|
الاسلام السياسي والثقافة
حمزة الكرعاوي
الحوار المتمدن-العدد: 6452 - 2020 / 1 / 1 - 21:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد المناظرة غير المباشرة بين فائق الشيخ علي وبين غالب الشابندر ، ولجوء الأول إلى مقال الحسني لضرب الشابندر ، تدخل سليم الحسني لصالح غالب الشابندر ، على طريقة ( أنصر أخاك ظالما أو مظلوما ) ، حشر الحسني الثقافة والمثقفين في الموضوع ، وهو سياسي لا علاقة له بالخطاب الفكري و الثقافي . هناك مفارقة ومقارنة بين الإسلام كثقافة وفكر ، وبين رواده في التأريخ الإسلامي ، وبين ( إسلاميي اليوم سنة وشيعة ) ، وهي مؤلمة عندما يستحضرها القارئ العربي وغير العربي . من نقل لنا ثقافتنا العربية ، وأرخ لها ، وقدمها بصورة مذهلة ، هو العقل الديني الإسلامي ، الذي يعتز باللغة العربية ، ويحرص على ادبها ، شعرا ونثرا ، ونحوا وصرفا وبلاغة ، و منهم الجاحظ في البيان والتبيين الذي يعد من أهم ركائز الثقافة العربية الأربعة ، وجميع من كتب وقدم الفكر العربي هم من المدارس الدينية ، التي تعتبر اللغة العربية والشعر العربي ماقبل الاسلام هوية للامة العربية والإسلامية ، وذهب الإمام عبد القاهر الجرجاني إلى أن من لايفهم الشعر الجاهلي مع مافيه من غزل لا يستطيع فهم الرسالة الإسلامية التي نزلت في تلك البيئة اللغوية الادبية الرائعة ، ومن مؤلفات الجرجاني أسرار البلاغة ، و دلائل إعجاز القرآن الكريم ، ومن يطلع على المؤلف الأخير ، يجد أن الآيات القرآنية أقل الشواهد ورودا فيه ، مع أن عنوانه ( دلائل إعجاز القرآن ) . مدارس فكرية وثقافية ولدت على أرض العراق ، منها مدرسة الفراهيدي في البصرة ، ومدرسة الكسائي في الكوفة ، فضلا عن مدارس المعتزلة وإخوان الصفا ، كلها كانت تعتز باللغة العربية والأدب العربي ، وما وصلنا وأصبح مصادر تدرس في المعاهد والكليات هو نتاج العقل الإسلامي العربي ، على العكس من ( إسلاميي اليوم ) سواء كانوا رجال دين أو تيارات حزبية ، ينظرون إلى اللغة العربية على أنها وسيلة لفهم النصوص الدينية ليس الا ، أما الشعر والأدب فهما عندهم عمل من رجس الشيطان . كانت المدارس الفكرية وحتى زمن قريب من القرن الماضي ، تحرص على أن يتعلم عناصرها اللغة العربية والأدب ، وعلم القراءات والتجويد ، لكن الأحزاب السياسية الدينية ، ومرجعيات دينية عند الفريقين ، تقف من هذا الجانب موقفا سلبيا ، ولا نجد عند الاسلام السياسي من يستطيع أن يقرأ سورة من القرآن الكريم حسب القواعد ، يجهلون حتى قاعدة يرملون والاقلاب والوقف ، فضلا عن جهلهم في العقيدة والفقه والتاريخ والسياسة . هناك فرق بين رجال ذلك الزمان الذين حرصوا على الهوية العربية للأمة ، وفهموا أن العقيدة مرتبطة بمكان وهو الوطن ، وبين رجال هذا الزمان ، الذين ينظرون إلى الثقافة والهوية الوطنية على أنها من عمل الشيطان والخمارين ، والعقيدة لا ترتبط بمكان ، فيقولون للوطن ( طز ) ، جغرافيتهم خارج جغرافيا الدولة الوطنية . عندما يوصف شخص ما ، بأنه مفكر رصين ، وهو يتبع رجل دين ، ويذوب فيه ، ويكتب المقالات للتغزل بشخصه ، ويبرر صومه عن الكلام ، وأن هناك سر عظيم في سكوته ووجوده ، فهل نحن أمام معايير ونظريات جديدة ، لتعريف المثثف الرصين ، ام أن الزمان زمانهم ، والمفكر الرصين يتماشى مع معاييرهم ، وتقدم للمجتمع الذي إشتغلوا الف سنة ، على تجهيله ، حتى لا يمييز بين الفكر والمفكر وبين مقاساتهم للمفكر الذي يغيب عقله ويضعه في ثلاجة رجل دين ؟. نعم أقول أن الساحة العراقية افرغت من مثقفيها لصالح تربية الحسينيات ، ولصالح عملية تفريس العراق وتدميره ، حتى يكون في بلد الحضارات ، بلد الفراهيدي و سيبويه والجاحظ والاصمعي ، أكثر من عشرين مليون امي ، فضلا عن الأمية الثقافية . كيف يكون شكل المثقف المفكر الرصين ، اذا كان نموذجه غالب الشابندر ، الذي يتمسك بالسيستاني الذي لا نتاج فكري له؟. أظن أن المفكر الرصين الذي يريده د سليم الحسني ، لا يختلف عن اعلمية المرجع الأعلى للشيعة في العراق ، الذي لم نشهد المقارنة والمفاضلة بينه وبين من تفوق عليه ، حتى أصبح الاعلم ، وحينئذ نشكر إبن هشام الأنصاري الذي عرف لنا إسم التفضيل بأنه : إثنان إشتراكا في صفة واحدة وزاد أحدهما على الآخر ، ونتساوى مع كرادلة الفاتيكان في اختيار الاعلم . انا كمتلقي وقارئ عراقي ، أنظر إلى مفكرية غالب الشابندر ، مثلما أنظر لأعلمية السيستاني السالبة بإنتفاء موضوعها ، وكذلك أنظر إلى ثقافة د سليم الحسني على أنها لا علاقة لها بهويتي ولغتي العربية ، لأنه ينطق بلسان فارسي مبين ، ومن الطبيعي أني لا افهمه وغالب الشابندر ، وهما لا يفهماني ، بسبب اختلاف اللغة والالسن ، فنحن عرب ، وهم فرس ، حملوا على ظهورهم مشروع تهشيم الهوية الوطنية العراقية ، والدليل هو غياب الدولة العراقية ، وتغييب اللغة العربية في المكان التي ولدت فيه ، وأصدق الأدلة هو الرصاص الحي الذي يهشم رؤوس من قالوا نريد وطن .
#حمزة_الكرعاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البصرة المنكوبة
-
معركة الدجاجة ( المقدسة ) في القادسية
-
خصخصة المظاهرات في العراق
-
جامعة الكفيل وتفريس العراق
-
تشريعات برلمان النكاح
-
مقتدى الصدر و إصلاح الاحتلال
-
النزاعات العشائرية في العراق
-
متى يتحرر العقل العراقي ؟
-
الترحم على الحصة التموينية
-
بشراء الاصوات والذمم سقطت الدولة العراقية
-
ظاهرة دونالد ترامب
-
ثورة السحل في العراق قادمة
-
إعلان ولاية فقيه في العراق
-
من القدس إلى النجف هدم المنازل
-
نهاية زمن الدولة الوطنية
-
خطورة حكم رجال الدين على الانسانية
-
حلم أحفاد كسرى في العراق
-
حج كربلاء محو لذنوب الساسة
-
إنقراض الدولة العراقية
-
أبناء بريطانية العظمى في العراق
المزيد.....
-
مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه
...
-
-أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟
...
-
يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات
...
-
سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
-
سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
-
أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
-
البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
-
قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو
...
-
ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
-
رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|