أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - اقتربتُ منها، عشقتُها، عاشرتُها، كان لا يوجدُ في الساحةِ غيرُها، مُغْمَضَةَ العينَينِ، أغمضتُ مثلها!














المزيد.....

اقتربتُ منها، عشقتُها، عاشرتُها، كان لا يوجدُ في الساحةِ غيرُها، مُغْمَضَةَ العينَينِ، أغمضتُ مثلها!


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6093 - 2018 / 12 / 24 - 07:59
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اغلِقْ النافذة، قالت، النورُ يعميني! المضيّفةُ، هي، وبعد عشرين سنة، عرفتُ أن السجّانةَ، هي أيضًا. كان لها حديقةٌ كبيرةٌ، كنتُ أنتظرُ أزهارًا من كل الألوان فيها، فاجأتني حديقتُها، كل تماثيلِها مَطليةٍ بلونٍ أحمرَ داكنٍ يصبغُ عن بُعدٍ كل مَن يقتربُ منه. خزفٌ صينيٌّ، عرائسٌ روسية، وطفيليات عربية غَفَلَ عنها البستانيُّ، اختلفت أشكالها والمصمِّمُ واحدٌ، عبراني مِسْياني (Messianique).
أقمتُ في حديقتِها عِقدَين من زمنِ الشبابِ، لم أغادرْ أسوارَها، طليقٌ بحبلٍ طويلٍ مقيّدُ، شربتُ من مائها، تمرغتُ في ترابها، تظللتُ بأشجارها الحمرِ، أكلتُ من ثمارِها الحمرِ، تعلمتُ من فلاسفتها الحمرِ، تعلّمتُ الطرْقَ بمطرقتِها والقطعَ بمِنجَلِها، الحفرُ الأركيولوجي الإبستمولوجي ممنوعُ داخلَها ممنوعْ، واللونُ الأخضرَ لم أجدِه حتى في طلاء الجدران. في رحابِها لم أكنْ أحِسّ بمرارةٍ ولا حزنٍ ولا غضبٍ، لكن أعراسَها لم تكن أعراسي. سكّانُها لا يتكلمون إلا همسًا وكلما اقتربتُ من مجموعةٍ منهم صمتوا.
غجريةٌ العيون، جميلةٌ أحببتُها، فكرتُ في طلبِ يدِها ثم تراجعتُ وعن قراري عدلتُ. أختي لن تقبلَها. أمي قالت فيها: "لا يعجبك نوار دفلة في الواد عامل ضلايل ... ولا يعجبك زين طفلة حتى تشوف الفعايل". أما أبي فقد تفلسفً ونَطَقَ حِكمةً: "دخيلةٌ ولن تلدَ إلا دخيلاً". قومي لم يرحّبوا بها زوجةً لابنهم. لغتُها غريبةٌ، ونحوِها أغربُ، تنصِبُ الفاعلَ - وهي محِقةٌ - وترفعُ المفعولَ، تنفي - وهي واهمة - وجودَ جنةٍ في السماءِ. وعدتنا بنبيذٍ لكنها خلفت وعدَها وسقتنا مُرًّا عَلقمًا طيلةَ سبعينَ عامًا.
لم أخلَقْ لها، هي وأنا، اثنان لا ينسجمان. قدّمتْ لي مشكورةً كأسَ نبيذٍ أحمرَ، أنا أكرهُ النبيذَ الأحمرَ. بعدَ فراقِها تراءى لي أنني شُفِيتُ من أفيونِها، أفقتُ، فتحتُ عيوني، لكنني وكلما عَسُرَ عليّ التمييزُ بين الحقِّ والباطلِ، أحسستُ بحاجةٍ مُلِحَّةٍ لأرى بِعيونِها.

خاتمة: صَدَقَ الفيلسوفُ سارْتِرْ، عندما قَطَعَ المرحومُ وأصدر حكمَه التالِيَ: "الإيديولوجياتُ حريةٌ عند بدايةِ تَشكُّلِها، جَوْرٌ وظُلمٌ وقَمْعٌ عند نهايةِ تَشكُّلِها".

إمضاء مواطن العالَم، يساري غير ماركسي
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الاثنين 24 ديسمبر 2018.



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا بشّارْ يا حامِينا ... أحْنا الزبدة وِانتَ السكِّينة!
- ما هي أسباب انتفاضة -السترات الصفراء- في فرنسا؟
- الأسمدة الأزوتية المصنعة: اكتشافٌ علميٌّ، بدأ كنزًا مغذٍّيًا ...
- شاركتُ اليومَ في يوم الغضبْ، والغاضبُ غيرُ عاقلٍ ساعةَ الغضب ...
- كتبَ عني صديقٌ وقال -د.محمد كشكار اليساري غير الماركسي-، فعل ...
- حَفْرٌ أركيولوجيٌّ خفيفٌ في نضاليةِ النقابةِ العامةِ للتعليم ...
- عشرةُ إجراءاتٍ، لا تقبلُ التأجيلَ، لا تنتظرُ، لا تتطلبُ إعدا ...
- حَفرٌ أركيولوجِيٌّ في نِضالِيةِ أستاذ ثانوي؟
- صديقٌ نهضاويٌّ، قال لي: أنتَ لستَ يساريًّا!
- تَعاليمٌ دينيةٌ نبيلةٌ، أعجبتني؟
- حضرتُ اليوم صباحًا مظاهرة الأساتذة بشارع بورقيبة بالعاصمة
- انظُرْ إلى أيّ مَدَى وصلَ الاستهتارُ بقِيمِ التضامن والودِّ ...
- جمنة تدقُّ أولَ مِسمارٍ في نعشِ العَلمانيةِ في تونسَ
- سَلعنةُ القِيمِ في الدولِ الغربيةِ: هل سَتقضِي على ما تَبَقّ ...
- فكرةٌ قد تضخُّ الماءَ في رُكَبِ العَلمانيينَ العربِ، لا أستث ...
- حضرتُ أمس أمسيةً ثقافيةً بحمام الشط
- سُكوتْ... أنا سَكْرانْ... والله العظيم أنا -شايَخْ- نَشْوانْ ...
- طالبتُ وما زلتُ أطالبُ بِمجانيةِ التنقلِ في جميعِ وسائلِ الن ...
- هل أنتَ مَعَ أو ضِدَّ حَثِّ الأطفالِ على المطالعة بمقابِلٍ م ...
- سَلْعَنَةُ الأخلاقِ والقِيمِ في المجتمع الأمريكي


المزيد.....




- مصر.. الدولار يعاود الصعود أمام الجنيه وخبراء: بسبب التوترات ...
- من الخليج الى باكستان وأفغانستان.. مشاهد مروعة للدمار الذي أ ...
- هل أغلقت الجزائر -مطعم كنتاكي-؟
- دون معرفة متى وأين وكيف.. رد إسرائيلي مرتقب على الاستهداف ال ...
- إغلاق مطعم الشيف يوسف ابن الرقة بعد -فاحت ريحة البارود-
- -آلاف الأرواح فقدت في قذيفة واحدة-
- هل يمكن أن يؤدي الصراع بين إسرائيل وإيران إلى حرب عالمية ثال ...
- العام العالمي للإبل - مسيرة للجمال قرب برج إيفل تثير جدلا في ...
- واشنطن ولندن تفرضان عقوبات على إيران تطال مصنعي مسيرات
- الفصل السابع والخمسون - د?يد


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - اقتربتُ منها، عشقتُها، عاشرتُها، كان لا يوجدُ في الساحةِ غيرُها، مُغْمَضَةَ العينَينِ، أغمضتُ مثلها!