أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالجليل الكناني - سرّاق محترمون















المزيد.....

سرّاق محترمون


عبدالجليل الكناني

الحوار المتمدن-العدد: 6249 - 2019 / 6 / 3 - 15:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لكل موقف او سلوك ثمنه ..الا تلك التي تكون خارج القدرة الذهنية او الجسدية , ولو لم يكن كذلك لكنا جميعا انبياء ..والكثير , في الواقع , انما ينتقد السارقين حسدا وليس بدافع اخلاقي محض ..
موضوع ربما هو صادم .. وقد يجرح من يجرح منّا .. ولكننا يجب ان نواجه انفسنا لنعرف حقيقتها .. ونصحح مسيرتنا المؤلمة .
من الممكن قياس درجة الغنى بدلالات مادية فنقول ان فلانا اغنى من فلان بحساب قيمة ما يملك ولا خلاف في ذلك قطعا .. ولكن كيف يمكن قياس درجة الضمير والاخلاق ؟ كيف يمكن ان نقول ان فلانا ايقظ ضميرا أو ارقى خلقا او اشرف من فلان ؟ حتى وان خاضا نفس التجربة وخضعا لنفس المحك فلكل ظروفه وضروراته .. سنختلف حتما في التقييم كل حسب وده ودرجة قربه .. اما في الغنى فيمكنك مقارنة الغني بالغني باحصاء ما يملكان عداً وقيمة .. واما بالاخلاق فالمقارنة لا تصح الا بالضد الصريح .. وفي هذه ايضا يكون للراي الشخصي دور .. فالاخلاق تختلف بمفهومها الدقيق من شخص لاخر ومن مجتمع لاخر .. الاخلاق حسية سلوكية وليست مادية كمية .. .. بينما مقياس الغنى مادي ملموس .. وفي حين يكون الغنى قوة في كل الاحوال .. فان الاخلاق تتناقض في قوتها وسطوتها .. فاحيانا رفعة الاخلاق قوة في حد ذاتها .. واحيانا مصدر ضعف وشقاء .. وغالبا ما تتقاطع الا خلاق مع مسالك الغنى .. والاخلاق التي نتغنى بها هي اخلاق الفقراء ..وللاغنياء مفاهيم اخلاقية تختلف في جوهرها عن اخلاق الفقراء ولكنها ترتدي زيها .. ومما يجعل اخلاق الفقراء هي المنشودة عرفا , انما هي مصلحة الغني ذاته الذي يغلف اخلاقه بثوب اخلاق الفقير .. أين الخلل ؟؟ العربة التي لا تستطيع ايصالك الى مبتغاك عربة غير صالحة .. الاخلاق التي لاتحقق السعادة لك ولغيرك من الاقربين لابد تكون غير صالحة الا لتحقيق سعادة وهمية سريعة الزوال وليست سعادة حقيقية مستقرة .. هل اننا جميعا على خلق رفيع ؟؟ هل خضنا جميعا من التجارب ما يكفي لقياس درجة خلقنا وثبات مبادئنا ؟؟ !! من دوافع التمسك بالاخلاق المدعوة بالفاضلة , عزة النفس واحترام الذات .. ولكل منا مقدار غير مطلق من عزة النفس والكرامة يعتمد على بنائه الفسلجي وخصائص الدماغ المادية مصقولة بالمعرفة المكتسبة ومفاهيم العائلة والمجتمع السائدة .. وبما ان عزة النفس واحترام الذات مقادير حسية مجردة , فيجب ان نقيسها بمعيار مادي مُقارِن ودالٍ عليها .. فمثلا , كم تعطي فلانا من المال ليسمح لك أن تصفعه في الشارع ؟؟ مئة دولار ؟؟ الف دولار ؟؟ .. لا ؟؟ مئة الف ؟؟ اكثر ؟؟ ضع نفسك مكانه وفكر مليا قبل ان تجيب .. تستطيع طبعا ان تجد تبريرا وتتمتع بعدها بمال وفير .. مثل ان توافق لاسعاد غيرك .. عائلتك .. او ان فقيرا بحاجة ماسة لمال او طعام ستنقذه ... جد تبريرا وفكر مليا .. الصفعة تنسى .. ولابد ان الكثير منا قد طالته , على الاقل , في طفولته او صباه .. لابد ان نصل الى مبلغ ما يكون مغريا بما يكفي ..
هذا بالنسبة لضميره وعزة نفسه واما بالنسبة لدينه وامور حرامه وجنته وناره , فان الدين ينقسم الى وجهتين متضادتين .. دين الفقراء ودين السلطة .. وكلاهما يستغل من قبل اللصوص والمحتالين واصحاب المنافع والغايات ..فدين الفقراء يقف ضد السلطان ودين السلطة يقف مع السلطان .. فحين يدَّعي متبني دين الفقراء , مثلا , شرعية الاستحواذ على مال السلطان الجائر..بحجة اطعام الاهل والاقربين والفقراء فانه يبيح لاصحاب المصالح الخاصة , وليس للفقير ذاته , يبيح لهم السرقة دون قيود محددة ويعطيهم الشرعية بذلك .. واما دين السلطة فهو يعمل وفق مبدأ طاعة ولي الامر مما يمنح دعاته حظوة لدى السلطان لنيل مكارمه السخية وحتى الدخول في منظومة السلطة ذاتها واستغلال الفقير بالعمل ليكون هو ولي امره الواجب الطاعة .. وما بين هؤلاء وهؤلاء أولئك اللصوص الذين يستغلون بعض ما يرد من مفاهيم دينية حول رحمة الله ومغفرته .. ف ( ان الله لا يغفر أن يُشرك به , ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ).. وبما انه لا يشرك فكل امر يهون .. هذا بالنسبة لمن يؤمن بالله وباليوم الآخر .. حيث ( ان الله يغفر الذنوب جميعا ).. اما لغير المؤمن فلا يؤرقه حلال ولا حرام انما ضميره وكرامته واحترامه لذاته .. تلك المشاعر التي قد يروضها باعذار شتى حين تبلغ قيمتها ما يمكن ان يبيع به .. وما دامت قد حُلَّت مسالة الحرام والجنة والنار فان مفاهيم الكرامة والاخلاق قابلة للتطويع .. بل اثبت الواقع الاجتماعي انها مصانة اكثر بفضل القوة العجيبة التي يمتاز بها المال وتصنعها الثروة .. فكم من غني نلعنه سرا كونه اغتنى بمال حرام .. لكننا في الواقع نشعر بالاجلال والاحترام له في قرارة انفسنا .. ودليل ذلك تلك الحفاوة التي نحيطه بها وذلك الاهتمام الذي نوليه له في مجالسنا وفي مناسباتنا .. واما ما نضمره تجاهه فهو مزيج من حسد واعجاب .. فهذا الرجل يملك الثروة والجاه .. وهو الذي طوع الظروف لخدمته واستغل الفرص كما لم نقدر .. المال ياتي بكل ما هو نظيف وراقٍ وحسن .. فبيته ارقى واجمل , واولاده انظف واكثر اناقة , يدرسون في احسن المدارس .. لهم سائقهم الخاص ولهم منزلة بين الطلاب وحتى الاساتذة , كونهم اولاد عز وجاه .. وحين يخرج هذا الغني من بيته ترى من في الشارع يبادر بالتودد له ويبدي الكثير من الاحترام والتقدير حتى تظن انك واهم او مغال في حكمك ..او لعل الصور القبيحة للصوصية والخيانة تختفي خلف صورة جامع او حسينية أنشأها أو ساهم في بانشائها او تبرع لها بنزر مما كسب .. وخلف ذلك ياتي ايضا اللين في الحديث المحلى بالقدرة والموهبة والمهارة التي فتحت له أبواب النعيم .. وتلك السعادة البادية التي تشرح النفوس , والارتواء والنظارة التين يربطهما المرء في شعوره الكامن بالوقار وسلامة الروح وجمال الاخلاق والتدين , والذي يشع نوره في وجه صاحبه .. وهنا اسال ويحيرني السؤال من اخطأ منا ومن اصاب ؟؟ .. هل اضعنا عمرنا في الاوهام ؟؟ هل كنا ضعفاء نحسب انا اقوياء ؟؟ هل خدعنا انفسنا واطعمنا اولادنا شرفا خادعا ؟؟ وهل نحن حقا قولا وفعلا محترمون بما نستحق ومقدرون من قبل الاخرين ؟؟ وهل لنا تقدير يفوق قدر من استغلوا الفرص واغتنوا ؟؟ الواقع يجيب ان لهم منزلة وقوة وجاها اكبر مما لنا .. وهم اقرب الى المؤمنين روحا وحسا .. وهم الاكثر سعادة وعزا وابناؤهم افضل عيشا وكرامة .. ونحن ما نحن عليه في غابة لا حامي لنا فيها .. وردا على ما سيقول بعضنا أقول :- ان الفقراء الذين ياكلون من القمامة , قمامة من اثرى على حسابهم , هم أولى بحماية الله ورعايته .. متى ما وجد هؤلاء البؤساء كفاف عيشهم .. واستغنوا عن تلك القمامة الموبوءة بعفن اللصوصية فان الله لابد راعينا أجمعين ..



#عبدالجليل_الكناني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انواع العقول
- متْ كيفَ تشاء ... هذا قرارك .
- احاسيس ناعمة
- كيفَ أكتبكِ .. وأنتِ كلّ قصائدي ؟؟
- شدّوا الرحالَ إلى الألم
- كرة القدم غريزة مركبة
- بعضُ الخلاص ...
- كفِّي عن الرؤيا عيوني
- شيزوفرينيا
- الاستقرار : السكون صفر ليس له وجود
- الاستقرار ... قانون نيوتن الأول مصدر الغرائز
- علم الرياضيات والمفاهيم والحقائق 2- ماذا يمكن ان يكون بديلا ...
- علم الرياضيات والمفاهيم والحقائق 1 - هل هناك صفر حقيقي ؟
- سألتُه :- كيفَ الألمْ ؟؟
- العذاب الكبير
- قرابين المذابح
- شهرزاد يقتلها شهريار
- ذلك كلّ ما لدينا
- خذوه بالسياسة
- حين أقولُ علياً


المزيد.....




- صورة سيلفي لوزير مغربي مع أردوغان تثير انتقادات وردود فعل في ...
- سيارة همر -مسروقة- في دمشق تظهر ضمن سيارات الأمن السوري... ك ...
- -فضيحة الصندل-.. برادا تعترف باستلهام تصميمها من الصندل الهن ...
- مقتل 18 فتاة في -حادث المنوفية- يهز مصر وسط مطالب بإقالة وزي ...
- مئات الملايين والمليارات: حفلات زفاف باهظة الثمن في القرن ال ...
- ترامب: أنا -لا أعرض شيئا على إيران ولا أتحدث معهم-
- مشروع مغربي طموح يربط دول الساحل الإفريقي بالمحيط الأطلسي
- توتر الوضع الأمني في الشرق الأوسط : كيف يؤثر على خطة لبنان ل ...
- بعد شهر من الغياب.. العثور على جثة الطفلة مروة يشعل الغضب في ...
- حل مئات الأحزاب الأفريقية.. خطوة نحو التنظيم أم عودة لحقبة ا ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالجليل الكناني - سرّاق محترمون