الحراك الطلابي وثورة الجوع والغضب في العراق

فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 6450 - 2019 / 12 / 29 - 21:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

إن التاريخ النضالي للطلبة العراقيين مشهود على الساحة العراقية يمتد نشاطه إلى الأربعينيات من القرن الماضي في وثبة كانون عام/ 1948 حينما أضربت الكليات والمدارس الثانوية تضامناً مع جماهير الشعب الغاضبة وساروا بمظاهراتهم إلى بناية البرلمان العراقي فتقدم لفيف من أعضاء مجلسي النواب والأعيان بطلب إلى الحكومة العراقية بعدم التوقيع على المعاهدة البريطانية العراقية وإطلاق سراح الطلبة الموقوفين .. وحينما وقع رئيس وزراء العراق صالح جبر مع وزير خارجية بريطانيا (بيفن) على المعاهدة الجديدة على ظهر البارجة البريطانية (فيكتوري) في مدينة بورتسموث البريطانية والتي سميت المعاهدة بهذا الاسم ... رفض الشعب العراقي هذا القيد الاستعماري الجديد مصمماً على مواصلة النضال لتحطيم قيود الذل والعبودية وقررت اللجنة التنسيقية لطلبة الكليات والمعاهد والثانويات العراقية إعلان الإضراب عن الدراسة والقيام بمظاهرات اعتباراً من اليوم التاسع عشر من كانون الثاني/ 1948 حتى تحقيق أهدافهم التي كان في مقدمتها رفض وإلغاء معاهدة بورتسموث فارتعبت الحكومة العراقية من إصرار الشعب الثائر وأمرت بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في العشرين من شهر كانون الثاني عام/ 1948 فسقط أربعة شهداء وكان من بينهم الطالب في دار المعلمين الابتدائية الشهيد (شمران علوان الياسري) وطلبة آخرين (جعفر الجواهري وقيس إبراهيم الآلوسي وعبد الوهاب أحمد) (ما أشبه اليوم بالبارحة) ... وفي صباح يوم 21/12/1948 تجمعت جماهير الطلبة وعوائل الشهداء وساروا نحو المستشفى الملكي لاستلام جثث القتلى فقامت الشرطة ومكافحة الشغب العراقية بمطاردة الطلبة المسالمين والعزل داخل بناية المستشفى وأطلقت النار على الجماهير فسقط شهيدان آخران وكان أحدهما طالب في كلية الصيدلة فحمله أخوانه إلى عميد كلية الطب الذي قدم استقالته مع أساتذة كليتي الطب والصيدلة وكذلك مدراء الأقسام في المستشفى الملكي كما قدمت الجمعية الطبية العراقية احتجاجاً صارخاً على إطلاق الرصاص على الطلبة المسالمين والعزل من السلاح داخل المستشفى والكلية الطبية ... وقد استطاعت جماهير الشعب بصمودها وإصرارها إسقاط المعاهدة الجائرة.
وفي انتفاضة الشعب العراقي عام/ 1952 احتجاجاً على تزوير الانتخابات النيابية قاد اتحاد الطلبة العام العراقي الإضرابات الطلابية الواسعة التي اندلعت لتعزيز صمود الطلبة المضربين في كلية الصيدلة والكيمياء احتجاجاً على القانون الرجعي للكلية الذي حاولت عمادة الكلية فرضه على الطلبة في 26/10/1952. ومشاركة اتحاد الطلبة العام في المظاهرات الشعبية الواسعة مما دفع المستعمرين وأعوانه الحكام الخونة باللجوء إلى استعمال العنف في تفريق المظاهرات مما أدى إلى جرح الكثير منهم والاعتقالات وأمام إصرار وصمود المتظاهرين استخدمت الحكومة العميلة لأول مرة الجيش العراقي فدبروا شبه انقلاب عسكري بقيادة رئيس أركان الجيش نور الدين محمود واحتلوا شوارع بغداد بالدبابات والمصفحات وأقاموا وزارة جديدة شبه عسكرية برئاسة نور الدين محمود بعد أن وجدوا أنفسهم مضطرين للجوء إلى آخر ورقة في أيديهم لحماية حكمهم المهزوز.
وفي أوائل عام/ 1955 اجتاحت الشعب العراقي المظاهرات الاحتجاجية وكان الطلبة العراقيون في مختلف المدن بطليعتها عندما حاولت الحكومة الرجعية العميلة بقيادة نوري السعيد بضم العراق إلى حلف بغداد العدواني وجعل العراق قاعدة عسكرية للعدوان على الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية وكان اتحاد الطلبة العام في طليعتها.
وفي عام/ 1956 قامت مصر بتأميم قناة السويس فألهب عدوانية السياسة الاستعمارية (فرنسا وإسرائيل وبريطانيا) إلى الحد الأقصى ودفعها إلى الهجوم المسلح على مصر مما دفع الشعب العراقي إلى الانتفاضة المجيدة وفي يوم 16/ آب/ 1956 أضربت الكليات والجامعات ومدن بغداد والموصل والرمادي والحلة وغيرها بالرغم من الجهود المستميتة التي بذلتها حكومة نوري السعيد لإفشال الإضراب وفي يوم 29/ تشرين أول/ 1956 قام الطلبة وأبناء الشعب بمظاهرة رفعت فيها الأعلام العربية وشعارات التضامن مع مصر ولكن الشرطة أمطرتها بوابل من الرصاص الحي فقتل وجرح بعض المتظاهرين واعتقلت أكثر من 50 مواطن وطوقت الشرطة السفارة المصرية ومنعت المواطنين من الذهاب إليها وإعلان التضامن مع الشعب المصري.

#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل