أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جورج حداد - على نفسها تجني براقش الاميركية















المزيد.....

على نفسها تجني براقش الاميركية


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 6123 - 2019 / 1 / 23 - 15:01
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


إعداد: جورج حداد*


في نهاية عهد باراك اوباما نشبت في اميركا حملة احتجاجات شعبية واسعة النطاق ضد الضائقة الاقتصادية وتدني مستوى المعيشة. ورفعت الحملة شعار "احتلوا وول ستريت"، اشارة الى شارع البنوك والبورصات في نيويورك، التي رأى المحتجون انها السبب الرئيسي في الازمة القائمة.
وفي نهاية 2016 حينما انتخب دونالد ترامب رئيسا سارت ضده المظاهرات في كافة ارجاء اميركا معتبرينه رئيسا سيئا وسيزيد الازمة سوءا. ومثل هذه المظاهرات تحدث لاول مرة في اميركا.
ولكن البيزنسمان دونالد ترامب لجأ الى تاكتيك معروف هو الهروب الى الامام والعمل لتصدير الازمة الداخلية الاميركية الى الخارج. الا انه فاجأ الجميع في تهوره وفظاظته ووقاحته. ورفع ترامب شعار "اميركا اولا"، واعلن العقوبات الاقتصادية والحرب التجارية والجمركية ضد روسيا والصين وايران وكوريا الشمالية، ولكن هذه الحرب شملت باضرارها الاقتصاد العالمي برمته، بما في ذلك الدول الصديقة تقليديا لاميركا ككندا والمكسيك والاتحاد الاوروبي. وفي الامس القريب فقط اعلن ترامب انه سيدمر الاقتصاد التركي، مع ان تركيا هي عضو قديم في حلف الناتو وكانت تتبع كالظل السياسة الاميركية.
واذا كان من المشكوك فيه ان تستطيع السياسة الترامبية انقاذ اميركا من ازمتها الداخلية، فإنه من الثابت ان هذه السياسة انعكست سلبا على الاقتصاد العالمي بمجمله.
وقد اصدر البنك الدولي تقريرا جديدا عن توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي في سنة 2019. وجاء في التقرير ان النمو الاقتصادي العالمي لن يتجاوز 2.9% سنة 2019. وكانت التوقعات السابقة ترى انه سيبلغ على الاقل 3% كما كتبت Financial Times. ويرى التقرير ان التباطؤ سيشمل ايضا الاقتصادين الاكبر في العالم وهما الاميركي والصيني. ويعزو البنك الدولي الاسباب الرئيسية للتباطؤ الى الاضطراب في التجارة العالمية والتوتر في العلاقات التجارية العالمية. ويلاحظ التقرير وجود "عوامل متنامية لتباطؤ النمو الاقتصادي". و"ان التجارة العالمية والفعالية الانتاجية فقدتا ثباتهما، والتوتر في العلاقات التجارية يبقى مرتفعا، وبعض الاسواق المتنامية لديها مشاكل جدية، ولا سيما في البورصات المالية".
ويتوقع التقرير ان ينخفض النمو الاقتصادي الاميركي من 2.9% كما كان متوقعا الى 2.5% سنة 2019، وهي السنة الاخيرة قبل الانتخابات الرئاسية سنة 2020. اما النمو الاقتصادي الصيني فسينخفض الى 6.2% في حين كان المتوقع ان يكون النمو 6.5%.
ومع استنفاد تأثير الاصلاح الضرائبي للرئيس ترامب سنة 2021 فإن معدل النمو الاقتصادي الاميركي سينخفض بشكل حاد الى نسبة 1.6% اي تقريبا نصف ما هو متوقع للسنة الحالية. اما نسبة النمو الاقتصادي الصيني فستبلغ حينذاك فقط 6%. وهي على كل حال نسبة جيدة، بالمقارنة مع النسبة الاميركية، الا انها اقل بكثير من نسبة الـ10% التي حافظت عليها الصين بالمتوسط في الحقبة من 1980ـ2010.
وهذا يعني انه، بالرغم من الاضرار الفادحة التي لحقت بها جراء الحرب التجارية الاميركية ضدها، فإن نسبة النمو الاقتصادي المنخفضة للصين ستبقى تزيد 3-4 اضعاف عن نسبة النمو الاقتصادي لاميركا. والنتيجة المنطقية لذلك انه، واذا لم تحدث عوامل طارئة سلبية او ايجابية، فإن الصين تتقدم بثبات لتحتل في العقدين او الثلاثة العقود القادمة المرتبة الاولى في العالم من حيث الحجم الاقتصادي العام لدولة واحدة وتخلي المركز الثاني الذي تشغله الان لاميركا. وحينذاك سيصبح "الدلع" والعنجهية والتهور الاقتصادي الاميركي ترفا مستحيلا.
ومن جهة ثانية تشير التوقعات الاحصائية ان نمو الناتج المحلي القائم في منطقة اليورو بأوروبا لن يزيد عن 1.6% سنة 2019، وهي نسبة اقل بـ0،3% من سنة 2018، اي ان الانكماش الاقتصادي العالمي يشمل اوروبا ايضا.
كيف يمكن لهذا الوضع الدراماتيكي ان ينتهي؟
نحاول ان نجيب على هذا التساؤل الجوهري:
ـ1ـ منذ عهد باراك اوباما واميركا تحشد قواتها العسكرية في بحر الصين وجنوبي شرق اسيا، تحسبا لمثل هذا اليوم. ولو ان اميركا تملك القوة العسكرية الكافية، فإن "التكملة المنطقية" للحرب التجارية ضد الصين، هي الحرب التدميرية الحامية. ولكن اميركا فقدت الى الابد القدرة على شن مثل هذه الحرب الكبرى. لان الصين دخلت في حلف ستراتيجي عميق مع روسيا، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا. وفي حال شنت اميركا الحرب على الصين، فإن روسيا ستتدخل فورا وستسحق اميركا ذاتها بلمح البصر. وتترك للصين ان "تتسلى" بالقوات الاميركية في جنوبي شرق اسيا.
لا شك ان الجيش الاميركي هو، كميا، اكبر حجما واكثر كثافة تسليحية واوسع انتشارا من الجيش الروسي. ولكن الجيش الروسي هو، نوعيا، اكثر تقدما من الجيش الاميركي ويتفوق عليه بالاسلحة الجديدة الخارقة ويسبقه اكثر من نصف قرن. وفي هذا الجانب فهو اقوى جيش في العالم، واقوى من جميع جيوش العالم منفردة ومجتمعة.
لقد فقدت اميركا القدرة على شن الحروب الكبرى والحرب العالمية الثالثة. وروسيا لا تريد شن مثل هذه الحروب، والقرار يعود لها. وهذا الواقع سيجد انعكاسه على الوضع الجيوستراتيجي الدولي بمجمله في العقود القادمة. ويكفي ان نذكر فقط الصاروخ الروسي العملاق الجديد سارمات، وهو وقوده سائل مكثف، ويطير باضعاف السرصوتية، يتألف من 6 طبقات، ويبلغ وزنه 200 طن ووزن رأسه الحربي 10 اطنان. ولا تفعل معه شيئا جميع انظمة الدفاع الجوي الاميركية.
ـ2ـ عقدت روسيا مع الصين اتفاقات لتزويدها بالنفط والغاز لمدة 40 عاما قابلة للتجديد، بمبالغ تصل الى مئات مليارات الدولارات. وتقول المراجع المختصة ان روسيا قبضت من الصين 300 مليار دولار كدفعة اولى على الحساب، وانها ـ اي روسيا ـ لن توظف هذه المبالغ الطائلة في الاقتصاد الصناعي والزراعي والخدماتي التقليدي، بل ستخصصها كلها للمجمع الصناعي الحربي ولصناعة الاسلحة الجديدة والاسلحة المبتكرة حديثا، لان لديها طلبيات اسلحة من قبل الصين بمئات مليارات الدولارات ايضا. وستقوم الصناعة الحربية بتلبية حاجات الجيش الروسي من الاسلحة المبتكرة حديثا، بالاضافة الى تلبية الطلبيات العسكرية للصين التي تخطط لبناء اكبر واضخم جيش في العالم الذي قد يبلغ تعداده عشرات ملايين الجنود والضباط والاسلحة الخاصة. وفي الوقت نفسه سيجري رفع التبادل التجاري بين روسيا والصين بمئات مليارات الدولارات. وكل هذه المبالغ الخيالية بمئات والاف مليارات الدولارات لن يتم التعامل فيها بالدولار كوسيلة دفع، بل فقط كوحدة حسابية اسمية. وهذا يعني عمليا تقليص شديد في مساحة استخدام الدولار الاميركي في الاقتصاد العالمي.
ـ3ـ واذا درسنا بدقة اوضاع الدول الاوروبية، نجد ان السلوك الفوقي الاميركي الذي لا يأخذ بالاعتبار مصالح الاصدقاء والحلفاء انفسهم (باستثناء اسرائيل!) يدفع الدول الاوروبية للتهرب اكثر من اميركا والتقرب اكثر من روسيا والصين وايران وغيرها من الدول الاسيوية والافريقية، والاعتماد اكثر على اليورو والابتعاد اكثر عن الدولار.
ـ4ـ كل ذلك سيؤدي الى سحب الوجود العسكري والنفوذ السياسي والدبلوماسي لاميركا من الخريطة الجيوستراتيجية العالمية، وطرد الدولار من شرايين الاقتصاد العالمي، وحصره وتكديسه داخل الاقبية العفنة للبنوك الاميركية، وبداية الانعكاسات السلبية للحرب التجارية الاميركية على اميركا بالذات، بحيث يصح فيها القول: "على نفسها جنت براقش".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطوة الى الامام أم خطوتان الى الوراء؟
- اليونان ستتحول الى مرتكز اقتصادي عالمي لروسيا
- البحر الاسود... بحيرة داخلية روسية!
- اوروبا تدخل في دورة للزلازل الاجتماعية
- التنظيم والممارسة الثورية
- روسيا تشدد قبضتها حول اوكرانيا
- ما العمل؟
- اميركا تغامر بأمن البلدان الاوروبية
- من ارسل فرج الله الحلو للموت؟ ومن قتله؟ ولماذا؟
- الاقتصاد العالمي يتراجع بسبب الحرب التجارية
- الحكومة الاوكرانية تغامر باستفزاز روسيا
- صربيا وكوسوفو: النار تحت الرماد
- لنتحدّد قبل ام نتوحّد!
- حول مفهوم الطليعة (الجزء الثاني)
- انحدار الاقتصاد الاوروبي
- برغم المدفوعات الهائلة للحروب اميركا تفقد تفوقها
- العقوبات ضد روسيا تأتي بنتائج عكسية
- الانتخابات النصفية تعمق الانقسامات في اميركا
- تفعيل العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين روسيا وكوبا
- الاقتصاد الاوروبي يتأخر بفعل العقوبات الاميركية ضد روسيا وال ...


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جورج حداد - على نفسها تجني براقش الاميركية