أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نايف عبوش - إشكالية تناول اللغة العربية بالمناهج التفكيكية والحداثوية














المزيد.....

إشكالية تناول اللغة العربية بالمناهج التفكيكية والحداثوية


نايف عبوش

الحوار المتمدن-العدد: 6364 - 2019 / 9 / 29 - 17:32
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


انشغلت الساحة الثقافية والأدبية العربية ، ومنذ أواخر القرن الماضي، بتوظيف مناهج البحث البنيوية ، والتفكيكية، وما بعد البنيوية، ومن ثمّ التوليدية والتداولية، الغربية المنشأ، في دراسة وبحث الادب العربي وعلوم اللغة العربية . وقد امتزج هذا الإنشغال، بنظرة استعلاء، وإزدراء، بآداب اللغة العربية، وعلومها، يؤازره هوس ملحوظ، من بعض النخب، والدارسين العرب في الغرب،وانبهار بما ابدعته الحضارة الغربية من وسائل،وأدوات بحثية حديثة ، فبدأوا يتخلون عن تبني طرائقيات بحث تراثهم التقليدية ، ويلجأون إلى تبني المفاهيم، والمناهج الغربية الحداثوية ، بذريعة مواكبة العصر، وبحجة ضرورة دراسة اللغة العربية، دراسة علمية حديثة.

 ولأن العلوم الإنسانية، مهما كانت درجة تجردها،وفي مقدمتها اللغة بالطبع، تظل أداة عاكسة لثقافة أهلها، ووسيلة لرواية تاريخهم، وموروثهم، فإن لها خصوصيتها، وملامحها الفريدة، التي يصعب معها، تطبيقها على بيئة ثقافية أخرى.

ومِن هنا؛ أدرك العرب الأوائل بفصاحتهم الفطرية ، الهُوية المستقلة للنص العربي القرآني، في تركيبه اللغوي، واعتبروه وعاء مضامين، ومرادات الله تعالى، كما أرادها الله، فتعاملوا في تلقيه، وفهمه، في إطار سياقات لغة التنزيل العربية، بعيدا تماماً، عن أي تأويلات متعسفة، أو قراءات لاحقة، بمنهجيات غريبة عن لغتهم ، فهو( كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )، وذلك رغم مماحكة، وعدم إيمان البعض منهم بالإسلام.

واستنادًا لذلك، فإن القارئ باستخدامه اللسانية الأصلية للغة النص الأم ، يمكنه أن يتعرف على ما يقوله النص ذاته، بمعنى أن على القارئ أن يعمل على التعاطي مع النص من داخل النص، وهذا يعني أن اقتدار لغة القارئ، واحاطته بعلومها، واساليبها، في فهمه لمرادات، ودلالات، بنية النص بدقة، هي التي تحدد ما يتجلى لقارئها من معانٍ، ودلالات متصلة بالنص عضويا، وبالتالي فلا علاقة لها، بمتبنيات تصورات القارئ الذاتية، التي تستولدها، الأساليب المنهجية الغربية، بعيداً عن تحيزات لغة النص .

ولهذا؛ فإن الانسياق وراء ثقافة مناهج التفكيك الغربية المعاصرة ، والتهافت على توظيفها في قراءة النص العربي، بعيداً عن المقاييس المعيارية الأصلية في اللغة العربية، للفهم اللغوي العربي الفصيح ، هي التي أفسدت على الدارسين ذائقة التأمل، وحجمت فيهم قدرة التمكن من الفهم الصحيح، والمبدع، للنص العربي، كما ينبغي، ورسخت في نفس الوقت التبعية الثقافية، والانبهار بتلك المناهج، بما هي تفكيكية، وفوضرية، وعدمية، وهدامة .

لذلك فإنه من غير الموضوعي، أن يتم تناول النص العربي ، وتفكيكه دلاليا، بمقتضى تحيزات منهجية أجنبية، هي خارج معايير، وأدوات اللغة الأم ، بذريعة أن النص اللغوي، يخضع للتأويل المفتوح، والتفكيك، مع الزمن ، وبحجة استمرارية حركة المعنى، ليواكب حركة التغير في الحياة، والتماشي مع تطورات العصر، مع كل ما لذلك التبرير من أهمية .

وإذا كانت الاستعانة بمعايير العلوم المعاصرة، ولاسيما الصرفة منها، تزيد من إمكان تعمق الدارسين بدلالات النص ، طالما أن النص في تعامله مع ظواهر الحياة، يشحذ همة العقل الإنساني للتفاعل، والاستدلال، وإذا ما جاز للعصرنة، ان تفرض علينا التناغم مع معاييرها الفنية، في استخدام معطياتها الحديثة، في قيادة وركوب الطائرات، والمركبات الفضائية، على سبيل المثال ، فإنه ليس من حقها ان تفرض علينا معايير ركوب الإبل ، ولا ان تحدد معايير النطق، واساليب اللفظ، وتأويل مدلولاتها، وذلك لأن أساليب ركوب الإبل ، على بدائيتها، هي أحد آليات مكونات تراثنا، وأن اللسانية العربية الفصحى القح، بكل أساليبها المعروفة، هي الهوية الأم، ومن ثم فإن أهل مكة، وفقاً لذلك، هم أدرى من غيرهم، بشعابها.
 



#نايف_عبوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألذكاء الاصطناعي.. تحديات التطوير وضرورات الترشيد
- المصادر الأولية لتغذية التلاميذ بالمعرفة
- عصرنة صاخبة.. وحياة مكتضة بانشغالات فارغة
- سلامات الشاعر الكبير ابو يعرب
- التضخم وتآكل المدخرات
- الشاعر الدكتور حسين اليوسف الزويد.. تمظهرات التغني بالديرة و ...
- مسؤولية الإنسان في إعمار الأرض
- إشكالية تدني مستوى التعليم
- احمد علي السالم أبو كوثر.. شاعر مبدع يستحق التكريم بجدارة
- الإبداع في كتابة النصوص
- جلساء من ذاكرة ريف أيام زمان
- العصرنة.. ضرورات التكيف وتحديات الإستلاب
- الأدب بين الإسهاب والإطناب والتكثيف والإيجاز
- ظاهرة تهافت الجيل الجديد من الشباب على التقليعات الحديثة
- نزعة الحنين إلى الماضي هروب وجداني من ضجيج العصرنة
- الأديب إبراهيم المحجوب.. ومناقب الكرم عند آسية الضاحي في نظم ...
- الشيخ مطلك الصالح الحسن الحمادة.. وإعداد القهوة العربية أيام ...
- أخلاقيات التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي
- الشاعر احمد علي السالم أبو كوثر.. والهيام في الموصل الحدباء
- الأديب إبراهيم المحجوب..موهبة متوقدة وحس مرهف


المزيد.....




- رئيسة جامعة كولومبيا توجه -رسالة- إلى الطلاب المعتصمين
- أردوغان يشعل جدلا بتدوينة عن بغداد وما وصفها به خلال زيارته ...
- البرازيل تعلن مقتل أو فقدان 4 من مواطنيها المرتزقة في أوكران ...
- مباشر: 200 يوم على حرب بلا هوادة بين إسرائيل وحماس في غزة
- مجلس الشيوخ الأمريكي يقر بأغلبية ساحقة مشروع قانون مساعدات ل ...
- محكمة بريطانية تنظر في طعن يتعلق بتصدير الأسلحة لإسرائيل
- بعد 200 يوم.. تساؤلات حول قدرة إسرائيل على إخراج حماس من غزة ...
- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نايف عبوش - إشكالية تناول اللغة العربية بالمناهج التفكيكية والحداثوية