أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - العراقيون .. هل هم شعب لا يستحي ؟














المزيد.....

العراقيون .. هل هم شعب لا يستحي ؟


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 5900 - 2018 / 6 / 11 - 17:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تكثر الأحاديث التي تُحَمِّل الشعب العراقي المسؤولية الرئيسة في هذا التفكك والتخلف والضياع واللامعقولية التي يعاني منها العراق حتى وصل الأمر بأحدهم إلى القول (نحن شعب لا يستحي) وصار هناك من يردد هذا القول وكأنه قد وضع يده أخيرا على سبب التدهور والتخلف والإنحطاط.
ولا أجد في هذا التفكير والتفسير المنحرف غير أن أقول عنه أنه إمتداد أو إنعكاس لذات الثقافة التي تنطلق من حالة اليأس أو التي تستهدف التيئيس وتَنْحى بالأصل إلى تعميق الإحساس بالذنب والشعور بالدونية, والتي تنطلق من أو تتفق مع الثقافة التي تتهم العراقيين بقتل الحسين الشهيد.
ولست مهتما هنا لو إتهمني البعض بأنني من أصحاب نظرية المؤامرة إذ أني سأواصل القول أن هناك جهات معادية متعددة, منها إيران ومنها إسرائيل, يهمها تماما زعزعة ثقة العراقيين بانفسهم وتحويلهم إلى مجاميع مريضة بعقد الذات وبالنقائص الأخلاقية التي تخرجهم من التاريخ وتجعل كل دورهم في الحياة هو التكفير عن مشاركتهم في مقتل حفيد نبيهم, فتلغى بذلك كل شهور السنة لتبقي على عاشوراء وحده, وتسقط كل الأمكنة لتبقي على كربلاء لوحدها.
بإعتقادي.. الشعب, بالمعنى النظري تحديدا, هو "حالة مرحلية" تتشكل تمظهراتها بظروف ومعطيات المرحلة ذاتها, فهو ليس حالة مطلقة وقائمة بحالها ولحالها, إذ قد يكون رائعا وعظيما في مرحلة لكنه قد يكون مخدرا ونائما في أخرى.
الشعب الصيني هو في مقدمة الأمثلة التي قدر لبعض منا أن يعاصروا حالاته الثلاث ليقارنوا بين مرحلة كان فيها حشاشا تائها, وثانية كان فيها إمعة تابعا, وثالثة صار فيها عملاقا منتجا.
لقد رأيناه بالتالي ينتقل من حالة التردي إلى حالة النهضة العملاقة خلال مرحلة زمنية ممتدة على أقل من الثلاثة أرباع قرن. وأظن أن ما تغير في الصين هو قيادة الشعب أولا, أي التفيعلة السياسية التي إستطاعت أن تضع الشعب على ثلاثة تمظهرات مختلفة في مراحل ثلاثة مختلفة.
الفيتناميون أيضا كان من حظهم في مرحلة بذاتها أن يكون من بينهم رجل من أمثال هوشي مِنَة الذي إستطاع أن يحقق النصر على أعظم قوة عسكرية في التاريخ وفي العالم وهي أمريكا من خلال تقديم نفسه كقائد لا يملك غير حصيرة ونعال.
أما صاحبنا صدام فقد سلك سلوكا مستهجنا يوم راح يقدم نفسه وعائلته في مرحلة الحصار المدمر من خلال بناء المزيد من القصور والإحتفالات السخيفة بأعياد الميلاد التي ركب في واحدة منها عربة مذهبة وفي أخرى جلس فيها على عرش أبنوسي عجيب بينما راحت عائلته تمارس سلوكيات البرجزة والإستعلاء مما أدى إلى سقوط النماذج الإستثنائية في المرحلة الإستثنائية المتشكلة سلوكياتها بشروطها التي تحدد في النهاية شكل النتائج.
وبإمكانك أن تلاحظ كيف كان عليه الجيش العراقي مثلا في الحرب مع إيران وكيف صار عليه في حرب الكويت لكي تضع بنفسك عامل القيادة في المكان الذي تختاره من مساحة العلاقة بين الذاتي والموضوعي, ولنتذكر أن الشعب الفيتنامي نفسه كان تحول من شعب مخدر ونائم إلى شعبٍ بطلٍ وتاريخيٍ ذلك بفضل (نعال وحصيرة) وفكر وطليعة هوشي منه !.
ولو أن هذا الأخير كان إحتفل بعيد ميلاده وهو يركب عربة حتى ولو كانت خشبية لما قدر لدور (الشعب) أن يتفعل بتلك الطريقة فيتمظهر في حالة هي خلاف ما كان عليه في مرحلة سابقة. وحتى في أثناء ذلك فقد تمظهر الشعب في صورتين متضادين أحدهما تبع رجل النعال والحصيرة المنتصر والآخر كان مواليا لخصومه المنكسرين.
اليابانيون أنفسهم الذين يتعبوك الآن أدبا وكياسة ودبلوماسية كانوا قبلها في مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية من أكلة لحوم البشر حيث كانت جرائمهم في الهند الصينية تفوق الوصف. أما الألمان فقد إنتقلوا من مرحلة النازية التي كانت قد قدمتهم في الصورة النقيضة لما صاروا عليها بعد هزيمتهم في الحرب, وشتان ما بين ألمانيا هتلر وبين ألمانيا أديناور يوم حول الأول ألمانيا إلى أنقاض ويوم قام الثاني بسحبها من تلك الأنقاض.
أما العراقيون ففي ذات مرحلة إستطاعوا أن يقيموا حضارات قديمة متعددة وان يحققوا عبر مراحل مختلفة الكثير من الإنجازات التي وضعت البشرية على بداية طريق النهضة, إذ كان لهم الفضل الأول في إختراع الكتابة والعجلة إضافة إلى إنجابهم أو إحتضانهم لعلماء وفلاسفة كبار كما وتأسست على أراضيهم أغلب مدارس الفقه الإسلامي وقامت على أراضيهم الإمبراطورية العباسية التي كانت حينها قد تناصفت العالم.
إن ثقافة نحن شعب لا يستحي هي ثقافة معيبة وجاهلة وغبية.
وحتى حينما تتوفر خلف إطلاقها النوايا الحسنة فهي سطحية ولا يملك صاحبها قدرة النظر إلى ابعد من أنفه.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعم .. الفقر رجل وبالإمكان قتله .. بمناسبة إستشهاد الأمام عل ...
- السباحة مشيا على الأقدام
- أول الغيث .. (بَيْدَ أن) .. ثم ينهمر
- تزوير التزوير
- نهاية عصر القمامة
- الإنتحابات العراقية .. النقطة الغائبة.
- عن إسرائيل وعن إيران وعن : عنا
- المالكي .. موناليزا العراق
- المجرب لا يجرب .. حَمَّال أوْجه
- القابضون على الجمر
- ثلاثة إسلامات ... الإسلام السياسي العربي السني
- خذوا كل ما تريدون وغادروا
- التاسع من نيسان .. حتى كأن الحرب لم تضع أوزارها بعد.
- العراق وإشكالية الديمقراطية
- العلمانية ضمانة بقاء العراق الواحد
- الحسناء والوحش .. جارتي الجميلة روبن* ورئيس جامعة ليبرتي
- وبمقياس الجمال
- النظام العابر للطائفية والكتلة العابرة للطائفية.
- كيف نراجع وكيف نتراجع
- خيط بيط, يا محلى صوت التعفيط : بالوثيقة... مجلس الوزراء يواف ...


المزيد.....




- فك لغز جثة ملفوفة بسلك كهربائي مدفونة أسفل ناد ليلي في نيويو ...
- ابتز قصّر في السعودية لأغراض جنسية وانتحل صفة غير صحيحة.. ال ...
- مع مجيء اليوم العالمي لحرية الصحافة، ما الأخطار التي تهدد ال ...
- إضاءة مقرات الاتحاد الأوروبي بالألوان احتفالاً بذكرى التوسع ...
- البهائيون في إيران.. حرمان من الحقوق و-اضطهاد ممنهج-
- خطة محكمة تعيد لشاب ألماني سيارته المسروقة!
- في ذكرى جريمة فرنسية -مكتملة الأركان- في الجزائر
- ‏ إسقاط 12 مسيرة أوكرانية فوق 5 مقاطعات روسية
- -واينت- يشير إلى -معضلة رفح- والسيناريوهات المرتقبة خلال الس ...
- انهيار سقف جامع في السعودية (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - العراقيون .. هل هم شعب لا يستحي ؟