أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مراد سليمان علو - غوته الأيزيدي















المزيد.....

غوته الأيزيدي


مراد سليمان علو
شاعر وكاتب

(Murad Hakrash)


الحوار المتمدن-العدد: 6134 - 2019 / 2 / 3 - 14:29
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


1
سأعود إلى بابل هذه المرّة، وسيرافقني في هجرتي العكسية غوته الأيزيدي لينظم قصيدة عن الحريق الكبير ويؤرخ أوّل فرمان اجتاح حقولنا بلغة أكدية فصحى تشبه الحلا في التين الشنكالي.
وسأهاجر ثانية ذات يوم ولن أجد من ينتظرني في كراج نقليات سنجار، فلقد تعودت كلما أجيء من العسكرية في أجازتي الدورية حضور فيلسوف مجنون حافي القدمين يشبه ديوجين يوزع الحامض حلو على أخواله الأيزيديين.
الإجازات الدورية هي شبابيكنا البابلية السداسية الأضلع المفتوحة على جنائن الذاكرة.
هذه المرة لن ألتقي بجاري كي لا يطالبني بحقة من سجائر سومر الكاع كاع؛ جاري هذا وضع بدشداشته البيضاء وشواربه المنجلية ويشماغه السومري وعصاه في متحف برلين.
في الحقيقة لا وطن لنا لذا جميع اشياءنا الجميلة معروضة في متاحف العالم: دموع السبايا، وجدائل الناجيات، وقصائدي.
سأعود وفي طريق عودتي سأخبر غوته الأيزيدي ما فعله صديقه نيتشه بعقول فتياننا بعد الفرمان.
"صديقي يخبرني ألا أقلق على البراءة النيتشوية لذا سأصيغ من اضطرابي احجية وسأعلقها جنب صورة خيري الشيخ خدر على بقجة البرات في شقتنا المؤجرة في أوسنابروك.
لم أعد افهم يا أمي، إن خطوت هل سأهاجر أم سأعود؟

2
سأبوح لغوته الأيزيدي اسرار ينابيع شنكال والسكينية العليا التي لا يعرفها، فمن شرب منها نال الخلود واصابت روحه الخمول ونمت على وجهه لحية لازوردية تشبه لحية كلكامش.
نوحا عرج إلينا بسفينته غير آبه بأبنه، كان همه أن يخلد ولكن في عامه الألف ملّ فقدم استقالته وتسلق الجبل يبحث عن ابنه!
والخضر يزورنا كلّ عام، يشرب من العين سرا ولا يخبر أحدا بذلك فتخاصم موسى معه وألقى بعصاه.
من سيرعى الأبل يا موسى؟
وآخر رسول شرب من ينابيع ماء الحياة الشنكالية كان خيري الشيخ خدر.
كنا نقدم ماءنا للعطشى قربانا لشوقنا
لذا نشعل الفتائل ليلة الأربعاء في لالش
ونرسم على جدران بيوتنا الطينية شوارب خيري.

3
متأكد من رفقة غوته كما قدوم أقصر أيام صومنا وكما قدوم المربعانيتين وانقلاب الفصول فيهما
متأكد من مرافقته كما التحاق أول أربعاء من نيسان بنا
لن نتكلم عن أغاني الفلكلور الشنكالي ولا عن رقص مايكل جاكسون
غوته لا يحب الحديث عن غزو المغول على بغداد ولا عن غزو الدولة الإسلامية على سنجار، يهمه بلل الكتب وشوق السبايا
سنبحث معا عن بقايا تنانيرنا السومرية لنكرط في فطورنا آخر الأرغفة المنسية فيها
سنعرج على القرية المهجورة
ما هذه الحجارة البيضاء؟
أنهم أيزيديون وأنبياء وشعراء وشهداء
ومن هو نبي الأيزيدية؟
الأيزيديون هم أنبياء العالم
يعلمونهم لبس الأبيض، وسرّ غناء الحجول، والاعتناء بالشقائق وتأمل الرقم سبعة.
يضحك غوته ويهدي الأيزيديين قصيدته الأخيرة ويقول: اشهد بأنني أيزيدي!

4
ـ لا املك غير القصائد!
ـ وأنا لا اجيد غير القراءة!
ـ أذن دعنا ننام الجمعة والسبت والأحد. ويوم الأربعاء نحتفل: أنا اكتب الشعر وأنت تقرأه ونفتح مدرسة حبّ جديدة في بيادر قرية السكينية وفي مركز مدينة هانوفر!
ـ ولتكن الناجيات مدرسات فيها، وليرسم لنا كلود مونيه على حيطانها الزنابق والشقائق والأبوام والضفادع.
هانوفر جميلة ولكن شنكال هي الدهشة بعينها
شنكال مدهشة كطفلة ترى وجهها في المرآة لأول مرة
مدهشة عندما العيد باقات شقائق يجلبها المسلم والمسيحي فجرا ويلصقانها أعلى باب دار الأيزيدي.
عندما النهار موّال لخدر فقير.
عندما العصاري دبكة قيرانية على أطراف سيباى يرقص معها الجبل وتهلهل القرى!

5
سأطالب رفيق دربي غوته أن نطوي مسافات الليل
ونستقل قطار الشرق السريع ولا نتوقع حدوث جريمة فيها بقلم أجاثا كريستي
سنعود سريعا فقد فاض بنا الشوق
ذات يوم سأنحر العديد من تلك القصائد على قبر صديقي
هناك في لالش يقع قبر صديقي
الملوك والجبابرة ينحنون له
ويشع من القبر ليلا
ضوء وكأنه سراج بابلي في شباك سداسي جميل
وآهة ناي ترك وحيدا في غرفة فتاة عاشقة!

6
رسالة مكتوب فيها قصيدة هجر ومرشوش عليها قطرة عطر ومطبوع عليها قبلة عمر
والقبلة تحتوي على أمل والأمل كلّ يوم ينتحر.
هكذا هي المفردات الشنكالية المباشرة التي تحوز على الجوائز في كلّ المسابقات العالمية
هكذا هي الكلمات التي تسحر الآخرين فيجعلون من شنكال قبلة لصلواتهم تارة وتارة أخرى قبلة لدجلهم وسرقاتهم وبعدها قبلة لأسفهم.
هذا هو سحر الأيزيديين: مدهش وحزين
ولا يهمني كلام نيتشه ما دمت برفقة غوته ولا يهمني نصائح النشطاء المدنيين ولا مدراء المنظمات الإنسانية.
دائما سأكون هنا في المكان الذي مشى عليه جاري المقدس الذي لم يعرف غير الخبز طعاما وغير الماء شرابا والآلاف من سجائر اللف من تتن كرسى.
هذا ظلم ويلوح الظلم أطراف الأراضي الزراعية للفلاح الأيزيدي الذي لا يملك سند ملكية لأرضه.
هذا ظلم ينخر أطراف العامل الأيزيدي الذي لا يملك عملا.
هذا ظلم ينخر كوخ غوته منذ أيزيديته فقد سحب منه سند ملكية الكوخ ويقسم المسكين بأنك لو فتشت زوايا قبره الأربعة فلن تعثر على سند أو قصيدة حبّ.
للعدالة شهوة ألف بوم تواق لممارسة فعل الجنس في ليل ثلجي.
للقانون صدى ألف ضفدع راغب في الجنس ينقنق فجرا.
القانون والعدالة مهمان ولهذا طلبنا من مونيه أن يرسمهما على أكواخنا.
الرحمة لشهدائنا الذين يرعون الفئران في حقول معابد بور سيبا
أما محافظ دهوك الذي يطالب بطنبورة خلف قاسكى فسأترك أمره لصديقي غوته الأيزيدي.
أنا أيضا سأشعل فتيلتي فقد غابت الشمس وبانتظار أن تدعوني أمي للعشاء.

7
إن وافق غوته سأرافقه في رحلته هذه المرة، وسنذهب إلى الديار
الأمر أسهل مما تظن فبوابة حبيبتنا وآلهتنا عشتار تقع في برلين وهي قاب عمرين أو ابعد.
سندخل البوابة فجر الأربعاء وسنجد أنفسنا في بيادر بابل نرتب ونفرز سنابل الشعير
ولكن قبل كلّ شيء علينا أن نشاهد فلما بوليوديا مليئا بالبهجة والألوان والرقص والأغاني وعلينا أن نزور الأهرامات لنأخذ بركة القيصر محي إسماعيل ونعلق ضحكة السندريلا سعاد حسني تميمة لإبعاد المومياوات.
قبل كلّ شيء علينا أن نسأل النيل لماذا يجري من الجنوب إلى الشمال عكس جميع أنهار العالم؟
يناديني غوته من قبره: ما أروع الأحلام وبخاصة عندما تكون فيروزية اللون وتشبه بوابة مدينة منسية تدعونا للدخول إليها فجرا.



#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)       Murad_Hakrash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل حبّ
- لحن بابلي لخسارتنا
- دروس مجانية في الحبّ
- شقندحيات
- وجها لوجه مع داعش/9
- تهويدة أمي
- وجها لوجه مع داعش/8
- شنكال تحت المطر
- من شنكال إلى أوسنابروك
- بتلات الورد/لماذا الأعياد
- وجها لوجه مع داعش/7
- بتلات الورد/ من الذي دعا العيد؟
- بتلات الورد/إيجاز الشاعر
- بتلات الورد/ الحلم الواسع
- رفرفة نادية
- وجها لوجه مع داعش/6
- أغاني حلا
- أغنية بابلية لنادية وخدر فقير
- القرية
- حبّ وعصيان


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مراد سليمان علو - غوته الأيزيدي