|
بين الطموح و الطمع نرجسيةٌ عمياء ، و غرورٌ ساقطٌ .
يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 5853 - 2018 / 4 / 22 - 23:59
المحور:
الادب والفن
احتدم النقاش بينهم ساخناً ، و علا صوت من كان أفقه ضيقاً ، لا يتسع للحوار ، أو إبداء رأيٍّ لا يتفق و نظرته للمفاهيم . كان الالتباس واضحاً حول مفهومَيْ الطموح و الطمع ، و الخلط بينهما ، و محاولة البعض توحيدهما ، و عدم التمييز .
استأذنتهم بعد أن مُنِحْتُ رخصة المشاركة لأقول : في ظل الحياة الحبلى بالمآسي و المفاجآت ، أحداثٌ كثيرة خضناها ، و ظواهرٌعديدةٌ استوقفتنا ، و محطات متفرقةٌ توقفنا في أرجائها ، لنلتقط انفاسنا بعد لهاثٍ مرهقٍ ، و تجاربٌ جمةٌ تعلمنا منها الكثير ، و اكتسبنا من خلالها الخبرة التي نتوكأ عليها للمضيِّ قدماً نحو الأمام .
بدواخلنا عيوبٌ و إخفاقات أخفيناها عن أعين الناس - و من منا لا يخفي عيوبه ، أو يعترف بوجودها - تحولت بعضها إلى مرضٍ مزمنٍ لا يكتشفه أحدٌ سوى المريض ذاته ، و الذي لا يجد له الدواء الشافي .
أخطاءٌ ارتكبناها ، لكن البعض حرص على عدم تكرارها ، و عقد العزم على عدم مواظبتها ، و حذفها من صفحات النواقص للأبد . طموحاتٌ كانت تصهل في قلوبنا ، بعضها تحققت ، و بعضها الآخر تعثرت فأصيبت بشللٍ كاملٍ ، أو نصف الشلل . فباتت حبيسة صدورنا عاجزةً عن الحركة ، و غدت رهينة حسراتنا .
تطوير الذات إلى المراتب العليا هدف كل إنسانٍ ، و هو حقٌ مشروعٌ شريطة أن يسلك طريقاً مستقيماً ، و بوسائل مشروعةٍ ، و قلبٍ أبيض ، و بنفسٍ زاهدةٍ ، أو منافسةٍ شريفةٍ ، و عدم النظر إلى ما بحوزة الآخرين ، أو إلحاق الأذى بهم .
لكن البعض وصل بهم الأمر إلى التعدي على ما ليس له ، و بأساليب ملتويةٍ ، و إزالة الأشخاص عن طريقهم بأسلوبٍ ميكيافيليٍّ ، و تشويه سمعتهم لتحقيق مآرب فرديةٍ ، و مصالح ذاتيةٍ . و هو التحول من الطموح إلى الطمع ، و من المسموح إلى الممنوع ، و من الحق إلى الباطل ، و من الأخلاق الفاضلة نزولاً إلى الحضيض و الفسق و الفجور . كما التجاوز على كل الحدود ، و الدعس على طموحات الآخرين لتحقيق أطماعهم النرجسية لا طموحاتهم .
نعم الطامح غايته صافيةٌ ، و هدفه نبيلٌ ، و نجاحه مكلل بالاحترام و تبجيل الناس له ، يكسب ود الآخرين ، و نفسه قانعةٌ ، و صدره مليءٌ بالحب و الجمال ، و روحه مبدعةٌ . فما بالك إذا كان طموحه شاملاً يهدف النفع للجميع .
أما الطامع فغايته خبيثةٌ ، و هدفه فرديٌّ هابطٌ ، أسود القلب ، بغيض النفس و حاقدٌ ، بيئته فاسدةٌ ، بذرته شريرةٌ ، و قدوةٌ سيئةٌ مهدور الكرامة ، كسبه غير مشروعٍ ، يبتلع ما ليس له بفمٍ جشعٍ و بلا خجلٍ . كلما بلغ منزلةً ارتدى ثوب البناء و التقدم فازداد تصفيقاً للحكام ، و تهليلاً للساسة ، و هتافاً للرموز ، كي يغدقوا عليه العطاء و الهبات و المناصب و الرتب الخفية ( الأمنية ) لا ليبنيً الوطن بل ليهدمه ، و يدمر الاخرين . يأخذ كل شيءٍ مقابل بلا عطاءٍ ، أعمى البصيرة لا يميز بين ما هو مسموحٌ و ممنوعٌ ، أنانيٌ يتجاوز حدوده لاحتلال ما ليس من حقه . سحق الآخرين هوايته ، و التشهير بهم مهنته ، و الجلوس العلنيُّ وراء الطاولة خدعته ، رفع التقارير لزوار ما بعد منتصف الليل وظيفته .....
فالطموح لتحقيق أحلامٍ ورديةٍ تدر ربحاً وفيراً للذات و للآخرين معاً ، هو النهوضٌ بالمجتمع نحو الأفضل . دون الإساءة لأحدٍ ، أو خدش مشاعره .
أما الطمع فهو مشروعٌ أنانيٌ كارثيٌّ للغير ، مدمرٌ للمجتمع ، و لا مبالاةٌ بمصالح العامة ، و غرورٌ ساقطٌ ، للأخلاق هابطٌ ، لا يعير اهتماماً إلا للمنفعة الذاتية ، و لو على حساب تدمير كل ماحوله . حقاً إنه لمشروعٌ على مقاس الأشرار و بائعي الذمم ، و لا يناسب غيرهم .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحن من طوانا الدهر ، و التاريخ من صفحاته حذفنا .
-
لن يستطيعوا محو ذاكرتنا .
-
الحرب في سوريا لازالت في بداية شوطها الأول .
-
الجهل كبرياءٌ هزيلٌ ، بلا تخومٍ .
-
مجنماتنا لا تتوارث سوى التصفيق و الزغاريد .
-
الخبيث المراوغ .
-
في سوريا كل شيءٍ مستباحٌ .
-
عفيفٌ يغلي غيظاً .
-
الرؤوس الكبيرة تتناطح
-
اليقظة المتأخرة خيرٌ من السبات الأبديِّ .
-
الصمت أرحم من المواقف الكيدية .
-
تحرير عقول الرجال أولى .
-
انتهازيٌّ من الطراز الأول .
-
القضية الكردية لب مشاريع التسويات الدولية .
-
الحب ذاته عيدٌ .
-
ليس بالحاضر تحرق الشجون .
-
الاسلام و التمثيل بالأحياء و الأموات .
-
الشوفينيون لن يستطيعوا إطفاء شمعة الكرد ، و إن بغوا .
-
كسر إرادة الكرد ، و تقويض عزيمتهم محالٌ .
-
غصن الزيتون أطهر و أنقى من أن يلطخ بالدم ، و اللحم المطحون .
المزيد.....
-
بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ
...
-
مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
-
روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
-
“بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا
...
-
خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر
...
-
الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا
...
-
الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور-
...
-
الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
-
على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس
...
-
الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|