أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين ابو سعود - سراب في مستشفى














المزيد.....

سراب في مستشفى


حسين ابو سعود

الحوار المتمدن-العدد: 4202 - 2013 / 9 / 1 - 12:00
المحور: الادب والفن
    


سراب في المستشفى
حسين ابو سعود
وحان موعد العملية وكالعادة تخدير ثم إنعاش، ولا يؤخذ الوقت الذي بينهما بالحسبان كون المريض فاقد للوعي تماما.
فتحت عيني لأرى امامي وجها جميلا جدا ، ممرضة تحمل كل حنان الكون، تبتسم بثقة ورقة ، ما زال اثر المخدر في الجسد يشعرني بالوهن والتعب، انها هي هي (سيوكل)التي فارقتها قبل اربع واربعين عاما عندما انتزعتني الدولة من مدينتي والقت بي خارج الحدود، كنت حينها في السابعة عشرة من عمري وكانت هي في الخامسة عشرة، لقد كانت في عمر الزهور وترتدي دائما الثياب ذات الالوان البهيجة التي تحتوي على الزهور، اتذكرها عندما تعود مع والدتها واختها الصغيرة من الحمام العمومي للمدينة، ممتلئة الجسم، محمرة الخد، وابتسامتها التي ترد الروح الى الروح.
لم اصارحها قط، لقد كان حبا من طرف واحد، ولكنها كانت تشعر بالظمأ الساكن في نظراتي.
حينها لم اكن اعرف كيف يشبهون خدود الصبايا بالتفاح حتى رايت خديها.
ولم اكن اعرف كيف يشبهون الشفاه بحبات الكرز حتى رأيت شفتيها.
ولم أكن اعرف كيف يشبهون الشعر بشلال الذهب حتى رأيت استرساله وانسيابه على كتفيها.
ولم أكن اعرف كيف يشبهون الصبايا بالغزلان حتى رايتها مقبلة مدبرة، كنت ارى زرقة السماء في عينيها.
كنت حينها شابا مراهقا نحيلا ضاربا في السمرة، بملابس رثة وخيال واسع وطموح كبير، ووالدي ذلك الشيخ الفقير يتحسر في اعماقه، لأنه كان يشعر بان ابنه المراهق يفكر بدمية ذهبية من اسرة غنية اسمها (سيوكل) يعمل ابوها مديرا للمدرسة الثانوية في المنطقة.
بين هذه اللحظة التي ارى فيها (سيوكل) تقف امامي وبين ذلك الزمن الجميل، سهول وجبال وبحار ومسافات ومدن ودول واحداث وحروب وحصار وغربة وآلام واحزان وامراض وولادات ووفيات، بينهما ما يقرب من نصف قرن من الزمان، ولكن كيف وصلتني الان سيوكل صورة صافية نقية بالالوان الطبيعية، ممرضة بيضاء في بداية العشرينات، لقد آن الاوان ان اصارحها بحبي واعترف لها بهيامي وعشقي، فقلت لها: ما أجمل مجيئك الان وما أجمل ملامحك؟ لم تكبري كثيرا، وهذه خدودك كالتفاح وهذه ابتسامتك وجسدك الغض البض، ولكن كيف حافظت على شبابك طوال هذه المدة؟ لقد كنت حينها في الخامسة عشرة والان انت في العشرين وانا اقترب من الستين، كيف ذلك؟
كانت تستمع باهتمام وتبتسم بثقة، تقدمت مني و وضعت يدها على جبيني ثم امسكت بكفي وهمست: انا كارولين من اسكتلندا واعمل هنا ممرضة متدربة، ويبدو انك ما زلت تعاني من اثر المخدر.
قل لها: اذن انت ابنتها لان الشبه كبير جدا فهل كانت امك يوما في العراق؟
ابتسمت واستدارت ثم ذهبت عني دون جواب.
اذن انه التخدير وما حدث الان كان مجرد سراب في مستشفى اعادني للمنزل الاول وللحبيب الاول.
[email protected]



#حسين_ابو_سعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في مجلة قديمة
- ليالي الاكوادور
- كلاب سانتياغو
- السائق الاجنبي والمراة السعودية
- أنا وعدنان الصائغ تحت سماء غريبة
- مدن بلا سكان
- متابعة تفاصيل امرأة تحبني
- جراح من ذهب خالص
- السفر وأماني رأس السنة
- آخر رسالة حب
- الحزن حرفتي
- مطر يحتمي من مطر
- صوت البحث عن ضوء الحكايات
- السنة والشيعة: صراع اختياري
- تلك كربلاء وتلك منازلها
- حكايات الفصول ، فصول الجدب
- موعد مع الموت أخلفناه (المنصور ميليا)
- تكريم جابر الكاظمي في العاصمة البريطانية
- الصراع صناعة انسانية عريقة
- ان بعض النور ظلمة


المزيد.....




- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين ابو سعود - سراب في مستشفى