أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أماني فؤاد - اعتياد الهامش يشل القدرة على الفعل














المزيد.....

اعتياد الهامش يشل القدرة على الفعل


أماني فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 6137 - 2019 / 2 / 6 - 23:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لماذا تتجسد أعلى درجات العشوائية والقبح في المجتمع المصري في الشوارع والأماكن العامة، وإلى أي شيء نُرجع الانتهازية في طريقة استخدام المرافق وعدم الحرص عليها؟ وكيف نفسر رغبة الكثيرين في الهجرة لبلد آخر رغم الصعوبات؟ هل لأن المصري يشعر بعدم انتمائه للوطن الذي يعيش على أرضه؟ وكيف نفسر أزمة الانتماء تلك؟
تتلاشى قدرة الإنسان على الاهتمام بالمحيط الذي يعيش فيه، والحرص عليه وتجميله، وتنمية ذاته وسلوكه وتطوير ذائقته حين يشعر بالتهميش، كأنه تحصيل حاصل، وجوده أو عدمه لا معنى له. يسوقونه طوعًا أو كرهًا في اتجاه محدد من خلال أبواق تمولها منظومة تسعى للهيمنة الكاملة والاحتكار. وحين تتطلع روح الإنسان الحرة للمقاومة، ويعلو وعيه معبرًا عن رأيه، يُواجه بألوان من التضييق قد تصل إلى الإبعاد عن المشهد العام. هذه الممارسات تضرب الحريات في مقتل، وتجعل الأغلبية تنصرف عن المشهد كلية، وبمرور الوقت يتحول الفرد إلى كاره للحياة ومنسحب منها، يهمل بيئته التي يعيش فيها ومظهره وإقباله على الحياة ومافيها، تُظلم منطقة ما بداخلنا وتُصبح كبقعة فراغ تنتشر وتتمدد حين تُقيد الحريات، ومع استمرار التضييق على البشر تزداد هذه المناطق المظلمة اتساعًا فنفقد المبالاة بالحياة إلا في المستوى الأول منها، مجرد العيش، كما يتجه بعض الأفراد بسهولة إلى ألوان مختلفة من العنف والرغبة في تكفير الدولة ومواطنيها. وأحسب أنه بقدر الحريات السياسية الممنوحة للأفراد، ونضج الحياة الحزبية، وتداول الأفكار بالمجتمع، وتعدد الرؤى والقوى المدنية تنتعش طاقات الإنسان، ويزداد تفاعله الإيجابي مع كل مناحي الحياة من حوله. إن الانغلاق والقبح والغبار الذي يعلو وجه الحياة أحد تجليات الحكم المطلق (ثقافة الحكم المطلق التي تهيمن على كل مؤسسات المجتمع بداية من الأسرة حتى مافوقها من مؤسسات)، فمجتمعاتنا لم تعتد المشاركة الإيجابية، وثقافة العمل في فريق لإنجاز هدف مشترك حتى وإن تمثل في تجميل وتطوير المحيط المكاني الذي تعيش فيه مجموعة إنسانية.
لا يعرف المنسحقون إلا الخوف، لذا يسود التوجس والكراهية والانسحاب فهم الأبناء الشرعيون للتهميش، فلقد عانت مصر كثيرًا من نتائج الحكم المطلق على مرِّ تاريخها، حيث احتكاره لإدارة شئون المجتمعات، وحرمان القوى الأخرى من المشاركة في الإدارة، وحرمان الأفراد من التفاعل الحقيقي مع قضايا المجتمع، فالفرد هو وقود الابتكار والإبداع في المجالات كافة، كما أن تعطيل التعدد في جوهره تعطيل للتحديث، ولذا يتحرك شخوص المشهد العام كلٌّ في أماكنه دون فعل حقيقي؛ فالجميع كأنهم يفعلون وهم لا يضيفون منتجا حقيقيا يدفع بالحياة. وتكوّن أية سلطة حولها بطانة من المنتفعين ممن يغيبون عقولهم و يستفيدون ماديًّا بشكل مباشر، ومن ثم تُدهس المصلحة العامة لصالح فئة بعينها، كما توظف وسائل الميديا المختلفة لتسويغ وجودهم ومن ثم تنطلي مقولاتهم المسكنة والخادعة على الأغلبية. فعلى سبيل المثال ليس هناك ما يسمى بالمستبد العادل؛ حيث تُمثل هذه المقولة أحد أشكال تزييف الحقائق على الشعوب وتمرير الظلم، فهي مقولة متناقضة في جوهرها العميق ولا تحقق الديمقراطية التي تحلم بها الشعوب.
أحسب أيضا أن تغيير منظومة القيم الأخلاقية واهتزازها بعد السياسات الاقتصادية الرأسمالية منذ سبعينيات القرن العشرين وماسُمي بالانفتاح الاقتصادي كانت ذات تأثير قوي على وأد مجموعة من القيم، حيث أضفت الأهمية على ما يملك الإنسان ماديا وليس مايتحلى به من قيم، وأوجدت ظواهر مثل: الفهلوة ونسج المؤمرات والفساد، والرغبة في الاستحواذ، فحين تنزوي قيم دعم الحياة مثل: العدل والحق والحب والمساواة يستفحل القبح، ويعلو غبار الفساد والزيف والادعاء فيغطي الموجودات كافة.
إن انهيار المنظومة الأخلاقية والسلوكية يبدأ من انهيار منظومة العدل وغياب القانون أو عدم تطبيقه، شعور الفرد أن هناك مرجعية وحيدة يحاسب وفقها الجميع مهما كانت الطبقة أو الوظيفة أو المنصب، قانون يلتزم أمامه الجميع ويصبحون سواء يضبط السلوك البشري وينظمه.
لو أن المواطن شعر بهذه القيمة تتحقق لأعاد ترتيب عقله وأفكاره، وفارقته تلك العشوائيات وسلوك الفهلوة والعنف والتحرش.



#أماني_فؤاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في متغيرات الشخصية المصرية
- الدماء
- الرواية وواقع مجوف للروائي محمد علاء الدين
- بكائية الصعود إلى السماء والتأريخ المباشر للروائية نادية رشد ...
- الجسد والتعددية في رواية مأوى الروح للروائي عبد السلام العمر ...
- سحر الموروث السردي ( نجيب محفوظ )
- تراكب المستويات الفنية في تقنيات -طيور التاجي-
- Yanni
- جمال الغيطاني عاشق الإبداع
- حوار حول بعض القضايا الثقافية المعاصرة
- إلى السيد رئيس جمهورية مصر العربية
- نصير الشمة الملحن عازف العود الأول وجائزة الرواية الألمانية
- المرأة والوعي السياسي ( 1 )
- المرأة والوعي السياسي (2 )
- الوجود المشوش وانعكاسة علي سردية -كلب بلدي مدرب- للروائي محم ...
- حوار حول الحب قيمة في حياة الإنسان
- ...في جسد واحد -قصة قصيرة-
- الذاتية وتقنية القصة القصيرة في المجموعة القصصية -كل شيء محت ...
- يوسف القعيد ..مثقف الشعب وحكائه
- ماركيز.. لتنبعث طاقتك في عوالم أخرى


المزيد.....




- في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
- شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا ...
- السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا ...
- -لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق ...
- 4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي ...
- حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر ...
- منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
- الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند ...
- صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم ...
- برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أماني فؤاد - اعتياد الهامش يشل القدرة على الفعل