أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - لا تكن مجهول الهُوية!














المزيد.....

لا تكن مجهول الهُوية!


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 6037 - 2018 / 10 / 28 - 10:34
المحور: كتابات ساخرة
    


سألني أحدهم:
لماذا لا يعفو السلطان عن منتقديه حتى بعد موتهم؟
قد يُخطئ المرء في حقِّ الله، ثم يندم، فيغفر له اللهُ ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر، إلا السلطان، فمَن يخطئ في حقه، مرةً واحدةً، لا يغفر له السلطانُ أبدا، مهما كفّر عن ذنوبه، حتى لو أعلن التوبة، وطلب الغفران عن أخطائه في حق السلطان!
كيف يغفرُ ربُّ العالمين، ولا يغفرُ سلطان الأكرمين؟!
قلتُ مُجيبا:
لا يرتاح السلطان إلا بعد أن يُصنِّفَ رعيته. فمن أي الأصناف أنت؟
قال:
"والله ما شهرتُ عليه سلاحا، ولم أدعُ إلى انقلابٍ عسكري، وما دعوت عليه بالويل، والثبور، وعظائم الأمور، وما طعنتُ في شرفه وعرضه!!
ولكنني أُصادقُ شخصا، انتقد السلطان، وذمَّ أفعاله، وأقواله، كنتُ جالسا أسمعُ وأبتسمُ، ولم أعلق، فسُجنتُ وعُذبتُ لأنني ابتسمتُ وصمتُ!!
بعدها أصبح اسمي في كل دوائر الحكومة مُتابعا مرصودا، في دفاتر رجال الأمن، فأنا ممنوع من السفر، والعمل، مطاردٌ صباح مساء!!
والله، لو كنتُ قادرا على الرحيل من بلدي لرحلت، ولو كنتُ قادرا على تغيير اسمي لفعلت، فأنا لست من أعداء السلطان، ولكنني عدوٌ لحاشيته الفاسدة، وبطانته الظالمة!"
قلتُ:
الرعيةُ يا صديقي ثلاثة أقسام؛ قسمٌ مع السلطان، وقسمُ ضد السلطان ، وثالثٌ مجهول الهوية، وأنت من القسم الثالث ،إذن أنتَ من أخطر الأقسام!!
فالسلطان في بلادنا يكره مجهولي الهوية، لأن مجهول الهوية يُحيِّر أعوان السلطان، ويجعلهم في حالة استنفار دائم، لكي يصنفوك! لذلك، فأنت مُطارد حتى الممات!
سألني:
أليستْ طائفةُ أعداء السلطان، هم الأخطر؟
قلتُ:
أنت مخطئ، لأن أعداء السلطان معروفون، ومتابعون، ومراقبون، في الصباح والمساء، وحتى في المنام، كما أن معظم أعداء السلطان، هم من أعوان السلطان أيضا!
أما مجهولو الهوية أمثالك، هم أغلبية الشعب، يتوالدون بسرعة، فيعجز المراقبون عن متابعتهم، وكثيرٌ منهم يُفلتون من وشم السلطان، ويحتاج كل فردٍ فيهم إلى عينٍ ترصده، وتتابع خطواتِه!!
مجهولو الهويات عند السلطان هم بذور الشر المستقبلي، فهم براكين الثورات، هم عند السلطان رُّعاع مزعجون، فإذا رفع السلطانُ سيفَه عن رقابهم لحظة من اللحظات، امتشقوا في وجهه سيوفهم، وحرابهم، وبنادقهم!
فالسلطان يظن بأن الرعاع أمثالك، أغنياء، يدَّعون الفقر، لا يشبعون ما أكلوا!
هم يحكمون في سرهم على كل سلاطين العالم بالإعدام، ويبصقون في وجه السلطان وهم نائمون، وهم أيضا، يفرحون، ويزغردون إذا أصاب السلطانَ مكروه، أو حلت النكبةُ بأهله وذويه، وهم أيضا يفرحون بنكبة أعداء السلطان، فهم يشمتون في الفريقين.
إذن، ما عليك أيها المجهول الهوية إلا أن تنضم لأعداء السلطان، فإنك حينئذٍ تنجو من مطاردته، عندما تفرزك أنوفُ كلاب السلطان، وعيونُ صقوره، وتضعك في خانة الأعداء، فالأمر يصبح جدَّ بسيط ، لأن السلطان يعرف بالتمام والكمال خطة الأعداء، ويعلم عددهم، وعتادهم، وموعد تنفيذ خطتهم، فيصبح التخلص منك ومن أمثالك سهلا ميسورا!
أما رأيتَ بأن وجودك في خانة أعداء السلطان أفضل لكَ وللسلطان، من أن تكون مجهول الهوية محايدا.
أما إذا أصررتَ على البقاء عقبة وسط طريق السلطان، بأن تظلَّ مجهولَ الهوية، أي شوكةً في حلق السلطان وحاشيته، فنصيحتي الأخيرة لك وردتْ على لسان زوجة النبي أيوب، عندما يئست من صبره على الآلام، فقالت له بيأس:
" بارك الله ومُــــتْ "



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمعيات، وجمعيات
- منجزات السلطان
- فيس بوك وتويتر
- الأونروا مرة أخرى
- عازفون على الأقلام
- بقلم صحفي إسرائيلي
- عبقرية ترامب
- الشبكة العنكبوتية
- لماذا لا يشتاق الطلاب لمدارسهم؟
- غزة وإسرائيل!!
- رافضو الموت
- الكاميرا الخفية
- رواية، إيربن هاوس
- الفرهود
- معجزات غزة
- من ملف الأونروا
- مستقبلكم غير مُشرق
- حقق أمنيته في الثانية والتسعين
- فيتوات العالم
- الثأر الوطني، والُار القبلي


المزيد.....




- حرمان مغني الراب الإيراني المحكوم عليه بالإعدام من الهاتف
- فيلم -العار- يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو السينمائي ...
- محكمة استئناف تؤيد أمرا للكشف عن نفقات مشاهدة الأفلام وتناول ...
- مصر.. الفنانة دينا الشربيني تحسم الجدل حول ارتباطها بالإعلام ...
- -مرّوكِية حارة-لهشام العسري في القاعات السينمائية المغربية ب ...
- أحزان أكبر مدينة عربية.. سردية تحولات -القاهرة المتنازع عليه ...
- سلطنة عمان تستضيف الدورة الـ15 لمهرجان المسرح العربي
- “لولو بتعيط الحرامي سرقها” .. تردد قناة وناسة الجديد لمشاهدة ...
- معرض -بث حي-.. لوحات فنية تجسد -كل أنواع الموت- في حرب إسرائ ...
- فرقة بريطانية تجعل المسرح منبرا للاجئين يتيح لهم التعبير عن ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - لا تكن مجهول الهُوية!