أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - يوسف ابو الفوز - حكاية احتفال في ذكرى تاسيس الحزب الشيوعي العراقي تحت غيوم الخردل














المزيد.....

حكاية احتفال في ذكرى تاسيس الحزب الشيوعي العراقي تحت غيوم الخردل


يوسف ابو الفوز

الحوار المتمدن-العدد: 1506 - 2006 / 3 / 31 - 09:49
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


يوم16 آذار 1988 ، يوم دخل التاريخ . دخل وصمة عار في تاريخ النظام الديكتاتوري المقبور ، وفكره العفلقي الشوفيني . ذلك اليوم ، وبتحد سافر لكل الأعراف والمواثيق الدولية والأخلاق الإنسانية ، أرسل النظام الديكتاتوري المقبور ، طيور شره الحديدية لتخترق سماء مدينة حلبجة الكردية الوادعة ، لتنثر غيوم الموت ، ولتمطر السماء سموم الخردل والسيانيد وليكون حصيلة ذلك موت حوالي خمسة آلاف مواطن واصابة سبعة آلاف آخرين ، والغالبية كانت من الأطفال والشيوخ والنساء . بين شهداء المدينة كان العديد من مناضلي الحزب الشيوعي العراقي ، وفي ضواحي مدينة حلبجة الشهيدة ظلت العديد من عوائل الشهداء تدور تبحث بين الجثث عن ذويها ، ويتشبث بعضهم بأمل ان يكون ابنائهم من الناجين . الكادر الشيوعي ، علي فتاح درويش ، والمعروف بأسم " اسطة علي " ( مواليد 1936 ) ، واثناء قصف المدينة ، ورغم كونه كان موجودا في مكان امن نسبيا ، رفض مغادرة المدينة ، قبل ان يطمأن على رفاقه وعوائلهم في مركز المدينة. كانت طائرات الموت تحوم في سماء حلبجة ، والقصف مستمر حين ترك اطفاله في ملجأ امن في طرف المدينة ، بعيدين عن مركز القصف ، وقرر الذهاب لانجاز مهامه الحزبية . قبل المغادرة وعند باب الملجأ توقف قليلا ، عاد وشد على كتفي ابنته الكبرى بقوة ، وقال لها :
ــ اذا لم اعد اهتمي بأخوتك !
ذهب ولم يعد. ابنته الكبرى ، شادمان علي فتاح ( مواليد 1970 ) ، وبعد ان بحثت وتأكدت من استشهاد والدها ، تحزمت بكبريائها ، واخفت دموعها عن اقرب الناس اليها ، خاصة اخوتها الذين صارت مسؤولة عنهم ، وواصلت حياتها بأصرار. ورغم كل الحزن والدمار وشبح الموت الذي يحيط بالمدينة الشهيدة ، الا ان الثقة بالمستقبل لم تغادر قلوب الشيوعيين الاحياء وابنائهم ، الذين بقوا في المدينة واطرافها . وهاهو يوم 31 اذار يقترب . انه يوم تأسيس الحزب الشيوعي العراقي ، الذي عرفت مدينة حلبجة جيدا نضاله وبطولة انصاره ومناضليه ، ولطالما شهدت المدينة مظاهر احتفالية عديدة بمناسبة حلوله. حفلات تقيمها بعض العوائل مجتمعة ، منشورات توزع ليلا ، واحيانا وبتحد في وضح النهار. عوائل الشيوعيين واصدقائهم يرتدون اجمل الملابس ، ويغالي الشباب منهم فيرتدون ملابس باللون الاحمر ، والانصار في الجبال القريبة يزورون المدينة للقيام بفعاليات سياسية وعسكرية في تحد لقوات النظام الديكتاتوري ومرتزقته الجحوش. تلك الايام ، والحزن يخيم على المدينة ، قررت الشيوعيتان شادمان علي فتاح ، ابنة الشهيد علي فتاح ، وزيان ابراهيم محمود ( مواليد 1966) ابنة النصير الشيوعي في الجبل ، قررتا ان يقمن احتفالا بعيد الحزب الشيوعي العراقي ، وان كان عدد المدعوين محدودا . ربما بدا الامر غريبا ، واشبه بالبطر لدى البعض : كيف يمكن اقامة احتفال تحت غيوم الخردل ، وفي تلك الاجواء ؟ لكن الرفيقة زيان ابراهيم محمود قالت لنا :
ـ كنا ايامها بدون صلة بالتنظيم الحزبي ، كنا مقطوعين ، ولا نعرف اخبار الحزب في بقية المدن وفي مواقع الانصار في الجبل ، ولكننا اعتبرنا انفسنا الحزب ، وكان علينا ان نقول لانفسنا وللاخرين من حولنا ان الحزب باق ومستمر ، ومن هنا جاءت فكرة الاحتفال ، وصار يعني بالنسبة لنا شيئا كبيرا .
وتحكي زيان ابراهيم محمود وشادمان علي فتاح ، كيف ان مجموعة الشباب ، الذين وجدوا انفسهم بدون صلة حزبية تلك الايام ، ولكنهم يعيشون على مقربة من بعضهم البعض ، واذ كانوا يتوقعون عودة قوات النظام الديكتاتوري الى المدينة ، كانوا مشغولين بتفتيش بيوت الشيوعيين والاصدقاء ويبحثون عن وثائق ما ، اضطروا لتركها او نسيانها قبل ترك المدينة ، وكيف انهم وبحكم معرفتهم باساليب العوائل الشيوعية في اخفاء الوثائق ، عثروا على وثائق فأحرقوها ، ونقلوا كميات من الكتب واخفوها في اماكن امنة .
كانت بقايا غيوم الخردل لا تزال تحوم حول المدينة ، وكانت روائح الموت في كل مكان ، فجثث شهداء المدينة لم تدفن كلها بعد . ليلة 31 اذار ، اجتمع حوالي عشرة من الشباب ، ما بين شاب وشابة. كان الحزن يتكسر في ثنايا الروح ، وخيوط الدمع في العيون ، لكن القلوب كانت عامرة بالثقة بالمستقبل وبالحزب . في غرفة من احد البيوت ، زينوها بما توفر لهم ، ورسموا بالقلم وببساطة شارة المطرقة والمنجل ، ودار نقاش : هل يصح ان نقدم العصير ، وكان القرار: نعم ، فجهز البعض كؤوس العصير وابتدأ الحفل . وقف المشاركون على شكل دائرة . تقول شادمان :
ـ كانت دقيقة الحداد طويلة ، على غير العادة في الاحتفالات والاجتماعات الحزبية . لم يبك منا احد ، كنا نحدق بعيون بعضنا البعض ، وكل واحد منا يطلب من الاخر ان يتماسك.
وتقول زيان :
ـ كنت الاكبر سنا بينهم ، فأخذت على عاتقي ، مسؤولية القاء كلمة الحفل . وفيها قدمت التحية لشهداء الحزب ، وشهداء حلبجة ، وقدمت التحية لذكرى تأسيس الحزب ، وتحدثت عن جريمة الديكتاتورية ، وايضا عن المستقبل .
وبدأت الجميع بالانشاد. غنت الحناجر الحزينة ، مجتمعة و بحماس نشيد " 31 اذار " المعروف جيدا في كردستان ، ثم بدأت المساهمات على التوالي . كل الحاضرين ساهموا في الحفل . ثمة من قرأ قصيدة شعر . وثمة من اراد الغناء ، فلم تطاوعه حنجرته ، فقرأ كلمات نص الاغنية كقصيدة . وثمة من حكى عن بطولة الشهداء والانصار. تعانقوا وتبادلوا القبلات والتهاني . وشربوا كؤوس العصير. وبعد ان اعلن عن نهاية الحفل ، وتناولوا وجبة العشاء المتواضعة التي طبخوها معا ، ووزعت كؤوس الشاي ، راح البعض وبصمت يمسح دموعه .



#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكرى 72 لميلاد الحزب الشيوعي العراقي : الأنتماء للوطن الحر
- أفلام توم وجيري !
- لماذا تحولنا الى شعوب لا تقرأ ؟
- الطائفية : صدام حسين بذر ، بول بريمير سقى ... من يوزع الثمار ...
- حول الأداء الإعلامي للفضائيات العراقية
- الممارسات الرخيصة القديمة الجديدة !
- صورة الدم
- من المستفيد من غلق فضائية الفيحاء ؟
- رحيل مناضلة فنلندية صديقة للشعب العراقي
- الانتخابات الرئاسية الفنلندية : فوز تاريا هالونين مرشحة اليس ...
- السينما الفنلندية تخطف الأضواء لفرط إنسانيتها
- اوراق عائلية 3 : أنا وزوجتي والكلاب
- هل يستحق الشعب العراقي هذا الجزاء ؟
- من هو المتهم الاول ؟
- على طريق الانتخابات : في الموقف من تحالفات الحزب الشيوعي الع ...
- هل سمعتم اخر نكتة بعثية ؟
- شماعة البعث هل ستنقذ السيد بيان جبر صولاغ ؟
- أخيرا يا ابناء شعبي ...!
- حنون مجيد ينسج شخصية روايته من ملامح صدام حسين
- - من يستفيد من ذلك ؟-


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية تبارك الضربة النوعية اليمنية على مطار ’ ب ...
- جمال عبد الناصر: إرث مختلف عليه وجدل لا ينتهي
- ب???و?چووني ??و??سمي ي?کي ئاياري 2025 ل? سل?ماني / ه?ر?مي کو ...
- أستراليا.. حزب العمال الحاكم يفوز في الانتخابات العامة
- رومانيا: الناخبون يصوتون لاختيار رئيسهم واليمين المتطرف في م ...
- هل يقدم حزب العمال الكردستاني حقًا على حلّ نفسه؟
- حزب اليسار في ألمانيا يدعو إلى استبدال -الناتو- لأنه لا مستق ...
- خالد البلشي نقيبًا للصحفيين للمرة الثانية
- الجزائر: عاش الكفاح العمالي والشعبي؛ من أجل الحريات الديمقرا ...
- النادي العمالي للتوعية والتضامن: ظروف العمل في المغرب في ترد ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - يوسف ابو الفوز - حكاية احتفال في ذكرى تاسيس الحزب الشيوعي العراقي تحت غيوم الخردل