أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - على خطى يسوع- 14-دعوا الأطفال يأتون إلي ولا تمنعوهم














المزيد.....

على خطى يسوع- 14-دعوا الأطفال يأتون إلي ولا تمنعوهم


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 5764 - 2018 / 1 / 21 - 01:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


غريب هو يسوع! جلس اليوم يعلّم. اجتمع الناس حوله، منهم العامي ومنهم الفريسي. كانوا رجالا ونساء وأطفالا. كان القاضي يستمع إلى يسوع شأنه شان المدان. ضرب لهم مثلا، مثل القاضي القاسي الذي كان لا يهاب الله ولا الانسان: كانت ارملة تأتيه طالبة منه انصافها من خصمها وكان يتجاهلها. لكن ولأنها كانت تصر على طلبها قال في نفسه "وإن كنت لا أخاف الله ولا أهاب إنسانا، فإني لأجل أن هذه المرأة تزعجني، أنصفها لئلا تأتي دائما وتقمعني". كان يريد يسوع أن يعلم التلاميذ "إن كان قاضي الظلم ينصف امرأة بسبب إصرارها، أفلا ينصف الله مختاريه الصارخين اليه نهارا وليلا؟"

عاد يسوع وضرب لهم مثلا آخر. فريسي متعجرف متكبر. يرى في ذاته ظل الله على الارض. هو صانع القوانين. له ينحني الناس. يميلون جانبا احتراما له كيما يمر في الشارع. هو الاول على الموائد. هو رأس السلطة المدنية والدينية. ذهب هذا الفريسي الى الهيكل للصلاة. كان هناك عشار يصلي. العشار وقف من بعيد. كان يشعر بثقل ذنوبه. كان منسحق الروح والنفس. كان يشعر انه لا يستحق الاقتراب من الهيكل وكان يردد "اللهم ارحمني انا الخاطئ". أما صلاة الفريسي فكانت "أشكرك، أللهم، أني لست مثل هذا الخاطئ، الزاني والعشار". أذهل يسوع الجموع بقصته عندما أخبرهم ان العشار ذهب الى بيته مبررا دون الفريسي . نظر الفريسيون الى بعضهم. كان لا بد من القضاء على هذا الرجل، يسوع، الذي أتى ليقوض مملكتهم. نظر الجموع الى بعضهم: أولئك الذين كانوا في نظر المجتمع مرذولين، زناة وعشارين أدركوا ان لهم قيمة في نظرالسماء تعلو عن قيمة رجل الدين.

كان يسوع بأمثاله وقصصه يقلب المقاييس، فأولئك الذين هم في الأعلى صاروا في الأسفل، والذين هم في المرتبة الدنيا أصبحوا في نظر يسوع على قمة الهرم. أحدثت تعاليمه هزة في النفوس والضمائر. فأمور الله لا تسير بالضرورة حسب ترتيب البشر. اغتنم الآباء والأمهات الفرصة ليقدموا أطفالهم ليسوع كيما يلمسهم ويباركهم. اغتاظ التلاميذ. فالمجلس مجلس الكبار ويسوع يخاطب الكبار، يتكلم بأمور الله، يعيد ترتيب الامور، يبني مجتمعا جديدا، يتكلم عن الملكوت العتيد، فكيف لبعض العامة أن يستهينوا برسالته وأن يقدموا الصغار على الكبار؟ كيف لأحد أن يقدم القشور على اللب؟ ضغط الآباء والأمهات كيما يصلوا بأطفالهم الى يسوع وقاوم التلاميذ. كان الضغط عليهم كبيرا. نظروا الى يسوع. كلمة منه كانت كافية كيما ترد هؤلاء المتطفلين الى الوراء. لكنهم ذهلوا عندما دعا يسوع الاطفال وقال لهم "دعوا الاولاد يأتون إلي ولا تمنعوعهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات. من لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله".
تسمر التلاميذ في أماكنهم فيما تدافع الأطفال الى يسوع. كان التلاميذ يرون في أنفسهم حراس الملكوت بل أركانه وها هو يسوع يقلب المقاييس مجددا: فالعشار الخاطئ والزاني والسارق يسبق الفريسي الذي يصلي ويصوم مرتين في الاسبوع ويعشر ممتلكاته. والارملة الضعيفة المهمشة تستجيب لها عدالة السماء، وها هم الأطفال الآن يتقدمون عليهم في الترتيب في الملكوت.

كانت رسالة يسوع واضحة. السماء ليست للأغنياء لأن المال جل ما يستطيع شراءه هو بعض الارض، ولا هي لأصحاب المقام الذين ينحني الناس أمامهم إجلالا، ولا هي للفريسي الذي يظن انه يستطيع ان يحصل عليها بقداسة مزيفة. إنما السماء للأرملة التي تصرخ الى الله، السماء للعشار الذي حطمته الخطيئة والسرقة والغش فحط نفسه الى الارض ورفع عينيه الى السماء تائبا. السماء للأطفال الذين وضعهم المجتمع في المرتبة الثانية وربما الثالثة، إلا أنهم يسبقون رجال الرجال والنساء الى السماء، لأنهم أبرياء لا يخططون للخطيئة أو ينفذوها بوعي وإدراك.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على خطى يسوع- 13-الموت والحياة
- من وحي عيد الميلاد
- الخرافة المسيحية والعقل
- على خطى يسوع-12- الأعمى
- على خطى يسوع-11- من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر أولا
- شبهة وردود 3- المسيح الارهابي
- على خطى يسوع-10- الرغيف
- على خطى يسوع-9- أسكت أيها البحر، إهدئي أيتها ا لريح
- سارق الحساء
- شحاذ سجائر
- على خطى يسوع-8- إنه سبت آخر
- على خطى يسوع-7- هل يصير الحجر خبزا؟
- على خطى يسوع-6- نؤمن أن لا إله إلا السبت
- عذرا أيها الحب
- على خطى يسوع-5- الابرص
- على خطى يسوع-4- أبانا الذي في السماوات
- في التربية والتعليم-1- مقدمة
- على خطى يسوع-3- من هو يسوع؟
- وكما كان في الميلاد الأول كذلك يكون في الميلاد الثاني
- على خطى يسوع 2- موعظة على الجبل


المزيد.....




- وزراء خارجية 20 دولة عربية وإسلامية يدينون الهجمات الإسرائيل ...
- هكذا يتدرج الاحتلال في السيطرة على المسجد الإبراهيمي بالخليل ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة نايل سات وعرب سات 2025 .. ث ...
- نتنياهو: لا أستبعد اغتيال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي ...
- الخليل.. إسرائيل تخنق البلدة القديمة وتغلق المسجد الإبراهيمي ...
- الاحتلال يهدم غرفة زراعية ويواصل إغلاق مداخل سلفيت ومستعمروه ...
- المفتي قبلان: عدم التضامن مع إيران يعني خسارة العرب والدول ا ...
- بعد سنوات من الصمت.. “الجمل” يعيد الروح الرياضية للمؤسسة الع ...
- العراق يدعم اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية في إسطنبول ب ...
- ريشون ليتسيون أول مستوطنة لليهود في فلسطين


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - على خطى يسوع- 14-دعوا الأطفال يأتون إلي ولا تمنعوهم