أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - بعض من بعض الذي كان .. (1) .. تدوين أم إعتراف














المزيد.....

بعض من بعض الذي كان .. (1) .. تدوين أم إعتراف


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6302 - 2019 / 7 / 26 - 22:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مضى زمن ليس بالقليل قبل ان أكتشف موضع الخلل في تجربتي البعثية السياسية السابقة والتي شاركني أخطاءها الكثيرون, خصوما كانوا أو مشابهين. وأعترف أنني, ورغم إدانتي لجوانب من تلك التجربة, إلا إنني غير ميال للبدأ بعملية النقد وتأشير الأخطاء بإدعائي عدم المشاركة في تلك العيوب, أو بالتركيز على تلك العيوب وحدها.
وإذ لا أحد طلب مني تقييد ذلك الإعتراف فإني أراه يأتي تطوعا وتقديرا لنفعِه وفائدته, مثلما أراه يتأسس أيضا على قواعد سياسية وفكرية بحتة هدفها مراجعة التجربة لتبيان مواقع الخلل الرئيسة التي أسست لمعظم تلك الإنحرافات والهفوات والجرائم. وهذا يعني أن وسائل إقترابي من ساحة ذلك النظام لن تكون وسيلة روائية إلا بالقدر الذي يتعامل مع الرواية بمنطق التحليل والتفكيك الذي من شأنه أن يلاحق خلفيات الحدث مثلما يلاحق نتائجه وتبعاته مستشرفا من خلال تلك الملاحقة أين يكمن الخلل وما هي البدائل المستحقة.
ثم أني أعتقد أن من واجب جميع الذين عملوا في صفوف الحركات السياسية التقليدية, وليس البعثيون وحدهم, مراجعة عقائدهم بما يراعي أحكام الزمان وتغيراته وتطوره وتبدله, فالشيوعيون مثلا, من أجل حزبهم, إن لم يكن من أجل شعبهم, مطالبون بتحديد مدى تأثير المتغيرات الجوهرية التي حدثت في هذا العالم بعد أن أنتقل من الثورة الصناعية وما رافقها من ظواهر إلى الثورة التكنولوجيه التي غيرت العالم كثيرا وإستدعت بإلحاح البحث عن نظريات عقائدية تتحدث عن عصر الروبوت وليس عن عصر دكتاتورية البروليتاريا, وهم مدعون هنا إلى البحث عما ما إذا ما كانت عقيدتهم قادرة على الثبات في عصر باتت مشاهده المتلاحقة تقدم شكوكا تنال من جوهر نظرية حزبهم العقائدية نفسها.
أما البعثيون, وحتى على إفتراض أن التجربة الصدامية لم تكن فاشلة بإمتياز, فإن عليهم أن يؤمنوا أن حاجتهم للبحث في عمق نظريتهم الفكرية هي حاجة تفرضها ظروف المتغيرات العالمية, وعليهم أن لا تأخذهم العزة بالإثم لنسيان حقيقة أن العقيدة التي لا تراجع نفسها ولا تتراجع عن أخطائها ولا تتغير تناسبا مع المتغير هي عقيدة محكومة بالفشل, فلقد حدث ان الإتحاد السوفيتي كان قد وصل إلى غزو الفضاء لكنه مع ذلك كان قد سقط, فكيف ستكون عليه حال نظام هو الذي تآمر على حزبه المفترض وسحبه إلى أن يكون مطية للعشيرة ومجرد كاتب تقارير في أجهزتها الإستخبارية القمعية, وإن عليهم بالتالي أن يبحثوا عن مصدر الخلل الحقيقي وهل هو في نظام صدام ام في الحزب نفسه, ويتخلوا عن التفكير المتخلف الذي يكفر كل بعثي ينتقد التجربة البعثية ويدين العديد من مشاهدها.
ولي أن أعتقد في الوقت نفسه أن تجربتي الثقافية في حزب البعث, ووجودي لفترة في مؤسسته الثقافية الرئيسة, ومواكبتي العمل بشكل مباشر وملاصق مع ثلاثة من الرجال الذين تصدروا العمل الثقافي البعثي وهم الدكتور إلياس فرح والشهيد عبدالخالق السامرائي وطارق عزيز, كل ذلك كان عمقّ من درجة وعيِ السياسي, مثلما وضعتني التجربة المباشرة أمام الكم من الأحداث الهامة, التي تستحق بوجود هذا الوعي, أن تكون فصولا هامة ومفيدة من حديثٍ سأدلو به كتابة, لا لغرضٍ سوى المساهمة مع آخرين سبقوني وآخرين سيلحقوني, لأجل الإستفادة من التاريخ, وليس لغرض التباهي بسرده أو الإنتفاع من مردوداته أو الإنتقام منه أو التباكي عليه.
وإني لست ميالا, ولو بقدر شَعرة, للدخول على تجربتي السياسية من بوابة لجلد الذات, أو أخرى للندم, فأنا أتحدث هنا عن كشف أخطاء عامة, وليس عن جرد ذنوب خاصة, وعن مرحلة محكومة قناعاتها بظروفها, ومحددة سياقاتها بضغوطها.
وإذ لم يكن هناك بدَ مما ليس منه بدٌ, فإن الحكم على التجربة يجب ان يراعي عدم إقتطاع النتائج من جسم الحدث الذي أسس لها, كما أن الأحكام العامة في السياسة ليست بالضرورة خاضعة بشكل عام إلى قاعدة أن الأمور تحسب بخواتيمها, ذلك أن فهم الخواتيم بشكل سليم لا بد وان يتم من خلال عودة كفوءة وأمينة للظروف المحيطة بالتجربة ذاتها, إذ ربما نكتشف أن الفشل قد تحقق نتيجة تكالب ظروف من خارج التجربة وليس نتيجة نقص ذاتي حقيقي من داخل التجربة ذاتها, اي أن الخواتيم مفروضة على الحالة وليست متأسسة منها.
لكن إدراكا كهذا يجب ان يقودنا في نفس الوقت إلى التأكد من أن صلاحية النظرية لا يتم فقط من خلال الإتفاق على جوهرها السامي وإنما من خلال التحقق من إمكانيات النجاح, ففي علم الفكر والفلسفة يمكن التحليق في الفضاء والتسامي في الأفق لكن علم السياسة ليس كعلم الفلسفة وفكر الأخلاقيات, ففي حين يبحث الثاني عن الأجنحة حتى يضمن قدرة التحليق فإن الأول يبحث عن الأقدام التي تكلف له قدرة السير على الأرض, وسيحدد لنا ذلك بالنتيجة الفرق بين الحزب العقائدي والحزب السياسي مثلما سيشرح لنا بكل تأكيد معنى حاجتنا إلى حزب عقائدي وسياسي في الوقت نفسه.
كما أننا بحاجة إلى فهم أفضل لنظرية المراجعة والتراجع فلربما تؤكد المراجعة على أن هناك خلل في النظرية, وربما تؤكد على أن النظرية نفسها هي الخلل. وإذ ذاك سيكون بإمكاننا معرفة ما الذي علينا ان نتراجع عنه : عن الخلل في النظرية أم عن النظرية الخلل ؟.
ويعطينا القول الشائع (إن ما من أمة أتت إلا ولعنت أختها) فرصا أفضل لقراءة التاريخ بشكل سليم وإعادة تشكيله على اساس العقل لا على أساس المرويات, كما ويؤشر لنا أهمية تفكيك المشكلة وفك إشتباك الحقائق حتى نتعرف على ضالتنا بعيدا عن التضليل وخلط الأوراق.
ولهذا أقول أن غاية هذه المقالة وجميع المقالات التي تأتي بعدها, والتي تعالج الشأن نفسه, هي محاولة لتدوين تاريخ نظام وحزب وتحليل عقيدته التاريخية ومواقع قوته أو ضعفه على الصعيد الفكري والنظري وليست محاولة لتدوين سيرة ذاتية إلا بالقدر الذي يتطلب إستدعاء الحدث لضرورة كونه جزءا مهما في عملية الرصد والملاحقة.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين أمريكا وإيران .. حرب أم لاحرب
- 14 تموز .. ثورة من كانت الثورة
- الدولة السمسارة
- بيننا وبين إيران والسعودية .. ثنائية الكراهية
- المرجعية الشيعية العراقية ودولة الكيان الموازي*
- القسم الرابع .. ثلاثة إسلامات*
- يوم الخلاص آتٍ آتٍ وإن طال أمده
- حول السعودية وإيران والحوثيين
- الإيرانيون ونحن وناس آخرون
- عن (أبناء ملجم) مرة أخرى
- أميري أنا وليس أميركم يا أبناء ملجم .. بمناسبة يوم إستشهاده
- إلى جماعة الماما تيريزا من خصوم الحرب ضد إيران
- الإسلام السياسي العربي بشقيه / وقضية التبعية والعمالة*
- جليل كريم العين وأنا وسلطان بروناي
- إيران ونظرية الحزام الناسف وحافة الهاوية
- العرب هل كانوا مجرد بدو غزاة
- العيب في الفكرة أم في المحيط
- هنود وباكستانيون وعراقيون
- قصة هزيمتين .. القسم الثاني (5)
- خمطوقراطية


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - بعض من بعض الذي كان .. (1) .. تدوين أم إعتراف