بانتظار قمة القرن في البحرين (1)

خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)

الحوار المتمدن-العدد: 6249 - 2019 / 6 / 3 - 21:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

خليل قانصوه ، فرنسا في 3 حزيران 1920
يانتظار مؤتمر القرن في البحرين (1)
صارت الغارات الجوية الإسرائيلية على سورية حدثا يكاد أن يكون عاديا ، بل هي وجه من أوجه الحرب التي تتعرض لها هذه البلاد منذ ثماني سنوات . لذلك كان يجب أن لا يؤخذ على محمل الجد ،الخطاب الذي سوقته دول الثلاثي الغربي ، الولايات المتحدة الأميركية و فرنسا و بريطانيا بواسطة الأتباع و الإمعة في بلدان العرب و الجيران ، في توصيف هذه الحرب بما هي ثورة ضد الديكتاتورية. كما أن الكلام خلال سنوات الحرب ، أملا بتبديد الأوهام عن واقعية انتظار ثورة تدعمها الولايات المتحدة الأميركي والرجعية العربية ، كان دون جدوى و مضيعة للوقت .
فلقد كان واضحا منذ سنة 2003 ،أن الأميركيين و حلفاؤهم يعدّون العدة لحرب ضد سورية غايتها جعل هذه البلاد في وضع مشابه لما هو فيه العراق ، بعد احتلال أرضه و تفكيك دولته وتخريب مؤسساته و تفريق شعبه . ولكن من الثابت أيضا أن الرابطة الوطنية في المجتمعات العربية هي بوجه عام أضعف بكثير من الروابط العصبية علما أن هذه الأخيرة تتراخي أحيانا أو تتلاشى تحت تأثير المنفعة المادية . خذ إليك مثلا على ذلك الثراء الفاحش الذي يظهر على الحاكم في البلاد العربية سواء كان وارثا أو كان وصوله إلى السلطة إنزالا بواسطة انقلاب عسكري أو اغتناما للفرصة أثناء هُمرجان تقف وراءه " منظمات المجتمع الوطني "
ما أود قوله أن قطاعات واسعة من الناس في بلدان العرب تتحرك عن طريق الإثارة العصبية أو الإغراء المادي . فلا حرج في القول أن المجتمعات في هذه البلدان ملائمة جدا لإنبات المرتزقة ، على كافة المستويات ، من أعلى الهرم السياسي إلى المواطن البائس المنسي في قرية نائية ، مرورا طبعا بأوساط المتعلمين و المفكرين .
تحسن الإشارة هنا إلى وجود تفاوت في درجة الانحطاط الثقافي من جهة والسلوك الغريزي من جهة ثانية ، من بلاد إلى أخرى ، يمكننا أن نتبين ذلك مثلا من خلال المقارنة بين الجماعات الإرهابية ـ الإسلامية التي تعمل على مناوشة الدولة في مصر من ناحية، و جيوش الإرهاب الإسلامي الجرارة التي ظهرت في سورية و انضم إليها مرتزقة جاؤوا من عشرات البلدان ، من ناحية ثانية .
ما أود قوله هو أن ما يجري في سورية و قبل ذلك في العراق ، يكشف في الحقيقة عن وجود أزمة وطنية ، بمعني أن مكونات ، (جماعات و ليس أفراد يتصرفون بصفة فردية ،) يمكنها أن تتخلى في ظروف معينة ،عن وحدة الوطن أي عن أجزاء من الجغرافيا الطبيعية و السكانية .
من نافلة القول أن الأميركيين و الإسرائيليين يوظفون هذا المعطي الأساسي الذي يميز المجتمعات العربية في مواجهة الدولة ، في البلاد المستهدفة مثل سوريا بالتدمير و الإلغاء ، عندما يكون الحكم معزولا في محيطه العربي .
و لكن لا بد في أطار مقاربة هذه المسائل حول المجتمع و الدولة و الأزمة الوطنية ، من التوقف عند المدة التي استغرقتها حتى الآن الحرب على سورية التي لم تتوقف بعد ، التي توحي بوجود نواة وطنية سليمة في هذا المجتمع و من المحتمل أن سنوات الحرب الثمان زادتها صلابة و قدرة على اجتذاب أعداد أكبر من السوريين إليها . ينجم عنه أنه إذا كان من المستبعد تحقيق نصر عسكري حاسم على الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل في سورية فأغلب الظن أن المقاومة الوطنية السورية ، تتحرك بعد كل هذه السنوات باعتراف مراقبين خبراء مستقلين ، في ظروف أفضل من السابق سواء على جبهات القتال أو على الصعيد الوطني الداخلي ، ما يعني أن الولايات المتحدة الأميركية و إسرائيل وأعوانهم فشلوا ، في السنوات الثمان الماضية ، في بلوغ أهدافهم في سورية .

#خليل_قانصوه (هاشتاغ)       Khalil_Kansou#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات