أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - الإنسان.. محور غائب في الفهم الديني















المزيد.....

الإنسان.. محور غائب في الفهم الديني


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1549 - 2006 / 5 / 13 - 11:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بما أن مدارس التفسير الديني، الشيعية منها والسنية، المنضوية تحت مظلة المدرسة الأصولية التقليدية ومدرسة الإسلام السياسي، تعتقد بأن تفسيرها الديني، وبالذات معرفتها لله ولكلامه جلّ وعلا، هو تفسير مطلق، فإنها بالتالي لا تستطيع أن تعترف بـ"تنوع" تفاسير معرفة الله و"تعدد" شروحات ما ورد من كلام الباري إلى الأنبياء والرسل والبشر.

ورغم أن المعرفة الأفضل بالله تؤدي إلى فهم أفضل لكلامه ولما ورد منه إلينا، لكن في المقابل لا يمكن إنكار أن أحد عوامل الفهم الأفضل هو تعدد طرق إثبات هذا الفهم.

وفي هذا الإطار فإن المدرسة الدينية التقليدية ومدرسة الإسلام السياسي لا يمكن لها قبول تعدد طرق الإثبات، وذلك لأنها في الأساس لا تؤمن سوى بالفهم المطلق للدين، وبالتالي فإنها لا تعترف إلا بمعرفتها بشأن وجود الله ولا تقبل سوى فهمها لكلام الباري. أي أنها تنحى منحى بعيدا عن الاعتراف بحق الإنسان المطلق في المعرفة سواء كانت دينية أو غير دينية.

فاختلاف طرق "معرفة" الله يؤدي بطبيعة الحال إلى اختلاف "فهم" وجوده وكلامه. وهذا الاختلاف في الفهم تحدده طرق الإثبات، التي بدورها توصل إلى فهم أفضل. وعليه تختلف معرفة الله بالنسبة للأصوليين في المذهبين السني والشيعي اختلافا كبيرا. كما تتباين مدارس معرفة الله وفهم كلامه في كل مذهب، ولكنها للأسف لا تستطيع أن تقر بتعددية المعرفة وتنوع الفهم وتجهد باستمرار لإلغاء الآخر المغاير في فهمه. فالمدرسة السلفية تختلف في تفسيرها حول معرفة الله وفهم كلامه عن المدرسة الأزهرية. وكذلك تختلف المدرسة الأصولية عن المدرسة الإخبارية في الجانب الشيعي. وتعرّف الصوفية الله وتفهم كلامه بطريقة مغايرة وبشكل مختلف عن المدرسة الأصولية. وهي – أي الصوفية – لديها أيضا مدارس فهم وتفسير متباينة. وبالتالي لا معنى لما تردّد مؤخرا في الكويت من هجوم إقصائي غير إنساني ضد الصوفية والصوفيين من قبل أتباع المدرسة السلفية المنعوتين بـ"الوسطية" وغيرها من الأوصاف المخادعة لنظريات وشعارات التسامح والتعدّدية واحترام حقوق الإنسان في حين أنها في أفعالها وممارساتها تعكس السلوك الإلغائي الوصائي والاطلاقي فوق البشري. فتلك المدرسة لم تتردد في أن تصف نفسها بأنها المدرسة الوحيدة التي تعكس فهم الدين وثوابته، وأنها لها الحق وحدها في تعيين خطوط الدين الحمراء، وأن تبرر هجومها ضد أنصار وأتباع الصوفية بأنه هجوم من أجل حفظ الإسلام والدفاع عن الدين، وأن تطالب بمنع تلك المدرسة ورجال دينها من التواجد في الكويت وتسعى لطرد رموزها من الوزارات وبالذات وزارتي الأوقاف والإعلام. فهي بمطالبها وممارساتها تلك إنما أبرزت مخالبها للانقضاض على من ينتقدها أو يختلف معها في تفسير الدين. أو بعبارة أخرى أجهضت حق الإنسان في البحث عن تفسير مغاير في الدين. فإذا كان إلغاء الصوفية هاجس السلفيين الراهن فيجب علينا أن نتساءل عّمن عليه الدور في الإلغاء بالمستقبل؟.

لذا ما الذي يجب أن نفعله أزاء هذا التنوع الشديد في مسألة معرفة الله وفي فهم الدين وفي هذا الاختلاف بين مدارس التفسير، هل نسمح لبعضها بإلغاء الآخر كما تفعل المدرسة السلفية ضد الصوفية والصوفيين في الكويت، أو نسد آذاننا ونغمض أعيننا وندفن رؤوسنا في التراب أزاء ما يجري، أو نسمح باستخدام الإقصاء والعنف واستغلال القوانين وما يسمى بالثوابت بحجة المحافظة على الدين لفرض مزيد من الإرهاب الفكري، أم نضع أصبعنا على الجرح لمعالجته معالجة واقعية من خلال تفعيل مواد الدستور وقوانينه الحاثة على احترام التنوع الثقافي واحترام حق التعبير وحق التفكير، وتفعيل مبدأ تعددية المعرفة والفهم الديني، والتشديد على استخدام مناهج وطرق بحث بشرية مختلفة ومتنوعة لمعرفة الله وفهم كلامه وتفسير شريعته. فالصفة التي تتصف بها المدارس التفسيرية الأصولية التقليدية والمدارس ذات الصبغة السياسية، ومنها المدرسة السلفية في الكويت، أنها لا تعترف بتعدد طرق معرفة الله ولا ترضى بتعدد طرق فهم كلامه عزّ وجل وتمارس مختلف صنوف الضغط وتستخدم وسائل الإرهاب الفكري لإلغاء الآخر الديني (وليس غير الديني فحسب).

ولأن تلك المدارس لا تزال لا ترى الله أو تفهم كلامه من خلال عين إنسانية، فإنها لا تزال بعيدة عن أنسنة الدين وأنسنة المعرفة والفهم. وهذه باعتقادي هي المعضلة الرئيسية التي تعاني منها هذه المدارس في زماننا هذا الذي أصبح فيه الإنسان محور جميع الأمور وأصبحت حقوقه عنوان مختلف القضايا من سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية وثقافية وغيرها. فالإبتعاد عن النظرة الإنسانية في معرفة الباري وفهم كلامه جعل هضم الاختلاف والتنوع بعيد المنال.

وتتجلى إنسانية الدين الإسلامي في الآية 286 من سورة البقرة التي تقول "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها". فالعقل البشري، كما يقول المفكر الإيراني عبدالكريم سروش، يقبح التكليف فوق الطاقة، ويتوقع أن لا يكون الدين ظالما للإنسان، أما حدود هذه الطاقة البشرية، فإن العقل هو الذي يجب أن يعرفها.

وتلعب النظريات القيمية دورا رئيسيا في معرفة هل أن فهم الدين الإسلامي هو فهم إنساني رحيم وفهم عادل أم عكس ذلك. أي، كما يذكر سروش، يجب أن يكون لدى الإنسان تصوّر عن العدل والظلم وتعريف للحسن والقبح ليتمكن من القول أن الدين رحيم وعادل، مؤكدا أن "الدين عادل وليس العدل دينيا"، حيث يجب التوضيح للناس بصورة مستقلة معنى مفاهيم مثل "العدل" و"الحق" و"السعادة" و"الحسن" ثم يتم عرض الفهم الديني على هذه المعايير ويقيسون مدى حقانية الفهم وحسنه وعدله.

لكننا في المقابل نجد أن المدارس التفسيرية الأصولية التقليدية وذات الصبغة السياسية عادة ما تبحث عن العدالة بعد طرح فهمها الديني، بحيث يكون الفهم في معظمه ظالم ولا إنساني. والأمثلة على ذلك كثيرة. فما يحدث في العراق من قتل وحشي إرهابي باسم الدين، وما يمارس من سلوك غير إنساني في العديد من المجتمعات العربية والإسلامية من قبل حكوماتها التي تدّعي أنها تطبق الشريعة، دون أن تعير أي اهتمام بموضوع الحسن والقبح ودون أي نظرة إنسانية واقعية وحديثة لفهم الشريعة، وما تمارسه حركات الإسلام السياسي العنيفة وغير العنيفة من ظغوط من أجل شرعنة القوانين وفق نظرة اجتماعية سياسية تاريخية ونظرتها للآخر غير الإسلامي ولحرية الفرد وحقوقه، يؤكد كلامنا هذا.

كاتب كويتي

[email protected]



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا ترفض واشنطن رسالة نجاد؟
- اختلاف الفهم الديني.. وتهم البدعة والزندقة
- الفهم الديني غير المقدس.. ضرورة اجتماعية
- تصريحات مبارك.. في أي اتجاه تصب؟
- في حوار واشنطن مع الإسلاميين
- أفغانستان تتغير
- بين تعريف الحقيقة الدينية والتحقيق فيها
- هل الحقيقة الدينية واضحة؟
- هل تكفي النصوص المقدسة لمعالجة مشاكل دولة الولاية؟ 3 – 3
- تحرير حقوق المرأة من أسر الخطاب الديني
- هل يمكن إصلاح سلطة مرتبطة بالسماء؟ 2-3
- مجالات الإصلاح في دولة ولاية الفقيه 1-3
- الكاريكاتور.. بين العلمانية الهجومية والعلمانية المعتدلة
- ذكرى عاشوراء.. مناسبة للنقد والسؤال
- هل خسرت الكويت من أزمتها؟
- سياق التسامح والإنسانية في وفاة جابر
- لا مجتمع مدني.. إذن لا تنمية للديموقراطية
- إقصاء المختلف.. رهان الخطاب الديني
- المحبة والتسامح من وجهة النظر الأصولية
- الحاجة ماسة لتيار الإصلاح الديني في الكويت


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - الإنسان.. محور غائب في الفهم الديني