أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات - فاخر السلطان - تحرير حقوق المرأة من أسر الخطاب الديني















المزيد.....

تحرير حقوق المرأة من أسر الخطاب الديني


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1483 - 2006 / 3 / 8 - 11:19
المحور: ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات
    


الثقافة الدينية المهيمنة على حياة الغالبية العظمى من العرب والمسلمين في الوقت الراهن، تستند إلى الفقه التاريخي وينبع جزء كبير منها من طبيعة العادات والتقاليد التي كانت موجودة في المجتمع الإسلامي آنذاك، لذا نستطيع أن نطلق على تلك الثقافة مسمّى ثقافة "الإسلام التاريخي"، والتي تسعى ضمن مساعيها المختلفة إلى تركيب الماضي في الحاضر.
وفق تلك النظرة، فإن الخطاب الديني الراهن المهيمن على المجتمعات العربية قد تبدل من معين لبناء الحاضر، إلى منهج فكري حياتي يدعو إلى العودة للماضي لبناء مجتمع تاريخي بظاهر متسم بالحداثة، أي الحداثة الشكلية فقط. فالخطاب استفاد من وسائل الحداثة لكنه حذف معظم مفاهيمها ومضامينها التي شكلت الأساس النظري والقاعدة الرئيسية لولادة تلك الوسائل، كظهور العلم الحديث ونسبية الحقيقة وولادة مفاهيم جديدة حول الحرية والتعددية واحترام حقوق الإنسان.
فالهدف الأول لمنظري "الإسلام التاريخي" هو الوقوف بوجه الجهود المبذولة لبناء مجتمعات حديثة الشكل والمضمون معا، حيث يبررون موقفهم هذا على أساس أن المشروع الحداثي يناهض في أفكاره ومفاهيمه وسلوكياته، مشروعهم التاريخي وفهمهم الفقهي الأصولي الماضوي الضيق عن الدين، ويرون في مشروعهم هذا أنه صالح لكل زمان ومكان بزعم قدرته في الإجابة على جميع أسئلة الحياة الراهنة ومنها سؤال حقوق الإنسان وحقوق المرأة، على الرغم من أن تلك الإجابات ليست سوى إجابات تاريخية لموضوعات حديثة.
لذا السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف يمكن الاستناد إلى تلك الإجابات في بناء مجتمع حديث؟.. وهل يمكن الاعتماد على فقه ذي أصول تاريخية وعلم كلام لا ينفع لمجاراة الحاضر، في تشكيل واقع حديث؟.. وهل سؤال الواقع سواء حول المرأة أو غيرها يحتاج إلى مفاهيم حديثة أم إلى مفاهيم غابرة أكل عليها الزمن وشرب؟..
فالغالبية العظمى من الرؤى الفقهية الراهنة المنتمية إلى الخطاب الديني ومدرسة "الإسلام التاريخي" تعارض، من خلال سند نصي وفهم تاريخي له، الحقوق الحديثة للمرأة، كحقّها السياسي الذي هو جزء لا يتجزأ من الحقوق العامة للإنسان، حيث تستند تلك المعارضة إلى اعتبار أن حقوق المرأة وفق المنظور الحديث لا تنتمي إلى النظرة الاجتماعية التاريخية للدين المنبثقة عن فقه "الإسلام التاريخي".
بيد أن أولئك الذين أيدوا حقوقها السياسية من الفقهاء المنتمين إلى مدرسة "الإسلام التاريخي" فإنهم لم يؤيدوها انطلاقا من النظرة الحقوقية والاجتماعية الحديثة، وإنما أيّدوها انطلاقا من السند النصّي التاريخي الذي أيد وجهة نظرهم تلك، إذ لولا ذلك السند لما أيدوا تلك الحقوق أيضاً.
فالاثنان، أي مؤيدو ومعارضو حقوق المرأة من المنتمين إلى مدرسة "الإسلام التاريخي"، إنما اختلفت وجهات نظرهم حول حقوق المرأة انطلاقا من الحجة النصية لكل طرف وفهمه التاريخي للنصوص.
إن الخلل في الخطاب الديني، المناهض بعضه لحقوق المرأة وبعضه الآخر مؤيد، أي تناقضه في طرح النص بوصفه حجة لرؤيته باعتبار أن تفسير النص حماّل أوجه وبالتالي كل جهة تعتقد بأنها تمتلك الحقيقة المطلقة ومن ثم تلغي رؤية الجهة الأخرى.. إن ذلك الخلل يكمن في أن الخطاب هو خطاب تاريخي يبتعد بمفاهيمه ونظرياته مسافات كبيرة عن مفاهيم ونظريات العالم الجديد الذي نعيش فيه أو ما يسمى بعالم الحداثة. فهو يصر على الاستفادة فقط من وسائل الحداثة ويترك نظرياتها ومفاهيمها المولّدة والمؤسسة لتلك الوسائل، أي انه يمثل أعلى مراتب الاستغلال: الاستفادة من وسائل الحداثة ورمي مفاهيمها العلمية والإنسانية في سلة المهملات.
إن الاكتشاف المهم الذي مارسه الأنبياء والرسل ثم بعد ذلك نقلوه إلى الناس، والذي يرفض أنصار الخطاب الديني التاريخي الاعتراف به، يتجسد في أن الأعمال التي هي في "ذاتها" أعمال خير من شأنها أن ترضي الله، وأن الأعمال التي في "ذاتها" أعمال شر فمن شأنها أن تغضب الله، وأن الوصول إلى ذات الخير أو ذات الشر مرتبط بقدرة عقل الإنسان على تشخيص ذلك. فتشخيص خير أو شر عمل ما هو من مهمة العقلاء. أي ان الذي يقول عنه العقل البشري إنه خير أو إنه شر، من شأنه أيضا أن يفرح الله أو أن يغضبه. فأعمال الخير التي يكتشفها ويمارسها الإنسان غير العابد لا تختلف عن أعمال الخير التي يكتشفها ويمارسها نفس الإنسان الذي تغيرت حياته الدينية وأصبح إنسانا متعبدا. فالفطرة الإلهية جعلت عقل الإنسان يعشق ما يعتبره الناس خيرا، ويكره ما يعتبره الناس شرا.
وعلى هذا الأساس فحينما يشخص ويقرر الإنسان، من دون أي حيلة أو طمع، ومثلما يجري الآن في كثير من بقاع عالمنا الراهن الحديث، بأن حقوق الإنسان هي قضية لا يمكن لها أن تتجزأ، وأن حقوق المرأة هي جزء رئيسي من حقوق الإنسان، وأمر مؤثر على حياة المرأة ما جعلها تتغير وتتطور، وأن حقوقها تلك هي جزء لا يتجزأ من صور الخير التي توصلت إليها البشرية من خلال عقلائها، فإن هذه النتيجة من شأنها أن ترضي الباري جل وعلا وتحقق لمبلغيها أمنية المرأة في الحصول على حقوقها في مجتمعاتنا الإسلامية دون انتظار حصولها على سند نصّي تاريخي لذلك.
فأنصار الخطاب الديني الراهن إنما سعوا لفصل قضيتين أساسيتين ترتبطان بحقوق المرأة، أي الفصل بين حقوقها كامرأة وبين حقوقها كمسلمة، واعتبروا هذا الفصل هو السلاح الذي من خلاله يستطيعون أن يواجهوا مفاهيم عالم الحداثة الجديد الداعية إلى تحرير المرأة من أسر التاريخ والماضوية وإعطائها حقوقها الإنسانية كاملة غير مجزأة ومن دون وصاية عليها من التاريخ ولا من الرجل. فهم أثاروا مشروعهم الضيق بهدف التفريق بين حقوق المسلمة وبين جميع نساء العالم، واستندوا إلى الفهم التاريخي الضيق القائل ان الإسلام قد طرح مشروعا متكاملا حول المرأة بما فيه حقوقها السياسية، لكنهم لم يتداركوا أن مشروعهم هذا لن يكون إلا سدا أمام مساعي تحريرها من الوصاية ومن الحرية التي كانت أحد أسس انبعاث جميع الأديان.
إن طرحنا هذا لا يهدف إلى التقليل من التاريخ الإسلامي أو الإهانة لصورته، فهو كان يمثل صورة المجتمع بثقافته واجتماعه، في حين أن هدفنا هو الدعوة الصريحة للتعامل بإيجابية وواقعية مع الراهن الحديث، ليس بأدواته ووسائله فحسب وإنما بمفاهيمه ونظرياته وعلومه الحديثة.

كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمكن إصلاح سلطة مرتبطة بالسماء؟ 2-3
- مجالات الإصلاح في دولة ولاية الفقيه 1-3
- الكاريكاتور.. بين العلمانية الهجومية والعلمانية المعتدلة
- ذكرى عاشوراء.. مناسبة للنقد والسؤال
- هل خسرت الكويت من أزمتها؟
- سياق التسامح والإنسانية في وفاة جابر
- لا مجتمع مدني.. إذن لا تنمية للديموقراطية
- إقصاء المختلف.. رهان الخطاب الديني
- المحبة والتسامح من وجهة النظر الأصولية
- الحاجة ماسة لتيار الإصلاح الديني في الكويت
- الفوضى سياسة البعث من العراق إلى سوريا
- وقت الدبلوماسية.. بين واشنطن وطهران
- إخوان مصر.. هل يستطيعون التعايش مع الديموقراطية؟
- -ديمقراطية- التجمعات الدينية.. هيمنة وإلغاء
- بين صلاح الدين وصدام والزرقاوي.. لم نتعلم الدرس
- ادعاءات.. وافتراءات ضد الديموقراطية
- الاسلام هو الحل
- إلغاء حكم الإعدام.. وحق الاختلاف


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي لـCNN: إسرائيل لم تقبل مقترح مصر بشأن صفقة ال ...
- رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -المعتقل الأم ...
- وزير الخارجية الأردني: لو كان إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائي ...
- بلينكن يزور السعودية وحماس تبث فيديو لرهينتين
- بعد بن غفير.. تحطم سيارة وزير إسرائيلي في حادث سير بالقدس (ف ...
- روبرت كينيدي يدعو ترامب للمناظرة
- لماذا يخشى الغرب تمدد احتجاجات الجامعات الأمريكية لأوروبا؟
- كمبوديا تعلن مقتل 20 جنديا وجرح آخرين في انفجار بقاعدة عسكري ...
- إلقاء القبض على شخصين كانا يخططان لشن هجمات إرهابية في مدينة ...
- شرطي تركي يطلق النار على رئيس مركز الشرطة ورئيس مديرية الأمن ...


المزيد.....

- من اجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا : الجزء الثاني / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات - فاخر السلطان - تحرير حقوق المرأة من أسر الخطاب الديني