أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد جابر الجنابي - التقديس المسيَّس سلاح المتلبسين بالدين.














المزيد.....

التقديس المسيَّس سلاح المتلبسين بالدين.


محمد جابر الجنابي

الحوار المتمدن-العدد: 5880 - 2018 / 5 / 22 - 00:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التقديس ظاهرةٌ رافقت مسيرة البشرية، فالأمم والشعوب تميل إلى تقديس بعض القضايا والأمور اعتزازاً منها بالمقدس، ولما نزلت رسالات السماء كان لها موقف ايجابياً مع هذه الظاهرة فيما يتعلق بتقديس مَن يستحق التقديس شرعاً وعقلاً وأخلاقاً ، شريطة أن لا تخرج عن الإطار الشرعي العلمي الأخلاقي الإنساني الحضاري...
لكن هذه الظاهرة لم تكن بمنأى عن مخالب الانتهازيين، فدخلت في دائرة توظيفهم وتسييسهم، فراحوا يضعون كل ما يخدم مصالحهم الضيقة ومشاريعهم الخبيثة في دائرة التقديس، ويضفون عليه هالة من القداسة بحيث صارت تلصق بمَن ليس أهلٌ للتقديس، بل إن الأمر ذهب إلى أخطر من ذلك حينما صارت تلصق بمن مواقفه وسيرته مخالفة للشرع والعلم والأخلاق والإنسانية...
تتفاقم خطورة هذه الظاهرة عندما تمارس بإسم الدين ومن قبل المُتلبسين به، لأنها ستكتسب الشرعية حينئذٍ، وسينقاد إليها المسلمون في ظل غياب الوعي وسيطرة الانقياد الأعمى للمتسترين بالدين، ولذلك نجد أن هذه الظاهرة الخطيرة تفشّت في أدبيات المجتمع الإسلامي بكل طوائفه ومذاهبه، وهناك أيادي معلنة وخفية تعمد على تفعيلها وتعميقها وتسويقها بما يخدم توجهاتها النفعية الشخصية التي تتمحور في جانبين: السلطة والمال، وهذا هو نهجٌ سار عليه التيمية وبالغوا فيه، حتى أنهم راحوا يُقدِّسون من يرتكبون المحرمات جهاراً وينسبون موبقاتهم وأخطائهم وفشلهم إلى غيرهم للحفاظ على قدسيتهم المزعومة، بل ويمنحوهم أخطر المناصب والألقاب كالخليفة والإمام والأمير والسلطان والحاكم والفاتح والناصر وغيرها، ومن الشواهد على ذلك ما كشف عنه الأستاذ المحقق في سياق تعليقه له على ما ينقله ابن الأثير في الكامل فيما يتعلق بالملك العادل ومحاولته البائسة لإضفاء القدسية عليه وعلى أولاده واختلاق المبررات الواهية لما ارتكبه من أخطاء وفشل وموبقات تسببت في صراعات ونزاعات وهزائم أبادت شعوب بأكملها، حيث قال الاستاذ المحقق :
((أسلوب فارغ معتاد لتبرير كلّ فشل وهزيمة وخيانة وفساد تصدر مِن أولياء الأمر الحكّام الملوك السلاطين، فينسِبون الفشل والهزيمة والخيانة والانكسار إلى شخص مِن هنا أو هناك أو جهة هنا أو هناك أو دولة هنا أو هناك، للحفاظ على تقديسهم للأشخاص وإلباسهم لباس الإيمان والحكمة والعصمة والخلافة الإلهيّة والإمامة!!! وهنا يحاول إلباس القدسيّة لأولاد العادل وللعادل ولحكمته وعدالته ووصيته وأوصيائه، فأتى بابن مشطوب وحمّله كلّ ما حصل في دولة الأيوبيين عصر العادل وأولاده مِن صراعات ونزاعات وهزائم نكراء أدّتْ إلى إبادة شعوب إسلاميّة كاملة بمدنها ببنائها وأشجارها وحيوانها وإنسانها!!!)).
التقديس اللامشروع كان ولا يزال له الأثر السلبي على فكر وعقيدة وسلوك وواقع الفرد والمجتمع المسلم لأنه يشلُّ حركة الفكر، ويُعطِّل التقييم الموضوعي، ويوقف عملية الفرز الحيادي العادل، ويضع الأفعال والمواقف على حد سواء لأن الجميع تحت هالة التقديس : البر والفاجر ،الصحيح والخطأ، الحقيقة والوهم ...، وهذا بدوره سيرسم صورة مشوشة غير واضحة يختلط فيها الحابل والنابل ، وتُغَيَّب القدوة الحسنة والنموذج الأمثل والمنبع الصافي ويحصل الخلاف والاختلاف، ناهيك عن الصمت والسكوت عن الأخطاء والفشل والموبقات والجرائم التي يرتكبها صاحب القداسة المستوردة، أو محاولة التبرير له أو إلصاقها بغيره حفاظاً على قدسيته الفارغة التي يعتاش عليها هو ومن ألصقها به من النفعيين... فصارت الشعوب (إلا الأندر) تُقدِّس مَن لا يستحق التقديس، وتهين أو تخذل أو تتقاعس عن نصرة من يستحق التقديس أو المقدس الأقدس...



#محمد_جابر_الجنابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المُنتظَر ينتظِر!!!.
- إن هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا...
- الحسين خارجي...والمصلح خارجي!!!.
- استعمارٌ بلباس الدين!!!.
- حراك... نفس الطاسة وذاك الحمام.
- تخريب تخريب، سبي سبي، أسر أسر، نهب نهب...
- الأخ يقاتل الأخ، والأب يقاتل الأبناء، والأخ يقاتل العم...
- الحل ليس بالضجيج، وانما بالنضيج وإصرار الحجيج.
- زوال داعش إن تم لا يعني زوال الإرهاب.
- بين -غاب- و -كلوكة- العراق انضرب بلوكة.
- أزمة الكهرباء وسياسة الهروب للأمام.
- التكفير مطلقا..والتكفير الديني خصوصا.
- المعاير الشرعية العلمية...لا معايير التكفير والرجعية.


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد جابر الجنابي - التقديس المسيَّس سلاح المتلبسين بالدين.