أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - شاكر النابلسي - الصِحَاحْ في نقدِ المِلاَحْ















المزيد.....

الصِحَاحْ في نقدِ المِلاَحْ


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 1492 - 2006 / 3 / 17 - 11:54
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


من النقد السياسي إلى النقد الثقافي

النقد الثقافي منهج كنا قد أعلناه وكتبنا فيه عدة كتب جاوزت الأربعين كتاباً، منذ عام 1964 وحتى الآن. واليوم نود أن نمارسه من جديد بعيداً عن السياسة العربية وهمومها، وحتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود، في فلسطين والعراق ولبنان ونواح أخرى من العالم العربي، وتتمخض الجبال العربية عن أسود ونمور وليس عن فئران وأرانب، دعونا نلتفت إلى ظاهرة مهمة وحيّة وشديدة التأثير في الحياة العربية المعاصرة الآن، وهي ظاهرة الغناء العربي الشبابي الجديد، الذي أخذ يستقطب مجموعات كبيرة من الشباب والشابات في كافة أنحاء الوطن العربي. ويؤثر تأثيراً ثقافياً واضحاً في الجيل العربي الطالع من حيث أنه يشبكه ويهمكه في الحداثة الفنية وفي الليبرالية الاجتماعية، التي قد تؤدي إلى الليبرالية السياسية، ويبعده عن مصائد شبكات الارهاب التي تصطاد الشباب وتجندهم لمزيد من العمليات الاجرامية في المستقبل.

فهل هذا الغناء الجديد، سلاح حاد في وجه موجات الارهاب التي تجتاح العالم العربي من أقصاه إلى اقصاه، وعلينا أن نشجعه، فالوقوع في غرام نانسي عجرم أو أليسا، أو روبي أو هيفاء وهبي، أفضل بكثير من الوقوع في شِباك ابن لادن والظواهري والزرقاوي، بل أكثر آماناً وأمناً للشباب الموعودين بحوريات خيالية وسحرية في الجنة من طراز هذه الحوريات الحقيقية؟

وهل مهاجمة بعض أشياخ الدين وخاصة في منطقة الخليج لهذا النوع من الغناء الراقص أو الرقص المُغنىّ، سببه أن هذا "الفن" يُقصي الشباب الطالع عن الانخراط في صفوف "المجاهدين"، ويضمهم إلى صفوف "الراقصين" و "المغنين"، ويحفظ دموع أمهاتهم ولوعة آبائهم، يوم يقيمون لهم أعراس الدم، بدلاً من أعراس العطر؟

تحية كاريوكا وإدوارد سعيد

دُهش معظم المثقفين من الدينيين والليبراليين على السواء، عندما كتب ادوارد سعيد مقاله الجميل (تحية إلى تحية ، 1990) عن الراقصة الشهيرة تحية كاريوكا، بعد أن قابلها في القاهرة 1989، وأجرى معها حديثاً مطولاً، ونشر المقال بعد ذلك في كتابه (تأملات حول المنفى، 2004). وتساءل معظم المثقفين: كيف تكتب قامة من قامات الثقافة العالمية كإدوارد سعيد عن راقصة شعبية مثل تحية كاريوكا، لا دور لها في الثقافة العربية عموماً. ولكن حجة سعيد كانت أنه يكتب عن رمز من رموز الفن والتسلية الشعبية التي كان لها دور في الحياة الفنية العربية، من خلال تحليل سعيد للغة الجسد - حيث ينتج الجسد لغة بيئته - التي كانت تقدمها كاريوكا، ثم دور آخر سياسي/ثقافي عندما تحولت تحية كاريوكا إلى ممثلة مسرح سياسي مكشوف ومباشر. وكانت تبريرات سعيد تنصب في أسباب ثلاثة كما رصدها علي بدر في (ادوارد سعيد وتحية كاريوكا : البوب آرتس وبولطقيا الجسد في الدراسات ما بعد الكولونيالية):

1- بروز دراسات البوب آرتس والثقافة الشعبية وأبحاث الفن الشعبي العفوي والمجاني كفرع من فروع تيار ما بعد الحداثة.

2- بروز تيار ما بعد الكولنيالية في دراسة بولطقيا الجسد، حيث يكون جسد تحية كاريوكا هو السطح الذي تنقش عليه الأحداث التاريخية والسياسية والاجتماعية والثقافية نفسها.

3- الاهتمام الذي أولته النظرية النقدية المعاصرة للكيانات المقموعة والمهمشة من الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية، مثل النساء، الزنوج، الفقراء، الأقليات الدينية والعرقية والأثنية.

من العباءة إلى الجينـز

وإذا كان إدوارد سعيد يدرك أن "دور تحية كاريوكا هو نوع من النصيّة التي ما من سبيل قط إلى تجاوزها على الإطلاق أو إهماله وإخفائه، أو التنكر له ومجافاته والتحايل عليه". فكذلك هي أغاني جيل نانسي عجرم المستهجنة والمرفوضة من قبل المؤسسات الدينية والفنية التقليدية.

وإذا كان ادوارد سعيد يعتبر أن فن الرقص عند تحية كاريوكا "نَصٌ كامل ومنجزٌ في الإطار النصي- الثقافي الذي يحرك ميداناً كاملاً من الأفكار والعلاقات ويبرزها في إطار خطابي متجانس من التاريخ الثقافي العربي في الحقبة الأولى من تشكّل المدينة العربية وتأسيسها على أساس كولنيالي. وهو منجز مكتمل، تم تحققه من خلال بنية خطابية متكاملة من علاقات اجتماعية وثقافية وسياسية وتاريخية وأدبية وإثنية"، فكذلك كانت أغاني جيل نانسي عجرم، وجمهورهم الذي خلع ربطات العنق والبدلات الداكنة اللون وفساتين السواريه وعقود اللؤلؤ (جمهور أم كلثوم وعبد الوهاب) وارتدى قمصان نصف كم (تي شيرت) الملونة والجينـز (جمهور جيل نانسي عجرم) . وأصبحت أغاني هذا الجيل تعبر عن مرحلة اجتماعية وثقافية عجر الشعر وعجزت الرواية والمقالة وعجزت السينما العربية عن التعبير عنها. بدليل انصراف الجمهور عن هذه الأجناس الثقافية، واقباله اقبالاً كبيراً على أغاني جيل نانسي عجرم الذي أصبح يوزع ملايين النسخ من انتاجه الغنائي.

"عوالم" القرن الحادي والعشرين

كان القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين يعجُّ بـ "العوالم" من الراقصات المغنيات في الوقت نفسه. وقد تحدث عن دور العوالم الرحالون الأوروبيون الذين زاروا الشرق في القرن التاسع عشر أمثال الباحث السيسيولوجي الانجليزي ادوارد لين، والروائي الفرنسي غوستاف فلوبير. وكانت "العوالم" كما قال ادوارد سعيد ذوات انجازات بارزة في الرقص والغناء معاً. وفيلم (لعبة الست) بطولة تحية كاريوكا كان أصدق من صوّر واقع "العوالم" في مصر. وجيل نانسي عجرم من المغنيات الراقصات هنَّ "عوالم" القرن الحادي والعشرين. وهنَّ نموذج للنساء الخود الفاتكات للرجال بجمالهن وسحرهن. فلا يبعثن في الناظر غير المتعة الجنسية. و"الفن هو هذا الخيال الجنسي"، كما يقول الناقد المسرحي الأمريكي جورج ناثان. والجنس هو محرك رئيسي في الحياة العربية المنغلقة منذ 14 قرناً وإلى الآن. والإسلام استعمل شتى الوسائل لكي يُقبل العرب على الإسلام. وأغرى الإسلام العرب بالجنس. فسمح بالزواج بأربعة نساء دون بقية أديان السماء الأخرى. وعبّر عن الزواج بكلمة "النكاح" وهي كلمة دالة ومثيرة للفعل وللخيال الجنسي ، خاصة في قول القرآن الكريم )وانكحوا ما طاب لكم من النساء(. واستعمل هذه الكلمة 16 مرة في القرآن. ولم يستعمل القرآن كلمة "الزواج" بدلاً من "النكاح". إضافة لذلك، فإن العرب بُشروا بالحور العين إذ هم أسلموا كوسيلة من وسائل استعمال الجنس لكسب مزيد من الداخلين في الإسلام، وباعتبار أن التاريخ يشكله عنصران: الجنس والمال. والحور العين في الجنة اللائي ذكرن أربع مرات في القرآن (سورة الدخان، الطور، الرحمن، والواقعة) هنَّ الدافع الرئيسي للذين ينتحرون، ويقودون السيارات المفخخة في شوارع العراق والسعودية وغيرها. وقد قيل أن هؤلاء الانتحاريين يربطون على أعضائهم الذكرية حين ينتحرون، وذلك لكي تبقى سليمة وقوية وصالحة للاستعمال يوم القيامة!

ما الجديد لدى جيل نانسي؟

رقص جيل نانسي عجرم الايحائي المصاحب للغناء أو الرقص الغنائي، ليس بالجديد ولا يستأهل كل هذه الضجة الإعلامية التي يقيمها ولا يقعدها بعض رجال الدين صبحاً ومساءً. ولكنه الزمن الرديء يا صاحِ. فأغاني الأفلام المصرية القديمة والجديدة مليئة بالغناء الراقص أو الغناء المصاحب لراقصة ثلاثة أرباع ونصف الربع من جسدها عارياً. وهذا الرقص يذكرنا بجواري الأمويين والعباسيين والعثمانيين والمماليك. وقد اتقنَّ الرقص الشرقي الايحائي الذي شبهه ادوارد سعيد بمصارعة الثيران، ذات الحركات الذكية القليلة البطيئة. ونحن لم نكن نستمتع بمنظر أم كلثوم، ذات القسمات الصارمة والجسم المكتنـز، والرقبة الغليظة، والذقن اللحيمة، وهي تغني. وكنا نفضل أن نسمعها لا أن نراها. ولو كانت أم كلثوم، ذات قد ممشوق كنانسي عجرم، أو أمل حجازي، أو إليسا، أو هيفاء وهبي، لكانت بمثابة معجزتين في معجزة ضخمة : معجزة الصوت، ومعجزة الجسد.

(للبحث صلة)

[email protected]






#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جذور الكراهية وأصول العداء بين الإسلام والغرب
- الوصل والفصل بين الإسلام والغرب
- لهفي على هذا العراق!
- دور الدولة العربية في صدام الإسلام والغرب
- دور سّيد قُطب في صراع الجهالات
- ديمقراطية النفايات!
- ركائز الثورة البجادية الإيرانية
- الثورة النجادية والإرهابيون في الأرض
- هل فوز -حماس- كان رحمة بنا؟
- دور عرفات (صاحب الشنطة) في فوز حماس
- العقل العربي و-الملحمة- الكاريكاتيرية
- الأردن ليس استثناءً
- حزب الله: المفتاح في نزع السلاح
- حماس تواجه العالم
- الطريق الى القدس تمرُّ عبر صناديق الاقتراع
- ساحة للحرية بعمّان.. واو!
- سور العرب العظيم
- سوريا وإيران تشعلان النيران
- المليشيات الفلسطينية وحلف -فلسان- الثلاثي
- لماذا يريد العرب انسحاب امريكا من العراق؟


المزيد.....




- بعد خلاف حول الحجاب .. فرنسا تقاضي تلميذة اتهمت مدير مدرستها ...
- -موقف محرج-.. تداول فيديو استقبال ميقاتي لرئيسة وزراء إيطالي ...
- طفل أوزمبيك.. كيف يزيد سيماغلوتيد خصوبة المرأة وهل يسبب تشوه ...
- النساء يشاركن لأول مرة بأشهر لعبة شعبية رمضانية بالعراق
- ميقاتي يتعرض لموقف محرج.. قبّل امرأة ظنا أنها رئيسة وزراء إي ...
- طفرة في طلبات الزواج المدني في أبوظبي... أكثر من عشرين ألف ط ...
- مصر.. اعترافات مثيرة للضابط المتهم باغتصاب برلمانية سابقة
- الرباط الصليبي يهدد النساء أكثر من الرجال.. السبب في -البيول ...
- “انقذوا بيان”.. مخاوف على حياة الصحافية الغزية بيان أبو سلطا ...
- برلماني بريطاني.. الاحتلال يعتدي حتى على النساء الفلسطينيات ...


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - شاكر النابلسي - الصِحَاحْ في نقدِ المِلاَحْ