أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - هل الالحاد دين؟















المزيد.....

هل الالحاد دين؟


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 6226 - 2019 / 5 / 11 - 17:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"أنا هو الرب الهك، لا يكن لك آلهة غيري". هكذا توجه موسى الى بني اسرائيل وهو يعطيهم نص الوصايا العشرة.

بقيت كل المجتمعات وحتى القرن السابع عشر ميلاديا تتبنى نوعا من انواع الديانات او الروحانيات حتى القرن السابع عشر ميلاديا. تميز القرن السابع عشر بحصول النهضة العلمية في اوروبا التي سمحت للانسان بطرح السؤال ومحاولة البحث للاجابة عنه، بما في ذلك الايمان بوجود خالق ما. مع تطور العلوم، حصر بعض الناس ايمانهم بما هو محسوس ومرئي، أي المادة، مستثنين بذلك كل ما يمكن للانسان ان يراه. اجترح العلم المعجزات فحقق أحلام القدماء ورؤاهم بما في ذلك استحداث البساط الطائر واخراج الجني من القمقم. ولأن العلم يرتكز على المادة، قام البعض بتأليهه ليجعلوا منه الاله الجديد في توراتهم الجديدة. آمنوا ان العلم هو اكسير الحياة وهو الذي سوف يقود الانسان الى المدينة الفاضلة. العلم هو الذي سوف يحل مشكلة الفقر ويجمع الناس معا برباط الاخوة والعدالة والمساواة والحرية، محققا بذلك ما عجزت عنه الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر. آمنوا ان العلم يجيب على كل اسئلتنا بما في ذلك الخلود والاخلاق. وفي النهاية آمنوا ان العلم هو الذي يصنع من الانسان انسانا، وان المجتعات تحت لواء العلم سوف تسير الى عصر من التآخي بين الامم والازدهار والحرية.

تطور الالحاد في القرنين العشرين والواحد والعشرين الى ما يعرف بالالحاد الجديد (New Atheism)، قاد مجموعة من المثقفين هذا التيار مثل رتشارد داكينغ ومايك هاريس والراحل كرستوفر هتشنز. تميز خطاب هؤلاء بالكراهية لكل ما هو ديني، أكان جيدا ام رديئا. نعتوا المتدينين بالغباء. بشروا ببروز طبقة جديدة من البشر، احتضنوا كل من سار على خطاهم، واستبعدوا من دائراتهم كل من لم يجاريهم في فكرهم. اسسوا لعنصرية جديدة قامت على انقاض العنصريات القديمة الدينية والاثنية والعقائدية والثقافية، عنصرية لا تستطيع ان تتقبل كل من اختلف عنهم. ومن دون ان يدروا، اسسوا لدين جديد اسموه الالحاد.

لا شك ان سهام الكثير من الملحدين سوف تطلق علي نتيجة وصفي الالحاد بالدين. لكن مهلا، دعونا اولا نرجع للمعجم لنستقصي تحديد معنى الكلمة. يحدد معجم Dictionary.com بنسخته عبر الانترنت الدين بالتالي (في اسفل المقال يمكن قراءة تحديد الدين باللغة الانكليزية كما وردت على موقع المعجم):
1. مجموعة من المعتقدات التي تسلط الضؤ على مسببات الكون، طبيعته، وغايته، خاصة الماورائية والخارقة للطبيعة منها (الخلق بواسطة الاله)
2. مجموعة من العقائد والايمانيات والطقوس التي يتفق عليها مجموعة من الناس
3. مجموعة من البشر يتفقون على ممارسات عقائدية معينة
4. نمط حياة الراهب او الراهبة
5. ممارسة معتقدات وطقوس دينية وعقائدية
6. فكر ما يؤمن به الانسان بحماس فائق . كل ما يتعلق بالضمير والممارسات الاخلاقية
ان كان الدين يرتكزعلى الايمان، فلا شك ان الالحاد يرتكز على الايمان ايضا. وإلا كيف لي ان ارفض وجود شيء بناء على عدم رؤيتي له فقط؟ كيف لي ان اثبت لاي انسان ما ان هذا الكون هو كل ما في الوجود ان كنت اعجز عن التحرر من ربط هذا الكون الى ما هو ابعد من الزمان والمكان والمادة لاستقصي بنفسي ان كان هناك ثمة شيئا آخر؟ الالحاد هو فعل ايمان شأنه شأن الدين. المؤمن ينظر الى الكون فيرى فيه تصميما ذكيا ويستنتج بناء عليه وجود خالق ما صمم الوجود. استنتاج المؤمن بوجود خالق ليس سوى فعل ايمان اذ لا يستطيع ان يخضع الله والزمان والمكان والخلق لتجربة مخبرية يعيدها مرة تلو الاخرى ليستنتج منها ان الله موجود. كذلك هو الالحاد فعل ايمان بكل ما للكلمة من معنى إذ يعجز الملحد عن التحرر من رباط الجسد ليستطلع عالم الروح ويثبت من خلال تجربة علمية يكررها مرة تلو الاخرى ليستنتج منها ان الله غير موجود.

الالحاد هو الصورة السلبية للايمان. ان كان الايمان هو بحسب المفهوم رقم 1 في المعجم "مجموعة من المعتقدات التي تسلط الضؤ على مسببات الكون، طبيعته، وغايته، خاصة الماورائية والخارقة للطبيعة منها (الخلق بواسطة الاله)"، فالالحاد هو بالتالي مجموعة من المعتقدات التي تسلط الضوء على مسببات الكون من خلال حذف فكرة الخالق وتعويضها بمعتقد آخر يمكن حصره بالحظ. إن كان المؤمن لا يستطيع اثبات الخلق مخبريا، فالملحد عاجز ايضا تماما عن اثباته مخبريا. لا بل حتى الاكتشافات العلمية الفلكية الحديثة لا تمد يد العون للملحد. خذ على سبيل المثال نظرية ال Big Bang. المؤمنون بهذه النظرية يقولون ان للكون بداية. قبل هذه البداية لم يكن هناك شيء على الاطلاق. لا مكان لا زمان ولا مادة. وفي طرفة عين، منذ ما يقارب الاربعة مليار عاما، حصل انفجار في جزيئة يطلق عليها العلماء كلمة Singularity ، ومن هذه الجزيئة التي لا نستطيع رؤيتها بالعين المجردة، تفجر الكون متمددا حتى وصل الى ما هو عليه الآن. من اين اتت هذه الجزيئة وكيف حصل الانفجار وما هي الظروف التي ادت اليه؟ كلها اسئلة يقف امامها العلم عاجزا وصامتا. لكن ان كان هذا الانفجار يدل على شيء، فهو ان للكون بداية. ان كان للكون بداية فلا بد ان ثمة كائنا ما خارج الزمان والمكان والمادة (لعدم وجود المكان والزمان والمادة) هو الذي احدث هذا الانفجار. لا شك ان السؤال المنطقي التالي هو "اذا من اوجد هذا الكائن"؟ الجواب هو ان هذا الكائن هو خارج الزمان والمكان والمادة وبالتالي لا يخضع لقوانين المادة بقدر ما صانع السيارة هو خارج هيكل السيارة وحديدها والبلاستيك المكون لها ولا يخضع لقوانين جمعها ايضا. لقد اجاب القديس توما الاكويني في القرن الثاني عشر ميلاديا على هذا السؤال بحجة المسبب الذي لا سبب له ( The uncaused cause). الله بحسب الايمان المسيحي روح لا بداية له ولا نهاية. هو خارج المكان والزمان والمادة. هو يؤثر في الزمان والمكان والمادة ولا يتأثر بها. هل استطيع اثبات هذا الفكر علميا؟ لا، لكنه منطقي يلقي الضوء على اسئلة الانسان مثل لغز الوجود و لماذا هناك هل يا ترى شيء بدل من لا شيء؟ فيما الالحاد لا يستطيع اثبات العكس ولا يقدم اي اجابة على بدايات الكون، باستثناء الحظ او ازلية المادة. لكن العلم كشف لنا ان المادة ليست ازلية اذ لها بداية ونهاية، كما ان الحظ لا يستطيع ان ينتج سوى الفوضى. من ناحية اخرى، ان كنا نؤمن ان الكون ازلي الوجود، فنحن امام معضفلة فلسفية خطيرة، اذ لا شيء يأتي من لا شيء، ولماذا هل يا ترى كان هناك شيء بدل لا شيء على الاطلاق؟ المبدأ الفلسفي واضح ولا يمكن نقضه فكريا، فلسفيا او علميا: "Nothing comes out from nothing".

أنا، بصفتي مؤمنا، لا أدعي انني استطيع اثبات وجود الله مخبريا. ان كان الله موجودا فهو حتما لن يكون مادة علمية استطيع اخضاعها للتجربة العلمية. لكنني استطيع اثبات وجود الله فكريا وفسلفيا ومنطقيا. لكن هل يا ترى أيستطيع الالحاد اقناعي ان الله غير موجود لأنه ببساطة مطلقة غير مرئي؟ ان كان كل ما ليس مرئيا غير موجود، فالجاذبية بالاحرى غير موجودة، اذ لم يرها احد قط!

هل الالحاد دين؟ هو بحسب المعجم دين كونه يتطرق بالايمان الى " مجموعة من المعتقدات التي تسلط الضؤ على مسببات الكون، طبيعته، وغايته، خاصة الماورائية والخارقة للطبيعة منها". الحل الوحيد لعدم اعتبار الالحاد دينا هو اثبات فكره مخبريا، وهذا الامر لم يحصل اقله حتى الآن.

• a set of beliefs concerning the cause, nature, and purpose of the universe, especially whenconsidered as the creation of superhuman agency´-or-agencies, usually involving devotional andritual observances, and often containing a moral code governing the conduct of human affairs.
• a specific fundamental set of beliefs and practices generally agreed upon by number of personsor sects:the Christian religion- the Buddhist religion.
• the body of persons adhering to particular set of beliefs and practices:a world council of religions.
• the life´-or-state of a monk, nun, etc.:to enter religion.
• the practice of religious beliefs- ritual observance of faith.
• something one believes in and follows devotedly- a point´-or-matter of ethics´-or-conscience:to make a religion of fighting prejudice.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القيم الاخلاقية، بشرية أم إلهية المصدر؟
- نظام ذكي أم فوضى خلاقة؟
- لغز الوجود
- على خطى يسوع- 18- القيامة
- على خطى يسوع- 17- -يا يهوذا، أبقبلة تسلّم ابن الانسان-؟
- على خطى يسوع- 16- ساعة الحقيقة
- على خطى يسوع- 15- لن تغسل رجلي أبدا
- على خطى يسوع- 14-دعوا الأطفال يأتون إلي ولا تمنعوهم
- على خطى يسوع- 13-الموت والحياة
- من وحي عيد الميلاد
- الخرافة المسيحية والعقل
- على خطى يسوع-12- الأعمى
- على خطى يسوع-11- من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر أولا
- شبهة وردود 3- المسيح الارهابي
- على خطى يسوع-10- الرغيف
- على خطى يسوع-9- أسكت أيها البحر، إهدئي أيتها ا لريح
- سارق الحساء
- شحاذ سجائر
- على خطى يسوع-8- إنه سبت آخر
- على خطى يسوع-7- هل يصير الحجر خبزا؟


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - هل الالحاد دين؟