أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [6]. عذوبةُ القهقهات ، قصَّة قصيرة














المزيد.....

[6]. عذوبةُ القهقهات ، قصَّة قصيرة


صبري يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6103 - 2019 / 1 / 3 - 21:42
المحور: الادب والفن
    


6 . عذوبةُ القهقهات

أؤكِّدُ لكِ يا عزيزتي القارئة ويا عزيزي القارئ، أنَّ الضّحكَ والمرحَ والفكاهةَ والكوميديا، كلّ هذه الحالات تطيلُ العمرَ وتشفي الإنسان من الكثير من الأمراض، لهذا ترونني أحلِّقُ في عوالمِ خَلْقِ الفكاهة والنّكتة والمرح والكوميديا، إضافةً إلى جدّيَّتي في الحياة، لكنَّني أميلُ جدّاً إلى عوالمِ الفرحِ والفكاهةِ والحياةِ العفويّة الّتي تخلخلُ قليلاً أو كثيراً من أحزاني الَّتي ترهقُ كاهلَ الجبال!
ماذا قلتُ، أحزاني؟ أيّة أحزان؟ لا تصدّقوا أنَّ للأحزانِ مكانةً في ربوعِ يومي، فقد سبقَ وامتلأتُ حزناً وأسىً إلى درجةٍ أنَّني قرّرتُ أن أطلّقَ الأحزانَ من غير رجعة، وكلّما حاصرَني حزنٌ ما، أستقبلُه بسخريةٍ عميقةٍ وأضحكُ على ضجرِ الكونِ برمَّتِه ثمَّ أنسجُهُ نصّاً شعريَّاً طازجاً، فقد وجدْتُ حلّاً لأحزاني وأحزان الكونِ بأن أستثمرَ هذه المرارات للكتابةِ، وكذلكَ الفرحِ أصيغُ منهُ حالات شعريّة، وأرصدُ لحظات عشقيّة للرسمِ، فأرسمُ لوحات من وحي العشقِ والفرحِ، وهكذا أحاصرُ فرحَ وأحزانَ الحياةِ بطريقةٍ تؤدّي إلى أن أقهقهَ في وجهِ زلازلِ الكون، من أجلِ أنْ أزرعَ بسمةً على وجهِ طفلٍ!
نعم يا أعزّائي، اضحكوا تضحكُ لكم الدُّنيا! هكذا قيل وفي القولِ المعنى الكثير.
أتذكّرُ الآن أنَّني كنتُ منذ عدّةِ سنوات، أتوجّهُ إلى قلبِ استوكهولم في قطارِ الأنفاقِ، أقرأ مقاطعَ شعريّة كانتْ قدْ خرجَتْ منذ أسابيع إلى النّورِ، وإذ بي أجدُني أمامَ صبيّتَين جميلتَين تشبهان الياسمين، تضحكان ضحكاً طازجاً، نظرْتُ إليهما بفرحٍ عميق، ركّزْتُ على ضحكَيْهما اللَّذيذَين! وتبيّنَ لي أنَّهُ كانَ أجمل مقطعٍ شعري قرأتُهُ في حياتي، قارنْتُهُ بالمقاطعِ الشِّعرية الَّتي كنْتُ أقرَؤها فوجدْتُ المفردات الشِّعريّة باهتة وهزيلة أمامَ عذوبةِ خدّيهما المبرعَمَين بإيقاعاتٍ فرحيّة في منتهى الرَّوعةِ والبهاءِ.
أبهجتا قلبي من شدّةِ الفرحِ وعفويّةِ القهقهاتِ الّتي كانتْ تملأ فضاءَ المكانِ، سقطَ الكتابُ من يدي متدحرجاً نحوَ عوالمِ القهقهاتِ، انحنَتْ إحداهنَّ ملتقطةً وهجَ القصائد، فخفتَ إيقاعُ ضحكِها وفيما كانت تقدّمُ إليَّ الكتاب، هجمَتْ عليها نوبةُ ضحكٍ، فسقطَ الكتابُ من يدها فتعالى الضِّحك من جانبِ صديقتِها ثمَّ أمسكَتْ خصرَها الحنونِ هي الأخرى وبدأتْ تضحكُ وإذ بي أجدُني منخرطاً في عوالمِهما، كانتْ قهقهاتي خافتةً لكنَّها كانتْ تلامسُ الظِّلالَ الخفيّة من عذوبةِ الفرحِ، انحنيْتُ لألتقطَ الكتابَ وانحنَتْ هي الأخرى بنفسِ الوقتِ فارتطمَ رأسَها برأسي، وضعَتْ بآليِّةٍ سريعة يدَها مكانَ الارتطامِ، ثمَّ فاهَتٍ بألمٍ، آآي!
ضحكَتْ رغمَ أنّها تلقَّتْ صدمةً مثلَ صدمتي، وضحكْتُ أنا الآخر وكأنّ سنبلةً برّيةً لامَسَتْ فروةَ الرّأسِ، توقَّفَ القطارُ في محطّةٍ فرعيّة، دخلَتْ شابّة تُشبهُ هيبّية وجلسَتْ على المقعدِ الشَّاغر بجانبي، انطلقَ القطارُ فانطلقا في الضّحكِ، ضحكٌ طازجٌ لم أرَ وأسمعْ أبهجَ منهُ في حياتي، شعرْتُ في تلكَ اللَّحظاتِ أنّ خبرتي في اِطلاقِ القهقهاتِ الطَّازجة خفيفة وضعيفة مقارنةً فيما أراهُ وأسمعُهُ من رنينٍ دافئٍ يشفي أمراضَ عقودٍ من الزَّمانِ، بعدَ لحظاتٍ اِنضمَّتِ الهيبّية إلى عوالمِهما لكنَّها كانتْ تضحكُ بحياءٍ كبيرٍ وكانتْ مندهشةً ممّا تراهُ، حوصِرْتُ من كلِّ الجِّهاتِ بطزاجةِ القهقهاتِ، أخرجْتُ كاميرتي بدونِ أيِّ استئذانٍ منهما والتقطْتُ صورةً لهما، قالتا لي، لا لا، لكنِّي لم أخضعْ للاءَاتِهما والتقطتُ لهما لَقْطةً أشبه ما تكونُ قصيدةً منبعثةً من هلالاتِ الشَّفقِ! ..
خَفَتَ الضّحكُ قليلاً لكنّهُ سرعانَ ما تعالى مرّةُ أخرى، ثمَّ استدركْتُ أنَّني لا بدَّ أنْ أنزلَ في المحطّةِ القادمة، وفيما كنْتُ أهيءُ نفسي للنزولِ وجدتُهما مثلَ موجةٍ بحريّة يغوصانِ في نوبةٍ ضحكيّة جديدة وكأنَّهما يقولان لي يا شيخ كيفَ يطاوعُكَ قلبُكَ أنْ تتركَ كلّ هذهِ العذوبةِ وتنزلُ؟ لكنّي كنْتُ مضطرَّاً أنْ أنزلَ، لم أتمكَّنْ أنْ أحصلَ على هاتفيهما أو عنوانيهما كي أرسلَ لهما اللّقطةَ الّتي التقطتُهَا من خاصرةِ الزَّمنِ، وفيما كنتُ على بابِ القطارِ، تذكَّرَتْ الكتابَ فالتقطتْهُ وفيما كانتْ تحاولُ أن تناولني إيّاه، كنتُ خارجَ القطارِ، ومن خلال النَّافذة لوّحْتُ لهما، مشيراً بسبابتي إلى صدري على أنّ الكتابَ هو من نتاجي، وليكُنْ هديّةً لهما، وآملُ أنْ تَقرآ القصائد التّي فيه، إنّه يتضمَّنُ قصائدَ حول طقوس فرحي، لعلّه يضيفُ إلى فرحَيْهما قليلاً من الفرح!

ستوكهولم: 5. 1 . 2006



#صبري_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- [5]. عناق روحي جامح ، قصَّة قصيرة
- [4]. بهاء الطَّبيعة ، قصّة قصيرة
- [3]. جموح التَّجلِّيات ، قصّة قصيرة
- [2]. إيقاعات الفلامنكو ، قصّة قصيرة
- [1]. السَّالسا، ابتهالات بهجة الجَّسد، قصّة قصيرة
- [10]. مفاجآت مدهشة للغاية، قصَّة قصيرة
- [9]. استنفار لإنقاذ قطّة، قصّة قصيرة
- [8]. سلطنةُ الفيس بوك على عرشِ العوائل، قصّة قصيرة
- [7]. احتيال مروّج المخدّرات على البوليس، قصّة قصيرة
- [6]. سطو مريح على صائغ، قصّة قصيرة
- [5]. حرامي يقاضي المسروق، قصّة قصيرة
- [4]. اِندهاش شاعرة سويديّة في حانوتي، قصّة قصيرة
- [3]. عبور في عوالم واهِم، قصّة قصيرة
- [2]. النَّمل، قصَّة قصيرة
- [1]. حفلة موسيقيّة في الهواء الطَّلق، قصّة قصيرة
- [10]. العلّوكة والطَّبّكات، قصّة قصيرة
- [9]. رحيل امرأة من فصيلةِ البحر، قصّة قصيرة
- [8]. يذكِّرني يوسف، ابن كابي القسّ بالخبز المقمّر، قصّة قصير ...
- [7] . الشّروال، قصّة قصيرة
- [6]. خوصة وخلّوصة، قصَّة قصيرة


المزيد.....




- الدنماركي توماس فينتربيرغ رئيسا للجنة تحكيم مهرجان الفيلم في ...
- شموع وصلوات وموسيقى في إسرائيل لإحياء ذكرى 7 أكتوبر
- أقوى إشارة وجودة HD … تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على ال ...
- سليمان الرياعي: التقدم الرقمي أحدث تحولا إستراتيجيا سريعا في ...
- طوفان الشعر.. كيف وثق الشعراء 7 أكتوبر وتفاعلوا معه؟
- انطلاق فعاليات المهرجان السينمائي الدولي الثامن -الجسر الأور ...
- نادي الشعر في اتحاد الأدباء يحتفي بمجموعة من الشعراء
- الفنانة المغربية لالة السعيدي تعرض -المرئي المكشوف- في -دار ...
- -الشوفار-.. كيف يحاول البوق التوراتي إعلان السيادة إسرائيل ع ...
- “المؤسس يواصل الحرب”.. موعد مسلسل قيامة عثمان الموسم السادس ...


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبري يوسف - [6]. عذوبةُ القهقهات ، قصَّة قصيرة