أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - في العراق ... أزمة حكم أم أزمة حكام؟.















المزيد.....

في العراق ... أزمة حكم أم أزمة حكام؟.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6395 - 2019 / 10 / 31 - 23:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المتتبع للأداء السياسي لحكام العراق ومنذ تأسيس الدولة العراقية بعد الحرب العالمية الأولى ولليوم يمكن أن يؤشر إلى حقيقة مهمة قد تغيب عن بال الكثيرين، وهي هشاشة الخلفية الفكرية المؤسسة له وقصور في الأداء الحرفي لسياسي العراق بشكل عام، عدا أستثناءات قليلة لا تشكل نموذجا مميزا ولا تؤسس لحضور فاعل في الحياة العامة يمكن أن نعممه كظاهرة، ولم تطبع بصمتها على ما يمكن تسميته بالمدرسة السياسية العراقية المحترفة التي تداولت السلطة بترتيب خارجي بدأ من تنصيب بريطانيا فيصل الأول ملكا، وأنتهاء بجمهورية بريمر الأولى التي تشارف اليوم على إعلان موتها وولادة الجمهورية الجديدة والتي قد لا تخلو من لمسات وبصمات أيدي شياطين السياسة.
وقبل الولوج في عرض هذه الظاهرة السياسية لا بد لنا أن نحدد بعض النقاط التي يمكن تأشيرها على أنها مما يمكن إدراجه على أنه ملمح أو صفة عامة لهذا الأداء السياسي بشكل عام وهي:.
• أن أغلب الذين تعاملوا وشاركوا في العمل السياسي العراقي ينحدرون من بيئة متناقضة في تركيبتها بين عمق تاريخي متصل بكونها ذات خصوصيات دينية تعتمد عليها في الدفع برجالها لواجهة السلطة، ومن خلال قوة عنصر المال أو الملكية الخاصة، التناقض هنا بين سامية الديت وسموه وطبيعته الإنسانية وبين قوة الأنا التي تتحكم بهم قوة المال والتسلط وشروط الملكية الفردية (الإقطاع والبرجوازية).
• غالب من أستلم مقاليد الحكم أو ساهم في العمل السياسي بشكل أو بأخر هم أمتداد لتأثيرات خارجية متحكمة بتوجهاتهم ومسيطرة على نوعية الأداء، سواء كانت هذه التوجهات إقليمية أو دولية لها ركيزة مصالح أو لها فعل استراتيجي في المنطقة بشكل عام، وهذا يجعل التناقض حقيقيا بين من ينحاز للمصالح الوطنية وبين الرغبة في إرضاء الجهات المؤثرة، مما سبب بنوع من عدم ظهور شخصية وطنية عراقية خالصة همها الأول والأخير العراق كدولة ونظام وشعب ووجود.
• السمة الأخرى هو فشل معظم الساسة العراقيون من الفصل بين ما هو وطني عراقي يقتضي أن يكون عنوان جامع وبين ما هو خصوصي فردي، مثل قضايا الدين والمذهب والمناطقية وحتى العنصر الديموغرافي الجنسي، وهذا جعل من مسألة القبول الوطني بمعظم السياسيين تتوزع حسب هذه التوجهات ودلالاتها، وحتى الفترات التي سيطرت فيها أحزاب سياسية تدعي العلمانية والمدنية كان هذا النفس الفئوي حاضر وبقوة في عقلية رجل السياسة العراقي.
• الإشكالية الأخرى أن جل ما شارك في العمل السياسي هم ليسوا أصلا ممن يملكون خلفية علمية ومعرفية بالسياسة، ولم يكونوا في الغالب إلا من محترفيها الذين أدركوها من خلال الرغبة الشخصية أو فرض الواقع، وبالتالي فالسياسي العراقي تجريبي وليس أصولي يعتمد على المهارة الخاصة التراكمية التي يحصل عليها بعد العمل، وبذلك نجد أن أغلب من خرج أو تقاعد عن العمل السياسي هو في مرحلة النضج بعد التجربة، ولكنه لم يعد قادرا على توظيف ما تحصل من هذا النضج لمصلحته الخاصة ومن ثم مصلحة البلد.
• النقطة الأخيرة أن كل الذين عملوا في الشأن السياسي كانوا يعملون ضمن أطر شخصية فردانية وشخصانية، وبالتالي فخروجهم من دائرة العمل السياسي يعني بالضرورة موت التوجه الفكري الخاص، ما عدا حالات قليلة تمثلت بالحزب الشيوعي العراقي والإخوان المسلمين كونهما يخضعان إلى محرك فوقي لا علاقة له بالقائد أو بالرمز الوطني، فكل القيادات السياسية لم تترك ملامح لها بعد الرحيل لأنها تتغنى بالمقولة القديمة ( أنا فرنسا وفرنسا أنا).
مما تقدم نرى أن إمكانية أن نرسم حدودا وملامح خاصة لمدرسة عراقية في فن إدارة السياسة ليس بالأمر الهين وذلك لعدم وجودها أصلا، اللهم إلا ما يمكن تسميته بالفوضى السياسية والفكرية التي يمكن تعميمها على هذه الصورة.
السياسة عموما بأعتبارها المزدوج كعلم أصولي ومنهجي في التعاطي والممارسة، وكفن في الإدارة المجتمعية لا يمكن أن يخضع للمزاجيات الشخصية وإرادة اللاعب السياسي ونتأمل منها النجاح في أداء وظيفتها بما يجعل منها رافعة للمجامع وخالقة للتطور والتجديد، كما ولا يمكنها أن تقبل أن تكون مجرد ملهاة أو فرصة للتجريب والهدم والبناء في كل مرة، فالزمن عامل مهم وحاسم في حياة الشعوب ومتحكم في وجودها ومستقبلها ككل، لا سيما مع تطور متسارع ولا ينتظر أن تتكرر التجارب والمحاولات وهو يتسارع بمعدل تعجيلي متزايد ومتوالي، قد يجعل من هدر أي فرصة أو زمن عامل قاتل وضاغط على الفعل الأجتماعي والسياسي ومحبط للمسيرة الوطنية العليا لأي دولة أو نظام أو سلطة.
لعل من اهم أسباب هذه الظاهرة وقوتها في المشهد السياسي هي الطبيعة الديموغرافية للشعب العراقي والتي أحكمت بما تحمله من صفات على القيم الرأسية والمثالية له، فالغالبية القروية ذات التوجهات الدينية البسيطة والتي يمكن التحكم بها وتوجيهها من قبل المؤسسة الدينية أنشأت سلطة مفروضا عليها أن تماري وأن تساير هذه المؤسسة، كما أنها تستخدم الوازع الديني ليس في مصلحة المجتمع وتطويره بقدر ما تستغله لتقوية وتأصيل لنفوذها الشخصي مقابل الدولة كنظام وسلطة متحكمة منافسة، هذا الصراع التخادمي والتكاملي أنتهى إلى أتفاق غير معلن وأفتراضي أن الدين يبقى محرك أساسي لتسير المجتمع بما لا يتعارض مع توجهات المؤسسة الدينية ونهجها، والسلطة لها الحكم والإدارة والأمتياز القانوني لشغل مهمة الناظم الرسمي على الأقل في أطار العلاقات الدولية المطلوبة منها كدولة.
نخلص من كل ذلك على أن المنهج السياسي والفكري وبالرغم من أنتشار الثقافة والفكر السياسي بفضل تطور وسائل التعليم والثقافة والأتصال، ما زال بحاجة إلى مراجعة جدية لدور الفكر السياسي العلمي والعملي ليأخذ دوره ومداه في بناء الشخصية السياسية العراقية، أولا من خلال وضع قواعد وأسس للعمل الحزبي والسياسي يفصل بين حدود الرمز النخبوي وتشخصنه في تأسيس الشخصية السياسية، وبين حقيقة أن السياسة عالم متكامل بين الفكر والممارسة منظورا لها من جانب كلي أجتماعي متعدد التوجهات والرؤى، وقد يكون لتخلف الديمقراطية وأدواتها في أن تصنع من وجودها ضرورة حتمية لأنتشال المجتمع من تخلفه وترسيخ دور القيم الديمقراطية في الصناعة السياسية في المجتمع.
نحن إذا أمام أزمة حكام ولدت نتيجة ديمومتها أزمة حكم تعطلت معها الحياة العامة وتوقفت على إرادة هؤلاء الحكام من أن يصنعوا من أنفسهم ألهه للمجتمع تطيع ولا تسأل، كأنها وفي نفسها تعتقد أن المجتمع العراقي ليس أكثر من خدم وعبيد وأنهم فوق قواعد النظم الحاكمة والقانون، وهذا ما عمق أصلا من إشكالية الحكم السياسي وجعله رداء للفساد ومحرك للتخلف وتأصيل دوره في ضرب قواعد الدولة المدنية الحديثة، هذه الإشكالية التاريخية ما زالت ولليوم تلعب الدور الأساسي في تعطيل قدرة المجتمع على التغيير والتجديد وتمنع عليه أن يكون مجتمعا حداثيا يخضع للمنطق الصحيح في مفهوم غدارة الدولة وفن السياسة الذي يديرها بالشكل الأصح والحقيقي.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استراتيجية التك تك في مواجهة السلطة الفاسدة.
- قراءة في تطورات ما بعد الاول من تشرين الاول في العراق
- المسؤولية القانونية والدستورية لرئيس مجلس الوزراء في الدستور ...
- بيان من التجمع المدني الديمقراطي للتغيير والأصلاح...
- لماذا يتظاهر شباب الشيعة ضد المنظومة الشيعية الحاكمة في العر ...
- نعم نريد إسقاط النظام
- رسالة الى السيد الاغا
- الرسائل الأمريكية وغباء الساسة العراقيين وأميتهم السياسية
- من خطبة الجمعة التي ألقيتها في حضيرة المستحمرين النووم
- رواية (السوارية ح8 _2
- رواية (السوارية) ح8 _2
- رواية حكيم لباي ج15
- رواية حكيم لباي ج14
- رواية حكيم لباي ج13
- رواية حكيم لباي ج11
- رواية حكيم لباي ج12
- رواية حكيم لباي ج10
- رواية حكيم لباي ج9
- رواية ح 8
- رواية حكيم لباي ج7


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - في العراق ... أزمة حكم أم أزمة حكام؟.