أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أماني فؤاد - المقولات المطلقة سلطة زائفة














المزيد.....

المقولات المطلقة سلطة زائفة


أماني فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 6138 - 2019 / 2 / 7 - 09:53
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كثيرا ما تنحو المقولات المطلقة إلي الأحكام التي تبدو قطعية، وهي في الحقيقة تتضمن قدرا من المبالغات التي يتصور من يطلقونها أنها علي هذا النحو ستخطف الأسماع والعقول، ثم تستقر وتنتشر دون تفنيد وغربلة لركون الأغلبية للاستسهال دون تروً.
فيتردد علي سبيل المثال سؤال حول سر ولع العرب والعالم بآداب أمريكا اللاتينية ؟ أو انزياح مركزية الأدب الغربي لصالح آداب ثقافات أخري، ويستندون علي توزُّع جوائز نوبل للآداب في العقود الأخيرة علي: "ماركيز" من كولومبيا عام1984، "نجيب محفوظ" المصري العربي 1988، "نادين جورديمر" من جنوب إفريقيا، والنيجيري "وول سينكا"، والتركي "أورهان باموق"، والصيني "مو يان" 2012.
الواقع الثقافي العالمي لا يؤكد هذه المقولات علي إطلاقها، كما أنه لا ينفيها. فلم تزل أعلي نسب بيع للروايات في دور النشر الكبرى في الغرب للروايات العالمية الأوربية والأمريكية التي كتبت في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، كما لم تزل الرواية الكلاسيكية والواقعية تحتل مكانا أثيرا لدي القراء. وهو ما يمكن تفسيره بأن القراء والنقاد يشلّون الواقع الفني الحديث في الكتابة الجديدة أحيانا ويمسخونه لصالح نموذج استقر وأراح ذكرياتهم وتصوراتهم عن العالم، فإذا لم تتضمن الرواية المكونات التي تبدو لهم ضرورية ومعتادة فإنهم يعتبرونها نصا تجريبيا ومخبريا، طالما أنها لا تعكس الواقع المرئي للجميع الذي ابتذل من طول ثباته.
لكن جميع المذاهب الأدبية الراسخة، والتيارات الحديثة تُطل برؤاها وتقنياتها في الرواية المعاصرة، وتتعايش جنبا إلي جنب وتجد قراءها وجمهورها في متجاورات ترعى التعدد.
قد ترجع مقولة انزياح مركزية الأدب الغربي إلي ظاهرة اختفاء الكاتب الكبير والأشهر من الواقع الثقافي الغربي، فلم يعد هناك كُتاب بحجم "هوجو" أو" ديكنز" أو "هيمنجواي"، روائيون يمكنهم الاستحواذ علي جوائز نوبل للغرب، أوصعوبة المقارنة بهم.
كما تعود أيضا لضخامة وانتشار حركة الترجمة في الغرب للمنتج الروائي للثقافات والحضارات المتنوعة، وأحسب أنها لرغبتهم الملحة: الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في التعرف علي الثقافات التي كانت تبدو لهم مهمشة ولا قيمة لها، والبحث فيها عن خصوصية هذه الثقافات. وقد تكون رغبة في التعرف والدراسة لمزيد من الهيمنة الإمبريالية بصورها المتباينة، وقد تتبدي لدى بعضهم في البحث عن المشترك الإنساني في تجلياته المتنوعة، التي تصل إلي عالمية الإنسان والتأكيد علي وحدة المصير.
أزدهار حركة الترجمة يدفع بالأعمال الجيدة ــ أيا كان منشأ إبداعها ــ إلي صدارة المشهد الروائي.
وفي ظني أن ظاهرة الولع بآداب أمريكا اللاتينية يعود علي شيوع تيار الفانتازيا بأنواعها: الفانتازيا الراديكالية: وهي التي تنطلق من فكرة خيالية تُخلق صوراً وعوالم مغايرة للشائع، ومن خلالها تحلق إلي السماء، فتنشئ سردا يعبر عن الأسئلة الوجودية والفلسفية. وفانتازيا أخرى يمكن تفسيرها حيث تتماس مع الواقع في عملية جدل مع خيال يملك خاصية الإدهاش.
بمعني آخر هناك الفانتازيا المفسرة الخاضعة للمنطق، أو فانتازيا ماذا لو؟ أي افتراض شىء آخر تماما غير الواقع، كأن نتساءل ماذا لو لم تكن هناك رسالات دينية سماوية؟ أو فانتازيا اختراع التاريخ كأعمال بورخس. كما يعتمد أدب أمريكا اللاتينية علي تيار الواقعية السحرية، الذي يدفع بالموروثات الثقافية والاجتماعية في منظومة العلاقات السردية بالنص، فيظهر عالم الأحلام وعالم الجن والملائكة، قراءة الفنجان، عالم المندل، أصحاب الخطوة والعرافين وهكذا..، يعتمد هذا التيار علي بحث وإظهار كل ما هو غرائبي وعجائبي عن الواقع، إنه مزج بين الواقع المادي والميتافيزيقي.
بعد الحرب العالمية الثانية، حين اهتزت الحكايات الكبري والأفكار والأيديولجيات التي بدت راسخة، احتاج الإنسان إلي الارتفاع عن وطأة الواقع وماديته وعنفه، احتاج أن يفسر الحياة علي نحو خيالي، بعيدا لمسافة عن سلطة العقل والطبيعة المستقرة للموجودات، هيأت له الفانتازيا والواقعية السحرية هذه التصدعات في الثابت والمستقر الذي ضاق بهما، فوجد في هذا الخيال المفارق تماما للواقع، أوالمشتبك معه، فرصة لأن يشعر أن هذا الواقع الكريه الذي يحياه بإمكانه أن يتغير، حتي إن بدت فكرة عبثية لكنها تحطم فكرة الثبات والركود، والعيش تحت وطأة واقع ظالم. تقدم الكتابة الجديدة وفي القلب منها الرواية نافذة لرؤية العالم على نحو فني حقيقي وأكثر كشفا.



#أماني_فؤاد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعتياد الهامش يشل القدرة على الفعل
- في متغيرات الشخصية المصرية
- الدماء
- الرواية وواقع مجوف للروائي محمد علاء الدين
- بكائية الصعود إلى السماء والتأريخ المباشر للروائية نادية رشد ...
- الجسد والتعددية في رواية مأوى الروح للروائي عبد السلام العمر ...
- سحر الموروث السردي ( نجيب محفوظ )
- تراكب المستويات الفنية في تقنيات -طيور التاجي-
- Yanni
- جمال الغيطاني عاشق الإبداع
- حوار حول بعض القضايا الثقافية المعاصرة
- إلى السيد رئيس جمهورية مصر العربية
- نصير الشمة الملحن عازف العود الأول وجائزة الرواية الألمانية
- المرأة والوعي السياسي ( 1 )
- المرأة والوعي السياسي (2 )
- الوجود المشوش وانعكاسة علي سردية -كلب بلدي مدرب- للروائي محم ...
- حوار حول الحب قيمة في حياة الإنسان
- ...في جسد واحد -قصة قصيرة-
- الذاتية وتقنية القصة القصيرة في المجموعة القصصية -كل شيء محت ...
- يوسف القعيد ..مثقف الشعب وحكائه


المزيد.....




- مسلسل -Severance- يتصدر قائمة ترشيحات جوائز -إيمي- الـ77
- لبنان.. 12 قتيلاً بغارات إسرائيلية على مواقع لقوات النخبة في ...
- جيل المهارات الجديدة: الذكاء الاصطناعي في حياة الشباب العربي ...
- حكمت الهجري: المرجع الديني الذي تحوّل إلى خصم للشرع
- قص شوارب وتحريض طائفي.. انتهاكات بحق أهالي السويداء رغم الت ...
- كيف تدخّلت الحكومة السورية لمحاصرة أزمة السويداء؟
- من القائل -قل للمليحة في الخمار الأسود-؟ وما قصته؟
- أكثر دلالا وأنانية.. العلم ينفي الخرافات حول الطفل الوحيد
- مقررة أممية للجزيرة: إسرائيل وأميركا تحاولان إبادة الشعب الف ...
- برقيات تقنية.. -آيفون 17? بمعالج غير متوقع و-تيك توك- تقتحم ...


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أماني فؤاد - المقولات المطلقة سلطة زائفة