أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد عبد العظيم طه - ديوان الحيرة العظيمة - 9/4















المزيد.....

ديوان الحيرة العظيمة - 9/4


أحمد عبد العظيم طه

الحوار المتمدن-العدد: 5979 - 2018 / 8 / 30 - 00:35
المحور: الادب والفن
    


نون المجنون


كان يعرفُ قَدْرها
ولم تكن تعرف قَدْر نفسها
ولم يُسعفه الوقت الظالم حتى الجهل
أن يبوح لها كيف رآها
وكيف تَلَقّاها بروحه الميتة
كطعنةٍ من ضوءٍ طاهرٍ، أَسَالَتْ منه دمًا حيًا
كمْ يَئِس من قبلها أن يَسيلَ

كانت تَعرفه كما تَعرف الناس
وكان يَعْلَمُها كعلمهِ بسريرةِ قلبه
ذلك من شدة توغلها خلاله واشتباهها على نفسه
حتى إذا ما انفلق الشك عن اليقين
وانسحبَ العدم من المَلأِ
وانطبقَ السر على الروحِ
عندئذٍ عَلِمَ فكتَمَ، ورأى فأخفى، وأحس فارتمى
واقترَبَ فما طاقَ، ومَسَّ فانذهل

فاجتمع عليه وجْدُهُ، ووجوده، وحَرُّ شوقه، وطمع خوفه
وعزة غيبته، وهوان حضوره، وتقطع سَفرته، وقلة حلوله
فأصابوه في رأسِهِ التي يَعرِفُ بها
وفؤادِه الذي يَرى منه
وانطَلَقَتْ عليه نفسه كحصانٍ مقتول الراكب
فأطلقها على الناس والأيام والطرق المهجورة
والمدائن المعمورة والسماوات البعاد...

وصارَ يَمشي ويَهذي مَمْسُوسًا بما التبسه من المَسّ
ذلكَ الأقدَر من الجنّ، وأَسرَع من الريحِ، وأكبر من البحر
وأنفَسُ من الحياةِ، وأصفى مِن العينِ، وأكدرُ مِن الطينِ،
وأشهى مِن الفرحِ، وأمَرُّ مِن الحنظلِ، وأعتى مِن الهمّ،
وأَفْتَكُ من المرضِ، وأرفعُ من الموتِ،
وأحنى من الأمِّ على ولدِها، وأشد عداوة من المرءِ لنفسِهِ

ذلكم العشق
فمَن اتقاه فقد نجا واتقى
ومن تَصدى فقد هوى وأثِم

وصارَ يَمشي هاذيًا..
ناثرًا فُتَاتَ ما أوتيَ من الحق
فإذا هو لا زال مُجْتَزِئا ولو أَجْمَلَ
وطارقا وإن أُدْخِلَ
ومُتَلَمِسًا إذ يَصِفَ فلا يُحيطُ
ويَجْذِبُ فلا يُميطُ
وليس لِمَا شاء مشيئة أو سبيل
إن هي إلا شذرات لا تُغْنِي عن أصْلِها من شيءٍ
كمنظرِ سحابةٍ لا تُمطِر
أو صوت طائر لا يَظهر
كشيءٍ بالشيءِ يُذكَرُ، فلا يُذكَرُ
حتى تَعِبَ الذي يَمشي
فوقعَ الذي تَعِبَ
فصرخ الذي وقعَ بالنونِ

وكانت صرخةٌ عُظمى، تساقطتْ حولها الأفهام
وأطبقتْ أصداؤها الأودية، وفَزِعَتْ لها البريةُ
وإذا به قد استراحَ وتَبَدّتْ له الدنيا خالية من الدنيا
مُنزهة عن الأشياءِ والأنفسِ والزمان الدائرِ..

فرآها مرةً أخرى
وكانت رقيقةً كالماءِ، ومريحةً كالنسيمِ، وملساءَ كالنورِ
ولينةً كالنغمةِ، وبديعةً كالسكونِ
جميلة كالبصرِ، وشفيفة كالبصيرةِ
خجولة كالبناتِ، ومدهشة كالبرقِ، وفاتنة كالعراءِ
زاهية كالدرِّ، وشامخة كالفُلكِ، وواهنة كالشفقِ...

قد خُصَّ من رأى، وأُعْمِيَتْ العَوَام والدهماء
إذ على الروح إدراكها ورؤيتها كما رأى
وإنها يَتصورها العقلُ ولا يُدركها
ولو عانى واجتهد وشقيَ بمعناها القاهرِ للمعنى
والواجبِ على الحسِّ
إذ لا تَحُدُّها الأفكار، ولا تَجمعها الوقائع
وتَتَهيبها الحقيقة، وتخالها الفروض فرضًا

هي روح تعرفُ صَارخها
ويَهفو إليها الصارخ المطروح أرضًا يَئنُ بِنُونِها
النونُ التي لها تُؤيدها وتَفتح اسمها بالحزنِ المنيرِ
والحق، والظلم، والصبر الشديد العسير
ورجاء يائس في الأحياءِ الموتى
ورضاءٌ ممنوحٌ بالقدرةِ فلا يَنفد أبدًا
وجمالٌ مَشفوع ٌبالألمِ الطاهرِ
ويَقينٌ رائقٌ يَتجسمُ كالشيء

هي نونٌ تَملؤها الروح، والسكينة، والأمل البعيد القريب
والوعد الموصول بالنصرِ، والعهد المقطوع بالهناءةِ والسعدِ
هي الغريبة بأرضٍ لا تَعرفها
الفريدةُ في السمتِ، والصوت، والصمت، وباطن القلب
ووحي العين، وصورة الوجه والبدن
فإذا ما تَكَلَمَتْ سكتتْ، وإذا ما نَظَرَتْ وهبتْ
وإذا مَشَتْ طافتْ، وإذا لاحتْ ولّتْ
وإذا ابتسمتْ بَلّتْ حتى سَقَتْ، فإذا سَقَتْ أَسكَرَتْ
وإذا جَسّتْ أضاءتْ حتى أَشْعَلَتْ، فإذا أَشعلتْ أَفْنَتْ
هي إن تَنفستْ عَطرتْ حَولها
وإن تَثاءبَتْ حَجَبَتْ ذاتها
وإن غَفَتْ زادَ حُلولها، فإن يَقِظَتْ طَغَى وجودها
هي إذا ما سَتَرَتْ بَانتْ حتى كَشَفَتْ، وإذا كَشَفَتْ أَشرَقَتْ حتى قَتَلَتْ
هي في الصباحِ صباح، وفي الضحى أصيل، وبالمساءِ كوكبٌ دريّ
هي لا تُشبِه أحدًا، ولا أحد سوف يُشبهها

تلك المخلوقةُ من الماءِ، واللهبِ، والرحيقِ، والشجنِ المُقدس
تلك الموصولةُ بالملكوتِ
الممسوحة بعذابٍ مأمورٍ مُشْفِقٍ يَزيد ُولا يَمضي
المُحَصَنَةُ بالبشارة والوعدِ، وفؤاد ٌراسخٌ لا يَمَسَه الظنّ ولا تُغيره الأحوال
فلا يَتقلب إلا بالنور الغائر والشوق الصاعد والسرّ الأمين
هي الموزَعةُ على المشارقِ والمغاربِ
يَسرقها النهار مِن الليل، ويَنهبها الليل من النهار
تتناقلها الأعوام، والأفواه، والعيون، وقلوب هائمة بالعلمِ وتَفْقَه

هي التي إذا فَرِحَتْ تَفَرَقَ فرحها بين الناسِ
وأُعطيَ كل ذي خوفٍ، وذي كربٍ
والصابرين على الشر، والبأس، والعشق
فإذا بَكَتْ تَرى الغيم مُسودًّا لها، والريح ُعاصفة لها
ويُسقِطُ دمعها الرحمات على الأشهادِ
ويُطلقُ اللعنات على من أَحْزَنَ وبَغَى وكان على علمٍ منها
فلا تقومُ له من بعد حزنها قائمة
وتسطو عليه نفسه بالباطل فيضلُّ ويبقى بلا رشدٍ أو هدى
حتى يَشقى ثم يَكْرَب ويَشتد عليه الجزع
وتضيقُ على صَدرهِ الأرضُ بما وسِعَتْ
وتُرهِبه الدنيا فيطغى، ثم يقع من الحزن فيبلى
ثم يزهد ويَسلو
فتنداح ُله الرؤيةُ والبصر
حتى إذا رأى ما رأى .. هامتْ روحه تسعى
وصار يَمشي ويَهذي، فيُعْجِمُ الخَطوَ، ويُحْكِمُ الهذيَ
ولا آخر لِمن يَسري بما يَسري
قد ضاعَ الطريق في الطريق
وانْهَارَ الحائط على من وراءه
فكان العراءُ في العراءِ
والأملُ كما يَجري، والقطرةُ في البحرِ
والعودةُ أخلية وسرابا ومحالا أن تَأتي
إلا أن يَأتيَ الصفح والفرج والقيد

فلا تحزني ولا تبكي أيتها الأنثي العلياء
إن حَقّكِ قد أتى ضعفين وعوقبَ من تجرأ وجنى
فهو إذ يَكتُبُ يَتناثرُ مجذوبًا بكِ ومنكِ ولكِ
مغروسًا على الأوراقِ بالقلمِ والدمِ
وانتظار مرير لشيءٍ يقتربُ ببطء

حتى إذا ما دَنا
التَفَتُّ إليكِ ولوَّحتُ أنا،،











عبثٌ مُدَبَبٌ على سراطٍ مُستقيمٍ



كَفى كَفى
كُفّي كُفّي
ما هذا العبثُ الذي أنتِ فيهِ
ما عُدنا صِبية وهذا الكلامُ الرقيع
فكُفّي واستمسكي وتَحولي عن ذلك التبدد الذي لا طائل من ورائه
فنحن مُجهدونَ بما يَربو عَلينا بـ عَلينا غيرنا
أنا وأنتِ والباقينَ بيننا
وكلُ شيءٍ له دخلٌ بالموضوعِ

وحتى أفكارنا باتتْ مُجهدة رغم أنها ليست مثلنا حية
ولا تشعرُ بالإجهادِ والألمِ وشقوة الأحوال
ولكنها تُصيّرهم كأفكارٍ
فتُجْهَد ُهي مَجازًا ، ونَلهجُ نحن تحقيقًا

وذلك ما كنتُ أخشاهُ وأُحاربه فيكِ
أراني قد فعلتُ عينه تمامًا وانسقتُ ورائكِ
أيتها الملعونةُ المجنونةُ
ذلك الجنون الأزرق بلا لطفٍ يُخففُ منه على الإطلاقِ
وها أنا قد بدأتُ أعبثُ أنا الآخر وأُجهد نفسي التي أُحادثها
وأُحِبُّها أيها الأحمق الذي ظنَّ أننا اثنان متعاديان
وأنني أنهرها على عبثها غير المُجدي
لأنني لستُ مقتنعًا سوى بالهدوءِ وتنظيم التنفس
لأننا بالفعل مُجهَدونَ، أنا وهي والآخرون
ولسنا نَحتملُ عبثًا يُربِكُنا وجنونا يَتلبسنا
فنصبحُ كالكلابِ في البرّيةِ إذ تنبحُ على عفريتٍ
ونحن لسنا بناقصينَ حتى نَكْتمِل
ولسنا بأحصِنَةٍ حتى نَحْتمِل
ولتُفكر أنتَ كما تُفكر، ولتُعَلِلْ كما يَحلو لك
فليس على الحمقى أي حرجٍ بأن يَتعثروا ويَقعوا
لنُقِيِمهُمْ نحن مرة أخرى ونربت على رؤوسهِم بتشفٍّ واضحٍ
ونقول لهم أن احترسوا في المراتِ القادمةِ من سُلَّمِ نَفَق كهذا
يُغويكم ظلام آخره، فتركبون أوله نازلين، فينهار بكم كالفخِّ المُعدِّ
فاحذروا لئلا تسقطوا على جذورِ رقابكم بقوةٍ

وها أنا ذا قد استدرجتُكَ للمرة الثانية أيها الأحمق المَعْنِيُّ
وأَوهَمْتُكَ أنني أُنجيكَ وما أنتَ بمُسْتَنقَذٍ من البراثن العطشى للخمشِ
حتى يَظهر عَظْمُكَ، ولستَ بمأمنٍ من الشرورِ
التي كنتَ تظنها قد انطمرتْ بعد الحربِ وبمرور الزمنِ
فها هي قد انتفضتْ، ونَمَتْ، ونتأت حوافرها
فَتَهَيّأ للسحقِ، واحتَسِبْ في الزمانِ الذي جعلكَ تَراني واحدًا غير نفسي
أو أنها واحدة غيري، وأننا مُتعاديان.. فمن أنا سواها! ومن غيرها غيري!
ومن نحن سوى إياي أيها الغِرُّ الساذج كما يقولون في الحِكَمِ...
فكلاَ وعشرون كلاَ يا حبيبي، ولن أدَعَكَ حتى تَنضُبُ حتى،،،

ولأَعْبَثَنَ كما أُريدُ، وكما تُريدُ، وكما يُريدُ الآخرون
فما بالكَ لا تُطيقُ اللهو، وهو يهدي إلى الشر، الذي يُفضِي إلى الخوفِ
وذلكَ ما قصدناكَ به لتُوهبه من لدُنّا خالصًا ومجانًا
وتفعله وحدكَ عندنا، فتكون من المُخْتَصرينَ، المُشيرينَ على الكامن بهم
أين يكمن، فنراه مُرتجفًا من الرهبةِ، ثم من الخشيةِ
ثم من الهوى ومرارةِ الأمر، ثم من العشقِ
فمالي بكَ أيها "الأيها".. ومَنْ بعشقي سيُبتلى مثلي أنا؟
ومَن سيُبصرُ ثم يَرجعُ ثم يَخسأُ مرتين ثم يَرجعُ مُبصرًا هذا الرهيبُ
هذا العبث –لو تذكرون– سوى أنا؟
وذا أنا قد عُدتُ من عندي أنا، لا شيء تحتي، وليس ثمةَ مطلقٌ إلا أنا.

ولقد أخذنا نصيبنا منّا ونحن مُعضدينَ بما لنا
ولا علينا –لا علينا– ولا انحراف لنَصّنَا عن قَبْضِنَا
سَنَنُصُّ فيه بروحِنا مِن روحِنا، شريعةُ التوحيد فيما بيننا
وسَنُلقيِ في رَوعِ الحديثِ بنفسِنا، ونَخبُّ في أثنائنا
ولسوفَ نقفو إثرنا، ونضوع ُريحًا بالحياةِ وبالدُنا
فقد امتثلنا لأمرِنا بأمرِنا
وذاكَ خَتْمُ غنائنا يا أحمق فلاَ تأخُذَنكَ الموسيقى بالإثمِ
فتطيش عن الغرضِ كالحَجرِ إذ يُلقى على غرضٍ فيطيش
وتعرضُ للغطِ الدهماءِ عنّا، وتهفو نفسكَ في البعدِ فتتبوأ سِكَّتَكَ من الضياعِ
يا ضعيف، يا كسول، يا خائب المَشي، ومُحبط أي شيءٍ، ومنسوخ القول والعمل
ومخدوعا في التوهمِ كمرآةٍ، ومُخطئا بالتَصَرّفِ كحيوانٍ
وماكرًا بالنية المُبَيْتةِ، وضالا إلى أبعدِ الحدودِ، ولا يَنفع ُفي هدايتِكَ غير السجن
أو القتل عمدًا بلا أيةِ مُبرراتٍ سِيّمَا البَطَر وقِلة الحمد
أيها الوغد، الجبان، التعس، القذرُ من داخِلِكَ جدًا، المُتسلطُ على نفسِكَ
المُتعنتُ ضِدَكَ، أنتَ الأحمقُ الذي تتعابثُ معنا، وما تَعبثُ إلا عليكَ
ولستَ أنتَ بداخلنا، وما نحن فيكَ، حتى نتحد ونعرف ما الذي يَحدثُ بالضبطِ
ومَنْ مع مَنْ؟ ومَنْ قَيْد مَنْ؟ ومَنْ ذِئْبُ مَنْ؟ ولماذا أنتَ وليس أنا
مَنْ له الطَوْلُ والحَوْلُ والمَجد ُفي هذا الكيان المُوزَع بالظلمِ، أو بالعدلِ
"إنما الكارثةُ تَكْمُنُ بالتَوَزُّعِ كالمُصيبةِ"؟ ومَنْ أنا ومَنْ أنتَ غير نحن؟
فلماذا يُنحى التأويلُ على تلكَ الصورة؟ ونُفْهَمُ بهذا الشكلِ الخاطئ مِن خطيئةِ؟
المُتحفز مِن دنسٍ؟ وكيفَ نكونُ ولا نَظَلّ؟

فيا هذا العبثُ الكريمُ، نَسْتَهديكَ ألا تنقطع عنّا، حتى يُبَتّ ما يُبَتُّ الآن وليس غدًا
ويتفقُ المُجتمعون فينا علينا، نحن الذين بآخر الأمر أنا
وإننا إننا، هنا هنا، وأنتَ هناكَ هناكَ، ولكنكَ حَولَنَا

ونحن سادرونَ في الحماقةِ حتى نَصِل إلى حلٍ، أو يَطلِع الصبح ولا نَصِل
ونحن راضون.. راضون.. راضون...

ولقد يبدو العبثَ كأنه سيتفكَّكُ، وليس هو بمُتَفكِّكٍ، وإنما الضد بالضدِّ يُكالُ
وعلى ذلكَ فإنه يَترقى ويتعالى عن المقامِ بنزقٍ هو له، وحبكة هي منه
فما هذا، وما تلك، وما ذلكَ؟ فمُ الشيطان في أذني وعينُ الله ترعاني..
زمانا كنتُ فيهِ الناس وما كانوا بحُسباني
كالذي يُبالي، ولا يُبالي، وينامُ ويستيقظُ مفزوعًا، وإنه موجود بغزارةٍ مُرهِقة
وهيئة متراوحة بين الأبيضِ الشفاف لما ورائه، والأسود الحالك حد العماء
وإنهما كالقمر المنير لغيره، والمظلم على نفسهِ
وإنه أنا، وأنتَ، وكُلُنا
فلا تَكلّ أو تَملّ، واصمتْ وصَلِّ في قلبكَ حين تُشاهد
واعكُفْ عليكَ فإنكَ إنكَ..
وهذا مَسٌ، وتلكَ غوايةٌ، وذلك إغواء، فلا تَضِلّ إنما نحن مأمورون
ولكنكَ مُخيرٌ.. سأُعَلّمُكَ الخوض بالماء الغريق
ولن يَسلمَ الخائضُ حيث مضى
فلا تتكلم، ولا تستمع لما يُلقى، وتنائى بالصمتِ
واصبر واقتصد في لَأيِكَ
فإنه اليقين
وإنه ليس بمستعصٍ على الذين يبتغونه، فكن من المقربين

واعتَرِفْ بفسادِ رأيكِ، وإجرامكَ، وجُبنكَ عن الحربِ أيها الأحمق الصغير
العابث المفتون بالمُبددِ إلى درجةِ العشقِ
الذاهلُ عن المُستقرّ حد التركِ
وأنا لستُ هو.. فلا تتركوني لشأني.. ولن يتركني..
فليغفر لي وليسامحني

واللهم اهدنا أجمعين، واهدنا معهم
واهدني خاصةً
خاصةً.......





عن الموتِ حيًا، والحياة ميتًا!!



خُذ العنوان بيدكَ
كتعبيرٍ عن الأخذِ بالفعلِ
وتَمَعن به طويلاً
مثلما تُمْعِنُ في سلامةِ العُملاتِ ذات الفئة الكبيرة

تحسس مَلْمَسه ُجيدًا
عَرِّضْه للضوء لتَرى الخَط الرفيع، والعلامة الخفية

تَشَمَمْه ُبعُمقٍ
فكُلما زادتْ الفئة، اشتدتْ الرائحة

تَأكد تمامًا..
فحُكْمُكَ هو الفصلُ ما بين السلامةِ، والزيف.
وكُن على علمٍ بأنكَ سَتَشْتَرِي من المكتوبِ
بما كَسبَتْ يداكَ.

* عن الموتِ حيًّا!

كان الرجل كبيرًا جدًا في السِنِّ
فلَمّا سعلَ قال مُبتسمًا: وهِنَ العَظْمُ مِنيِ..

لم يكن حزينًا بقدرِ ما كان يُغَنّيِ
وبالقطعِ لم يكن قوله من قبيل النواح، أو الحسرة
على فسادِ البدنِ
وانتهاء الرسالة على الأرضِ
وارتقاب الصمت

كانت الروح عاملةً بقوة.. ومُستبشرةً بشراهة
وكان القلبُ يبتكِرُ المآسي، ليواصل العمل
وكان اللسانُ حلوًا، وخبيرًا في حِدةِ الحرفِ، واختلاج الصوت

والعقلُ كالقمرِ في آخر الليلِ
يُضيءُ للجميعِ، ليرى كلُ ذي شُغْلٍ شُغله

كان الكيانُ حيًّا بصورةٍ مُذهلة
رغم اهتراء الحيّز الذي يَشمَله

كان كجذوةِ النار في زجاجةٍ مُغْلَقةٍ
حتى إذا نفدَ الهواء، لم تنطفئ الجذوة
بَل انفجرتْ الزجاجة

حتى أنني تَخيلتُ أن الرجلَ عندما يموت
لن يموت!

* عن الحياةِ ميتًا!

كانت المرأةُ أرملة جميلة
ولها وجه تَحفُّه الدموع والملائكة
وجسدًا مشدودًا لم يَنلْ منه الزمان المُرّ

هي تعودتْ الصمت والحزن بالممارسةِ
هي منذ أحد عشر عامًا تَتَبدّى للناسِ صمتًا حزينًا
كَكَمَانٍ ماتَ صاحبه، فدُفنَ بالمقابرِ
ودُفنَ الكَمَانُ بالحياةِ

هي بالفعلِ جُثةٌ هامدةٌ في كل يوم
فلا يَعنيها من عمومِ الأحداث سوى النوم

كانت تنامُ
كانت تفرح ُبالنومِ
ذلك أنه موتٌ مُغاير

حتى أنني أيقنتُ أن المرأةَ عندما تموت
ستطيرُ مِن الفرح!



#أحمد_عبد_العظيم_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديوان الحيرة العظيمة - 9/3
- ديوان الحيرة العظيمة - 9/2
- ديوان الحيرة العظيمة - 9/1
- المؤسسة الوظيفية - فصل من رواية - 4/4
- المؤسسة الوظيفية - فصل من رواية - 4/3
- المؤسسة الوظيفية - فصل من رواية - 4/2
- المؤسسة الوظيفية - فصل من رواية - 4/1
- منطقة عشوائية
- تُرب الإنجليز
- المصح النفسي -فصل من رواية- 4/4
- المصح النفسي -فصل من رواية- 4/3
- المصح النفسي -فصل من رواية- 4/2
- المصح النفسي -فصل من رواية- 4/1
- المحافظة الجديدة -فصل من رواية- 7/7
- المحافظة الجديدة -فصل من رواية- 7/6
- المحافظة الجديدة -فصل من رواية- 7/5
- المحافظة الجديدة -فصل من رواية- 7/4
- المحافظة الجديدة -فصل من رواية- 7/3
- المحافظة الجديدة -فصل من رواية- 7/2
- المحافظة الجديدة -فصل من رواية- 7/1


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد عبد العظيم طه - ديوان الحيرة العظيمة - 9/4