري البنية النفسية للخوف تدفعنا إلى مضاعفة الحذر من قابلية اختزاله كوجه معاكس للعقل . و حتى نتطرق لأحد أوجه النقاش الدائر حول سيرورة الخوف كحضور مناقض للخطاب الفلسفي ، يطرح علينا فيري توضيح المنطق الذي يفرضه هذا الشعور كمزيج نفسي يتحدد مباشرة في علاقة بقدرية مآل الموت. يقول فيري:" يمنعنا الخوف من الموت من العيش بهناء ليس فقط لأنه يولد لدينا القلق ، إذ أننا في الواقع لا نفكر به معظم الأحيان ، و لكن إذا تعمقنا في الأمر نجد أن فكرة اللاعودة إلى الوراء في مسار الأمور ، بما هي شكل من أشكال الموت الحاضر في قلب الحياة ؛ تهدد دائما بجرّنا إلى زمن ينغّص وجودنا : إلى الماضي حيث تسكن منغّصات السعادة كالحنين و الشعور بالذنب و كل ما نأسف له أو نندم عليه"(نفس المرجع ،ص 30 ).
يبدو أن كل المسألة المتعلقة بعتبة المعقولية تقوم على صياغة فهم إزاء الخوف، أي أن يكون قابلا للفهم. ولكن ما لم يفطن إليه فيري أن من داخل هذه العتبة ذاتها يبدأ لعز انبثاق الخوف. وقبل أن نتابع مفردات هذه المساجلة الفلسفية مع بول ريكور ضمن كتاب الإنسان الخطاء و كتاب مجتمع المخاطر مع ألريش باك و ثقافة العداوة مع هنتبجتنغ ، لنشرع في تحديد مفهوم الخوف.
ورد في مقال شيق للطاهر لبيب بعنوان : من الخوف إلى التخويف، مساهمة في تعريف ثقافة الخوف التعريف التالي:" الخوف كحالة نفسية فردية أو جماعية ناتجة عن مواجهة أو تهديد خطر حقيقي أو متخيّل هو من غريزة البقاء. إنه من هذه الوجهة ظاهرة كونية قديمة قدم الإنسان ".
في هذا المضمار يمكن العثور على إشارات هامة كإمكانية مفاهيمية حددت دلالة مركبة للخوف من زاويتين: فهو فردي مثلما يمكن أن يكون جماعيا. وهو أيضا معطى حقيقي مثلما يمكن أن يكون متخيلا.
إن الأمر هنا يتعلق بلا تجانسية الدليل الذي يمكن أن يكون منذ البداية موضع خلاف تاريخي.



#رضا_لاغة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرّعب الميثولوجي
- المشروع الوطني في تونس والسيادة الجديدة
- الانتخابات في تونس وسفينة المصالح بين جاذبية المشروع الوطني ...
- ثقافة بدئيّة نحو فهم حركة الشعب و المشروع الوطني
- الخيار الثوري و أزمة المسار الإصلاحي في تونس
- تونس والوجه الآخر للديمقراطية
- ملاحظات تمهيدية : تونس بين رهان التحديث ومأزق الهوية
- عن بعض خصائص الأزمة في مفهوم الدولة الأمة كهوية وطنية
- ملامح أزمة الدولة الأمة في الفكر القومي العربي
- مفهوم الدولة الأمة في الفكر القومي العربي
- مأزق الدولة الأمة ومعالم التمييز بين الهويات
- الفكر القومي بين رهان الدمقرطة و التكيّف الانقلابي القسري
- التخطيط الاستراتيجي العربي: مهمّة تحتجب خلف مصالح الدول
- المرجع الهووي و رنين ملاعق التطبيع
- التفجير الإرهابي بشارع حبيب بورقيبة: رسالة مشفّرة تحتاج إلى ...
- المشروع الوطني لحركة الشعب و نظرية الثورة العربية
- المشروع الوطني لحركة الشعب: جدلية التفاعل بين الديمقراطية و ...
- حركة الشعب : الناصرية في تونس و أسس المشروع الوطني
- دقائق متكاسلة
- كش مات ... حكومة يوسف الشاهد و شهوة المتناقضات في فلك الاتحا ...


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رضا لاغة - محاولة في اكتشاف المسارب الأنثروبولوجية للرعب الميثولوجي