عايد سعيد السراج
الحوار المتمدن-العدد: 1561 - 2006 / 5 / 25 - 07:40
المحور:
الادب والفن
الفن ما لفن وما أدراك ما لفن , هذا الضارب في القدم , المتجدد أبدا ً , الموجود من بدايات الوعي , بأشكاله المختلفة والحاجة إليه , والمُدَلّل مع الإغريق , والمتماهي مع الحاجة البشرية للشعور بالملهاة , أو المأساة في العصر الحديث, والقديم معاً , والمتحول مدارساً ألهمت البشرية سر التخّيل وقدرة الحلم , والطيران بعيداً عن عالم ُتريد الإفلات منه, لتخلق العالم الذي تريد , فالمسرح والشعروالموسيقا , كلّ واحدةٍ منهن لها أرباب وجنيات تعزف شمائل المجد , ولم ُيدرك المتخّيل من البشر سر هذا التناغم أو التضاد , في واحات الفرح أو الشرور في مجاهل عوالم الإنسان إلا بالفن , هذا العظيم المخبوء في سجايا البشر , فالشعوب والأمم تعرف وترتقي بفنها , وفي أزمان الانحطاط ربما يكون الفن عامل ملهاة أو مأساة , وبما أن الفن وغالباً هو حالة ُ فردية , تعبر عن الحالة الجماعية ( كالموسيقى , والرسم , والشعر , والأدب , ولكن غالباً ما يأخذ الفنان الفرد حالته من الجماعة , وخاصة في المسرح والسينما , حتى لو كان الفنان عظيماً وسابق عصره مثل : شارلي شابلن , وغيره , وعلى الرغم أننا شعوب لا علاقة لها بالفن , أو شعوب معادية للفن , لأن الشعراء دجالون , والموسيقى لغة العفاريت والمّثالون يعادون الله في خلقه , والرسامون لا يرسمون إلا الفضيحة , والمسرح تهريج سِمَتُه الرقص والخلاعة , لذا استمر الفن بكافة أشكاله وعبر تاريخه في بلادنا الإسلامية ممنوعاً وهو رمز للانحطاط والتخلف , وما عمل به أحد إلا وتجرع الهوان , إلا أن ظهر في الآونة الأخيرة – فرجات عند بعض البلدان العربية مثل – لبنان – مصر – سوريا – الخ وكان المسرح الرحباني المهم , وبعض المسرحيات في مصر وسوريا , وخاصة المسرحيات التي كتبها – سعد الله ونوس – ومحمد الماغوط – وغيرهم , من المسرحيات التي مثل بها الفنان دريد لحام – مثل – كأسك يا وطن – غربة – شقائق النعمان – ضيعة تشرين – وأيضاً من أفلامه المشهورة , فلم الحدود , ومن مسلسلاته – مسلسل صح النوم , مسلسل أبو الهنا – ومن الذين اعتمد عليهم وكانوا ركيزة أعماله المسرحية , ومسلسلاته , الفنانون – نهاد قلعي , ياسر العظمة , نجاح حفيظ , ناجي جبر ( أبو عنتر ) حسام تحسين بك , صباح الجزائري , ياسين بقوش , أسامة الروماني , رشيد عسا ف , رغدة , رفيق سبيعي , عبد اللطيف فتحي , وغيرهم والناظر إلى هذه الأسماء يرى أن جميعها هي أسماء مهمة في عالم الفن السوري , بل هم خيرة الفنانين السوريين , ومشهود لهم بالموهبة , والقدرة الفنية العالية المستوى , وكان الفنان دريد لحام والذي كان يشغل منصب – نقيب الفنانين في سوريا , ُيسَخّر هذه القدرات الهامة والكبيرة من الفنانين في أعمال يكون فيها هو البطل الأوحد , فكل من شاهد المسلسلات مثل صح النوم , أو المسرحيات أنفة الذكر سوف يعرف الاستخدام الذكي الذي كان يقوم به الفنان دريد لحام , من أجل أبراز شخصية غوار الطوشة , أو الشخصية المركزية والأكثر أهمية التي كان يلعبها في المسرحيات , والتي تم توظيف جميع الممثلين لصالح هذه الشخصية إن كان في السيناريو – أو الحوار – أو الحدث , لذا ودائماً كان الأقرب إلى الكاميرا في كل هذه الأعمال هو الفنان دريد لحام , ونحن هنا لا نريد أن نتحدث عن شخصية الفنان الفارس الذي كان يظهر , في العمل , بل أيضاً عن الشخصية التي سلبت جميع الممثلين أدوارهم حتى لو بدا لنا العمل جماعياً من حيث الشكل الخارجي , فهو استخدم الصدمة الأكثر بروزاً في حال ظهوره على المسرح , وأخذ الشخصية ذات الطابع الكاريكاتيري التي تجلب التصفيق , والتي تجعل المشاهد يضحك على الحركات البهلوانية الساذجة التي كان يتعمد , مما جعله يأخذ دور المهرج بامتياز ووضع نفسه في المكان الذي لايحسد عليه في العمل , لذى ترى شخصيات ثانوية في بعض الأعمال مثل نهاد قلعي , رشيد عساف , ياسر العظمة , حسام تحسين بك , تلعب دوراً محورياً في العمل على الرغم من ثانويتها ويكون لها الحضور الأعمق والأكثر اقناعاً , وتظل الشخصية التي تأخذ الشكل الإنفعالي والحركات الخارجية غير المدروسة التي تستجدي الضحك , أو الانفعال المجاني , بين الفنان والمتلقي تظل شخصية مضحكة ومحزنة بآن واحد , والدارس يرى أنها محزنة وبائسة , لحظية , تعتمد على حركات الأيدي , أو التلاعب في الجسد , مما يدر الضحك والعطف معا ً , فعدم الدراسة الموضوعية والعميقة لشخصية , دريد لحام , في غالب الأعمال جعلها تكون فضفاضة بامتياز , مما أوصله للبؤس الذي وصل إليه وخاصة في مسلسل – أبو الهنا – بعد أن انفض عنه أغلب الفنانين المحترمين الذي ذكرنا, والفنان دريد لحام لا يعترف بالأخطاء , فما بالك بالفشل , فهو وفي كل اللقاءات التي جرت معه عن المسلسل المحزن – أبو الهنا – كان تبريرياً , فالفنان العظيم , يعترف بأخطائه ويكون أكثر الناقدين لذاته , فذلك يتطلب شجاعة وإقدام , ويعلم أن المدّاحين هم أعداء الفن , والمصفقين يقبرون الفنان , لذا وبما أن المرحلة البراقة التي كان ُيمَثـِّل دريد لحام قد أفلت , فإن موهبته بدأت تفقد بريقها والأكثر بؤساً أنه وفي اللقاء الذي أجرته معه المذيعة – بروين حبيب – على قناة دبي الفضائية بتاريخ 21/5/2006 قالت له ما هي المشكلة بينك وبين – منظمة – اليونيسيف , ولماذا لم تعد ممثلاً للطفولة , قال : ( منظمة اليونيسيف وقفت ضدي لأن الصهيونية العالمية تتحكم بها ) – ثم أكد في اللقاء انه لا يوجد رئيس عربي مع الفساد – وبعد أن أكدت له أن تصريحاته نارية , وأنه اتهم بأنه يشجع الإرهاب , قال : ( نستطيع أن نستغني عن كل شيء , وأنا على حمار أحس نفسي طارق بن زياد ) وهكذا تحول من فارس للحلم العربي كما يدعي إلى فارس ٍ على حمار , ويخونه التعبير عندما يعتبر نفسه فارساً إنما على حمار , فهل أحفاد طارق بن زياد أصبحت جيادهم حمير عند الفنان دريد لحام , وأتصور أن دريد لحام لو عرف الفقر والجوع وعرف ماذا تعني باصات النقل المهترئة , والوقوف على أبواب الأفران , لما قال ذلك , ثم لماذا هذا التفاخر بحصان طارق بن زياد , الذي عبر القارات للإعتداء على شعب آخر ومختلف , والذي يريد أن يقف ضد الغزو يجب أن يدينه في كل مكان وزمان أم أن غزو العرب سلاماً وأمناً لاتسفك فيه دماء , وغزو غيرهم موت واحتلال , والسؤال الذي أتمنى الإجابة عليه منكم ايها الأصدقاء هو : يا ترى من أي معدن مصنوع سيف غوار البتار ؟
#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟