|
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 51)
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 6171 - 2019 / 3 / 13 - 15:51
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
زندقة المانيين يعلن المقدسي في اواسط القرن الرابع الهجري، كانت كلمتا الزنديق و الباطنية في البداية مرادفتان. و يقول ان ماني مصدر الزندقة و سُمي باسماء عدة، و لكن في عصره كانوا يُقال لهم علم الباطنية و التبطن ( 27) و كذلك الاسفراييني يؤمن بان مؤسس الدين الباطني من احفاد المجوس، وهؤلاء كانوا يميلون الى الاديان القديمة ( و لكن لم يتمكنوا من الاعلان عن انفسمهم خوفا من سيف المسلمين) ( 28). و لنفس السبب فان المعتزلة في الثقافة و التاريخ الاسلامي هم اول اتجاه اسلامي اعلن حربه ضد التيار الغنوصي الذي كان جوهر الفكر المانوي و الاديان الايرانية القديمة و الاسماعيلية الشيعية و التي بانتقاداتهم مارسوا ضغطا كبيرا على المسلمين و السلطة السنية في ذلك العصر. و عليه ان احد الباحثين في الفلسفة الاسلامية يعتقد ان اهل الكلام واجهوا الغنوصية بداية،( و حتى يمكن ان يُعتبر ان السبب الرئيسي لظهور اهل الكلام هو مقاومة الغنوصية) (29) و من هذا الجانب، يُعتبر واصل بن عطا اول الاشخاص الذي كتب كتابا للرد عن المانويين بعنوان( الرد على الزنادقة)، و انما هذيل بن علاف فكتب العشرات من الكتب للرد عن المناوئين للمباديء الاسلامية و اتلفت تلك النتاجات ( 30). كان فعلهم هذا في اساسه دفاعا عن الانتقاد لتلك الآيات بالاستناد على العقل، لذا كانت محاولاتهم في اساسها فعل من ( العبادة و التعبد) (31). الى ان الجاحظ يعتبر محاولات اهل الكلام و بالاخص المعتزلة سببا للحفاظ على الاسلام، كما شاهدنا يقول ( ان لم يكن الكلام فلم يكن دين الله، لم ينفصل الملحدون و لم تفترق الحقيقة عن اللاحقيقة ) (32). و بدون شك فان مقصده من الملحدين هم المانيين بالدرجة الاولى، لانهم كانوا اكبر جماعة مناوئة للمباديء الاسلامية في داخل المجتمع الاسلامي بذاته. انتشر الجزء الكبير من الانتقادات سريا و بشكل مخفي، هذا الفعل و ان كان في البداية طوعيا و جزءا من ارادة المقاومة للمبدا الديني غير متجانس مع مقولات النص الديني و الدفاع الاسلامي العاطفي امام الاخطار الفكرية الداخلية، و منذ عصر المامون اصبح مشروعا مشتركا للسلطة العباسية و المعتزلة. و حتى قبل مجيء المامون الى السلطة، اعتبر كل فعل لتفسير صفات الله في النص المقدس عقلانيا و هو عمل لاديني و خارق للدين بذاته عند سلطة الخلافة، و لكن بمجيء المامون و تقوية انتقادات مناوئي المباديء الاسلامية و ظهور الشك في فهم جزء من تلك النصوص التي تتحدث عن الله في القرآن، فانعكست هذه المعادلة. حول تقوية الحركة البااطنية الاسلامية في عصر المامون، و الذي كانوا متاثرين بالغنوصية الايرانية، قال الاسفراييني( ظهرت الباطنية في عصر المامون وتطور في عصر المعتصم و الذي نتج منه بابك الخرمي (33). و لنفس السبب، ان المهدي ثالث خليفة عباسية و نتيجة نمو الاتجاه الديني و المذهبي غير المتجانس مع الخطاب السني الرسمي للدولة، اسس وزارة خاصة للسجن و القتل و حرق المؤلفات الفكرية و منعها، الذي اسماها بديوان الزنادقة. و كثيرا ما اشرف بنفسه على عملية الهلاك و القتل الجماعي لاولائك المزعوم بانهم المرتدين عن الاسلام، و الذي عند البدوي هو بداية الوقوف ضد الزندقة في عصر المهدي و كان المقصود بهم هو المانويين( 34). كلمة الزنديق بذاتها هي كلمة فارسية ماخوذة من كلمة ( زنديك)، بمعنى الذين اتبعوا ( زند) و ليس الآفيستا بذاته، الزند هو التفسير و التحليل القديم للآفيستا بذاته، و عليه فقيل لكل من خرج من الدين الزردشتي و انتمى الى الدين الماني ب( زندك) و بعد ذلك و وفق اللفظ و النطق العربي اصبحت (الزنديق) (35). و بسبب ذلك العامل اللغوي، في البداية ( كان المقصود في كلمة الزندقة في عصر المهدي هم المانويين)(36). و لكن تغيرت دلالاته و اصبحت ما يقصد بها التابعين لجميع الاديان الفارسية، وفي المرحلة الاخيرة كان المقصود من الزندقة هو اولاءك الذين كانوا لا يؤمنون بالدين الاسلامي و لم يكونوا تابعين لدين الدولة (37). بداية قيل للتابعين للماني الملحدين، و بعد ذلك توسعت حدود تلك الاسماء الى ان اصبح كل من كان مخالفا لمباديء اهل السنة قيل له الزنديق (38).
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (50)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (49)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (48)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (47)
-
افول الفلسفة الاسلامية بعد تجليها (47)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (46)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (45)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (44)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 43)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 42)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (41)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (40)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (39)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (38)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 37)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (36)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 35)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 34)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (33)
-
افول الفلسفة قبل تجليها ( 32)
المزيد.....
-
قضية التآمر على أمن الدولة في تونس: -اجتثاث للمعارضة- أم -تط
...
-
حمزة يوسف يستقيل من رئاسة وزراء اسكتلندا
-
ما هو -الدارك ويب- السبب وراء جريمة طفل شبرا؟
-
- هجوم ناري واستهداف مبان للجنود-..-حزب الله- ينشر ملخص عملي
...
-
الحوثي يعلن استهداف سفينتين ومدمرتين أميركيتين بالبحر الأحمر
...
-
أكاديمي يدعو واشنطن لتعلم قيم جديدة من طلاب جامعاتها
-
وزير خارجية نيوزيلندا: لا سلام في فلسطين دون إنهاء الاحتلال
...
-
جماعة الحوثي تعلن استهداف مدمرتين أميركيتين وسفينتين
-
لماذا اختلف الاحتفال بشهر التراث العربي الأميركي هذا العام؟
...
-
إسرائيل قلقة من قرارات محتملة للجنائية الدولية.. والبيت الأب
...
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|