أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الله عنتار - القهر والثورة: أية علاقة ؟ (5) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور» لمصطفى حجازي














المزيد.....

القهر والثورة: أية علاقة ؟ (5) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور» لمصطفى حجازي


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 6077 - 2018 / 12 / 8 - 18:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


6) مرحلة التمرد والثورة
«وهكذا، فالشعب الذي ظلوا يقولون له: إنه لا يفهم غير لغة القسوة، هنا يعبر عن نفسه بلغة القسوة»، بعبارة فانون* هذه يبدأ عالم النفس مصطفى حجازي بتحليل هذه المرحلة المهمة من المسار الذي يقطعه الإنسان المقهور في سبيل الخروج من وصاية سيده، ففي هذه المرحلة ينقي الإنسان المقهور نفسه من الاتكالية والخوف الناجم عن الاستعمار الداخلي والخارجي، والأدهى من ذلك أن المجتمع المقهور بصفة عامة يصل إلى مرحلة العنف بعد أن يئس من الرضوخ، ونحن هنا أمام ظاهرة يسميها علم الإحياء برد الفعل الحرج والتي تتلخص في الخيار بين الفناء أو المواجهة، وهي عند الحيوان والإنسان على حد سواء، فقد يستسلم الكائن الحي أو يهرب طالما برزت لديه إمكانية للنجاة، ولكن عندما تنعدم هذه الإمكانية يتحول الضعف إلى قوة، ويعبئ كل طاقاته في دفاع مستميت عن وجوده، وهذا هو الذي يفسر لنا: لماذا انتصرت فئة قليلة على فئة كثيرة؟ والجواب هو: أن الاستجابة الحرجة لعبت دورا في ذلك، فتصبح المقاومة والتمرد رمزا للحياة، على عكس الرضوخ الذي يعني الموت وجوديا ومعنويا.
يمنح العنف القوة للإنسان المقهور، إنها رمز للحياة وتعتبر مرحلة مهمة للتغلب على الخوف من الموت، وإن قهرها يعني الانتصار على الموت ماديا ومعنويا ويتجلى ذلك في حب الموت، قوافل الشهداء، تمجيد العمل المسلح وتعتبر القضية الفلسطينية مثالا ساطعا على مرحلة التمرد والثورة على المحتل الصهيوني، غير أن الشعوب العربية لم تصل إلى هذا المستوى للتمرد على المستبد العربي.
إن السلاح يصبح درعا وحماية، وهو رمز الوجود، وبما أن الحاجة إلى التحرر واستعادة الاعتبار الذاتي تظل مسألة ملحة، فإنها تجعل الإنسان المقهور يسعى إلى حل سحري يقضي على الماضي الأسود بغير رجعة، فهذه الحاجة إلى الخلاص تخلق مشكلة في وجه التنظيم وتتحول الثورة إلى فورة، وتعود أساليب العمل التراتبية القديمة في العمل المسلح .
لا يعم استخدام القوة كل الشعب مباشرة، هناك قلة فقط في البداية هي التي تصبح رمز المجموعة ودورها هو أن تكسب المجموعة الثقة، لكن هناك خطر أن تتحول حالة التبعية من المتسلط القديم إلى المخلص الجديد، فعندما يثور الشخص تتحول فيه عدة أشياء منها: التحول من عقدة النقص إلى عقدة التفوق والاستعلاء، وهذا التفوق يأتي كتعويض للنقص على مستوى التثقيف والتنظيم السياسي، ويعتبر الجماعة التي ينتمي إليها كفئة لا تقهر، ويسعى لتكسير جميع الحواجز، ويبرز نوع من التمركز الذاتي وكأن العالم يجب أن ينتظم انطلاقا منه، وهذا التضخم يؤدي إلى سيطرة مفهوم الامتداد والعظمة، فبدل إدانة الذات كما رأينا فيما سبق، ها هو الآن يسيطر على مصيره ومستقبله بتفاؤل كبير.
وإذا كانت هذه الحالة حتمية من خلال ترسخها في الوعي الجمعي، فإنها تصبح عقبة أمام عملية التحرر طويلة الأمد التي تتطلب الكثير من الجهد، ثم إن الشعور بالتفوق يلغي الواقع تماما، وهذا الخطر يوقف عملية التحرير عند حدود ردود الفعل التعويضية، ومن الأخطار التي تنتشر في هذه المرحلة:
1ـ غياب الأطر المرجعية الجديدة وحلولها محل الأطر المرجعية القديمة
2ـ ممارسة العمل المسلح من خلال التسلط والرضوخ
من هنا، فالإنسان المقهور الذي حمل السلاح، وفي غياب ثقافة كبيرة من الممكن أن يحمله ضد الجمهور ويتحول إلى متسلط كالمتسلط القديم. ومن ثمة فالتخلف ظاهرة كلية ويجب معالجتها بشكل شمولي، أي أنه من اللازم التنبه إلى مواطن مقاومة التغيير التي تتضمنها هذه الظاهرة والتصدي لها بنفس طويل وأشد نقط المقاومة استعصاء على التغيير هي البنية النفسية التي يفرزها التخلف بما تتميز به من قيم ونظرة إلى الكون، فكما أن الآلة نتاج التقنية المتقدمة، قد يعاد تفسيرها كي تستخدم بشكل خرافي أو سحري في المجتمع النامي، وكذلك عملية التغيير الجذري (الثورة) قد يعاد تفسيرها كي تمارس من خلال الأطر المتخلفة وتفقد بالتالي قدرتها التغييرية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فرانز فانون (1925ـ1961) : طبيب نفساني وفيلسوف اجتماعي من مواليد فور دو فرانس - جزر المارتنيك، عرف بنضاله من أجل الحرية وضد التمييز والعنصرية، ومن أهم مؤلفاته: معذبو الأرض الذي تعتبر منفيست لتحرير العبيد والمقهورين من سلطة الأسياد.



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل ساحلية : أورانوس / غايا : الأفق ينفتح
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (4) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتم ...
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (3) قراءة في كتاب التخلف الاجتماع ...
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (2) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتم ...
- القهر والثورة: أية علاقة ؟ (1) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتم ...
- وضعية الأقليات الدينية وغير الدينية بالعالمين المغاربي والعر ...
- ليس كل تجاور تجاورا
- نقطة في مسار أو حينما تلتقي الموت والحياة !!
- ما وراء البحر كسؤال وجودي وحضاري
- الرحيل
- حكاية مهاجر سابق: الفقر والخوف والمال وضبابية المصير ! (2 )
- حكاية مهاجر سابق: الفقر والخوف والمال وضبابية المصير ! (1 )
- حكاية فلاح متقاعد: من الكمنجة إلى الجماعة، فإلى الوحدة والعز ...
- بوعلي ياسين : نحو علمنة الدولة بالعالم العربي ، قراءة في كتا ...
- لا إنسانية كاملة دون تحرير الجنس والدين وتفعيل الصراع الطبقي ...
- قلبي كاد يحترق، رحماك يا فينوس!
- رسائل ساحلية : أورانوس / غايا : أفق الإمكان .
- رسائل ساحلية: أورانوس / غايا (4 ) - التشظي-
- رسائل ساحلية : أورانوس / غايا (3 )
- رسائل ساحلية: غايا/ أورانوس (2 )


المزيد.....




- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الله عنتار - القهر والثورة: أية علاقة ؟ (5) قراءة في كتاب: «التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور» لمصطفى حجازي