أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - الطيق الى امستردام ؟رواية - الفصل السابع عشر















المزيد.....

الطيق الى امستردام ؟رواية - الفصل السابع عشر


ذياب فهد الطائي

الحوار المتمدن-العدد: 6455 - 2020 / 1 / 4 - 20:41
المحور: الادب والفن
    


منذ ان بدأت إجراءات السفر، بدا على صفية انها مرتبكة ، أصرّ أدريان على أن نسافر بدرجة رجال الأعمال وطلب من وكيل سفره أن يحجز لنا عبر المانيا إذ لا توجد رحلات مباشرة من هولندا الى بغداد .كانت صفيه تمر بحالة ذهنية يسودها هدوء مشوش ، كانت تتحرك بألية وتضع ملابسها في الحقيبة الجلدية الكبيرة دونما ترتيب مما اضطرني الى الطلب منها ان تخلد للراحة وأقوم بحزم الحقيبتين ، لم توافق أن نشتري هدايا لأمها أو خالتها وبناتها ،لم أناقشها وفكرت أن اشتري بعض العطور والحلويات وربما شالين حريريين من السوق الحرة،في الطائرة كانت تغمض عينيها وكإنها تستعجل الوقت أن يمر على نحو أسرع أو على نحو لا يدفعها الى الى التفكير به ، لم تكن صفيه التي عبرت بحر ايجه بعواصفه الرعناء ومخاطره التي كانت على مقربة نراها ونشعر بها ،كانت حينها قوية تواجه ما يحصل وهي تدرك حجمه، بدت هادئة ...أقرب الى أن تكون مستسلمة او إنها تعاني من شرود ذهني، ونحن على الطائرة طلبت عصير كيوي وحين قدمته المضيفة لها استغربت ،قالت إني أعرف إنها لا تستسيغ الكيوي فلماذا طلبته لها ،قلت لها لقد نسيت إ ني طلبته من المضيفة ، تناولت العصير ...كنت أتسائل عما اذا كانت الكوابيس التي كانت تعاودها في أرنهم قد استولت على تفكيرها ، شعرت بالقلق وقررت أن أكون حذرا في التعامل معها بانتظار أن نصل بغداد لأعرضها على طبيب مختص.
مطار بغداد الدولي لم يتغير عدا وجود صفوف طويلة من النساء الايرانيات بالجادر الاسود والرجال الذين يبدو عليهم الاجهاد والفقر ،طلب ضابط الجوازات الهويات المدنية العراقية ، كنت على علم بالإجراء الذي يقصد منه الإعفاء من المطالبة بتأشيرة الدخول ،الإجراءات متعبة ، أخذنا اولا سيارة الى ساحة عباس بن فرناس وبعدها سيارة الى البيت، كان السائوق في الساحة يتزاحمون على الركاب دون وجود أي تنظيم أ و ترتيب يضمن أن يكون هناك دور لكل سائق ، أحيانا يتشاجرون وهم يسحبون الحقائب ،كان السائق يستمع الى دعاء بنغمة رتيبة ، يمط القارئ الكلمات ويحاول أن يعطي ما يقوله مسحة من الصدق للتأثير على المستمع ، رجوته أن يخفظ الصوت لأنا نشعر بالتعب بعد ثمانية ساعات في الطائرة وساعتان في المطار,
قال -من اي بلد؟
-من هولندا
- ديروا بالكم عليّ
-ماذا؟
-يعني لعبو إديكم أنا استاهل
-لقد اتفقنا على الأجرة
- يعني قليلا من الإكرامية لن يؤثر عليكم
لم أرد عليه ، كانت صفية تتطلع الى الشوارع المكتضة أرصفتها بالنفايات وفي نظراتها حزن عميق ،ضغطت على يدها , أود أن أرجوها عدم التعليق،
قالت –متى نصل ؟
قال السائق –خمسة عشر دقيقة إذا كنا محظوظين ،فقد يمر موكب أحد المسؤلين ونضطر للتأخر.
كان السائق ينزل الحقائب من صندوق السيارة حينما سمعت صوتا نسائيا
-خالة صفية وزوجها ...
لم أسمع بقية الجملة وأطلت فتاة من الشباك الموارب في الطابق الثاني ،فتح الباب وكانت أم صفية تستعين بظلفة الباب الخشبي لتقف ، وجهها تلفه ظلال فرح ،لم تضع الشال على رأسها كعادتها ، بدا لمة بيضاء ،فتحت ذراعيها لتحتضن صفية وأجهشت ببكاء حاد ، بكت صفية أيضا ،تذكرت ما كانت تقوله أمي ،البكاء دواء ،ربما ستتجاوز صفية ما تعانيه ،البكاء قد يغسل همومها، تقدمت فتاتان تحملان الحقائب ،قالت خالتها تفضلا ،البنات لم يذهبا للدوام اليوم وفضلا انتظاركما ،التصقت الأم بإبنتها ونحن نجلس ،طلبت الخالة من إبنتها الصغرى أن تعد الشاي ، قالت صفية ، قهوة رجاء.
البيت على الشارع الخدمي وهوشارع مواز لشارع المرور السريع والذي يفصلهما حاجز من الأسلاك الشائكة بإرتفاع مترين قام الأطفال بعمل فتحات فيه للتوصيل بينهما ،غرفة نوم واحدة في الطابق الأسفل ويضم الطابق أيضا صالة هي غرفة المعيشة وغرفة مؤثثه جيدا لأستقبال الضيوف ومطبخ مفتوح ومرافق صحية ، الطابق الأعلى ثلاث غرف نوم على شكل نصف دائري أمامها ساحة ومرافق .
قالت صفية وهي توشوشني – سأنام مع أمي وقد تم إعداد الغرفة المجاورة ،
أشارت الى الغرفة في الطابق الاول.
كنت أتفهم حاجتها لتكون بالقرب من إمها ،لم أعترض ،حين نهضتا كانت صفية تلقي برأسها على كتف أمها ،شعرت انها ترغب لو أن أمها حملتها كما كانت طفلة وألقتها على السرير ،تغطيها وتطلب منها أن تكون عاقلة ولا ترمي الغطاء كعادتها ،ونحن جلوس طيلة الأمسية لم تتحدث الأم كانت تطيل النظر بوجه صفية وتتحسس ملامحها أحيانا ،أرتني صفية صورة أبيها وهي تعود من غرفة النوم ،قالت هذا أبي ، كانت نبرة إعتزاز تطغي على صوتها ، قلت أنت تشبهيه ،قالت ياريت ،كان رجلا كبيرا بحبه لنا،صدقني كان أقرب الى الملائكة ،كان رجلا بلا خطيئة .
في الصباح إكتشفت أن البيت بحاجة الى عملية صيانة سريعة ،قلت لصفية علينا ان نساعدهم في صيانته قبل موسم الامطار ، كانت تتبدى في عينيها بهجة تطلق في وجهها فرحا يضفي عليها سحرا ضافيا ،شعرت بالرضا فهي تتعافى من كوابيسها وتعود ثانية الى طبيعتها ،قلت لها سأتصل بصديق كان لديه مكتب هندسي في المنصور ليعاين البيت ويقوم بما يلزم ،قالت هذا سيوفر علينا مراقبة العمال ومتابعة العمل .
إبنتي خالتها كانتا لطيفتين وهما تعملان ، الكبيرة (سارة )تعمل في قناة فضائية محررة أخبار وهي بحكم عملها تقدم تحليلا مملا للوضع السياسي دون أن يسألها أحد ، الصغيرة (إبتسام )معيدة في كلية التربية الرياضية في ألعاب الساحة والميدان ، تمارس أول الصباح تمارين خفيفة ولا تتناول في إفطارها غير كوب شاي بالحليب وقطعة بسكويت مالحة ،خرجتا أول الصباح ..
.قالت خالتها ماذا أعد لكما في الغداء ،
قلت شكرا خالة ...إتفقي مع صفية .
كانت بغداد تجتاحها شمس مصرّة أن تدخل كل مكان ، شمس حادة ، كانت فاقعة الصفرة شرسة ، تعرف إنها فارقت الصحراء ولكنها نسيت إنها تدخل بغداد ،ظلت تحمل لون الرمل الباهت ووحشة الربع الخالي ،شمس لم تكن فوق جبال حمرين ولم تعبر فوق حقول خضراء.
وقفت بانتظار تاكسي,تذكرت الشمس ساعة الغروب فوق بحر الشمال حين نجلس في مقهى على الشاطئ نرقب الشمس وهي تهبط بجلال فخم لتلامس البحر برقة ، كانت قرصا برتقاليا باذخ البهاء ،لون البحر الازرق وقرص الشمس البرتقالي يشكلان لوحة ساحرة ،في متحف فينيسا وقفنا طويلا عند لوحة سان ماركو الساحرة للفنان التشكيلي أوجين بودان ،مرّ بذهني قصيدة السياب حين يقول (والشمس أجمل في بلادي من سواها ) حبه للعراق جعلة يتجاوز سحر الشمس والبحر في بلدان أخرى ,أو ربما كان يعني بلدان الخليج العربي.
لم أتعرف على المهندس عبد الباقي الراوي حين تخطيت عتبة المكتب ورأيت شيخا يتحرك ببطئ وهو يوجه مهندسا كان يشرح له تصميما هندسيا ، كان يكبرني بحوالي خمس عشر سنه وكنا رغم ذلك أصدقاء بعد إن تعرفت عليه وهو يرفع دعوى ضد أحد المقاولين في بغداد وكنت وكيله ، وقد كسبنا الدعوى،
حين اخبرته بسبب زيارتي ضحك قائلا –لا نقوم بمثل هذه الأعمال ، نحن شركة كبيرة ، ولكني سأعتبره بيتي ،
-ولكن لابد من تحديد الأجر فانتم تدفعون للعمال
-لا بأس ، عشرة دولارات كافية ...اترك العنوان عند السكرتيرة وسيزوركم غدا مهندس مختص وسيقوم باللازم
قالت صفية حين عدت –ماذا فعلت
-كل خير سيأتي مهندس لمعاينة ما يلزم وسيقومون بما يتطلبه الامر
-وماذا عن الاجور ؟
-عشرة دولارات
إعتقدت إني أمزح معها ، نظرت باستغراب ، كانت أكثر ثقة بنفسها ، ولم تعلق
-فعلا لم يقبل عبد الباقي بأقل من عشرة دولارات !
في المساء ونحن نجلس في الصالة بعد العشاء كان الحديث عن الأصدقاء القدامى والجدد ، قالت سارة الأصدقاء القدامى يظلون كالذهب لا يتغير بريقه،
قلت أود شراء بعض الكتب من شارع المتنبئ قالت إبتسام سأرافقكما .... ليس لدي حصص في الكلية غدا.لن أنسى يوم الإثنين 05-03-2007 حين خرجنا في التاسعة والنصف صباحا ،قلت لصفية وإبنة خالتها أود أن انهي زيارتي لشارع المتنبئ بوقت مبكر لأني مرتبط بموعد في نقابة المحامين الساعة الواحدة ، لم تردا ،كانت إبتسام تقود سيارتها اليابانية الصغير،ركنتها في موقف للسيارات في جانب الكرخ ، كان ذلك بالقرب من مديرية التقاعد العامة، نزلنا الى دجلة،العبور بالزورق المزود بمحرك يوفر الكثير من الوقت فالعبور بالسيارة الى الجانب الثاني أمر غير مضمون في أغلب الأحيان، كانت رحلة قصيرة استغرقت خمس عشر دقيقة ،مغادرة الزورق الى الشاطئ عملية محفوفة بالمخاطر،كنت أتابع انطباعات صفية وهي تتطلع الى مكتبات القرطاسية قبل أن ندخل شارع المتنبئ ،كان الشارع معرضا للكتب ، على أرصفة الشارع على الجانبين تتنشر الكتب في عملية إستعراض تتيح للمتطلعين الى العناوين اختيار ما يرغبون به بيسر .
إقترحت إبتسام أن نشرب الشاي في مقهى الشابندر ، لم يكن هناك العديد من الرواد ،بضعة أشخاص يطالعون الصحف ،كان الشاي مطعّما الهيل ، كانت الساعة العاشرة والنصف ، تجمع عدد من الأشخاص حول رجل يقف على صندوق صغير يلقي قصيدة شعر شعبي ،ازدادت أعداد المتجمعين حول الشاعر ،كانوا يطلقون ضحكات بصوت مرتفع وهم يصفقون ويستعيدون الشاعر ، قالت صفية أرغب أن استمع لما يقوله ،هل نقوم . قالت ابتسام إنه شخصية معروفة في شارع المتنبئ وعادة يحضر يوم الجمعة ،قلت حسنا يمكنكا أن تتمتعا بالشعر الشعبي وأنتهز الفرصة لشراء بعض المصادر القانونية من مكتبة ليست بعيدة ،ألقيت نظرة على ساعتي ،كانت الساعة العاشرة وخمس وأربعون دقيقة،
قلت –حسنا أحتاج نصف ساعة والتقيكما هنا،
قالت صفية –اذا انتهى الشاعر نعود الى المقهى فالشاي لذيذ،
كنت قد أشتريت الكتب التي أبحث عنها ،قال العامل في المكتبة –كم الساعة أستاذ ؟،
-الحادية عشر ودقيقتين،
كنت أضع قدمي خارج باب المكتبة ،دوي هائل وعصف كإعصار مدمر وصوت المرأة التي كانت تنظف أمام المكتبة ...انها القيامة تمجد الرب ،هذا أخر ما كنت أحس به من حولي ،ضربة حادة على جبهتي من كتاب مندفع وهويصدر حفيفا مخيفا ،إرتفعت طائرا ثم ارتطمت بحاوية نفايات ، حرارة مخيفة وضيق في تنفسي ،غياب عن الوعي ،ربما دقائق كنت فيها مرميا، نصفي على الرصيف والاخر على الشارع ،حولي مئات الكتب ولكن كتب القانون التي أشتريتها لم تكن معي ،دم متجمد على جبهتي وصداع رهيب يشل رأسي وأصوات مختلطة ومتداخلة تصل ملتبسة ، لم يتدخل أحد لمساعدتي ، كان الدخان الأسود الثقيل يغطي الشارع بالكامل ،كان الشارع قد تداخل ببعضه،كتب وأخشاب وبشر ، طابوق وبقايا كتل إسمنتية تنتشر لتكمل المشهد، أين صفية ؟ حين نهضت شعرت بدوار ويدي التي كانت تقبض على كيس كتب القانون ما زالت مشدودة أصابعها الى راحة الكف ،قال رجل يغطيه التراب ..سلامتك ، قلت له أين صفيه ؟نظر إليّ بأسف ومشى مع إمتداد الشارع ،إنكشف الشارع على الجانبين بعد إن أزاح العصف الرهيب واجهات المكتبات التي تكدست فيها الكتب ،أين صفية؟ ،مقهى الشابندر كأنه اطلال لم يتبقى منه غير جدران اصبحت شبابيكها فوهات يتصاعد منها الدخان ،التجمع الذي كان يستمع للشاعر تحول الى بقايا ملابس لم تحترق واحذية مختلطة ،كان رجال الإنقاذ قد رفعو الهياكل المتفحمة ،فردة من حذاء صفية وفردتي حذاء إبتسام كانتا في كومة من المخلفات عند الرصيف ،أخذتها ، سألت رجل اطفاء –هل رأيت صاحبة هذا الحذاء؟
رد على بلهجة لا تخلو من التبرم –لا ....إذهب الى الطب العدلي
هل أذهب لأم صفية ...ماذا سأخبرها ... جلست على الرصيف ألملم نفسي ...ذاكرتي ...استرجع صورتيهما مع الجمع الذي ينصت للشاعر.
في الطب العدلي كان هناك جمع من رجال ونساء رغم القلق و التعب والخوف كان لديهم أملا ...ربما يجدون من فقدوهم ....للذكرى يزورون القبور،ثلاثة أيام بلياليها كنت ملازما الطب العدلي ،كنت خائفا أن أعود الى أم صفية ،عند البوابة كان رجل يبيع الشاي والبيض المسلوق ،قال- لماذا لاتذهب الى البيت وتأتي في الصباح ؟
قلت –المبيت في الشارع أقل وطأة من الذهاب للبيت
لم يرد ، قدم لي صحن البيض وكوب الشاي
كان الوقت ظهرا حين سمعت صوتا نسائيا ينادي ,كانت خالة صفية ،وجهها الممتقع والمشدود ينبئ بما تعانية
-ماذا حدث ...لماذا أنت هنا ....أين البنات؟
كانت مرتبكة تستعجل المعرفة ، أ شعر إني تائه ، من أين أبدأ ؟
-كانت القيامة
-ماذا ...ماذا تعني ، أين البنات ؟
-لا أدري
كانت هي تدري ...إستنتجه من ملازمتي الطب العدلي
-كيف عرفتم إني هنا ؟
-أخبرنا جبر أبو الغاز أنه راك ، قال ذلك حين كان يبدل قنينة الغاز ،وسأل عما إذا كان لدينا وفاة ...
كانت أم صفية على الكرسي وسط الصاله، لم تسأل ولم ترد على سلامي ،كان الصمت قاسيا بظلاله التي تغطي وجهها ، تجلس واضعة يديها في حجرها، بقايا الدمع في عينيها لم تكن متحجرة ،كانت تتلألأ في محجري العينين المتعبتين
في الصباح كنت أكثر تماسكا ...لقد رحلت صفية ....استأجرت سيارة الى إبراهيم الخليل ...ومن الجانب التركي أستأجرت سيارة الى ديار بكر ...قضيت ليلة في فندق ليس من السهل الحديث عنه ، وصلت مساء ، أخذني السائق الى الفندق ، لم اخلع ملابسي ، فور تمددي على الفراش رحت في إغفائة عميقة ، حين صحوت ذهبت الى مكتب الخطوط الجوية التركية لأقطع تذكرة الى أمستردام ،في الطائرة وعلى مقعد رجال الاعمال قلت للمضيفة ان لا توقظني ،
من المطار أخذت تاكسي الى أرنهم ،كنت أتصرف بالية وكأني مبرمج ،في الشقة بدأت معاناتي ....في كل ركن كانت صفية تنظر نحوي وهي تبتسم، كنت أشم عطرها على الفراش،وأحس بلمستها وأ نا أضع رأسي على الوسادة،أشعر إنها معي وليس في ذاكرتي ،فحينما تترسب الأحداث والأشخاص في الذاكرة يمكن التعايش مع الحياة وممارسة لأنشطها ولكن حين تعيش معك بين الحلم والحقيقة فإنها تشدك اليها ،
يومين لم أخرج من الشقة ولم أرد على الهاتف .طرق الباب في صباح اليوم الثاني ولم أرد ، وفي الثانية عشر أعيد الطرق ...في الثالثة سمعت لغطا عند الباب وحديثا حول فتح الباب ومعرفة ما إذا كنت قد فارقت الحياة ,بضعة افراد من الشرطة وجارتنا سهى ولورا سكرتيرة أدريان،وقف الجميع أمامي بلحظة اندهاش ،كنت ما أزال بملابس السفر ولم أحلق لحيتي منذ غادرت بغداد ،
قادتني لورا الى الحمام ، في المرأة شاهدت وجهها،
قلت لها –أرجو أن تتركيني فأنا استطيع الإعتناء بنفسي
انسحبت بهدوء ، أغلقت الباب وتطلعت الى وجهي ،وجدت إن لحيتي النامية دونما انتظام تعطي إنطباعا بارتباكي ،منذ كنت في أول شبابي كنت أرغب بلحية سوداء منتظمة ، وجدت إن ذلك غير ممكن بسبب تباعد الشعر على وجهي ،حينما خطر هذا ببالي شعرت إني أعود الى حالة الوعي ،
كان الشرطة ما يزالون وقوفا سهى ولورا جالستان ، إعتذرت من الجميع
قالت الشرطية – هل أنت بحالة جيدة ؟
-نعم وشكرا ...ثانية أعتذر عما سببته لكم
استأذن الشرطة وخرجوا ،قالت سهى –هل ترغب بالقهوة ؟
شكرتها ، قالت لورا –جاءك السيد ادريان في الثانية عشر وحينما لم ترد وهو يهم بالعودة جاءت جارتك
-سهى
-نعم سهى ...وهي تفتح باب شقتها سألها ادريان عما اذا كان لديها أية معلومات عنك ، أخبرته إنك جئت أول أمس ولكنك لم تخرج ، إتصل بي لاخبر الشرطة ، أنت تعلم إن فتح الباب يستلزم إجراءات رسمية ، جئت معهم، البقية تعرفها
في اليوم التالي ذهبت الى المكتب ،في الطريق كان كل شيء يجري كالمعتاد ، زحمة الطريق والمطر الذي لا ينقطع ، والترام الذي يجري مزدحما بركابه الى دوامهم ،والسائرون على الرصيف يثرثرون بعجالة ، والمخازن تفتح أبوابها ،
راجعت بعض المستندات وأتصلت بفرعنا في دبي ،اتصل ادريان ، شرحت له ما حصل ،عدت الى الشقة ,شعرت إني لا يمكن أن أستقر بها ,قال أدريان ، لامانع من انتقالك وفي تقديري إنك تتصرف بعقلانية
وهكذا انتقلت الى شقتي الجديدة ، غرفة نوم واحدة وصالة ، بعد الدوام أسترخي في البالكون أراقب الناس ،وأنشغل أحيانا بانجازالأعمال التي أجلبها معي ،لم أعد أسمي أدريان (كاري كرانت )



#ذياب_فهد_الطائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق الى أمستردام /رواية -الفصل السادس عشر
- الطريق الى أمستردام /رواية -الفصل الخامس عشر
- الطريق الى أمستردام /رواية -الفصل الرابع عشر
- الطريق الى أمستردام / رواية -الفصل الثالث عشر
- الطريق الى امستردام / رواية - الفصل الثاني عشر
- الطريق الى أمستردام /رواية - الفصل الحادي عشر
- الطريق الى امستردام/رواية -الفصل العاشر
- الطريق الى امستردام /رواية -الفصل التاسع
- الطريق الى امستردام /رواية - الفصل الثامن
- الطريق الى امستردام/رواية -الفصل السابع
- الطريق الى امستردام/رواية / الفصل السادس
- الطريق الى امستردام /رواية الفصل الخامس
- الطريق الى امستردام /رواية ...الفصل الرابع
- الطريق الى أمستردام /رواية _الفصل الثالث
- الطريق الى امستردام /رواية
- الطريق الى أمستردام /رواية
- اليمين الديني السياسي يحكم العراق
- قراءة في رواية داعشتاين للروائي جاسم المطير
- النتائج العملية لتراكم رأس المال في صناعة تكنولوجيا المعلوما ...
- الريح والبوصلة - رواية - الفصل السابع الاخير


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ذياب فهد الطائي - الطيق الى امستردام ؟رواية - الفصل السابع عشر