أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - توفيق أبو شومر - الكاميرا الخفية














المزيد.....

الكاميرا الخفية


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 5950 - 2018 / 8 / 1 - 07:18
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مَن يُتابع برامج الكاميرا الخفية في معظم دول العالم يستغرب روح التسامُح التي تسود ضحايا الكاميرا، فهم يقعون في فخ المخرجين، يؤدون أدوارهم بعفوية وبساطة، وفي النهاية حين يكتشفون خديعة المخرجين يُسامحون، يضحكون، يوافقون على نشر لقطاتهم بمرح! أما في كثير من دول العرب، وفي فلسطين على وجه الخصوص، فإن إنتاج برامج الكاميرا الخفية مغامرة خطيرة، ليست محمودة العواقب.
سببُ الفشل في إنتاج برامج الكاميرا الخفية في فلسطين لا يعود إلى ضعف إمكانات المخرجين والمخرجات، ولا إلى نوع الأفكار المطلوبة لتحقيق هدف إسعاد الجماهير، بل يعود إلى سبب خطير، وهو أن هناك مرضا خطيرا متفشيا بيننا، وهو سرعة الانفعال، والاستفزاز ، والعنف، المتفشي بيننا، نحن الفلسطينيين، هذا المرض الخطير، يؤثر على حياتنا بكامل تفاصيلها، هو ناتجٌ طبيعيٌ لظروف حياتنا القاسية، وليس من قبيل المبالغة القول إن للاحتلال دورا في سرعة تفشي المرض، وزيادة تعقيداته، لذا، فإن إنتاج برامج الكاميرا الخفية يؤدي إلى الإضرار بمنفذي البرامج، فلا تسامح أبدا في أوطاننا، ولا وجود للمرح البريء!!
هذا المرض سريعُ الانتشار، مُعدٍ، يُصيب نفسياتِ أطفالنا، فينشؤون محبين للعنف، مستعدين دائما للقتال والصراع، ففي مدارسنا، يشتكي كثيرٌ من المدرسين من مرض العنف المتفشي بين التلاميذ في المرحلة الابتدائية، والإعدادية، والثانوية، فهم يقتتلون، يحتفظون بآلاتٍ حادة في حقائبهم، ليرعبوا بها أقرانهم، وهم يحظون بالدعم أيضا من أسرهم وقبائلهم.
يستطيع المراقبُ من خارج نطاق المدرسة ملاحظة العنف عندما ينتهي اليومُ الدراسي، يخرجُ التلاميذ من غرف الدراسة، ينتظمون في مجموعاتٍ تمارس طقس العنف اليومي، وكثير منهم لا يكتفون بذلك، بل ينتقمون من (زنازين) فصول الدراسة الضيقة والكئيبة، ومن ظاهرة تحريم وسائل الترويح والرياضة في المدارس، ومن مناهج الحفظ المملة، ومن بعض المدرسين الذين يستعملون العصي في التلقين، يتحررون من زنازينهم، ينتقمون من الشارع، يُلقون بقاياهم وسط الشارع، يعتدون على السيارات، وفي المساء يلوثون الجدران بكتابة شعارات تُعبر عن أمراض لا شعورهم!!
وإذا أضفنا إلى ما سبق التربية الأسرية التي تُرغم الطفل أن يتخلى عن طفولته السمحة، ليتحول من طفلٍ بريء إلى رجلٍ قاسٍ يُتقن أقوال الرجال، ليتمكن من تعزيز المخزون الذكوري العائلي والقبلي، وأن يكون مستعدا للقتال في أية لحظة، ضمن ميليشيا الأسرة، والعشيرة، والقبيلة!
هناك تشجيعٌ في المجتمع على إبادة براءة الطفولة في الأطفال منذ نعومة أظفارهم، حين يكافئهم آباؤهم بشراء ألعاب العنف، من أسلحة وقنابل، وأزياء عسكرية حربية، يجبرونهم على ارتدائها في المناسبات، ويقيدون أجسادهم الغضَّة بعباءات القبائل، وربطات العنق، وبدلات الزفاف، والألبسة المنسوبة إلى الدين!!
ولعلَّ أخطر مسببات أمراض العنف، حين تتولى بعضُ الأحزاب اغتيال الطفولة من الأطفال، وذلك بإخضاعهم إلى عمليات تنويم مغناطيسية لمبادئ الأحزاب، وإغرائهم بالوجبات والمشروبات، ومنحهم الجوائز، وتسميتهم بأسماء حركية حزبية، أو بألقابٍ، على شاكلة؛ أبو مصعب، أبو معاذ، وأبو الدرداء، تورثهم الغرور والعنف،
هذا الاغتيالُ المبرمج لنقاء الطفولة وبساطتها وسماحتها، مع سبق الإصرار والترصد كارثة وطنية، ومرضٌ من أخطر الأمراض المعدية، وهو أشد خطورة من السرطان، والضغط، والسكر، والسمنة، وغيرها!
إن علاج هذا المرض الخطير أهم من علاج بقية الأمراض، علاجُه يتمثل في برامج الإشفاء، مثل برامج الفنون بمختلف أشكالها وأنواعها، والرياضيات المختلفة، مضافا إلى ذلك التوعية الأسرية، ووضع ميثاق شرف لحماية الأطفال من تغرير بعض الفرق والأحزاب.
ينبغي وضع برامج توعوية عاجلة للحد من انتشار هذا المرض، ويجب العمل على صياغة برامج تربوية آجلة، تحتوي على مناهج للفنون بمختلف أشكالها وأنواعها تتولى تفريغ شُحنات العنف عند الأطفال، وتؤدي دور مانعات الصواعق!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية، إيربن هاوس
- الفرهود
- معجزات غزة
- من ملف الأونروا
- مستقبلكم غير مُشرق
- حقق أمنيته في الثانية والتسعين
- فيتوات العالم
- الثأر الوطني، والُار القبلي
- دولة الحواجز
- الرومانيون يهود!!
- عمامة نابليون
- لقطات إعلامية من غزة
- مصانع النكتة
- قصص الفقر في غزة
- الغزل الصاروخي
- ما بعد ابن خلدون!
- دبلوماسي من سلالة هارونّ
- دبلوماسية الأقدام
- يحدث في دولة الديموقراطية
- عدو اليونروا


المزيد.....




- السعودية.. الديوان الملكي: دخول الملك سلمان إلى المستشفى لإج ...
- الأعنف منذ أسابيع.. إسرائيل تزيد من عمليات القصف بعد توقف ال ...
- الكرملين: الأسلحة الأمريكية لن تغير الوضع على أرض المعركة لص ...
- شمال فرنسا: هل تعتبر الحواجز المائية العائمة فعّالة في منع ق ...
- قائد قوات -أحمد-: وحدات القوات الروسية تحرر مناطق واسعة كل ي ...
- -وول ستريت جورنال-: القوات المسلحة الأوكرانية تعاني من نقص ف ...
- -لا يمكن الثقة بنا-.. هفوة جديدة لبايدن (فيديو)
- الديوان الملكي: دخول العاهل السعودي إلى المستشفى لإجراء فحوص ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لنقل دبابة ليوبارد المغتنمة لإصلاح ...
- وزير الخارجية الإيرلندي: نعمل مع دول أوروبية للاعتراف بدولة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - توفيق أبو شومر - الكاميرا الخفية