أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - إسكندرية














المزيد.....

إسكندرية


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 6031 - 2018 / 10 / 22 - 00:24
المحور: الادب والفن
    


(١)
قولوا للإسكندرية...
أنني الآن متاح ومباح لها بطول المد والجزر...
وأنني عاهدت الله ألا ألبس بردة مدينة أخرى،
وإن تُشابهها...
مصلوب أنا على باب المدينة، وتاج الشوك يغُز أفكار البُعاد...
قلبي الذي نزف الأماكن كلها، الآن يصفو،
يقدم اعتذاره لكل الشواطيء التي داس رملها يومًا،
لكل البارات التي قلدت خمرك يا إسكندرية، ونبيذك الأحمر، وشوارعك التي تحتمي بالعمائر في الشتاء، وصوت البحر في جدار قلعتك...
زحمة المصطافين على باب صيفك تردني عنك، وترميني إلى لسان تخرجينه في وجه العواصف وموج ديسمبر...
تنادين تعالَ... وأنا مطروحٌ في الغياب مثل طفل تاه من أمه في مولد المرسي...
كلما يمر الناس حوله يخاف ألا يراها؛
ويبكي...
قولوا للإسكندرية؛ يا أحلى المدائن والكمائن ويا سيدة الأفخاخ على مرّ الزمان،
يا حبيبة البحر التي تشرب من نيلي محبتها في كأس صياد جاءها يُغني، عبْر أسوارِها، أبوابِها التاريخية، وتمثالٍ روماني يقرر الرأفة به؛ ويفرش له ظلاً من الحرِّ،
ليستريح...
يا مديني التي عاشت معي سبعة أكوان عبرناها؛
مرة ككاتب ومعجبةٍ،
ومرة كأمير يقرر أن يجعلها عاصمة المدائن في قلبه محبةً في أميرتِه،
ومرة كمجنون فرنسي يضربها بالمدافع طمعا في لفت الانتباه...
ومرة أكون غريبًا بات الليل في شوارعها الجميلة...
ومرة...
ومرة...
ومرة؛ ابنك يا حبيبة...
يا سيدتي، وقاهرتي، وصوت طفل كان يناديني ويشغلني،
يا إسكندرية...
يا صاحبة الزعفران والسهران يحادث قلبك المجروح بطول شارع "أبو قير"...
ضميني إليك من جديد، وصالحي أيامي عليك...
يا إسكندرية العالمين والطامحين والراحلين عنك،
أنت الآن مدينتي وحدي.
(٢)
تعود الإسكندرية كل مساء متعبة، يحاول بحرها أن يستعيد ضحكة ولت...
تشكو الناس اللئام والأفيال التي تدوس الأرض في شوارعها،
للإسكندرية صوت مجسم تقلده المذيعات في نشرات الأخبار التي تنقل عنها كل يوم قصة جديدة مشغولة التفاصيل بجرح قديم...
وأنا؛ صيادٌ على باب المدينة يستأذن بحرها للدخول...
المدينة مرهقة من الفواتير، وحساب الأمور، والتفكير في مستقبلها البعيد...
المدينة تُخفي جمال تاريخها عبر العصور، وتتعمد ألا تطيل النظر إلى البحر بعد أن خوّفوها...
وموج الذكريات والضحك والغناء وشلل الصحاب للصباح وألف حكاية من حكايات اللفِّ في الشوارع؛
كلهم ناموا...
الإسكندرية يجافيها النوم، كلما تحاول في الليل أن تستريح، وأن تتهيأ لحلم جديد...
لا تنام،
في حلم لها، كان لها حبيبًا بعيدًا يشبه صوته صوتي حين يحكي لها عن كل المدن التي تحاول أن تشابه صورتها التي أحمل ملامحها تحت جلدي...
وحين أغني لها، تحاول أن تضحك...
للإسكندرية سبعُ ضحكات صرتُ أعرفها، في كل يوم أُخرجُ الضحكات، أوزعها على أسبوعي الطويل...
الضحكة الأولى تقول: تعال، والثانية؛ تفرشها في الطريق نحو مجهولي، والثالثة ملونةٌ برائحة النساء في حواريها الشعبية، والرابعة دومًا تعيدها ك"تراكِ" موسيقى أسمعها في انتظار المحاضرات، والخامسة ضحكةٌ لها من ريح أمي وابنتي في بعدها، والسادسة؛ ككوب القهوة في الصباح لها طزاجة الكادحين، والسابعة تقول؛ أحبك يا بعيدًا في الخرائط المطبوعة في كتب التلاميذ...
الإسكندرية في كل ليل تريح رأسها على كتف صورتنا الافتراضية التي لم نأخذها، ونعرف أننا لم يكن في إمكاننا غير انتظار توقيت مناسب للقبلة الأولى...
مدينتي البعيدة تمسح الآن بعض حزنها الأزلي عن خدّ كورنيش حكايتنا البريئة، وتدعو الله ألا تخطفني سالفادور عبر باراتها وشوارعها المراوغة، وككل ليل تحاول أن تنام.



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رأيت الله
- أنا بخير
- جميلة أنتِ
- استرنجيرو
- أن تحطم صنمًا... (محفوظ وأدونيس؛ الصنم النبيل)
- الشعب الأزوادي المُفترى عليه
- الطريق إلى براءة او إدانة طارق رمضان
- رسالة إلى أمي
- لحظة التجلي... -من كتابات المساطيل-
- حدث في سانتوس
- عيد ميلادنا الأول
- يا دُفعة... قصة قصيرة.
- كذبة إبريل
- مرايا -قصة قصيرة-
- تهنئة عيد ميلاد... إلى Man Mikha (عبد الرحمن مختار)
- صورة أبي
- كراهية
- أنا المنسي
- رباعيات نبي مرفود
- في قعر الفنجان


المزيد.....




- وفاة ديان لاد المرشحة لجوائز الأوسكار 3 مرات عن عمر 89 عامًا ...
- عُلا مثبوت..فنانة تشكيليّة تحوّل وجهها إلى لوحة تتجسّد فيها ...
- تغير المناخ يهدد باندثار مهد الحضارات في العراق
- أول فنانة ذكاء اصطناعي توقع عقدًا بملايين الدولارات.. تعرفوا ...
- د. سناء الشّعلان عضو تحكيم في جائزة التّأليف المسرحيّ الموجّ ...
- السينما الكورية الصاعدة.. من يصنع الحلم ومن يُسمح له بعرضه؟ ...
- -ريغريتنغ يو- يتصدّر شباك التذاكر وسط إيرادات ضعيفة في سينما ...
- 6 كتب لفهم أبرز محطات إنشاء إسرائيل على حساب الفلسطينيين
- كفيفات يقدّمن عروضًا موسيقية مميزة في مصر وخارجها
- عميل فيدرالي يضرب رجلًا مثبتًا على الأرض زعم أنه قام بفعل مخ ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - إسكندرية