أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - بعض من بعض الذي كان ..5 .. عيوب في نظرية العصر الجميل















المزيد.....

بعض من بعض الذي كان ..5 .. عيوب في نظرية العصر الجميل


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6318 - 2019 / 8 / 12 - 16:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الزعامة الناصرية والمد القومي كان في أوج إحتدامه حينما قدمت بريطانيا الحكم الملكي العراقي ضحية على مذبحه. وما كان بمقدور السعيد أن يكون ندا مكافئا لعبدالناصر الذي كسب كاريزمته الجماهيرية العربية والوطنية من خلال نصره السياسي الكبير على العدوان الثلاثي ثم أضاف عليها بعد ذلك رصيدا ضخما حينما بايعه السوريون زعيما على دولة الوحدة التي كانت في حينها مطلبا رسميا وجماهيريا سوريا قبل أن تكون مطلبا مصريا.
أما البريطانيون فحاولوا التصدي لذلك الخطر الوحدوي المتصاعد من خلال إعلان دولة الإتحاد الهاشمي بين العراق والأردن التي لم تفلح في تقديم نفسها إلا كندٍّ كاريكتري هزيل في مجابهة أخطار الزعامة الناصرية المنطلقة مثل شهاب خارجٍ على قوانين الجاذبية وقادمٍ لصنع مداراته وقوانينه الخاصة.
وماذا كانت النتيجة على صعيد الوضع العراقي الداخلي ؟.
من جهة كان وجود العراق في حلف بغداد قد وضعه في المركز من دائرة الصراع الدولي المحتدم في أثناء الحرب الباردة بين المعسكر الرأسمالي والمعسكر الشيوعي بدلا من أن يضع في يديه قدرة الإنتحاء جانبا والنأي بعيدا عن بؤر التوتر.
ولقد صار ذلك حافزا للشيوعيين العراقيين لتصعيد نشاطهم السياسي الجماهيري من أجل إسقاط الحكم الملكي في العراق. كما أن خسارة دول العدوان الثلاثي لحربهم العدوانية ضد مصر في أعقاب تأميم قناة السويس قد تسبب بخسارة كبيرة أيضا للزعامة السعيدية التي لم تخفِ فرحها حينما بدأ ذلك العدوان, وراح نوري السعيد نفسه يبشر بصوت مسموع بقرب نهاية عبدالناصر الأمر الذي جعل هذا الأخير لا يتردد في إعلان حربه السياسية ضد النظام الملكي, والتي كانت واحدة من أهم الأسباب التي أدت إلى سقوط ذلك النظام.
على صعيد شعبي صار النظام في أضعف حالاته, وما عدا شيوخ القبائل المنتفعين من النظام الإقطاعي العشائري فإن الشارع العراقي السياسي لم يتوقف لحظة عن التظاهر العلني ضد النظام الملكي.
لكن الخطر الأكبر جاء من الجيش الذي تحول أغلب قيادية إلى (ضباط أحرار). ولعل المعني بذلك أن الحالة الوطنية المعادية للنظام قد تجاوزت كثيرا حدود أن تبقى ضمن لجنة أو لجان سرية.
لقد كانت واحدة من أهم الأسباب التي دفعت عبدالناصر إلى تأسيس حركة الضباط الأحرار في مصر هي فضيحة صفقة الأسلحة الفاسدة التي إستعملها الجيش المصري المشارك للجيوش العربية الأخرى في أثناء الحرب التي سبقت قرار تقسيم فلسطين في عام 1948.
أما إحتدامات قاسم وعارف الوطنية, والذي شاركه فيهما أغلب ضباط الجيش العراقي, فلم تكن هزالة الموقف الملكي إتجاه تلك المعركة بعيدة عن تفعيلها, ولا كان إنتماء العراق إلى حلف بغداد بمعزلٍ عن تأجيجها. وسرعان ما تحول الجيش بفعل ذلك وبعد إعدام عقدائه الأربعة, الذين فشلت إنتفاضتهم ضد الإنكليز عام 1941 والتي نتج عنها فرار الوصي على العرش الأمير عبدالإله وإعادته بعد ذلك من قبل الإنكليز إلى بغداد, سرعان ما تحول ذلك الجيش بأغلب ضباطه إلى مؤسسة معادية للنظام, أما الثورة ضده ذلك فلم تكن تحتاج إلى غير فرصة التنفيذ.
وعموما يمكن القول أيضا أن سقوط النظام الملكي في العراق كان نتيجة من نتائج إنحسار النفوذ البريطاني عن المنطقة التي بدأت تدخل سريعا في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي إنقسم بدوره إلى عالمين, عالم غربي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية الساعية إلى إحتلال مناطق النفوذ البريطاني والفرنسي ولكن على جواد (ولسون) وإعلانه بشأن حق تقرير المصير وحقوق الإنسان الذي تضمنته مبادئه الأربعة عشر, وعالم شرقي يقوده الروس الذين أفلحوا في إقامة دولتهم السوفيتية ومعسكرهم الإشتراكي الذي كان في مطلع نجوميته قبل أن يتآكل تديجيا بفعل عجز النظرية الماركسية اللينينية عن تأكيد فاعليتها السياسية وآهليتها العقائدية في عالم إنحسرت فيه سبل المجابهات العسكرية بين العملاقين لتحل محلها حربا باردة كانت أسخن على الشيوعيين من نار الحرب التقليدية.
إن النظامين الملكيين في كل من مصر والعراق كانا قد إستهلكا نفسيهما على صعيد سياستهما الداخلية بحيث ظهرا مثل ثور الناعور خاصة على المستوى السياسي.
على صعيد آخر فإن اللعبة الديمقراطية كانت قد إستهلكت نفسها كلعبة صالونات لا علاقة لها بالشارع. ويوم نتفحص أدبيات إنقلابَيْ او ثورتَيْ تموز في أيٍ من البلدين فسوف نعثر على ما يشير إلى أن تلك الإنقلابات نفسها قد جاءت في بعض مشاهدها الرئيسة وكأنها رد على تلك الديمقراطيات الملكية المُستهلكة التي لم تعد تصلح كآلية للعمل والإنتاج في بلد ذا إقتصاد قائم على التحالف بين زعماء القبائل والإقطاعيين ونظام إجتماعي يستعرض نفسه من خلال مشاهد عبودية الفلاح وعري الفقراء.
وإن من الحق على أصحاب الشق الملكي من نظرية (العصر الجميل) أن يستعرضوا ويعرضوا صور (المصاليخ : العراة) من عمال الموانئ وحمالي الشورجة ووجوه الفقراء المتعبة والمريضة وأكواخهم المتهاوية, جنبا إلى جنب مع صور شارع الرشيد النظيف الأنيق الذي إعتادوا عرضها للتأكيد على جمالية الماضي, حتى يساعدوا المرأ على قراءة ذلك العهد بعدالة ودقة وموضوعية.
أما الإصرار على تقديم صورة هذا (العهد القبيح) الذي جاء به الإحتلال والأحزاب الدينية الفاسدة وعملاء إيران والإتكاء عليها لإستنباط نظرية تقول أن العهود العراقية السابقة وفي المقدمة منها عهدي نوري السعيد وصدام حسين كانت عهودا جميلة فذلك في إعتقادي هو نوع من التدليس, أو حين توفر النيات الطيبة, فهو العودة لقراءة التاريخ قراءة إسقاطية يتم من خلالها فحص المرحلتين على أساس المقارنة بين أسوء ما في العهد الحالي وأفضل ما في العصر السابق, وهي مقارنات ليست عادلة على الإطلاق, إضافة إلى أنها تهمل بدايةً كل أساس لقراءة تاريخ كل مرحلة بسيئاتها وإيجابياتها لفهم الضرورات التي قادت إلى حتمية التغيير وفهم ماهية الدخول في مرحلة أخرى نقيضة لسابقتها.
إن العراق لم يكن مقدرا له أن يتطور من داخله بفعل ثقل نظامه الاقتصادي الاجتماعي والسياسي المعرقل لأية خطوة بهذا الاتجاه, لذلك ستبدو النظرية ( الْلَوْئية), والقائمة على الإفتراض الذي يقول أن العراق الملكي كان سيتطور سياقيا (لو) لم يسقطه العسكر في الرابع عشر من تموز, ستبقى هذه النظرية عاطلة تماما عن العمل وغير منصفة لتفسير التاريخ وقراءته.
وأخيرا فإن الإقرار بعمق وكثافة الكوارث التي حلت بالعراق في المراحل التي تلت سقوط الحكم الملكي لا يمكن أن تكون دليلا على أن النظام الملكي كان رائعا, لكنها تصلح للتأكيد على أن المراحل التي تلته كانت سيئة.
وعليه فإنه لا يمكن مطلقا لمرحلة ما أن تصبح جيدة لمجرد أن المرحلة التي تلتها كانت سيئة.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض من بعض الذي كان .. 4..عبقرية نوري السعيد أم تبعيته
- قطة ليلة الدخلة .. 3 .. بعض من بعض الذي كان
- في رثاء ولدي .. سعد الصالحي , الطبيب والفنان والشاعر
- بعض من بعض الذي كان .. 2 – تدوين أم إعتراف
- بعض من بعض الذي كان .. (1) .. تدوين أم إعتراف
- بين أمريكا وإيران .. حرب أم لاحرب
- 14 تموز .. ثورة من كانت الثورة
- الدولة السمسارة
- بيننا وبين إيران والسعودية .. ثنائية الكراهية
- المرجعية الشيعية العراقية ودولة الكيان الموازي*
- القسم الرابع .. ثلاثة إسلامات*
- يوم الخلاص آتٍ آتٍ وإن طال أمده
- حول السعودية وإيران والحوثيين
- الإيرانيون ونحن وناس آخرون
- عن (أبناء ملجم) مرة أخرى
- أميري أنا وليس أميركم يا أبناء ملجم .. بمناسبة يوم إستشهاده
- إلى جماعة الماما تيريزا من خصوم الحرب ضد إيران
- الإسلام السياسي العربي بشقيه / وقضية التبعية والعمالة*
- جليل كريم العين وأنا وسلطان بروناي
- إيران ونظرية الحزام الناسف وحافة الهاوية


المزيد.....




- بتدوينة عن حال العالم العربي.. رغد صدام حسين: رؤية والدي سبق ...
- وزير الخارجية السعودي: الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غز ...
- صواريخ صدام ومسيرات إيران: ما الفرق بين هجمات 1991 و2024 ضد ...
- وزير الطاقة الإسرائيلي من دبي: أثبتت أحداث الأسابيع الماضية ...
- -بعضها مخيف للغاية-.. مسؤول أمريكي: أي تطور جديد بين إسرائيل ...
- السفارة الروسية في باريس: لم نتلق دعوة لحضور الاحتفال بذكرى ...
- أردوغان يحمل نتنياهو المسؤولية عن تصعيد التوتر في الشرق الأو ...
- سلطنة عمان.. مشاهد تحبس الأنفاس لإنقاذ عالقين وسط السيول وار ...
- -سي إن إن-: الولايات المتحدة قد تختلف مع إسرائيل إذا قررت ال ...
- مجلة -نيوزويك- تكشف عن مصير المحتمل لـ-عاصمة أوكرانيا الثاني ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - بعض من بعض الذي كان ..5 .. عيوب في نظرية العصر الجميل