أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - .. هيَ الرؤيا !















المزيد.....

.. هيَ الرؤيا !


يحيى علوان

الحوار المتمدن-العدد: 5907 - 2018 / 6 / 18 - 18:51
المحور: الادب والفن
    


مُثقلاً بحنينِ لَقْلَقٍ إلى عِشٍ فوقَ مِئذنَةٍ .. يتدفَّأُ فيه بالأذان ،
يستيقظ "رأسه" من رماد النسيان ، لمّا ينامُ ،
لايسقطُ في غواية الأحلامِ ..
يقطعُ تذكرةً لقدميه ، يتسكّعُ على شاطيءِ الذكرى ..
في زمنٍ ما جادَ عليه بيدٍ تُرتِّقُ مِزَقَ أناه اللائب ..
مثل غجريٍّ ضالٍ في غاباتِ العصورِ ، يطاردُ فتاتَ خبزِ ذكرياته ، كي لا يضلّ الطريقَ
إلى "الكوما" الروحية ! وسطَ بُرَكٍ من الهراء الرقراق !! يروحُ عندها يحصي جراحه
، مثل لصٍّ يجلس ليُحصي غنائمه !
رجلاه تقودانه في شوارعَ مصدورةٍ بدخانِ عوادمِ السياراتِ والحافلات ...
في طرقاتٍ وأزقّةٍ ، عارياً إلاّ من اشواق "إبن زُريق" البغدادي ...
............................
منذُ زمنٍ أوغَلَ في البَعاد، ما عادَ يتذكره ،عرفَ الكهولةَ، وإنحناءةَ ظهرِ الطفولة ،
ظلَّ يحملُ رأسه بين كتِفيه ، وأيامه على ظهره ...
يمشي فوقَ نفسه ،
جسَده أمسى ذِكرى زمانه، دروبه مستديرة ، مُلتَفَّةٌ على حالها ...
حُلمُه يقودُ خطاه ،
ما تبقى له من عمرٍ أمسى مثل صالة إنتظار فى محطة قطاراتٍ مهجورة ،
ترعى بها الريح ، يتربَّعُ فيها الصمتُ على مقاعد مُترَعةً بالغبار ...
يُقامرُ منذُ سنينَ من أجلِ "بيدرِ فَرَحٍ ليلةَ الحصاد"!
يتلهَّفُ لفرحةٍ ، كلهيبِ موقدٍ يلوحُ ، من خلف الشباك ،
لتائهٍ في صحراء من الثلجِ ...
أحبَّ بلاداً رَحلَ عنها ، يُريد زيارَةَ أمسِه... ليُقوِّمَ ظهرَ ذاكرته المُقوَّس!
.........................
بضعُ خطواتٍ تفصله عن مكانٍ ظلَّ يؤجِّلُ العودة إليه دهراً،
قلبه يَنُطُّ مثلما كانَ في أوّل موعدٍ غراميٍّ ،
ما عادَتْ له غيرَ عينٍ واحدة ، تركها مفتوحةً ترصدُ أحلامه العابرة ..
إرتدى نسيانه/ ذاكرته ، رَشَّ شيئاً من عطره الأثير،
خرج لايلوي على شيءٍ ، ولا يدري كيف يُريحُ الظلَّ من شمسِ الظهيرة ،
في سكونٍ فَرّت الأصواتُ منه ... وعافَه الصدى ،
مثلَ جرحٍ يَصدحُ بالأنين ...
..........................
متردداً أمسى أمام دهليز ذاكرةٍ تحرسُها "ليثي"* ، حين شَعرَ كأنَّ شفّاطةً رهيبةً شَفَطَتْه ،
لم يَقوَ على مقاومتها ... أرخى قواه مُتزحلقاً ...
أحسَّ بأنه خفيفٌ ، ربما لأنه تَرَكَ ظلَّه مُعلَّقاً على شماعة خلفَ باب الدار ..
في نهاية الدهليز قومٌ بوجوهٍ من نحاس ، مُتماثلةٍ ، تفيضُ إبهاماً ..
لاتَشي بفرَحٍ أو بحزنٍ ،
أيدٍ مبتورة تُصفِّقُ لصفاقةِ الوطن !
رهطٌ "بابليٌّ"، الكلُّ يصرخ .. ولا أحد يفهمُ الآخر ...
مدينةٌ مُسَوَّرةٌ بالطوف**والعَجاج ، والقمامة ...
ساعة "القُشلَة" ، وحدها تعملْ !
إرتعبَ ! حاوَلَ العودةَ من حيث إنتهى .. لمْ يفلح .
تحلَّقَ القومُ من حوله كأنه "تسومبي!" ،
صرخَ بهم :" أنا إبن هذه الأرضُ ، التي طَشَّتْ في الدُنى الحرفَ ،
وما جَنَتْ غير الحروب !!
جئتُ لـ ــ أكتبَ بدمٍ أسود ، حِبر الغراب ــ "
* نحن ، قاتَلنا ولم ننتصرْ... جرّبنا " الممكنات !"كلِّها ...
لاندري أنَفرحُ الآنَ أم نَحزن ؟!
ــ هذا سؤالٌ ساذجٌ ! أتنتظرونَ فَتْوَى بالحزنِ وأُخرى بالفرحِ ؟!
* ماذا تريدُ ، يا غريب ؟! فنحنُ لانملكُ إلاّ الوفاءَ وإجسادٍ من قمح وشمس !!
ــ جئتُ إذ طوَّحَ الحنينُ بي ،
جئتُ لعلَّ شيئاً فيَّ يَنبُذُني .. أو لعلّي أصيرُغيري !
قد جئتُ من قبلُ ، وربما من بعدُ ... لم يكنْ أحدٌ بأنتظاري،
ولم أجد أحداً يُصدِّقُ ما أرى ...
فالكلُّ منشغلٌ بأعلان "براءة" الخطأ !
أنا البعيدُ .. مَنْ أنتَ يا أنــا ؟!
في أيِّ سِركٍ تُراني ؟!
مَنْ خَلَطَ أوراقَ اللعبةِ علينا ، فلم نَعُدْ نعرفُ "الثُوّارَ" من"كِلِدّار" اليسارِ ؟!!
سأكُفُّ عن الكتابةِ كي لاتصلَ رسائلُ إستغاثتي إلى مَنْ لايهمه الأمر..!
وحين لن يسمعني أحد .. أروحُ أنتحبُ حتى لا أختنق ..!
............................
هذه أشباحكم تلعنُكم ...
نساؤكم حِلٌّ لغيركم ما دامَ في المحرابِ منافقٌ ، دجّالٌ يَؤُمُّكم !!
جئتُ لا لأُصلِحَ أيَّ معنىً خارجيٍّ أو إشتقاقيٍّ ،
بل كي أُرمِّمَ داخلي الخاوي إثرَ جفافٍ عاطفي ..
وأعرفُ أنَّ "العامّةَ" تموتُ بِبَهجةٍ مَجّانيةٍ ،
فلا يعطيهم الوطنُ غير الحق في الموتِ أيامَ الحرب !
والذلَّ أيامَ السِلم لـ"بناءِ" الوطنِ من جديد !!
....................
* تَمهّلْ! لاتَتَورّطْ كثيراً بالعاطفةِ والحماسة !! قالوا ،
لَمْ نَرهنْ سوى طيبتنا، كي لا نتأخرَ عن " الزَفَّةِ" ونُرمى بسِهامِ "الأنعزالية"!
فها نحن مَنْ نحنُ !
لنا ما تبقّى لنا من الأمس ،
علوُّ النجمِ عاليةٌ أرواحنا ،
أَبيَّةٌ نفوسُنا كالطير طليقاً يُحلِّقُ أبعدَ من مدى الرصاص ..!
هكذا وُلِدنا كسائرِ الخلقِ سواسية !
لنا ما لنا .. ولنا ما لغيرنا من سماء ،
لَهُمْ ما لَهُمْ .. ولهم ما لنا من هواء ،
لَهم دينهُم .. ولنا "ديننا"!
لنا ما لنا.. وليس لهم ما لنا من أيادٍ بيضٍ وجبَاهٍ ناصعةٍ !
لَهُمْ ما ليسَ لنا من السحتِ الحرام .. وما يندى له الجبين !
لنا تبتسمُ المرايا .. ولهُم الذُعرُ من صورهم فوقَ الماء !
........................
........................
ثمَّ أننا نحتكمُ إلى البرامج ، دونَ النوايا، التي لاتعرفها إلاّ الآلهة !!

ــ الكلُّ ضد الفساد ، والجميع يريد مصلحة الناس والديمقراطية والشفافية ..إلخ!!
مَنْ المسؤول إذاً ؟!
هل أكونُ أنا المسؤول وعليَّ أنْ أعتذر؟!
عنْ ماذا؟!
عن الخراب العميم ، الذي طال كل شيء؟!
عن ملايينِ القتلى والمسبيين واليتامى والمفقودين ؟!
فقد صادروا الله،
قَتلوه في الكتب ، فوقَ المنابرِ، صيَّروه "سيافاً"في بلاطِ الحُكّام !
الكلُّ تَبرّأ ، فلا أثَرَ لِمَنْ غرزَ مخالبه في ضدورنا ونجا ..!
أيكونُ الكذبُ الصفيقُ أعلى مراتب الحقيقة ؟!
إذ غدت الأخيرةُ مؤجلةً إلى حياةٍ غير هذه ..
والذكرياتُ إلى أَعمارٍ أخرى ..
وما عادَ الإخلاصُ ذا نفعٍ ..!
أيتحتَّمُ عليَّ الآنَ ، إذاً، أَنْ أُحكِمَ بناءَ عبارتي [ أقولُ لمُغرضٍ قد يقراُها عمارتي ، أنا لا أملكُ
حتى حجارة واحدة في خربة بأيٍّ من بقاع العالم، ناهيكم عن عمارة !] كي لا تُغضبَ "القومَ"؟!


كمْ هيَ ساديةٌ همومُ الناس !!
لذلك سأرسمُ وجه إيديت بياف فوقَ صخرِ الروح ، تُسلّيني ، تعويذةً كي لاتُغريني
الآفاقُ المُلبَّدةُ بالكآبةِ والرحيلِ من جديد ...
.......................
.......................
أَفاقَ إذْ سقطَ من السرير.. يلهثُ مُقطَّعَ الأنفاسِ .. يتصبَّبُ عَرَقَاً بارداً ...!!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ليثي إلهة النسيان في أساطير الأغريق .
** جدار من الطين والتبن ، لاتدخل الحجارة ولا الطابوق في قوامه .



#يحيى_علوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -معضلتي- مع الكتابة ! (2)
- معضلتي مع الكتابة (1)
- وَجعُ الماء ..!
- المَتنُ هو العنوان !!
- طيف
- -جلالة- النسيان
- الواشمات
- لهفَة ديست فوق الرصيف
- عن الجواهري وآراخاجادور ...
- صقيع
- صاحبي الشحرور
- مِعجَنَةُ سراب !
- رحلَ صادق الصَدوق - صادق البلادي
- أسئلة حيرى
- .. تلك المنازل و-الشِريعه-
- هو الذي تَبِعَ سربَ القَطَا
- رواية داريغو : ترنيمة للبحر... ملحمة عائد من الحرب ... غنائي ...
- مقاصير نصوص (4)
- ومضات
- هو الذيبُ .. صاحبي !


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - .. هيَ الرؤيا !