أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد أبو قمر - هلوسات














المزيد.....

هلوسات


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 6428 - 2019 / 12 / 4 - 08:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في ظني أن أي محاولة لإحداث نهضة صناعية حقيقية قابلة للاستمرار والتطور بما يؤدي إلي الدخول الفعلي في معترك التقدم الحضاري والانساني المتسارع في العالم لا يمكن أن تأتي إلا من تحت ، من القاعدة الشعبية بشرط تحرير هذه القاعدة الشعبية من ثقافة الخرافة والاتكالية ومن الخطاب الفكري والعقائدي الذي يفصل هذه القاعدة عن الزمن ويفرض عليها قيم وقوانين وسبل وأساليب حياة مضي عليها أكثر من ألف عام ويحاصر إمكاناتها الابداعية بأدوات التحريم وما يجوز أو لا يجوز ويجعل تواصلها الخاص والفردي مع الله مرهون بوجود وسيط أو وكيل يحاصرها بشبكة عنكبوتية من الفتاوي التي تجعل من حياتها مجرد محطة لانتظار الموت علي أمل الاستمتاع بالرفاهية في الآخرة .
القاعدة الشعبية المحاصرة بأفكار الماضي والمفصولة عن الزمن والمحشو عقلها بكراهة الآخر وتكفيره والنظر إلي منجزاته الحضارية بريبة لن تشارك في النهضة التقدمية الصناعية الآتية من فوق ، من أعلي هرم السلطة ، لن تشارك فيها إلا بالعمل ، إذ لا يمكنها نتيجة خضوعها لثقافة تصادر العقل وتجعل الماضي بكل تخلفه ورجعيته حاكما علي الحاضر وبديلا له لا يمكنها أن تشارك في هذه النهضة بأي قدر من الإبداع ، بل لا يمكنها حتي حماية هذه النهضة أو الحفاظ علي استمراريتها أو محاولة تطويرها ، كل ما يمكنها فعله هو الالتحاق بالعمل في مؤسساتها فقط من أجل توفير لقمة العيش .
الثورة الصناعية في أوروبا سبقتها وصاحبتها ثورة فكرية فلسفية ونقدية وإبداعية حررت الإنسان الأوروبي من الجهالة والكبت والظلامية التي فرضتها الكنيسة علي أوروبا طوال عصور الجهل والظلام التي مرت تحت حكم وسيطرة رجال الدين علي كافة مناحي الحياة ، حين تحرر الأوربيون من سيطرة رجال الدين انطلقوا ، الشعب هو الذي انطلق ليحدث عملية تغيير شاملة في سبل وأساليب حياته ، كان قد استرد عقله المصادر فامتلك حرية الحركة والإبداع والاختيار فأحدث هذه الثورة الحضارية الهائلة التي مازال يعمل علي تطويرها لتحقيق أقصي درجة من الرفاهة والرقي والتقدم .
الفرق رهيب وشاسع بين أن يعمل الشعب أجيرا في نهضة تحدثها السلطة مهما كانت سلامة القصد والنية ، وبين أن يعمل الشعب في نهضة هو الذي بدأها وهو الذي أبدعها وهو الذي أنشأها وهو الذي اختارها بمحض إرادته الحرة .
في الحالة الأولي لا يستطيع الشعب الحفاظ علي النهضة الآتية من فوق ولا حمايتها من الزوال عندما تتغير الظروف السياسية ولا يتمكن من تطويرها لأنه لا ينتمي إليها وإنما ينتمي إلي زمن مضي وعقله مصادر ووجدانه وضميره محاصران بخطاب تمت صياغته في زمن ماض شديد التخلف.
في الحالة الثانية النهضة من بنات أفكار الشعب ، من صنع يديه ، يعرف تفاصيلها ، وهي من اختياره هو ، تمتزج مفرداتها بروحه ، وهي ملكه هو ، لذا فإنه يعرف كيف يحافظ عليها ويحميها ويطورها كي تتطور حياته معها.
كيف يبدع الفرد حياة مختلفة في ظل ثقافة تجيز قتل تارك الصلاة وتحتقر المرأة وتجيز إهانتها وتعتبرها فتنة وتحدد لها ما ترتديه ، كيف يبدع الفرد وسيلة عيشه وهو مشغول بكراهة الآخر وتكفيره ، كيف يبدع الفرد وعقله محشو بالخرافات ، أو كيف يستخدم عقله في تحسين ظروف حياته وهو لا يقدم علي أي تصرف إلا إذا أتته فتوي تجيز له أن يفعل أو تخيفه من الفعل؟
ربما لا أكون علي حق فيما قلته كله الآن ، وربما أنا أهلوس فقد كنت الليلة في زيارة إلي طبيبي لأنني أعاني من بعض المتاعب ، وحين دخلت إلي المصعد وأقفلت الباب خلفي ردد المسجل الموجود في المصعد الآية الكريمة " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنّا له مقرنين " ، حينئذ تساءلت بيني وبين نفسي تُري من الذي وضع هذه الآية في المصعد ، وما هو قصده من وضعها هنا ، لماذا يتعمدون وضع كلمات الله في غير مواضعها ؟؟!!.
إذن هذا هو البناء الثقافي الذي نعيش في ظله ، استغلال النصوص المقدسة لفصلنا عن الحضارة الإنسانية.



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا صوت يعلو فوق صوت المرأة
- أنا مصري ثم مسلم مسيحي أو مسيحي مسلم
- فن الشعر وحدودنا البحرية
- وهم إصلاح الخطاب الديني
- كيفية صُنع آلهة من العجوة
- الحشمة ومساءل أخري
- تمثيلية قتل الزعيم
- مفتاح الحياة في الزمن الميت
- باختصار
- السؤال الكبير
- تشوهات
- حتي لا ننسي
- هل صليت اليوم علي النبي؟؟!!!!!
- المؤامرة مستمرة
- نصف تفاحة
- لحظة حُب في عرض الطريق
- الطريق إلي مصر
- البخاري ، وإجماع العلماء ، والطريق إلي الكارثة
- بخصوص جماعة الأمل
- ماذا بعد الهزيمة في استنبول


المزيد.....




- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد أبو قمر - هلوسات