أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - الرحيل














المزيد.....

الرحيل


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5966 - 2018 / 8 / 17 - 14:56
المحور: الادب والفن
    



لم يتردد في اتخاذ القرار لأن كل الإرادات انتفت ما عدا إرادة الموت، الحياة صارت ظلاما بالنسبة له، كل الخطط والغايات التي رسمها في الحياة تبددت وتلاشت، لم ينجح هكذا كان يقول بين سريرته، هكذا كانت كلماته الأخيرة قبل أن يدخل إلى عالم آخر. عالم لا نعرف كنهه، عالم نتمثله ولم نعشه . من يدري قد نعيشه وقد لا نعيشه . إن الرحيل قرار صعب وعسير ويحتاج صاحبه إلى تفكير عميق قبل أن يقدم عليه، لأنه ليس هينا على المرء التخلي عن أكبر رأسمال وهو الحياة. فقبل أن نرحل نقاوم جبروت الموت الذي يلاحقنا ويهددنا في كل لحظة مهما استطعنا إلى ذلك سبيلا ... لا نموت إلا بعد أن تموت الحياة فينا أي أن تصير حالكة ومظلمة ومرعبة ونصبح ضعفاء أمامها تحركنا في كل الاتجاهات. إن الحياة تموت فينا حينما نهملها ونتعلق بأحد أهدابها ونقصد المال، فهو زينة الحياة ولكن الارتباط به مدمر ورهيب وقاتل، فلا تصبح الحياة هي الغاية، بل يصبح المال هو الغاية، بالمال نبني مشاريع وهمية ونشيد أحلاما، إلا أننا لا نعلم أن المستقبل ليس في ملكيتنا وننسى أن المال من ورق . إذا اعتقدنا اعتقادا جازما أن هذه الأحلام تتحول إلى واقع يمشي على رجليه ونظرنا وثوقيا إلى المسألة، فالموت ينتظرنا ومعالم الحياة تذبل فينا وتتحول الى سرداب مظلم يضيق شيئا فشيئا حتى يخنقنا ويدمرنا. لقد علمتنا الفلسفة الرواقية أن نقنع بما لدينا إذا أردنا أن نكون سعداء، أما أن نحلم أكثر من اللزوم ونشيد أوهاما بالورق ومن الورق وعلى الورق، فمصيرنا الرحيل دون التفكير برهة في الحياة. إن الوثوقيات لطالما كانت مدمرة، فما أحوجنا إلى النسبيات في اعتقادنا حتى نعيش مرتاحي البال والضمير أوفياء للحياة نستفيد من مباهجها ونجعل منها الغاية لا الوسيلة.... إننا لسنا سوى مشاريع فانية هكذا قال سارتر يوما، فلماذا ننسى الحياة ونجعلها وسيلة ونتخذ من المال (الذي هو زينة الحياة) الغاية؟ إذا لم نأخذ بالحياة، تركتنا ورحلت بلا عودة، وإذا خطبنا ود الموت، فبلاشك سيتزوجنا . إن الحياة في ثقافتنا العربية مؤنثة والأنثى بحكم التنشئة الاجتماعية الباتريكية لا تبادر، تدعي الامتناع والرفض وعدم القبول، وإذا أعطتك فرصة يجب أن تستغلها وإلا هربت منك، لكن كلمة الموت جاءت بصيغة المذكر، فإذا لم نأخذ بناصية الحياة ونتعلق بها، فالموت في انتظارنا . الحياة تجربة لن تتكرر، بينما يلاحقنا الموت في كل لحظة حتى يضربنا الضربة الموجعة في النهاية ونتفتت ذرات ذرات في هذا الكون الفسيح المجهول، ولا علم لنا بحياة أخرى نجهل كيفيتها جهلا تاما. فلماذا يا ترى نتشبث بالموت وننسى الحياة ؟ ولماذا يا ترى نعلق تميمة الموت في أعناقنا؟ فلماذا وجدنا أصلا إذا كانت حياتنا موتا؟ وهل معنى الحياة هو أن نتعلم كيف نموت؟ ألا يجب أن نحيا الحياة وننسى الموت نسيانا كليا ونكون مخلصين للحياة؟ وهل معنى الحياة أن يحيا المال ونموت نحن ؟ إن هذه الأسئلة تربك وتخيف، إلا أنه من اللازم القول: أن الحياة تبقى هي الحياة ولا شي غير الحياة، ويجب أن نعلم أبناءنا أن يتشبثوا بالحياة، لأن الحياة لحظة، بينما الموت دائم. يجب أن نعلم أبناءنا أن التشبث بالمال وثوقيا يقتل ويدمر وينسف الحياة نسفا حتى تتبدد كليا وتلفنا مشنقة العدم لفا.

ع ع / بنسليمان / 17 اوت 2018/ المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية مهاجر سابق: الفقر والخوف والمال وضبابية المصير ! (2 )
- حكاية مهاجر سابق: الفقر والخوف والمال وضبابية المصير ! (1 )
- حكاية فلاح متقاعد: من الكمنجة إلى الجماعة، فإلى الوحدة والعز ...
- بوعلي ياسين : نحو علمنة الدولة بالعالم العربي ، قراءة في كتا ...
- لا إنسانية كاملة دون تحرير الجنس والدين وتفعيل الصراع الطبقي ...
- قلبي كاد يحترق، رحماك يا فينوس!
- رسائل ساحلية : أورانوس / غايا : أفق الإمكان .
- رسائل ساحلية: أورانوس / غايا (4 ) - التشظي-
- رسائل ساحلية : أورانوس / غايا (3 )
- رسائل ساحلية: غايا/ أورانوس (2 )
- رسائل ساحلية: غايا /أورانوس
- الحب ليس جريمة !
- من ورزازات إلى أكادير : البحث عن المتعة والحياة
- رحلاتي : بحث عن المجهول
- أنا وست مدن : ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (4 )
- هيباتيا : فيلسوفة ناضلت ضد التعصب
- الحداثة كاملة أو لا تكون !
- أنا وست مدن : ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (3)
- أنا وست مدن: ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (2 )
- أنا وست مدن : ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (1 )


المزيد.....




- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...
- حديث عن الاندماج والانصهار والذوبان اللغوي… والترياق المطلوب ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - الرحيل