أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد كشكار - حَفرٌ أركيولوجِيٌّ في نِضالِيةِ أستاذ ثانوي؟














المزيد.....

حَفرٌ أركيولوجِيٌّ في نِضالِيةِ أستاذ ثانوي؟


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6084 - 2018 / 12 / 15 - 18:58
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


زميلُ فيزياء متقاعد، هَرَمٌ من أهراماتِ تدريسِ الساعاتِ الخصوصيةِ في "الڤاراجات"، رافقني في مظاهرة الأساتذة بشارع بورڤيبة بالعاصمة يوم الأربعاء 12 ديسمبر 2018. أنا أمشي جنبَه صامتًا، لكنني وكلما ردّدَ شعارًا إلا وحفرتُ خلفَه بِفأسِي الإبستمولوجيةِ.
- غرَّد مع الجوقةِ، أطربني، رفع صَوْتهَ الجهوري بالغناءِ - والصوت لا يكبُرُ مع السنِّ -، تفوّهَ وقال: "الأستاذ يريدْ... عدالة جبائيَّة". توجّهتُ إلى حضرتِه، نظرتُ في عينَيه، خِفتُ، تردّدتُ، فرّ الدمُ من وجهي إلى عضلاتي تحسّبًا لأي طارئٍ قد يطرأ، تسمّرتُ في مكاني، لملمتُ ما تبقيَ في جعبتي من شجاعة، وما بقيَ فيها إلا القليلُ القليلُ، ثم نَطَقْتُ: تطالِبُ المتهرّبينَ بالقيامِ بواجبِهم ودفعِ ضرائبِهم بالكاملِ، وهل دفعتَها أنت - حتى بالناقص - على ما كسبته خلال عقودٍ مقابل "لِيتِيدْ" (L`étude)؟
- لم يسمعني، عَمِلَ "وِذْنْ عْروسْ"، ثم تابعَ الجوقةَ بِصوتٍ أعلى: "التعليمْ موش للبِيعْ.. يا حكومة التجويعْ". ومَن أشطَرُ منك في بيعِ العلمِ، سَلْعَنْتَهُ، عَلَّبْتَه، ودون "أومْبَلاّجْ" في الدكاكين العفِنة عرضتَه (دون تغليفٍ)؟
- واصلَ رفيقي مُتَخَمِّرًا وكأنني لم أنبِسْ بِبِنتِ شفةٍ: "مدرسة شعبيَّة... تعليم ديمقراطيّ.. ثقافة وطنيَّة". ومَن بَلانا بالطبقية، وقضى على ديمقراطيةِ التعليم، ودفن وصلى على جنازةِ مدرسة الجمهورية (L`école républicaine de Bourguiba, la Nôtre)، وهي مَن هي، هي ولا غيرَها، هي الضامِنُ الوحيدُ لمبدأ تكافؤِ الفُرَصِ والمساهِمُ الوحيدُ في التحريكِ الاجتماعي (Le brassage social) والمدافعُ الوحيدُ على قيمةِ "النجاحُ استحقاقٌ"، والمحرّكُ الوحيدُ لـلمِصعدِ الاجتماعي، مصعدُ مَن لا مِصعدَ له من التونسيين الفقراء والمحتاجين والمهمّشين، وما أكثرهم في بلدي، والحمد لله الذي لا يُحمَدُ على مكروهٍ سواه؟
- تمادى شماتةً: " قُصْ نْهارْ... قُصْ شْهَرْ... الأستاذ دِيما حرْ". أنا هو الحر، تحملتُ ضَنَكَ العيش، ضِيقَهُ وعُسْرَهُ، من أجل هذه اللحظة الحرّةِ، أما أنت فلم تَرَ منه إلا يُسْرَهُ، تغيبُ شهريةٌ، تجني من "لِيتِيدْ" ثلاثةً، قلتَها لي بِعظمةِ لسانِك، صحيحٌ، خَلَّصتَ حساباتي مرّة أو مرّتَن، "كابوسان" وبعض المشروبات الأخرى التي لا يليقُ المقامُ بِذِكرِها.
- "حق الأستاذْ... واجبْ... حق التلميذْ... واجبْ". الله لا يحقّ لك حقًّا، أنانيتُك وجَشَعُك وكُبرُ "كَرشِك" (المعدة) لم يتركوا في المدرسة أي حق لأي مستحِق، لا الأستاذَ ولا التلميذَ.
- "وزارة الفسادْ هيَّ هيَّ... والتلميذْ هو الضحيَّة". وهل يوحدُ في البلادِ أفسدَ منك يا تاجر القِيْمْ، يا عديم المروءةِ وفاقد الشهامةِ ومُحطِّم الأمَمْ.

خاتمة: "هَيَّ يِزّيكْ اليُومْ، صعبت عليَّ بالمصري"، تذكرتُ مزايا الشرفاء منكم، الذين تصدّقوا عليَّ مشكورين بتدريس أولادي الثلاثة مجانًا، خجلتُ من نفسي وأعتذر منهم على ما أتاه السفهاءُ منهم وهم والحمد لله قلة، قلةٌ تقارب العشرة في المائة على أقصى تقديرٍ. أحيّى عدم الجشعينَ منهم الذين يكتفون بالقليل لمحاربة الفقر، هذا حلال محلل، وهم منا وفينا وإلينا، لحمنا ودمنا، نحن معشر الأساتذة، رُسُلِ أشرفِ مهنةٍ في التاريخِ والوجودِ على الإطلاقِ، لذلك نزلتُ وسأنزلُ مع التسعين في المائة المتبقّية مهضومة الحقوق، سأنزلُ إلى باب بنات يوم الأربعاء القادم 19 ديسمبر، سأنزل لأقول "ديڤاج" لوزيرِ التربيةِ. مع الإشارة الهامة والمهمة أنه - وحسب قانون وزارة التربية - يحق لأي أستاذ أن يمارس هذا النشاط التربوي بمقابل معقول (غير مُشِطٍّ) خارج المعهد على شرط أن لا يزيدَ العددُ على 12 تلميذ موزّعينَ على ثلاث مجموعات، كل واحدة تضم أربعة، ويدرُسون في ظروفٍ لوجستيةٍ صحيةٍ وبيداغوجيةٍ طيبةٍ، وأن لا يكونوا من تلامذةِ المعنِي المباشرينَ.

ملاحظة: مقامةٌ همذانيةٌ، سيناريو خياليٌّ، حوارٌ مختلقٌ ومحضُ تشويهٍ وشيْطنةٍ وتَشنيعٍ وافتراءٍ على القاعدةِ الأستاذيةِ الشريفةِ في نضالها المشروع. افتراءٌ نابعٌ من أستاذٍ فاشلٍ، تَشنيعٌ يقطرُ غيرةً وحسدًا، وحتى إن وُجِدَ هذا الصنفُ من الأساتذة فهم قلّةٌ، "كانْ طارَتْ واحد وَلَّ اثنينْ في كل ولاية"، والشاذُّ يُحْفَظُ ولا يُقاسُ عليه، والظاهر أنك هرمتَ وخَرِفتَ يا سي كشكار، أعلمُكَ أن الجسمَ الأستاذيَّ جسمٌ معافَى مائة بالمائة، سليمٌ من كل ما ذكرتَ، وهو كالثوبِ الأبيضِ لا يأتيه الدنسُ لا من الخلفِ ولا من الأمام، والأساتذة - جميعهم ودون استثناءْ - أشرفُ من الشرفِ نفسِه، يا عديم الولاءْ وقليل الوفاءْ!

إمضاء مواطن العالَم
"المثقّفُ هو هدّامُ القناعاتِ والبداهاتِ العمومية" فوكو
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، السبت 15 ديسمبر 2018.



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صديقٌ نهضاويٌّ، قال لي: أنتَ لستَ يساريًّا!
- تَعاليمٌ دينيةٌ نبيلةٌ، أعجبتني؟
- حضرتُ اليوم صباحًا مظاهرة الأساتذة بشارع بورقيبة بالعاصمة
- انظُرْ إلى أيّ مَدَى وصلَ الاستهتارُ بقِيمِ التضامن والودِّ ...
- جمنة تدقُّ أولَ مِسمارٍ في نعشِ العَلمانيةِ في تونسَ
- سَلعنةُ القِيمِ في الدولِ الغربيةِ: هل سَتقضِي على ما تَبَقّ ...
- فكرةٌ قد تضخُّ الماءَ في رُكَبِ العَلمانيينَ العربِ، لا أستث ...
- حضرتُ أمس أمسيةً ثقافيةً بحمام الشط
- سُكوتْ... أنا سَكْرانْ... والله العظيم أنا -شايَخْ- نَشْوانْ ...
- طالبتُ وما زلتُ أطالبُ بِمجانيةِ التنقلِ في جميعِ وسائلِ الن ...
- هل أنتَ مَعَ أو ضِدَّ حَثِّ الأطفالِ على المطالعة بمقابِلٍ م ...
- سَلْعَنَةُ الأخلاقِ والقِيمِ في المجتمع الأمريكي
- الجديدُ في عِلمِ الوراثةِ: هل تُحدّدُ الجينات مسبّقا صفات ال ...
- ظاهرةُ تعدّدِ الأربابِ البشريةِ!
- حضرتُ أمس جِلسةً حواريةً ثنائيةً حول كتابِ - المراقبة السائل ...
- كيفَ قسّمنا إرثَ أمي وإرثَ خالتي؟
- هل تغيرَ الزمنُ أم أنا الذي تغيرتُ؟
- ذكرياتي المقتضبة عن تسع سنوات دراسة متقطعة بجامعة كلود برنار ...
- معلومات دقيقة حول شيعة تونس، أكتشفُها لأول مرة في كتاب صديقي ...
- أعتذرُ!


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - محمد كشكار - حَفرٌ أركيولوجِيٌّ في نِضالِيةِ أستاذ ثانوي؟