أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين ابو سعود - دكة الاوزار














المزيد.....

دكة الاوزار


حسين ابو سعود

الحوار المتمدن-العدد: 6297 - 2019 / 7 / 21 - 03:38
المحور: الادب والفن
    


دكة الأوزار
حسين أبو سعود
في ساعات الصباح الأولى كنت قد تركت ورائي كل ما عندي من شغف بالأشياء هناك عند النهر الأسود عند دكة الاوزار قابلني الشيطان، رأيت وجهه المقسوم الى نصفين، نصف قبيح ونصف مليح.
رغّبني، هددني أخافني ، جلس قبالتي كان يمد اياديه الالف نحوي، يدغدغني، يتلمس اعضائي، يهيجني، يحيطني بحنان خبيث، صرخت بأعلى صوتي المبحوح، اريد ان اغتسل الغسل الأخير، اريد ان يدرج اسمي في قائمة الانقياء، اتركني اذهب بسلام واطفئ الشمعة الأخيرة بسلام.
ادار عينيه نحو الشمال، تنحنح حتى اهتزت الأرض من تحتي، فشعرت باني سأستسلم مرة أخرى لا محالة.
اخذني الخوف بعيدا نحو مهاوي الضلال وظلمات الرعب، وكنت بحاجة لكي يسدل الستار واتخلص من هذا الكابوس المرعب، وفجأة هطل مطر خفيف أزال الألوان من على تمثال الشيطان حتى اضمحلت حروفه ش ي ط ا وقبل ان يضمحل حرف النون سمعت من خلفي وقع اقدام، التفت وإذا بطفلة تبدو تائهة يعتليها علامات الحيرة، رشيقة كعود الخيزران شعرها الطويل استرسل كالشلال على الكتفين، نظراتها كانت تستجدي الحنان والدفء والأمان.
ما ان رأتني ورأت اثار الشيب الذي يعتليني، وامارات الحكمة في عيوني فتحت ذراعيها واحتضنتني، بقيت على تلك الحال فترة من الزمن امتدت لأعوام، ثم شعرت ان الطفلة بدأت تكبر فانتفض نهداها كقطة مترقبة واستطالت يداها وصارت تصل الى أماكن ابعد في جسمي، وانفاسها صارت تثيرني حد التحفيز، جسدها صار اكثر امتلاءا واكتنازا، التصاقها صار مثيرا للريبة ، يا الهي انها جسد امرأة في العشرين يحمل في انحائه شهوات كل نساء الجزيرة، شعرت انها ملّت من الوقوف بهذه الطريقة، ثنتني بلطف حتى اجلستني على اريكة خشبية مغطاة بورود حمراء وصفراء قطفت للتو فصارت تنظر اليّ وانا اتعمد النظر نحو الأفق تارة ونحو الأرض تارة، تكلمت عن نفسها قليلا وتكلمت عني كثيرا، كانت تعرف عني كل شيء منذ كنت جنينا قلقا في بطن امي حتى شيخوختي اليائسة مرورا بأدوار الطفولة والصبا والشباب والكهولة تعرف عني كل الاسرار التي نسيت بعضها ولم اعد اتذكرها، شعرت بدوار ثم شعرت بجفاف مرير في حلقي وبدأت اثار الظمأ الازلي فتسارعت دقات قلبي، غابت عني قليلا لتاتي لي بكاس من الكريستال الأصفر فيه شراب لذيذ افقدني الوعي بالكامل، تحركت الأشجار من حولي لتكون ستارا عازلا عن الفضاء الممتد والأرض الممتدة، قامت المرأة بحركة وكأنها كانت تطفئ الانوار فصرت اشعر وكأني في قارب واسع من اللذة والشهوة والراحة تصاحبها ارتعاشات تقطر حنانا ولذة.
ظللت هكذا اتقلب بقوة واندفاع نحو الأعلى والاسفل واليمين والشمال حتى ارتخت كل مفاصلي وشعرت برغبة قوية في النوم، فقامت المرأة بسرعة مذهلة تجمع ملابسها الشفيفة وهربت باتجاه خامس ماسكة نعليها بيدها اليمنى، اختفت، وجدت نفسي عاريا مثقلا بالأوزار مرة أخرى، جالسا على دكة الاوزار، سمعت صوت الشيطان وهو يضحك بصوت مخيف يريد ان يقول لقد خسرت الجولة الأخيرة.
وجدت النهر الذي صار اسودا من كثرة من اغتسل فيه من المذنبين وتطهروا قبل ان يغادروا هذا المسرح، وجدت النهر ينحب وقد جف ماؤه حتى اخر قطرة والاسماك التي كانت تتقافز في تلك المياه تختنق ببطء الواحدة بعد الأخرى وقبل ان اختنق انا أيضا من الحسرة ونغزات الضمير رأيت في الضفة الأخرى الأنبياء والصالحين وهم يمدون أيديهم الى اكداس من البشر الذين يريدون العبور، ناديتهم كثيرا فلم يرد عليّ أحد، رفعت يدي ملوحا لهم بقطعة من قماش ابيض تحول بعض بياضه الى سواد، لوحت لهم فلم يرني أحد.
لقد خسرت الجولة الأخيرة أيضا
29 نوفمبر 2018



#حسين_ابو_سعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق يعود للملكية
- سراب في مستشفى
- قراءة في مجلة قديمة
- ليالي الاكوادور
- كلاب سانتياغو
- السائق الاجنبي والمراة السعودية
- أنا وعدنان الصائغ تحت سماء غريبة
- مدن بلا سكان
- متابعة تفاصيل امرأة تحبني
- جراح من ذهب خالص
- السفر وأماني رأس السنة
- آخر رسالة حب
- الحزن حرفتي
- مطر يحتمي من مطر
- صوت البحث عن ضوء الحكايات
- السنة والشيعة: صراع اختياري
- تلك كربلاء وتلك منازلها
- حكايات الفصول ، فصول الجدب
- موعد مع الموت أخلفناه (المنصور ميليا)
- تكريم جابر الكاظمي في العاصمة البريطانية


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين ابو سعود - دكة الاوزار