أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - حكاية مهاجر سابق: الفقر والخوف والمال وضبابية المصير ! (1 )














المزيد.....

حكاية مهاجر سابق: الفقر والخوف والمال وضبابية المصير ! (1 )


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5959 - 2018 / 8 / 10 - 23:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



ولد سنة 1981، في تلك السنة التي ضرب فيها الجفاف المغرب، وتوالت الإضرابات والاحتجاجات، ونجم عنها قتلى وجرحى وعدة مفقودين، انبثق من أسرة فقيرة جدا تتحدر من قرى بنسليمان المهمشة، سنة بعد ذلك فقد جده بسبب الجفاف الكاسح، إذ نفقت البهائم والأغنام، وبارت المحاصيل وغلت المعيشة، وعلى الرغم من ذلك لم يشارك جده ولا والده في تلك الاحتجاجات الصاخبة التي عمت الوطن ضد البورجوازية الذيلية المتحكمة في البلاد والعباد، لقد ظل العالم القروي بمنأى عن التمردات والاحتجاجات التي كانت تغلي في الجسد المغربي، مع العلم أن الريف السليماني أكثر بؤسا وفقرا وتهميشا ومعاناة، ولا يبتعد أكثر من 44 كلم عن الدار البيضاء، لقد بقي الريف معزولا عن الصخب الثوري وبعيدا عن ذيوع الفكر اليساري والاشتراكي، من يعرف من القرويين نظرية ماوتسي تونغ وتشي غيفارا وهوشي منه ؟! إلا أن السبب لا يعزى إلى القرويين وحدهم، بل يعزى كذلك إلى اليسار المديني والمتبرجز المنغلق على نفسه في الصالات المكيفة !! يقول هذا المهاجر أن قريته كانت حافلة بزيارات للشرفاء الذين كانوا يطوفون العالم القروي بحثا عن المال والمواشي مقابل البركة، كما كانت تستضيف القرية فرق عيساوة الذين كانوا يرقصون بشكل جنوني، و يأكلون الصبار، ويشربون الدم، ويمشون على الزجاج، ويضيف أنه ولد في اليوم الذي استضافت فيه أسرته فرقة عيساوة، لقد جاء إلى هذا العالم وسط الصخب والضجيج، لقد كان المدينيون واقعيين بمواجهتهم للموت بلا خجل ولا خوف، بينما كان القرويون يرقصون لكي يهربوا من واقعهم خائفين من الموت والحياة، وهذا هو الفرق بين المدينة والقرية، إن القرية كانت دائما متأخرة عن المدينة، حتى لو كانت أغلب الثورات في العالم قد انطلقت من الريف صوب المدينة (مثلا: بدأت الثورة الصينية مع المسيرة الطويلة التي زحفت انطلاقا من الريف الصيني سنة 1934/1935)، ويرجع تأخر الريف إلى هيمنة الفكر الغيبي الميتافزيقي وسيادة مظاهر البؤس والفقر، يؤكد المهاجر أنه في السنوات الأولى من حياته كانت تأخذه أمه إلى 《السادات》 والأضرحة لأنه كان يخاف ويبكي ويذرف الدموع بلا سبب، وهذا الخوف الوجودي سوف يرافقه طيلة حياته، وقبل أن يدخل إلى المدرسة عام 1988 كان يرافق أمه إلى المرعى ويساعد والده في شؤون الزراعة إلى جانب إخوته الذين يكبرونه سنا، تفوق في المدرسة الابتدائية التي كانت تبتعد عن المنزل زهاء 4 كلم، كان يحصل على علامات جيدة، ولكن حينما انتقل إلى المدينة تراجع بشكل كلي. كانت الطريق طويلة جدا، كان عليه أن يقطع 20 كلم على متن دراجة هوائية ذهابا و إيابا، وعند إصابتها بالعطل، كان يستخدم تقنية الأطوسطوب التي نادرا ما كانت تساعده في الوصول باكرا إلى المدرسة، لذلك كان يغيب كثيرا، كان هو من اشترى الدراجة الهوائية ب 200 درهم، لقد جمع هذا المال اليسير من تجارته في الحلزون طيلة العطلة الصيفية، أما والده الذي كان يعطيه درهمين يوميا للغداء، فكان يشتغل راعيا بخمسين درهما يوميا، ويسرد هذا المهاجر أنه خلال هذه الفترة، كان يقضي نهاره تائها بين شوارع المدينة، ويتناول بالدرهمين: 《الطون والحرور والخبز》 نجح بصعوبة في السنة الأولى والثانية، لكن لم يتوفق في الثالثة، أعاد فيها الدراسة، فرسب! وبعد شهور قليلة اشتغل في دكان مع بقال يتحدر من الجنوب المغربي بمدينة المحمدية، قضى معه سنة ونصف، كانت عبارة عن سجن رهيب، كان يشعر بالجوع ولا يؤدي له مستحقاته المالية، فرجع إلى بنسليمان لكي يتعلم الحلاقة في مدرسة خاصة.خلال سنتين تعلم أبجديات الحلاقة ولم يستطع أن يفتح محلا نظرا لضعف الإمكانيات المادية، وبعد ذلك اشتغل في محل لبيع الدجاج، كان يبيت مع الدجاج أحيانا ويلسعه البرغوث و 《الهمشة》التي كان يحملها معه في ملابسه ويأخذها إلى الغرفة التي كان يكتريها رفقة عمال آخرين ب 250 درهما، كان يحصل أسبوعيا على 130 درهما ويدفع منها 70 درهما شهريا للكراء، يحكي عن هذه التجربة أنه كان يشعر بالقهر المادي والنفسي، ويوم راحة في الأسبوع لم يكن كافيا بالمرة، ومن صميم هذه المعاناة بدأ يفكر في الرحيل إلى أوروبا رغم توسلات جدته بألا يرحل !! ولكنه رحل وتحدى الخوف من الموت الذي لم يجده أمامه، بل تركه خلفه جنوب المتوسط !!
(يتبع )



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية فلاح متقاعد: من الكمنجة إلى الجماعة، فإلى الوحدة والعز ...
- بوعلي ياسين : نحو علمنة الدولة بالعالم العربي ، قراءة في كتا ...
- لا إنسانية كاملة دون تحرير الجنس والدين وتفعيل الصراع الطبقي ...
- قلبي كاد يحترق، رحماك يا فينوس!
- رسائل ساحلية : أورانوس / غايا : أفق الإمكان .
- رسائل ساحلية: أورانوس / غايا (4 ) - التشظي-
- رسائل ساحلية : أورانوس / غايا (3 )
- رسائل ساحلية: غايا/ أورانوس (2 )
- رسائل ساحلية: غايا /أورانوس
- الحب ليس جريمة !
- من ورزازات إلى أكادير : البحث عن المتعة والحياة
- رحلاتي : بحث عن المجهول
- أنا وست مدن : ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (4 )
- هيباتيا : فيلسوفة ناضلت ضد التعصب
- الحداثة كاملة أو لا تكون !
- أنا وست مدن : ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (3)
- أنا وست مدن: ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (2 )
- أنا وست مدن : ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (1 )
- العرب: رؤية من الداخل (3) الفلسفة والصحراء: نشدان المحال قرا ...
- العرب: رؤية من الداخل (2 ) القضية الفلسطينية قراءة في كتاب: ...


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - حكاية مهاجر سابق: الفقر والخوف والمال وضبابية المصير ! (1 )