أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - صمت الليالي .














المزيد.....

صمت الليالي .


يوسف حمك

الحوار المتمدن-العدد: 5864 - 2018 / 5 / 4 - 01:11
المحور: الادب والفن
    


كان ليلاً خاملاً ، احتله صمتٌ رهيبٌ ، صادره سكونٌ واجمٌ ، و وضع الهدوء يده عليه .
فبات مستسلماً خاشعاً ، لا يكدره اضطرابٌ أو ثرثرةٌ ، و لا صليل يغيظه ، أو قلق يعتريه ، أو يزعجه هدير حركةٍ .

أطبق فمه عن الكلام و صائمٌ ، و عن السمع أوصد أذنيه ، فألجم لسانه عن الحديث ، و عن الرؤية أغمض عينيه ، فغدا الكون بحراً من اسودادٍ و ظلامٍ قاتمٍ .
القلب ممتعضٌ ، و الصدر بالحنق ممتلئٌ ، و النفس مسدودةٌ .
أما الروح فعلى إدمان الخيال مغذيةٌ .
لا صوت إلا لصرير القلم ، و لا حركة إلا لحروفه الخرساء الوافدة من أوجاع الأوردة ، تترادف .. . تستقيم ... لتؤلف كلماتاً تشق عباب الحياة ، و تمخر بين أمواجها معاتبةً :

كم قاسيةٌ هي الحياة ، عميقةٌ جروحها التي ربما يتوقف نزفها ، لكنها لا تلتئم رغم العلاج الجاد .
مواقفٌ مؤلمةٌ مدت يدها إلينا ، فهزتنا بعنفٍ ، نهرب منها كلما طاردتنا .
بعضها مكسوةٌ بوشاحٍ أسودٍ ، يأكلنا الندم حينما تفتح نافذة الذاكرة لتطل علينا ، فنضيق بها ذرعاً ، لأنها سلبت منا أشياءً جميلةً ، و حبستها و راء القضبان ، تتسع في في صدورنا رقعة الوجع ، و تنكسر النفس من وطأة عبئها .

أشخاصٌ رحلوا عنا ، فأيقظوا فينا رغبةً ملحةً للحاق بهم .
لكنها بقلاعٍ منيعةٍ تصطدم .
رحيلٌ على صفحات الروح يرسم أحزاناً ، و في القلب يزخرف ألماً .

أماكنٌ انتزعنا منها الكثير من الفرح ، تأبى أن ترضخ لقوة النسيان ، فتطرق أبواب الذاكرة بعنفٍ كي لا تموت ، و تواري الثرى .
و وجوهٌ وميضها يطرد الظلام ، فتبدو تفاصيلها واضحةً كأنها في وضح النهار .
و أمنياتٌ ناصعة البياض موشحةٌ بالبهجة ، تتوق النفس لبلوغها ، لكن الزمن لها بالمرصاد .
و أحلامٌ ورديةٌ تتعثر في سيرها ، فيطبع ذبولها على خدودنا آثاراً مكشوفةً .

فرصٌ ذهبيةٌ قدمت إلينا على طبقٍ من ذهبٍ ، فرفضناها . لا لأننا لم نكن نستحقها ، أو لم نكن جديرين بها ، أو أخفقنا في استغلالها . بل لأن ثمنها يمس الكرامة ، و يقزم النفس .
فكل مكسبٍ ساقطٍ ، و نجاحٍ فاضحٍ عار الجسد ، على القلب محظورٌ .

أسئلةٌ كثيرةٌ تتزاحم و تلح :
هل قادمات الأيام تصغي إلينا ، و تستجيب لندائنا ، فتلبي رغباتنا ، أم تصم أذنيها ، و تتركنا وراءها حائرين و تمضي ؟!



#يوسف_حمك (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لازالت ذاكرتنا بقضايا الكادحين تكتظ .
- متى تثقب أعينهم الأكمة ، ليروا ما وراءها ؟!
- بين الطموح و الطمع نرجسيةٌ عمياء ، و غرورٌ ساقطٌ .
- نحن من طوانا الدهر ، و التاريخ من صفحاته حذفنا .
- لن يستطيعوا محو ذاكرتنا .
- الحرب في سوريا لازالت في بداية شوطها الأول .
- الجهل كبرياءٌ هزيلٌ ، بلا تخومٍ .
- مجنماتنا لا تتوارث سوى التصفيق و الزغاريد .
- الخبيث المراوغ .
- في سوريا كل شيءٍ مستباحٌ .
- عفيفٌ يغلي غيظاً .
- الرؤوس الكبيرة تتناطح
- اليقظة المتأخرة خيرٌ من السبات الأبديِّ .
- الصمت أرحم من المواقف الكيدية .
- تحرير عقول الرجال أولى .
- انتهازيٌّ من الطراز الأول .
- القضية الكردية لب مشاريع التسويات الدولية .
- الحب ذاته عيدٌ .
- ليس بالحاضر تحرق الشجون .
- الاسلام و التمثيل بالأحياء و الأموات .


المزيد.....




- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟
- وفاة الممثلة الإيطالية ليا ماساري عن 91 عاما
- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...
- -نَفَسُ الله-.. هشاشة الذات بين غواية النسيان واحتراق الذاكر ...
- جبل كورك في كردستان العراق.. من خطر الألغام إلى رفاهية المنت ...
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - صمت الليالي .