أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - التاسع من نيسان .. حتى كأن الحرب لم تضع أوزارها بعد.














المزيد.....

التاسع من نيسان .. حتى كأن الحرب لم تضع أوزارها بعد.


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 5841 - 2018 / 4 / 10 - 16:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التاسع من نيسان .. حتى كأن الحرب لم تضع أوزارها بعد.
جعفر المظفر
كنت في بغداد يوم حدث الغزو الأمريكي للأراضي العراقية. الشعب العراقي لم يستقبل الأمريكين بالورود لكنه لم يستقبلهم بالحجارة, وهذه حقيقة يجب ان نثبتها للتاريخ, ومما نقوله عنها أن الأمريكيين وحلفاءهم الإنكليز قد نجحوا أيما نجاح في إيصال العراقيين إلى الحالة التي تصور الأخيرون فيها أن سقوط صدام سوف يحمل في ثناياه الحل لآزمتهم المستعصية التي لا شك أن صدام يتحمل النصيب الأكبر في صناعتها.
كان الحصار أحد أهم الوسائل التي ساهمت بكسر شوكة العراقيين الذين إقتنعوا من ناحية أخرى أن صدام كان يتلاعب بقضيتهم حينما راح يبرهن للأمريكيين أن الحصار لم يؤثر عليه أو على عائلته أو على أركان نظامه ظنا منه بأن المجتمع الدولي سوف يتعاطف في النهاية مع مأساة العراقيين وأن الأمريكيين أنفسهم سيخسرون معركة الحصار نتيجة لهذا الضاغط الأخلاقي.
كان الغزو والإحتلال عدوانا كبيرا على العراق والعراقيين. إن بوش وإدارته وفريق المحافظين الجدد الذي كانوا وراء رسم وتنفيذ قرار الغزو يتحملون جريمة بمستوى جرائم الإبادة. لكن صدام نفسه لم يكن بعيدا عن توفير العوامل الأساسية التي شجعت على تنفيذ قرار الإحتلال.إن سياسته المتهورة التي تكللت بغزو الكويت كانت هي التي وضعت العراق في فم المدفع وهيأت للمحتلين فرصة الضغط على الزناد. ولم يمضِ وقت طويل حتى بانت عورات الإحتلال وسقطت كل الرهانات التي كانت تدور حول إمكانية ان يلعب الأمريكيون دورا كذلك الذي فعلوه في ألمانيا وكوريا واليابان.
كانت المهمة هي التي تحدد طبيعة الإعمال, ففي المانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية كانت مواجهة السوفييت وإيقاف زحفهم على أوروبا الغربية قد إقتضت إقامة نهضة ألمانية غربية. إن هذه النهضة لم تكن قد حدثت بوتائر مسرعة إلا لهذا الغرض ولم تـأتِ حبا بالشعب الألماني, ولو لم يكن هناك إحتلال سوفيتي لأراض ألمانيا الشرقية فلربما إقتضت عملية الثأر من ألمانيا المزيد من التفليش والتجويع.
في العراق حدث العكس نظرا لإختلاف المهمة وطبيعة إختلاف العدو اللذان حددا بشكل رئيسي هدف الإحتلال : المزيد من تفليش العراق بدلا من بنائه. إن هناك عشرات المشاهد التي حدثت في الأيام الأولى التي تؤكد على ذلك, إذ لم تقف قوات الإحتلال متفرجة على عمليات النهب والسلب التي إستمرت بفاعلية لفترة تجاوزت الشهرين, بل وشجعت في أحيان عدة على ذلك, ثم أنها حملت معها أو مهدت الطريق لحضور مجاميع سياسية عميلة ومخربة كانت قد ضمنت تعاونها لأجل المزيد من التخريب الإجتماعي والأخلاقي والإقتصادي ..
لم يكن الحل السلمي للأزمة العراقية ما بعد إنهيار النظام صعبا على الإطلاق, فلو كان الهدف من الإحتلال التخلص كاملا من نظام صدام والقضاء على برامج التسلح العراقي لما واجه الأمريكيون مشكلة في ذلك. بدلا من قرار حل الدولة والجيش كان ممكنا إيجاد العديد من القادة العسكريين الذين مسخ النظام مؤسستهم العسكرية بعد أن سلط عليها العديد من أقاربه الأميين وجعل الفرقاء والألوية تحت أمرة عريف في الإطفاء مثل حسين كامل أو نائب عريف مثل علي حسن المجيد, ثم لم يتردد لحظة في جعلهم وقودا لحروبه المستمرة والتي كان واحدا من أهدافها إبقاء الجيش على الحدود نظرا لفوبيا الجيش الذي كان يسكنه. وكانت هناك العديد من الكفاءات المستعدة لتسيير أمور الدولة الأخرى. غير أن مهمة الإحتلال الأساسية كما عبر عنها الرئيس بوش في ثلاثة خطب أو تصريحات كنت قد سمعتها بنفسي كانت تدور حول جعل العراق ساحة للحرب ضد الإرهاب, أي جعله بعد التخلص من النظام ساحة حرب لا ساحة بناء.
هنا إختلفت مهمة الإحتلال عن تلك التي إتخذها في ألمانيا. في ساحة هذه الأخيرة كان ينبغي نصب سرادق البناء لمواجهة الزحف الفكري للشيوعيين الذي كان يهدد كل أوروبا الغربية من خلال الساحة الألمانية, أما في الساحة العراقية وحيث كانت الخطة الدخول من خلال بوابة القضاء على نظام صدام لغرض مواجهة الإرهابيين فإن الخطة إقتضت نصب سرادق الحرب لا سرادق البناء, وكان ذلك يعني أن الجيش كان ذاهبا لمهمة واحدة هو تسخين الساحة العراقية الداخلية لكي تساعد على المزيد من التدهور الذي كان الحصار قد أفلح في بناء قواعده التحتية.
لقد ظلت الساحة العراقية آمنة لفترة ربما تكون قد إقتربت من السنة وكان بإمكان الإحتلال أن يباشر في تنفيذ الكثير من عمليات البناء التي تثبت حسن النوايا, وعلى إفتراض وجود نوايا من هذا النوع. وليس صحيحا بالمرة القول ان الشعب العراقي بتمزقه وإنشقاقاته الداخلية وحروبه الطائفية كان قد عرقل عمليات البناء وأطاح بخطط الإعمار, فالجنوب العراقي على الأقل ظل لسنوات بمعزل نسبيا عن أية إضطرابات. ولقد أدى العزوف عن البناء إلى إنعدام الثقة بالمحتل وزبانيته الأمر الذي عجل بإشتعال الساحة العراقية وخاصة في بغداد والمناطق الغربية, وسرعان ما تضاعف عدد الإرهابيين الذين دخلوا إلى العراق بمجاميع كبيرة بعد ان تم حل قوات الحدود وأقيمت مخيمات لإستقبال وإعداد الإرهابيين في أراضي البلدان المجاوزة, وكأنما صارت الحدود تعيش زفة عرس.
لقد شارك الجميع في المؤامرة حتى كأنهم كانوا في سباق مع الزمن من أجل الهيمنة على الساحة العراقية وإقتسامها, وكيف يمكن لنا أن ننسى الأدوار التي قامت بها تركيا وإيران والسعودية وسوريا, على إختلاف دوافعهم, لإدخال الإرهابيين, فجاءتنا القوافل تترى حتى تحولت شوارع العراق إلى مأوى لكلاب الإرهاب وسياراتهم المفخخة.
تذكروا ان أمريكا كانت قد إحتلت العراق خلال بضعة ايام فقط ولم تدفع فعليا إلى جبهات القتال سوى بعدد من القوات تعدادها المائة وخمسة وثلاثين ألفا, وهي لم تكن قد وضعت هذا العدد القليل نسبيا في فم المدفع لو أنها كانت تعلم بوجود مدفع بِفَمْ.
لكن العراق في الحقيقة كان قد إنهار فعليا قبل سنين من يوم الغزو الذي كان قد تأخر تنفيذه لغرض ضمان وصول الجيش سالما إلى بغداد ..



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق وإشكالية الديمقراطية
- العلمانية ضمانة بقاء العراق الواحد
- الحسناء والوحش .. جارتي الجميلة روبن* ورئيس جامعة ليبرتي
- وبمقياس الجمال
- النظام العابر للطائفية والكتلة العابرة للطائفية.
- كيف نراجع وكيف نتراجع
- خيط بيط, يا محلى صوت التعفيط : بالوثيقة... مجلس الوزراء يواف ...
- مزرعة الخنازير
- ثنائية البدائل المجحفة
- ثلاثة قرود
- عرب فرس ترك دين سياسة
- ثلاثة إسلامات .. القسم الأخير
- ثلاثة إسلامات .. سرقة العصر*
- ثلاثة إسلامات ..
- في بيتنا فريال الكليدار
- العرب والمسلمون .. هل إستعمروا العراق ؟
- أخا وطن
- وضّاح اليمن
- أمريكا أولا أم إسرائيل
- تهويد القدس أمريكيا


المزيد.....




- مع سيطرة ترامب على شرطة المدينة.. احتجاجات غاضبة في واشنطن ا ...
- تونس .. شركة ناشئة تصنع أطرافا صناعية تعمل بالذكاء الاصطناعي ...
- مصر تسجل قرابة 40 ألف ميغاوات استهلاكًا للكهرباء لأول مرة
- -سياسة ترامب غير الواضحة تجاه الصين-- لوموند
- خمس دول على قائمة الاتصالات.. إسرائيل تبحث نقل سكان غزة إلى ...
- رئيس الموساد في الدوحة ووفد حماس في القاهرة... تحركات إقليمي ...
- الإعلان عن مشروع استيطاني إسرائيلي -سيدفن- فكرة الدولة الفلس ...
- الكويت ـ وفاة 13 شخصا وإصابة عشرات آخرين بتسمم كحولي
- إسرائيل والحرب على الحقيقة.. إبادة ممنهجة للصحفيين في غزة
- مسؤولون في بنغلاديش يشهدون ضد وزيرة بريطانية سابقة في محاكمة ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - التاسع من نيسان .. حتى كأن الحرب لم تضع أوزارها بعد.