أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - استراتيجية التك تك في مواجهة السلطة الفاسدة.















المزيد.....

استراتيجية التك تك في مواجهة السلطة الفاسدة.


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6394 - 2019 / 10 / 30 - 18:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ أن قدم العراقيون في تشرين الاول نظرية التك تك الاستراتيجية، وقف العالم مندهشا أمام هذا الأنجاز التاريخي الذي حطم وللأبد غطرسة الفساد السياسي والأخلاقي المتحكم في مصير المجتمعات الإنسانية الرازحة تحت وهم القداسة، وها هي ممثلة الأمم المتحدة في العراق تحاول فهم النظرية على أرض الواقع فتستقل التك تك لتفهم معنى أن تكون بسيطا لتخلق العظمة، قد تكون هذه المقدمة توحي لبعض القراء إنها من خيالات الكاتب الذي يتصور بحسن نية أن الأمور تتجه نحو أنتصار تاريخي ومفصلي لم تتأكد نتائجه الحقيقية على واقع محكوم بمعادلات صعبة ومركبة وذات بعد خارجي أكثر من كونها شأن داخلي محكوم بظروفه المحلية.
ردي أيها القارئ الكريم يتلخص بجملة من الوقائع أثبتتها التجربة التاريخية لحركات الشعوب حينما تنقلب على واقعها وتتحول من مرحلة الإستكانة والقبول السلبي إلى مرحلة تقرير المصير، مثلا الهند وشعبها حينما قرر أن ينتصر على المحتل البريطاني بقيادة الزعيم غاندي لم تستخدم العنف الثوري كخيار استراتيجي ينهي مرحلة تاريخية، ولم تحمل في عقليتها الثورية مبدأ أستخدام عقيدة المحتل العسكرية، بل أنتصرت بالملح نعم تلك المادة البسيطة الطبيعية التي لا قيمة لها في نظر المحتل أكثر من كونها سلعة معروضة للتداول، ولكن فلسفة السلمية هي التي حولت الملح إلى قضية وطن كبرى تتحدى بها جبروت القوة المسلحة والهيمنة على شعب لا يملك إلا حق تقرير المصير.
قبل الأول من تشرين الأول الجاري لم يكن أحد يتصور أن نهضة العراقيين ستكون بهذه القوة وهذا الاندفاع على التغيير والتحدي، وكنت من أكثر المتفائلين حينما دعونا إلى تجديد الأحتجاجات الشعبية وطلبنا أن تكون مستمرة لعدة أيام لعلنا نحرك الواقع أو نضغط بأتجاه تغيير جزئي يتراكم لاحقا، هذا كان الحلم أن نخرج ليس كباقي المرات السابقة من دون عناوين سياسية ولا حزبية في محاولة وأقول محاولة أن نعزل حراكنا الشعبي عن أدوات السلطة وأعضائها من مختلف التيارات والتوجهات سواء المذهبية أو السياسية، حتى أننا كنا نشك أننا نستطيع أن نصل بالفكرة إلى الشارع العراقي ونحن مقبلين على أيام لها خصوصية وحضور رمزي عند غالب الشارع العراقي، كان ذلك فعلا مدعاة للقلق وقد يستخدم التوقيت ضد الحراك ويرتد سلبا عليه حتى جاءت أمسية الأول من تشرين لتحمل لنا أولى بشائر الأستجابة الأكيدة من الشارع، الذي أكدنا وكررنا عشرات المرات أنه بلا قيادة وبلا حضور للقوى السياسية المهيمنة على السلطة التقليدية، بعد أن أحرزت بنفسها الفشل تلو الفشل في تحقيق مطالب الشارع العراقي وحاجاته الوطنية.
مع أول رصاصة أطلقت (لصدر متظاهر عراقي أعزل خرج للشارع مطالبا بحق إنساني ودستوري) من قبل قوات القمع السلطوية ألتهبت ضمائر العراقيين عزة وكرامة وتحدي وإصرار على مواصلة الطريق ودفع الثمن غاليا، على أمل أن ننتصر في هذه الجولة ونعيد للشخصية العراقية ما أستلب منها في الذات وفي الحق الأساسي في الحياة، وقدم الشعب قرابينه الواحد تلو الأخر بمشهد مأساوي قل نظيره في عالم اليوم، عالم الصورة والتواصل والمشاركة الفورية في كل شيء ليفضح السلطة وأدواتها القمعية ومن يقف خلفها أو يدعمها أو يساندها لأجل أهداف لا تمت للعراق ولا للعراقيين بصلة، هنا تبلور الموقف الجديد وبمعادلة جديدة (الشعب مع الوطن ضد الفساد السلطوي كمنظومة وفلسفة وبناء) وليس الموضوع الأصل ما يمكن أختصاره بمطالب وحاجات أساسية ملزمة بها السلطة ومن ضمن واجباتها ومسؤولياتها الأساسية.
بعد خمسة أيام من الأحتجاجات الواسعة التي أمتدت من البصرة حتى بغداد لم ينثني الشارع ولم يهن أو يضعف بالرغم من كل أساليب القمع والتقتيل التي لم تتحملها السلطة وجلاوزتها في إجراءات غير مسبوقة، دخلت المرجعية الدينية التي فقدت الكثير من رصيدها الشعبي وهي تقف شبه حيادية بين الشعب وقاتليه وأجبرت على أن تتخذ خطوة صغيره لعلها ترمم موقفها أو تعيد الأعتبار لوجودها المؤثر على القوى السياسية بما تملك من أدوات معنوية مؤثرة، هنا لم يكن أمام تداعيات الموقف وحجم الخسارة المروعة التي تكبدها الشعب وللأصوات التي ظهرت تدين وتستنكر ما حصل إلا أن تواكب الموجه وتقوم بجملة من الإجراءات الترقيعية التي ظنت أنها كافية لتهدئة الشارع والهروب بنفسها للأمام لعلها تنجح في الإفلات من قبضة الرفض الشعبي المتصاعد، وبدأ الأنهيار واضحا عليها وكشفت الأحداث عن هشاشة غير متوقعة في بنيانها وقوتها.
المشكلة والإشكالية التي تتحكم في العقلية السلطوية البعيدة عن الشارع المجتمعي ومنفصلة عنه أنها لا تتحسس نبض هذا الشارع ولا تعرف لغته تماما، وتظن أنها قادرة على تسييره والتلاعب به من خلال نفس المنهج الذي أوصلها للطريق المغلق هذا، فحاولت أن تعيد ذات اللعبة وذات الأسلوب وبنفس الأدوات والأفكار العقيمة السابقة، فيما كان الشارع العراقي متلهفا لتقديم الجديد من الأفكار والممارسات التي تحرج السلطة وتكشف عورتها مرة أخرى، وجاء موعد الخامس والعشرين من شهر أكتوبر تشرين الأول ليقدم الشعب العراقي نظرية التك تك الشعبية مقابل نظرية القمع والتحدي السلطوية، نظرية التك تك في حقيقتها أختزال للمشهد الجديد حين يخرج الفقراء وذوي الدخل المحرج ليعطوا أكثر مما يظن أن باستطاعته أحد أن يقدمه مقابل الحرية والخلاص وبأختصار شديد نقول أن مضمونها الأساسي هو ((ما يجري في ساحة التحرير من بطولة وكرم وإيثار هو الوجه الحقيقي للشخصية العراقية الأصيلة مما علق بها منذ زمن بعد أن نفضت عنها ركام القهر والظلم وملوثات الغير التي شوهتها أمام العالم)).
إذا نحن الآن أمام صورة مغايرة لما هو شائع عن الشخصية العراقية كما يتوهمها الجميع ويلصقون بها كل النعوت السلبية لأنهم يرون الظاهر منها، الظاهر الذي قدمته السلطة وأدواتها بعد أن جاهدت لتشويهها وتحريف المحتوى الأصلي وتغيبه عن الحضور، فخرج هذا الصغير الفقير الذي لا يكاد تتذكره السلطة وقد أهملته دون أي شكل من أشكال الرعاية الإنسانية لينزع اللثام الذي ألبسته السلطة عن وجهه ويقول ها أنذا أمامكم بكل ما في جوهر الإنسان من أصالة، لم يدع البطولة ولم ينافس في السياسة ولم ولن يزاحم الفاسد على جيفة وشهوة السلطة، لكنه يظهر معدنه الأصيل ويصنع سفينة نجاة الوطن بتلقائية وببساطة ودون تكلف، هو العراقي الذي يعيد للوعي خط سيره بدون نظريات أجتماعية ولا فلسفات فكرية معاصرة أو كلاسيكية ولا ينتمي إلى غير مدرسة حب الوطن، بالواقع ومن الواقع يجسد فكرة تقرير المصير وهو يحاول أن يعيد للسلطة رشدها وللطبقة السياسية المتحكمة وعيها بأفصح العبارات (أننا لم نعد عبيد... لم نعد هامش منسي في ذاكرتكم المثقوبة).



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في تطورات ما بعد الاول من تشرين الاول في العراق
- المسؤولية القانونية والدستورية لرئيس مجلس الوزراء في الدستور ...
- بيان من التجمع المدني الديمقراطي للتغيير والأصلاح...
- لماذا يتظاهر شباب الشيعة ضد المنظومة الشيعية الحاكمة في العر ...
- نعم نريد إسقاط النظام
- رسالة الى السيد الاغا
- الرسائل الأمريكية وغباء الساسة العراقيين وأميتهم السياسية
- من خطبة الجمعة التي ألقيتها في حضيرة المستحمرين النووم
- رواية (السوارية ح8 _2
- رواية (السوارية) ح8 _2
- رواية حكيم لباي ج15
- رواية حكيم لباي ج14
- رواية حكيم لباي ج13
- رواية حكيم لباي ج11
- رواية حكيم لباي ج12
- رواية حكيم لباي ج10
- رواية حكيم لباي ج9
- رواية ح 8
- رواية حكيم لباي ج7
- كربلاء بين ذاكرة التاريخ وتأريخ الذاكرة


المزيد.....




- في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
- شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا ...
- السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا ...
- -لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق ...
- 4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي ...
- حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر ...
- منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
- الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند ...
- صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم ...
- برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - استراتيجية التك تك في مواجهة السلطة الفاسدة.