أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل جاسم - يوميات شاهد لم يرحل بعد















المزيد.....

يوميات شاهد لم يرحل بعد


اسماعيل جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5925 - 2018 / 7 / 6 - 02:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يوميات شاهد لم يرحل بعد / اسماعيل جاسم "الجزء الأول "
هذا جزءٌ يسير من سيرة حياتية يومية لجندي عراقي سِيقَ لخدمة الاحتياط عنوة لمدة سنتين متتاليتين بعد ان انهى الخدمة المكلفية ،عانى فيهما مطاردة الاستخبارات البعثية دون ان يمارس أي نشاط سياسي سوى انه لم ينتمِ بالرغم من الضغط عليه بالانتماء واجباره الانضمام للعمل في استخبارات هذه الاجهزة القمعية ، لكنه واجه الموقف بصلابة وعزيمة ورفض لكل اشكال الاغراء والاضطهاد والتهديد وبقي مطارداً اينما حلَّ واينما عَمِلَ ففي العام 1982 نُقِلَ لجبهة الطاهري ، ذهب مع بقية الجنود والمراتب والضباط الا انه فضّلَ الموت شريطة الا ينتمي لهذا الحزب الدموي الغارق في اوحال الجريمة والخيبات .تأسرَ في ذات العام ولم يندم وعانى من وطأة الاسر لأعوام قاربت التسعة اعوام بلياليها وجوعها وعُريِها ولن يكلَّ .اعطى اعز ما لديه ، شبابه وسنواته وترك وراءه زوجة وابنتين صغيرتين جداً . دخل اقفاص الاسر المتعددة ولم تغادره صفة " شيوعي " الوشاية لتلاحقه من أقرب الناس له ومعلوم من يُتهم بمثل هذه التهمة يطلق عليه كافراً ملحداً لا يعترف بالله ولا برسله ولا بالائمة وهكذا بقي مرة اخرى يواجه التيار الديني وتكفيره حتى ابيضَ رأسه وضعفت قواه وهو يعاني التنكيل والقساوة رغم انه اندمج مع المجتمع الاسروي المنافق في الصلاة وتلاوة القران وحضور المحاضرات الدينية وصلوات الجماعة كل هذا ما كانت ان تشفع له ، المهم ، ختم عليه بالشمع الاحمر " شيوعي " ثمان اعوام ونيف عاما بعد عام تترى بكل ما يؤلم ويوجع . على العموم ، تعتبر ايران الاسرى انهم جنود صدام الكافر جاءوا ببنادقهم واسلحتهم ليغتالوا بيضة الاسلام والمسلمين في ايران ، حينما عاد الاسرى الى العراق بعدَ صفقة تبادل الاسرى ، أُطلق على الأسرى العائدين " جبناء" القوا سلاحهم ورفعوا رايات الاستسلام البيضاء للقوات الايرانية .
بعد تحرره من اقفاص الاسر ظل شبح الاسر يلازمه وشبح استخبارات صدام هي الاخرى تطارده ، ففي الاسبوع الأول من عودته من ايران واذا بطارق يطرق باب بيته صباحاً في حينها كان جالساً في حديقة منزله المتواضعة خرج الى الباب وجد رجلاً شاباً طويل القامة يرتدي بذلة انيقة ذو سحنة حنطية ، اذن له بالدخول ،اجابه الشاب ، انا ضابط امن المنطقة ، اهلاً وسهلاً ، انت " ا . ج " نعم هو انا بشحمي ولحمي ، الحمد لله على سلامتك وعودتك الينا سالماً ، نريد حضورك في الساعة الثانية ظهراً الى "مديرية امن الرشاد " بالمشتل ، نعم ، كان ذلك في شهر آب 1990 ، أخذت الوان الطيف الشمسي تطغى على وجهه " بدأ يحاكي نفسه" كنتُ هنا ولم اتخلص من الاسئلة والاستجوابات وفي الاسر تلاحقني لعنة " شيوعي " والان عدتُ وهم اليوم يريدون حضوري ! لا اعرف ربما مكافأة تنتظرني او مكرمة السيد الرئيس " صدام " ستُمنح لي لقاء ما تلقيناه من شقاء وبُعد عن الوطن الذي لم يبخل بأبنائه فاحرقهم في محارق الحروب وأُسرَ قرابة مائة الف اسير يأكلون " قوت لا تموت " ماذا يريد ضابط الامن ؟ ما هي الاسئلة ؟ الاسئلة ستكون بسيطة وسأجيب عليها كاملة دون ترك اي سؤال وسأنجح في الدور الاول لأنني تمرنتُ على الاسئلة واجاباتها من امتحانات الاعوام الماضية "
شدَّ أحزمته وتوجه على بركة حزب البعث واوكار التجسس ، وصل في الوقت المحدد ، وجد مديرية امن الرشاد خالية من اي منتسب الا من سجن فيه بعض السجناء ، تعدت الساعة الخامسة مساءً واذا بهم بدأوا بالتقاطر واحداً تلو الآخر حتى قرابة الخامسة والنصف ، بعد ما اكتمل نصابهم نادى احد المنتسبين ، انت " ا . ج " نعم ، اتبعني فوصل الى غرفة مملوءة بالاضابير ، كانت اضبارتي تنتظرني وهي امامه يُقلب صفحاتها ورقة ورقة وسطراً سطراً ، انها الطامة الكبرى ، اينما تولوا وجوهكم فثمة اسئلة وضابط استخبارات مسؤول بعثي واما ضابط امن ، من اي مصفي سأخرج سالماً ؟ يردد كلماته التامات بحرقةهذا الوطن الذي ولدنا فيه فكانت ولادتنا فيه جريمة ورأينا فيه مصادر وفكرنا صادر بحقه حكم الاعدام سلفاً "
ضابط الامن :
انتَ " ا . ج " ؟
نعم
كم سنة أنهيتَ في الاسر ؟
قرابة تسعة اعوام
الضابط :
آه ، تعجبَ للاستهزاء والاستخفاف
يقال عنك لم تكن في الاسر ، كنت مسافراً خارج اسواره!
" ا . ج" :
من اوصل لكم هذه المعلومة فهو كاذب وانتم تاخذون بكل ما يُكتب دون التحقق عن صحة هذه الاشاعات المغرضة .؟
" ا . ج " :
الم تصلكم رسائلنا اولم تقرأوها ؟
رسائل الصليب الاحمر المرسلة من معسكراتنا الى اهلنا !
الضابط :
هل كنتَ شيوعياً ؟
" ا . ج " :
لم اكن ، هل لديكم ما يثبت اني شيوعي ام تعتمدون على تقارير الذين يكتبون دون اثبات ؟
الضابط :
صمت قليلاً ثم اردف سؤالاً آخر
هل راسلت اخيك " ع " ؟
" ا . ج " :
اذا رأيته لم اعرفه ؟ من الطبيعي لا ا" ع "ولن اتخيل حتى ملامحه
لأنه خرج من العراق في سبعينيات القرن الماضي واليوم لا اسمع عنه شيئاً
الضابط :
كم مرة سافرت الى الاردن ؟
" ا . ج " : اغلب العراقيين زاروا الاردن وعاشوا هناك بحثاً عن عمل او للسياحة وانا واحدٌ من هذا الكم .
استمر الحال على هذا المنوال حتى نهاية النظام البعثي .ففي كل اسبوع كان يذهب " ا . ج " الى المركز يسجل حضوره ويطلع على كل جديد يحدث .
طلب ضابط الأمن وهو ملازم اول التحقيق مع " ا . ج " اسمه " رحيم رحيمة قال شوف انا اعرفك واعرف اسمك وعائلتك واخوتك اذا ثبتَ لنا انك ملتقي بأخيك " ع " سوف أكسر ظهرك أجابه " ا . ج " افعل ما شئت اذا ثبت لكم ذلك .
تبين ان الضابط رحيم رحيمة كان ابن محلتنا وله معرفة بنا جميعاً وهو اليوم احد الضباط الكبار ، يمارس عمله بكل حرية .
في احدى الايام حضر " ا . ج" الى أمن الرشاد بعدما تيقنوا بأن " ا. ج" ليس عليه دليل انه شيوعي ولم يكن ملتقياً باخيه طلبَ منه ضابط أمن الرشاد ان يشتري له مروحة تبريد لسيارته ، ارسل ضابط الامن احد منتسبيه مع " ا . ج " ليشتري هذه المروحة كرشوة . بعدما اخبر " ا . ج " ان ملفك قد تم تحويله الى المخابرات العامة وهي التي ستتعامل معكم .فعلاً بعد مضيء عدة ايام جاء الى البيت اراد التحدث مع " ا. ج " لكنه لم يجد " ا . ج" اخذ رقم تلفون المكتب الذي كان يعمل به " ا . ج " اتصلت زوجة " ا . ج" وقالت ان شخصاً سوف يتصل بك لأنه سئل عنك وطلب رقم هاتفك ، فعلاً ، بعد حين اتصل ذلك الشخص مستفسراً عن عنوان العمل .وهكذا استمرت مسرحية تراجيديا التحقيق عبر اعوام طويلة ، لم تحقق هذه المسيرة سوى الاضطهاد وزرع الخوف ومطاردة شبح التحقيق لمن تتهمه سلطات البعث بشتى التهم .
في احدى الايام طرق مختار المنطقة الباب خرج " ا . ج" عليه تفضل ابو علاء شكراً لك هذه استمارة اريدك تملي ما فيها من معلومات ، كان المختار واقفاً ومتكئاً على باب سيارته ، تحدث معه " ا . ج " يا ابا علاء الى متى طلب معلومات واستمارات ؟ والله سئمنا ومللنا ! اجابه المختار والله لو تدري ان احد منتسبي حزب الدعوة اعدم منذ عشرين عاماً وللان اسلم اهله استمارة طلب معلومات ، هذه الامور ليست بأيدينا تأتينا المعلومات وبدورنا نسلمها لمن عليه الاستفسار .
هذه رحلة عذابات الاسئلة والحضور الى أمن مركز شرطة الرشاد وكان كل من عليه ملفات اتهام الحضور والتوقيع اما اسبوعياً او شهريا في مديرية الأمن وهي حالة شبه مألوفة عند العراقيين ." للموضوع تتمة"



#اسماعيل_جاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ايهما يتحقق في العراق - بيضة الديك ام بيضة القبان -؟
- مقتدى الصدر لغز يصعب على البعض فهمه
- رداً على مقالة -نظرية سبتك تانك (Septic Tank ) والحل المنشود ...
- للمرة الرابعة يعودَ العراقيون على انتخاب الفاسدين والطائفيين
- ذاكرة شيوعي قديم في الاول من ايار
- لوحةٌ كُبرى
- مواسم الحجيج
- المرجعية الدينية في النجف - المجرب لا يجرب -
- الدعاية الانتخابية اخفت وشوهت معالم المدن العراقية
- الفصائل المسلحة في العراق والوجود الأمريكي
- العراق وازمة المناسبات الدينية
- الانتخابات العراقية المقبلة وحكومة الاغلبية السياسية
- التظاهرات العراقية بنمطها الجديد
- مازلتَ تحملُ فتوَّتي
- دكتاتوريات عشائرية لم تتعظ بغيرها
- تحت مشارط إعلام الطائفيين وتأثيراته الجانبية
- الدولة المدنية في العراق العلاج والحلول
- ليبقى الحزن
- تجهل عشق الوطن
- هوَسُ الاستفتاء ومخاطر الاصطراع العربي الكردي


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل جاسم - يوميات شاهد لم يرحل بعد