أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 1














المزيد.....

ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6404 - 2019 / 11 / 9 - 21:06
المحور: الادب والفن
    


صالة الخياطة، تحولت إلى مشغلٍ تتعلم فيه بعض بنات الحارة فن التطريز والحياكة. معلمتهن، ليلو، دأبت أيضاً على سماع شكاوى البنات الخاصة والعائلية. الآباء والأخوة، كانوا يتخلون تدريجياً عن تقاليدهم القومية، المتعلقة بالمرأة؛ سواءً لناحية مكانتها السامية في الأسرة أو وضعها الاجتماعي المحترم بشكل عام. لقد صاروا يقلدون أبناء مدينتهم الآخرين، إن كانوا الجيران الصوالحة أو الشوام، المعروفين بالتزمت والمحافظة. ليلو، كانت تدرك أنّ وعي الفتاة لحقوقها لا يكفي، طالما أنها ستخرج أخيراً من المشغل إلى بيت الزوج. فإنقاذ المرأة من العبودية، هوَ واجبٌ على الرجل أيضاً ـ هكذا صرحت ذات يوم. إذ فقدت الأمل بالآباء عموماً، راحت المعلّمة تعوّل على الجيل الجديد من الأبناء، الذين كان من حظهم أن الدولة أخذت تهتم بفتح المدارس الحديثة بعدما كان التعليم في خلال القرون الماضية حكراً على المساجد والزوايا.
طريقة الخياطة بدَورها، ستشهد تغيراً كبيراً مع استفادة المعلّمة من المجلات المتخصصة، المجلوبة من بيروت. عليكي آغا الكبير، كان كما علمنا قد زوّد امرأة أخيه بنسخة عن إحدى تلك المجلات. فيما بعد، أضحى في الوسع الاعتماد عليه في هذا الشأن. رجلها من ناحيته، كان يتولى قراءة النصوص العربية، المرفقة مع الصور والخطوط. على المنقلب الآخر، لم ينظر عليكي آغا الصغير بارتياح إلى محاولات امرأته بث أفكارها المتحررة في رؤوس فتيات مشغلها. هذا، برغم أنها كانت أفكاره بالأساس، المتأثرة بكلّ من العم أوسمان وصديقه البدرخانيّ. في موضوع مظهرها الخارجيّ، المحتفظ باللباس التقليدي الكرديّ، بقيَ يُساند زوجته مع علمه بما يسببه ذلك من امتعاض زعيم الحي. لقد كان يجلّ الحاج حسن، واعتاد على أخذ مشورته في العديد من المسائل العملية والاجتماعية.

***
ليلو، كان الأولى بها بالطبع الاهتمام بما يجري وراء جدران منزلها. أخذت تولي عنايتها لحال امرأة العم، وكانت هذه أقرب إلى التهشّم نفسياً عقبَ عودتهما من زيارة آل المرحوم طراد آغا. أدركت أن دوران شملكان في هذه الدائرة المغلقة، سيؤدي حتماً إلى احتراق داخلها ومن ثم تقوّض بنيان أسرتها. كان من الصعب على ليلو فتح هكذا موضوع، لما فيه من الإحراج وربما العار. ولكن الطرف الآخر، المعنيّ بالأمر، لم يعُد بين الأحياء ـ فكّرت الربيبة الملولة ـ وفي التالي من المفترض أن يكون سهلاً إخراج امرأة العم من عتمة الصمت المريبة إلى نور الصراحة المطمئنة. وهذا ما حصل، غبَّ عودة القريبتين من تلك الزيارة المشئومة ببضعة أيام.
في ظهيرة أحد الأيام، وكانت فتيات المشغل غادرن إلى بيوتهن لتناول الغداء، استمهلت ليلو امرأةَ عمها بضع دقائق كي تريها نسخة جديدة من إحدى المجلات.
قالت لشملكان، مبتسمة: " إن عليكي آغا الكبير لا يأتي بهذه المجلات إكراماً لزوجة أخيه "
" إذا كان الأمرُ كذلك، فمن الأفضل أن تمتنعي عن قبولها "، ردت امرأة العم باستهانة.
" حقاً؟ "
" ألم تقولي بنفسك، أنه طعن ذكرى امرأته الحبيبة؟ "
" بلى، قلتُ ذلك. وأعترف الآن أن رأيي كان متهوراً "، قالتها ليلو ضاحكة. فكّرت الأخرى قليلاً، قبل أن تبادر للقول بنبرة جدية، " لقد أردته أن يدفع ثمن غلطته غالياً، كونه لم يُشعرني بأحاسيسه مثلما كان أمره مع سلمى "
" ويحك، يا شملكان! أأنتِ ما زلتِ تعتقدين بأنك فتاة مراهقة، حريصة على الزواج بعد حكاية حب؟ "، تساءلت ليلو مجددة ضحكتها. ولكن امرأة العم تفاقمَ عبوسها، فيما هيَ ترمق ربيبتها: " لستُ صغيرة، أدرك ذلك جيداً. ولكنني حينَ كنتُ طفلة، لا مراهقة، تم حبسي في سجن الزواج مع رجل يكبرني بضعف عمري. هل أدركت، أنتِ أيضاً، سرّ تلهفي على حكاية حب؟ "
" نعم، وأنا آسفة إذا كنتُ جرحتُ مشاعرك بمزاحي "
" لا، لا داعي لأي أسف "
" مع ذلك، يمكن لأخي زوجي تلافي غلطته "
" تأخر الوقت، عزيزتي ليلو. كان لديّ أمل في مكان آخر، ولكنه مات هو أيضاً "
" إذا مات الرجل، فهل عليكِ أن تدفني نفسك أنت أيضاً في الحياة كما تفعل نساء الهند؟ "، جرؤت الربيبة على التصريح مندفعةً دون تروي. ألقت المرأة الأرملة رأسها إلى مسند كرسيها الخشبيّ، فبانت نصاعةُ رقبتها وجانبٌ من صدرها: " رحمه الله، على أي حال ". سكتت قليلاً، ثم ما لبثت أن نهضت فجأة: " ليت أني أمتلك الشجاعة للانتحار، مثلما تفعل نساء الهند. المرء، عليه أن يفكّر قبل كل شيء بمصير عائلته. وأنا سأبقى وفية للرجلين الراحلين كلاهما؛ السجّان والحبيب "، قالت ذلك ثم سارت باتجاه باب الصالة الموارب.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى والذئاب: تتمة الفصل العاشر
- ليلى والذئاب: مستهل الفصل العاشر
- ليلى والذئاب: بقية الفصل التاسع
- ليلى والذئاب: الفصل التاسع/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل التاسع/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 1


المزيد.....




- أول فنانة ذكاء اصطناعي توقع عقدًا بملايين الدولارات.. تعرفوا ...
- د. سناء الشّعلان عضو تحكيم في جائزة التّأليف المسرحيّ الموجّ ...
- السينما الكورية الصاعدة.. من يصنع الحلم ومن يُسمح له بعرضه؟ ...
- -ريغريتنغ يو- يتصدّر شباك التذاكر وسط إيرادات ضعيفة في سينما ...
- 6 كتب لفهم أبرز محطات إنشاء إسرائيل على حساب الفلسطينيين
- كفيفات يقدّمن عروضًا موسيقية مميزة في مصر وخارجها
- عميل فيدرالي يضرب رجلًا مثبتًا على الأرض زعم أنه قام بفعل مخ ...
- انقطاع الطمث المبكر يزيد خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائ ...
- إشهار كتاب دم على أوراق الذاكرة
- مثنى طليع يستعرض رؤيته الفنية في معرضه الثاني على قاعة أكد ل ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 1