أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - فاخر السلطان - سياق التسامح والإنسانية في وفاة جابر















المزيد.....

سياق التسامح والإنسانية في وفاة جابر


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1439 - 2006 / 1 / 23 - 10:27
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


قد أبدو متطرفا ومتشنجا في وصف حال جابر الأحمد الصباح الأمير الراحل في سياق التسامح الذي يحمله هذا الإنسان العظيم، لكنها الحقيقة بعينها.
وقد أبدو مجاملا تجاهه لأنه أمير بلادي، وبسبب الأجواء الحزينة التي لفت وطني والأوطان الصديقة والشقيقة، ولأنه ليس إلا وقت الكلام الجميل والعاطفي، لكن الحقيقة لا يمكن إلا أن تكون أقوى وأعلى من أي كلام جميل أو تطرف عاطفي أو تمييز وطني.
فلا شك أن تسامح الأمير الراحل تغمده الله بواسع رحمته يشهد عليه عدوّه قبل صديقه، ويشهد عليه السني والشيعي، الحضري والبدوي، المواطن والوافد، الكويتي وغير الكويتي، الإنسان في شتى بقاع المعمورة، فهلاّ تكفي تلك الشهادات؟.
ولست بصدد طرح جميع الوقائع التي تشهد على تسامح الأمير الإنسان، لأنها غير منتهية على الصعيد القريب، وتحتاج إلى جهد كبير على المدى البعيد، بل جل ما أسعى لتبيانه هو بعض الوقائع المؤثرة التي قلّما تصدر عن الشخصيات السياسية على مر التاريخ.
فمعروف أن حادث الاعتداء الآثم الذي تعرض له الأمير الراحل عام 1985، أثناء ما كانت نار الحرب العراقية الإيرانية مستعرة، كان يقف خلفه فصيل مسلح تابع لحزب الدعوة الإسلامية، أحد الأحزاب الرئيسية في الائتلاف الشيعي الحاكم في العراق، وهذا الفصيل اعترف بخطأ ارتكابه لجريمته الشنيعة، وقبِل الأمير بذلك في موقف يعبّر عن تنازله عن مصلحته الشخصية وتضرره الشخصي في سبيل مصلحة الكويت العليا. فبعد أن فتحت الكويت بأمرٍ من الأمير الراحل حدودها وأرضها لمختلف التنظيمات العراقية المناهضة لنظام صدام حسين للمشاركة في اسقاط هذا النظام الدموي، كان من بين تلك التنظيمات أن استقبلت الكويت بكل ترحاب حزب الدعوة حيث أشارت الأنباء الخاصة إلى اعتذار جاء به رموز الحزب إلى الكويت. ثم بعد سقوط صدام كان رئيس الحكومة ابراهيم الجعفري العضو البارز في الحزب محل ترحيب في الكويت وفي إطار تقديم اعتذار لقيادتها. وإن يدل ذلك الأمر على شيء فإنما يدل على مكانة التسامح العالية التي كان يحملها سمو الأمير الراحل وتنازله عن حقوقه الشخصية من أجل مصلحة الكويت والكويتيين ولدحر الظلم عن كاهل شعوب شقيقة.
ولا ينسى الكويتيون أحداث التفجيرات التي شهدتها البلاد أثناء الثمانينات والتي كان يقف خلفها تنظيم سياسي مسلح ينتمي إليه كويتيون، حيث تم اعتقال معظم هؤلاء وتم الحكم على بعضهم بالإعدام والبعض الآخر بالسجن لمدد متفاوتة، إلا أن مصلحة الكويت التي كان يغلفها تسامح الأمير قضت بعدم تنفيذ تلك الأحكام وبالتنازل عنها بعد تحرير الكويت عام 1991.
إن مظاهر تسامح جابر الأحمد ارتسمت في الكويت واتجاه أبنائها قبل أن تخطو بخطواتها خارج أسوار حدودها. فرؤاه البعيدة النظر تجاه الأحداث المحلية وصراعاتها وتطورات أوضاعها السياسية أثبتت في أكثر من مناسبة أن مصلحة الوطن فوق كل شئ حتى لو ارتبط الموضوع بالخصومة السياسية الداخلية. فحوادث عديدة أثبتت أن الأمير الراحل كان خلالها مثالا بارزا للتسامح، يأتي على رأسها حادث الاعتداء المسلح على النائبين السابقين في مجلس الأمة حمد الجوعان وعبدالله النيباري اللذين بعثهما الأمير الراحل للعلاج في الخارج على نفقته الخاصة، وكذلك أمره السامي بإطلاق استاذ العلوم السياسة الدكتور أحمد البغدادي من السجن بعد مكوثه فيه لأسبوعين في حكم تعلق بأمر من المحكمة بالسجن شهرا جراء خصومة مع الجماعات الدينية.
كما أن هناك العديد من الأمثلة المرتبطة بحرصه على مصلحة الشعب الكويتي قبل مصلحته بل وقبل وضعه الصحي ما يدل على إنسانيته. من تلك الأمثلة ما ذكره وزير الصحة السابق أثناء رحلة علاج الأمير عام 2001، فيقول الجارالله التالي:
"في الواحدة والنصف بعد منتصف الليل تلقيت اتصالا من الديوان الاميري يفيد بمرض سمو امير البلاد، وانطلقت مسرعا الى قصر دسمان للوقوف على حالته الصحية".
ويضيف "دخلت على سموه فجرا، ولم اتوقعه بهذا الهدوء، وتلك السكينة، كان سموه يشكو من تشنجات في قدمه اليمنى، وبعد ان اكتمل الطاقم الطبي، اقروا نقله الى المستشفى الاميري، حيث عملت له الاشعة المقطعية، والتي تبين من خلالها اصابة سموه بنزيف في المخ، الا ان حالته بشكل عام كانت مستقرة وساعد هدوؤه ورباطة جأشه على تحسن حالته".
واضاف "وهنا كان رأي الاسرة نقل سموه الى لندن للعلاج، حيث الاجواء اكثر هدوءا منها في الكويت، خصوصا ان حالته كانت مستقرة وتسمح له بالسفر".
واثناء الرحلة بالطائرة الى لندن يقول الجارالله: ان الخوف كان يتملك الجميع بأن يعود النزيف الى سمو الامير، حيث حرص الجميع بالابتعاد عنه ليرتاح طوال الرحلة، ولم يتخلل الرحلة اي احاديث مع سموه الا انه طلب اشياء ضرورية يحتاجها".
وفي اول يوم للأمير في المملكة المتحدة يقول الجارالله: ان الامير توجه فورا الى مستشفى كرومويل ووضع في جناح العناية الفائقة فقط للإطمئنان على صحته مما نتج عنه ضجة كبيرة بان حالتة خطرة حيث وضع في جناح العناية الفائقة. وكان مستشفى كرومويل وقتها مركزا لمندوبي وكالات الانباء والقنوات الفضائية، وأقنعتهم بان صحة الأمير بخير وان وجوده في العناية الفائقة ليس لأن حاجته تدعو الى ذلك انما لتقييم حالته، ووضعته تحت الملاحظة الدقيقة اول يوم، واكدنا لهم ان حالة سموه مستقرة وانه يتجاوب مع العلاج، وبعد ان قضى 24 ساعة في العناية الفائقة تم تحويله الى الجناح.
واوضح ان "حالة سموه في الايام الثلاثة الاولى كانت جيدة.. الا انه كان يشعر بدوخة بسيطة لا تصل الى الاغماء".
ويضيف ان الأمير كان حريصا على تفقد احوال المرافقين معه بقدر ما هو حريص على صحته، وبدل ان نطمئنه عن حالته الصحية كان يبادرنا بالإجابة ان صحتة بخير والا نقلق عليه، وكان كثير السؤال عن اهل الكويت واحوالهم.
وذكر الجارالله ان الفريق الطبي اثناء فترة العلاج طلب ادخال انبوب من الانف الى المعدة للتغذية خاصة ان سموه قليل الاكل، وبدوري قلت للامير اننا بحاجة الى وضع هذا الانبوب لتتحسن صحتك، ورد طلبي له بسؤال.. "هل اعطيتم كل فرد من الشعب الكويتي انبوبا للتغذية 00" فهو يطلب ان يعامل مثل اي مواطن كويتي.
وفي احد المواقف التي تدل على انسانيته اثناء فترة العلاج، يقول الجارالله انه عند نقل الامير في سرير متحرك من جناحه الخاص في المستشفى الى جناح الاشعة، وقعت قطعة كبيرة من السرير، واختل توازنه وكاد سموه ان يسقط لدرجة ان قدمه لامست الارض، وهو لا اراديا يسأل عن افراد الطاقم الطبي عما اذا اصيب أحد منهم، وفي اللحظة التي اصبنا فيها بالهلع على سموه نجده يفكر فينا وفي سلامتنا لدرجة ان رئيسة فريق التمريض تسألني: "هل سموه زعل؟ وقلت لها انه لم يزعل، بل يسأل عن سلامتكم" فاستغربت من الموقف وقالت انه رجل عظيم.. حتى انه يفكر فينا، وهو في هذه الحال.



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا مجتمع مدني.. إذن لا تنمية للديموقراطية
- إقصاء المختلف.. رهان الخطاب الديني
- المحبة والتسامح من وجهة النظر الأصولية
- الحاجة ماسة لتيار الإصلاح الديني في الكويت
- الفوضى سياسة البعث من العراق إلى سوريا
- وقت الدبلوماسية.. بين واشنطن وطهران
- إخوان مصر.. هل يستطيعون التعايش مع الديموقراطية؟
- -ديمقراطية- التجمعات الدينية.. هيمنة وإلغاء
- بين صلاح الدين وصدام والزرقاوي.. لم نتعلم الدرس
- ادعاءات.. وافتراءات ضد الديموقراطية
- الاسلام هو الحل
- إلغاء حكم الإعدام.. وحق الاختلاف


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - فاخر السلطان - سياق التسامح والإنسانية في وفاة جابر