أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد جابر الجنابي - عَلِيُّ شَهِيدُ الوَسَطِيَّةِ والإعْتِدالِ.














المزيد.....

عَلِيُّ شَهِيدُ الوَسَطِيَّةِ والإعْتِدالِ.


محمد جابر الجنابي

الحوار المتمدن-العدد: 5895 - 2018 / 6 / 6 - 14:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الوَسَطِيَّةُ والإعْتِدالُ منهجٌ يميلُ إليه الإنسانُ بطْبيعتهِ وفِطْرتهِ، وتُؤمِنُ به جميعُ مكوناته مِنْ عقلٍ ومنطقٍ وعاطفةٍ، إذا لمْ تُشوًّه وتُلَوَّث بثقافاتٍ ظلاميةٍ مُتَطرِّفةٍ، ولَمّا نزَلَت رسالاتُ السماءِ، إعتَمَدتْ الوَسَطِيَّةَ والإعْتِدالَ مَنهجاً في الدَّعوةِ والإرشادِ، وأمَرَتْ بها، وجَعلتها المِعيارَ والمائزَ الذي يُؤَهِّل الأممَ لتكونَ شاهِداً على غيرِها ومُرشِداً له، ومَصدرا لقوَّتِها وتكاملِها وتحضُّرِها وسعادتِها، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)، وهذا ما سارَ عليهِ الأنبياءُ والرسلُ والأئمةُ والمُصلحون، وبذَلوا وجُودَهم مِنْ أجلِ تَعْميقِه وتَرْسِيخه...
مَن يقفُ على سِيرةِ الإمامِ عليٍ -عليه السلام- يَجدُ أنَّها تتلألأ بنورِ الوَسَطِيَّةِ والإعْتِدالِ، بَلْ كانَ -عليه السلام- إعْتِدالاً وَوَسَطِيَّةً تمشي على الأرضِ، ومِنْ مَظاهرِ ذلكَ، أنَّهُ عِنْدَما رَأى نَصْرانيّاً هرِماً يتكفَّفُ، قال مُستَهْجِناً ومُوبِّخا هذه الحالةِ:« إستعملتموه حتَّى إذا كبُر وعَجز مَنعتموه، أنفقوا عليه مِنْ بَيْتِ المالِ»، أمّا في حُكمهِ وسياستِه وتعامُلِه مع الرعية، كانتْ مِنْ جُمْلَةِ وصاياهُ لمالك الأشتر:« ولْيَكُنْ أَحَبَّ الأُمُورِ إِلَيْكَ أَوْسَطُهَا فِي الْحَقِّ، وأَعَمُّهَا فِي الْعَدْلِ ، وأَجْمَعُهَا لِرِضَى الرَّعِيَّةِ... وأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ ، والْمَحَبَّةَ لَهُمْ، واللُّطْفَ بِهِمْ . ولا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً ، تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ ؛ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ : إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ ، وإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ ».
إلّا أنَّ المَسيرةَ البَشَرِيَّةَ إبْتَعَدَتْ عَنْ هذا الخَطِّ، وبَلغَ الإبتعادُ ذروتَهُ في زماننا هذا، فصارَ التطرُفُ والعنفُ هوَ الصفةُ الغالبةُ في كثيرٍ من الأحيانِ، والمُهيمنُ على الفِكرِ، والصانعُ للقرارِ، والمُوَجِّه للسلوكِ، والمُحَدِّدُ للموقف، أمّا الاعتدالُ والوُسَطِيَّةُ، فأمسى شحيحًا ،مُنحَسِرًا، شاذّاً، غريبًا، مُحارَباً،إنْ لَمْ يكُنْ مَعدوماً،
لكنْ تَبقى الأسوةُ الحَسَنَةُ والقدوَةُ الصالحةُ وإنْ غيَّبَتها المؤامراتُ وعَتَّمَتْ عليها ظُلْمَةُ الجهلِ وأئِمَّتِه، مُتَجَسِّدَةً في مَنْهَجِ العُلماءِ الرِّساليينَ، والمُصلِحين الصادقين، وفي طَليعتهم الأستاذُ المُعَلِمُ الصَرْخَيُّ، الذي لَمْ يَكنْ الإعتدالُ والوُسَطِيَّةُ في فكرهِ ومنهجهِ وسلوكِه حالةً إستثنائيةً، أو ضرورةً إنتهازيةً، أو مرحلةً آنيةً، أو تكتيكيةً، وإنَّما منهجاً قرآنياًّ فِطْريّاً علميّاً أخلاقيّاً إنسانيّاً، وعقيدةً راسخةً ومُلازمةً لمسيرتِه، فباتَ كالمُعرَّف الذي لا يُعرَّف، ترجمه إلى سلوكٍ ومواقفٍ مُثَبَّتةً وموثَّقةً،
ومِنْ مَظاهرِ الإعتدالُ والوُسَطِيَّةُ قَوْلُه:« لا تُبنى الأممُ بقوةِ السيَّفِ والبَطْشِ والقمعِ والإرهابِ والرَشا والإعلامِ الزائفِ والمكرِ والخداعِ....بَلْ بالفِكرِ والمُجادلةِ بالحُسنى وبالإنسانيَّةِ والرَّحمةِ والأخلاقِ»، مُؤكداً على ضَرورةَ أنْ لا يكونَ للاختلافِ في العقيدةِ والفِكرِ انعكاساتُ سلبِيَّةُ على السلوكِ والمواقفِ، حيث يقول: « الإعتقادُ في القلب بينه وبين الله، نحنُ نرفضُ إنعكاسات ما يعتقدُ به الإنسانُ على الخارجِ، تكفير الآخر بالرأي، سَواءً كانِ على أساسِ الدينِ أو القوميةِ أو العرقِ أو المذهبِ أو أي عنوانٍ مِنَ العناوين، هذا الشيءُ مرفوضٌ وهو أنْ ينعكسِ إلى الخارجِ كسلوكِ عمليٍ إجراميٍ تكفيريِ، والمفروض أنْ نرفضه سواء كانَ على أنفسنا أو على الآخرين...».
خِتاماً نقولُ: مِنَ الواجبِ الشرعيِّ العلميِّ الأخلاقيِّ الإنسانيِّ الحضاريِّ أنْ يكونَ الإنسانُ مُعتدلاً وسطيّاً، لكنْ الأجملَ والأندرَ والأسمى، أنْ يكونَ معتدلاً وسطيّاً، في زمنٍ، إنْحَسَرَ فيهِ الاعتدالُ والوُسَطِيَّةُ ، وسادَ وسَيْطَرَ فيه التطرفُ والعُنفُ، وتَلبَّس بلباسِ الدْينِ ، فأضحى الماشي على خطِّ الإعتدالِ والوُسَطِيَّةِ، كالماشي عَكْسِ التيّارِ الماردِ، مَصيرُهُ التهميشُ والتغييبُ والقمع.



#محمد_جابر_الجنابي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حُبُّ عليٍ عقلٌ وحكمةٌ وإنسانيةٌ.
- حافِظوا على أرواحِ الناسِ والمسلمِين قَبْلَ الحِفاظِ على الم ...
- رَمَتْنِي بِدَائِهَا وانْسَلَّتْ، منهجُ المارِقةِ والمُتلبِّ ...
- يا عقول مارقة...هذا ليس محمد ،هذا رسولكم الشيطان.
- التقديس المسيَّس سلاح المتلبسين بالدين.
- المُنتظَر ينتظِر!!!.
- إن هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا...
- الحسين خارجي...والمصلح خارجي!!!.
- استعمارٌ بلباس الدين!!!.
- حراك... نفس الطاسة وذاك الحمام.
- تخريب تخريب، سبي سبي، أسر أسر، نهب نهب...
- الأخ يقاتل الأخ، والأب يقاتل الأبناء، والأخ يقاتل العم...
- الحل ليس بالضجيج، وانما بالنضيج وإصرار الحجيج.
- زوال داعش إن تم لا يعني زوال الإرهاب.
- بين -غاب- و -كلوكة- العراق انضرب بلوكة.
- أزمة الكهرباء وسياسة الهروب للأمام.
- التكفير مطلقا..والتكفير الديني خصوصا.
- المعاير الشرعية العلمية...لا معايير التكفير والرجعية.


المزيد.....




- كعبٌ عالٍ وسقوطٌ مدوٍّ... حين تعثّرت نعومي كامبل ونهضت نجمة ...
- مدير IAEA: أجهزة الطرد المركزي بمنشأة فوردو النووية بإيران - ...
- مصور وناشط فلسطيني وثق الحرب بغزة في جولة أمريكية لجمع التبر ...
- قمة الناتو: إسبانيا تتحدى ترامب... تساؤلات: هل يظهر خامنئي ف ...
- السعودية..جدل بعد منع -البقالات- من بيع التبغ واللحوم
- تحطمت أسطورة إيران التي لا تقهر.. ما عليك معرفته الآن عمّا ق ...
- غزة: قتلى وجرحى في قصف على مدرسة وسموتريتش يهدد: إما وقف الم ...
- وصفه بالبطل.. ترامب يدعو لإلغاء محاكمة نتنياهو بتهم الفساد
- محللون والحرب الصهيونية الأمريكية على إيران
- تصريح صحفي صادر عن اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية الشعبية


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد جابر الجنابي - عَلِيُّ شَهِيدُ الوَسَطِيَّةِ والإعْتِدالِ.