أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - المسؤول الحقيقي عن مأساة العراق الحالية شعبه وليست حكومته.















المزيد.....

المسؤول الحقيقي عن مأساة العراق الحالية شعبه وليست حكومته.


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 5986 - 2018 / 9 / 6 - 18:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربما لم يتمعن صديقي الفاضل كثيرا في مقالتي السابقة (البصرة المتآمرة على نفسها) حتى أسرع بكتابته لرسالة عتب ذكّرَني فيها بعدم جواز المساواة بين النظام السياسي المتسبب بالضرر من جهة وبين الشعب المتضرر الوحيد بالنتيجة, خاصة حينما يتعلق الأمر بقضية خلق الأخطاء أو مستويات المحاسبة. الرجل (القيسي) الفاضل كان يسابقني بصدق على محبة أهل البصرة, ولكثير من العراقيين كأنما هناك إحساس يولد معهم ويوصيهم خيرا بهذه المدينة حتى صارت محبة أهل البصرة عندهم مثل صفة جينية موروثة سرعان ما تعبر عن نفسها بقوة حالما وأينما يرد إسم البصرة. ولو صار هناك إستفتاء عند جميع العراقيين عن المدينة الأحب إلى نفوسهم لكانت البصرة هي الفائزة بعد أول منزلِ.
لكن تلك المحبة لها خطورتها حينما تكون مفتوحة أو حينما تصبح عاملا لتأكيد التغاضي عن الأخطاء أو التشجيع عليها, بينما يكون رصدها وتشخيصها في مصلحة مرتكبي الأخطاء أنفسهم, إذ لم يعد خافيا حقا أن الشعب, بعد عام الإحتلال وتحت ما يسمى الآن بالنظام الديمقراطي بات مسؤولا عن صنع الأخطاء وعن تصنيع الخاطئين أنفسهم, ففي الزمن السابق, وخاصة في المراحل التي تلت سقوط النظام الملكي, ونتيحة لهيمنة حكم العسكر ومرورا بنظام صدام الدكتاتوري ووصولا إلى يوم الإحتلال كان الشعب في موضع المتلقي ولم يكن يملك أية وسيلة حقيقية تجعله مشاركا في صنع القرار.
مع النظام الشمولي (الشعب على حق ولو كان على خطأ) لأن وعي الشعب وطريق إقترابه من الحدث يبنيه حزبه الحاكم أو رئيسه المتفرد بالسلطة. ويوم يصطف الشعب مع قرار خاطئ, أو حتى حينما يصفق لهذا القرار أو حتى حينما يقاتل من أجله فهو إلى حد كبير ليس مسؤولا عن النتائج التي يفضي إليها, لذلك فهو سيكون معفيا من الوقوف في قفص الإتهام حينما يحين وقت المحاكمة وهو لن يكون شريكا مع المتهم في القضية وخاصة بالمعنى الجنائي.
وفي مقالتي الأخيرة (البصرة المتآمرة على نفسها) ليست هناك فقرة أو جملة واحدة تدعو إلى تضمين قائمة المتهمين بالجريمة غير تلك الأسماء التي شاركت بتصنيعها من موقع المسؤولية. لقد كنا نؤكد على ذلك حينما كان يجري تحميل الشعب العراقي مسؤولية ما حدث للعراق خاصة بعد إنهيار النظام الملكي, داعين للتعامل السياسي مع الأحداث الساخنة من خارج النوايا التي تحاول بناء نظرية تؤكد على وجود ميول عنفية جينية لدى الشعب العراقي, مستدلين بالكثير من الحوادث المشابهة التي قد تتفوق عليها وحشية ومنها تلك لم تمنع الشعب الفرنسي أن يكون صاحب الثورة العظيمة من أجل حقوق الإنسان رغم العنف الشديد الذي صاحب تلك الثورة, مثلما لم تمنع أبناء الفايكنغ الإسكندنافيين لكي يكونوا في وقتنا الراهن أدلاء للإنسانية المتحضرة, ولا منعت اليابانيين بعد حروبهم الشرسة في الهند الصينينة أن يصيروا مقوسي الظهور لكثرة إنحنائهم إحتراما للغريب.
وفي معرض الرد على مقالة (نحن شعب لا يستحي) حَمَّلْتُ كاتبها تهمة عدم الحياء لإنه في ظني كان يحاول كل جهده إسقاط الشعب العراقي عن طريق تحميله ذنوب جرائم يتحملها بالأساس حكامه وقياديه, مدعيا أن هذا الشعب هو بطبيعته خائنٍ للعهود وغادر بالمواثيق, والدليل مقتل الملك الجميل وعائلته في قصر الرحاب رجوعا إلى مذبحة كربلاء يوم بايع الحسين وغدر به ! ثم بايع العائلة الهاشمية وغدر بها ! ثم .. وثم .. وثم .. ثم وصولا بالـ ثم إلى قضية التخلي عن صدام الذي كان, اي الشعب, قد رقص في حظرته فإذا به يوم الإحتلال يتخلى عنه ولا يضحي بدمه من أجله تنفيذا لهتافه بـ (الروح والدم نفديك يا صدام).
لكن لنعترف أن الأمر قد تغير بعدها بشكل جوهري. قبل الإحتلال تمكن صدام وحزب البعث من السلطة والحكم بقوة الدبابة. لم يقل أحد من البعثيين إنهم جاءوا إلى السلطة بقوة الإرادة الشعبية ونتيجة لإختيارات حرة. لقد كان بإمكانهم ان يفسروا شرعية الإستيلاء على السلطة والحكم وفق مفاهيم تتحدث عن دور الطليعة وعن مستحقات الثورة, وكان سهلا على (الشعب) الإدعاء بأن دوره في عملية الإختيار كان محدودا جدا, بل ومعدوما.
أما في الفترة التي تلت الإحتلال فقد دخل الشعب في مرحلة نوعية جديدة. لقد صار بيديه, وبإصبعه البنفسجي تحديدا قرار إختياره لقياداته.
أما نتائج الإختيارفقد جاءت مريضة جدا وسقيمة جدا وعليلة جدا.
وهذه المرة لم يعد بالإمكان تكرار نفس الإدعاء الذي يقول أن تشكيل السلطة كان قد جرى بقوة الدبابة لأن السلطة أتت هذه المرة بقوة الإنتخاب الحر. نعم بقوة الإنتخاب الحر, وكان لأهل البصرة دورا كبيرا في الإتيان بهذه السلطة.
أما الجعفري والمالكي والعبادي, واما الحكيم والباججي وعلاوي ومحسن عبدالحميد, فقد أتت بهم أمريكا من داخلنا ولم تأت بهم من بين صفوف الكوكلاس كلان أو من بين صفحات الإنجيل, بل كانوا جاهزين بكامل عددهم وعدتهم ومتهيئين للقفز من داخل خلايا تاريخنا النائمة لكي يباشروا فورا خوض حروب لم يكن قد وضعوا لها بالأمس فصل الختام. وفي عام 2005 ذهب العراقيون إلى صناديق الإقتراع وكانما ذهب كل واحد منهم للتغلب على صاحبه في يوم سقيفةٍ جديد, وفي الأعوام الأربعة التي تلت كرروا نفس الخطأ وفي الأربعة التي بعدها اصروا على إرتكابه من جديد, وبين كل دورة إنتخاب وأخرى كان الشعب يرى بام عينيه أنهاره وهي تجف ونخيله وهي تموت وبيئته وهي تتسمم ومرضى سرطانه وهم يتكاثرون, ومع كل ذلك كان هذا الشعب يستمع بنفس اللهفة إلى خطبة الجمعة ويسير بنفس الأقدام اسابيع في كل سنة من أجل الوصول إلى كربلاء تاركا نفطه لقطاع الطرق التي يخصصون تفاليس منها لطهي طعام المواكب ويشترون بالباقي منها العقارات والنفوس الضالة ويدفعون المتبقي منهالدعم ميزانية دولة نائب الفقيه في طهران.
في العادة تذهب الشعوب إلى صناديق الإقتراع لإختيار مستقبلها, إلا العراقيين فقد ذهبوا لإختيار ماضيهم, لذلك لم يكن غريبا عليهم أن يجدوا أنفسهم في مواجهة بعضهم البعض: علي في مواجهة عمر, يزيد في مواجهة الحسين, وفاطمة في مواجهة عائشة.
وإلى أن يُبت في أمر من هو الأصلح للخلافة بعد الرسول ! وإلى أن يتم الثأر من كاسر ضلع الزهراء ! وتحسم عائدية فَدَك ! فإن كل نخيل البصرة آيل للإنقراض وكل أنهارها آيل للجفاف وكل نفطها سيوضع في خدمة دولة هالكة وعصابات متهالكة.
وإذ ذاك ليس هناك من تلومه البصرة سوى البصرة.
وليس هناك من يلومه العراق سوى العراق



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البصرة المتآمرة على نفسها
- إنه الجنرال دولار سيداتي سادتي
- الإسقاطيون والموقف من التعويضات التي تطالب بها إيران. ربما ك ...
- عن غزو الكويت وعن دور غلاسبي وعن أشياء أخرى
- نائب عن الشعب أم نائب عن مجلس النواب
- العراق الذي يبعث من جديد
- حوار حول العلمانية
- السعودية وإيران .. الأخطر والأشد خطرا !
- مرة أخرى .. الشعب, ما هو الشعب
- العراقيون .. هل هم شعب لا يستحي ؟
- نعم .. الفقر رجل وبالإمكان قتله .. بمناسبة إستشهاد الأمام عل ...
- السباحة مشيا على الأقدام
- أول الغيث .. (بَيْدَ أن) .. ثم ينهمر
- تزوير التزوير
- نهاية عصر القمامة
- الإنتحابات العراقية .. النقطة الغائبة.
- عن إسرائيل وعن إيران وعن : عنا
- المالكي .. موناليزا العراق
- المجرب لا يجرب .. حَمَّال أوْجه
- القابضون على الجمر


المزيد.....




- موسكو تؤكد استعدادها مع بكين للمساعدة في تحقيق الوحدة الفلسط ...
- هنية يهاتف وزير المخابرات المصرية بشأن مفاوضات وقف إطلاق الن ...
- مجموعة ملثمة مؤيدة لإسرائيل تهاجم مؤيدين للفلسطينيين في جامع ...
- شاهد: انهيار طريق سريع جنوبي الصين يودي بحياة 48 شخصاً
- واشنطن تعتبر تصريحات قيادة جورجيا حول تهديدات الغرب تقويضا ل ...
- عالم أحياء يكشف الخصائص المفيدة لزهور الزيزفون
- الشمس تومض باللون الأخضر لبضع ثوان في ظاهرة نادرة للغاية
- تحذيرات من علامات في كتبك القديمة قد تعني أنها -سامة عند الل ...
- الإعلام العبري يكشف عن انتشار غير عادي للجيش المصري على حدود ...
- دراسة تونسية تجد طريقة بسيطة لتعزيز فقدان الوزن


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - المسؤول الحقيقي عن مأساة العراق الحالية شعبه وليست حكومته.