أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبو قمر - فن الشعر وحدودنا البحرية














المزيد.....

فن الشعر وحدودنا البحرية


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 6412 - 2019 / 11 / 18 - 07:35
المحور: الادب والفن
    


القصيدة الشعرية بالنسبة لي هي تلك التي ينتهي فيها الكلام بينما يستمر المعني ، إذ من أهم خصائص الشعر التركيز الشديد وكثافة المعني ، ويتطلب ذلك بالطبع امتلاك الشاعر لثقافة واسعة تمكنه من إلتقاط أفكار إنسانية شديدة التوهج توقظ مشاعر القاريء ، وتشعره بوجوده الإنساني العاطفي أو الاجتماعي أو السياسي ، وتدفعه إلي التفكير مليا في مختلف جوانب حياته ، يحدث ذلك في كلمات خاطفة مثل ومضة البرق .
سلامة اللغة وجمال تشكيلها مهم بالطبع ، لكن الاستعراض اللغوي يحول القصيدة إلي مجرد جعجعة فارغة ، أو مجرد نفخ في قربة مقطوعة .
الإيقاع - لا أقصد به الوزن - فلكل قصيدة إيقاعها الخاص الذي يسري فيها بشكل سحري نتيجة توهج الفكرة ودقة التعبير عنها ، وربما يكون ناتجا عن الوضوح والبساطة وشدة التركيز والكثافة.
وفي تاريخ الشعر الحديث في مصر رواد أضافوا إلي وعي الأمة الكثير بأشعارهم التي تميزت بهذه الخواص ، رواد لم يفرضوا ذواتهم علي القصيدة ، بل كتبوا قصائد بدت وكأنها هابطة إلينا مع المطر تجري مع المياه النقية فينمو الوعي وتزدهر المعرفة وتثمر كما تنمو أشجار البرتقال .
هل من الضروري ذكر أسماء هؤلاء العظام سواء من رحلوا وبقي شعرهم حيا يخلدهم ، أو من مازالوا بيننا يقاومون القبح ويزرعون مع كل سطر يكتبونه زهرة؟؟؟ ، لا أظن أن ذلك ضروريا الآن ، لأنني إن فعلت سأجدني مضطرا إلي ذكر أسماء بعض من حولوا فن الشعر هذه الأيام إلي فن الاستعراض الذاتي بكتابات مشوهة مفعمة بالجهالة ، ليست الجهالة بأصول هذا الفن فقط ، وإنما العقم الثقافي ، والتلبد الفكري ، والسطحية ، والخواء ، فالتمكن اللغوي وحده لا يصنع شعرا ، بل إن بعض من يكتبون الشعر هذه الأيام وأصدروا فيه كتبا ودواوين لا يملكون أي رصيد من اللغة أو من المعرفة ، فقد اجتاحنا في غيبة من الزمن ظرف تحول فيه بعض النصابين والدجالين إلي دعاة للاسلام ، ومؤخرا برز لنا أحد الخمورجية عبر الفضائيات المعادية كقائد ثوري يدعو المصريين إلي الثورة .
الشعر فن يهز القلب ، وكتابة قصيدة شعر واحدة من عدة أسطر قليلة من ذلك النوع الذي يهبط مع المطر قد تستغرق شهورا ، لكنني لا أبالغ أبدا إذا قلت لك إن كثيرا من الذين يعتبرون أنفسهم اليوم شعراء ولهم دوواين مطبوعة يكتبون الديوان كاملا في ليلة واحدة .
هؤلاء الشعراء إذا جاز لنا وصفهم بالشعراء يشبهون تماما بعض المهتمين بالشأن العام إذ قرأت بالأمس لأحدهم مقالا يطالب فيه بهدم الكباري المنشأة في القاهرة بحجة أن منظرها لا يليق بهذه المدينة العريقة ، وفي مناقشة مع أستاذ جامعي صديق لي قال إن مصر تنازلت عن جزء كبير من حدودها البحرية لصالح اليونان وقبرص مقابل عشرة مليارات دولار ، والليلة شاهدت علي قناة الجزيرة برنامجا يناقشون فيه موضوع سد النهضة حيث أدلي أحدهم برأيه قائلا : إن السيسي يتآمر مع نتنياهو علي تعطيش مصر.
في ظني أن هذا الكلام الخاص بالكباري أو بالحدود البحرية أو بمؤامرة تعطيش مصر هو في الحقيقة شعر يشبه الشعر الذي يكتبه البعض هذه الأيام ، وأن من قالوه أو كتبوه هم شعراء أيضا.، ومفيش حد أحسن من حد.



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهم إصلاح الخطاب الديني
- كيفية صُنع آلهة من العجوة
- الحشمة ومساءل أخري
- تمثيلية قتل الزعيم
- مفتاح الحياة في الزمن الميت
- باختصار
- السؤال الكبير
- تشوهات
- حتي لا ننسي
- هل صليت اليوم علي النبي؟؟!!!!!
- المؤامرة مستمرة
- نصف تفاحة
- لحظة حُب في عرض الطريق
- الطريق إلي مصر
- البخاري ، وإجماع العلماء ، والطريق إلي الكارثة
- بخصوص جماعة الأمل
- ماذا بعد الهزيمة في استنبول
- حوار داخل زلعة
- الجامعة المصرية والجماعة الارهابية
- خارج الصندوق


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبو قمر - فن الشعر وحدودنا البحرية