أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعرة اسماء صقر القاسمي، بين التراث ومحاكمة الذات ..!














المزيد.....

الشاعرة اسماء صقر القاسمي، بين التراث ومحاكمة الذات ..!


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5860 - 2018 / 4 / 30 - 00:23
المحور: الادب والفن
    


ارادت الشاعرة اسماء القاسمي في قصيدتها (قميص جوبيتر)، ان تثبت ان الشعر ليس فسحة في عالم اللغة فحسب، انما الشعر محاكمة افتراضية للحياة، وان التراث بقيمه الثقافية والاجتماعية مصدرا تربويا علميا وفنيا، ويالتالي فإن تراكم الخبرات يكون الحضارة وتراكم المعلومات يشكل الذاكرة، وهذه الذاكرة بدورها تمكننا من فهم العالم فهما سليما، وأن نربط بين خبرتنا الراهنة ومعارفنا السابقة عن العالم وكيف يعمل؟، ولهذه الذاكرة والتراث الثقافي علاقة طردية مع الإبداع لدى الأفراد والشعوب، ومن هنا لابد من استثمار خبرات مَنْ سبقونا وتجاربهم، والاستفادة منها، بل واستلال الدروس منها، وبالتالي فان هذا المنحى يؤكد ان الشعر وعي، رغم انه يعيش عالم اللحظة، وتوهج الفكرة .. هذا المعطى يجعلنا ان نتساءل .. لماذا الشاعرة القاسمي ذكرت جوبيتر او(يوبيتر) في قصيدتها ؟ فما المغزى من هذا ؟ .. اول المعطيات من هذا، هو على الشاعر ان يتسلح بثقافة الاطلاع على تراث الانسانية بصورة عامة، وعلى تراث امته بصورة خاصة، لتكون طروحاته من العمق بمكان في غزو افكار الاخر واحتلال المكانة اللائقة لها في التراث الثقافي الشعري .. وثاني هذه المعطيات يتعلق بجعل عوالم الشعر الحلمية تعانق عوالم الواقع .. فجوبيتر كان حامياً لمدينة روما عند تأسيسها على يد رومولوس، وبقي إله روما الأعظم منذ أن أُنشئ معبده الكبير على الكابيتول، وازدادت أهميته القومية والسياسية مع اتساع الامبراطورية الرومانية وعظمتها، وأصبح يعبد بوصفه الأفضل والأعظم، حيث دُشن معبده مع قيام الجمهورية الرومانية عام 509ق.م، وصار مركزاً للنشاط السياسي فيها، إذ كان القنصلان المنتخبان يصعدان إليه مع بداية حكمهما لتقديم آيات الشكر لجوبيتر على حمايته الشعب الروماني، وكان القائد المنتصر يتشبه بالإله جوبيتر، ويصعد إلى الكابيتول مكللاً بالغار على رأس موكب كبير ليضع إكليل الغار بين يديه، ويقدم له أفضل الغنائم والأسلاب شكراً وتعظيماً على أنه وهب الرومان الفوز والنصر على أعدائهم، فقصيدة (قميص جوبيتر)، رغم ان مضمونها موضوعي رمزها جوبيتر، الا ان الشاعرة القاسمي عاشت فيها تساؤلات الذات، وقد يؤدي بها الى تساؤلاتها عن كنه الحياة وكنه وجود الانسان في هذا الكون المضطرب المتلاطم، فهل الحياة مرحلة عمرية تبدأ بولادة الإنسان وتنتهي بموته، او انها يتصل نبضها بالمشاعر والأحاسيس؛ فيشعر الإنسان أنّه حيّ أي ممتلئ بالنشاط والحيوية، ويمارس نشاطه الإنساني بشكلٍ طبيعي، اوأنها القدرة على العيش بسلام وأمان داخليين؛ وهذا ما يُطلق البعض عليه اسم الراحة النفسيّة أو الشعوريّة التي يُختزل تعريف الحياة بها، فماذا تكون الحياة ؟؟ ، تقول الشاعرة القاسمي :
(لا املك وجها رومانيا
كي ارسم طيرا واحلق
جوبتير
يقرأ فنجاني
في كأس مثقوب الرائحة
يخبرني أن الأرض تخبىء احلامي في زهرة توليب
وان الايام القادمة تحيك من الغيمات عقود الفل)
وتبدى لنا ان الشاعرة تقوم هنا بعقد جلسة محاكمة للزمن، وما يتركه على ذات الانسان، وعلى علاقاته بالاخر، اي محاكمة ذاتية موضوعية، سالكة صراعا تصاعديا من تجارب التراث الانساني الى تجارب الذات وصراعاتها في تأسيس منظومة لاجوبة افتراضية، كون الشعر عالم افتراضي، الى اجوبة تعوم حول قضايا الواقع، فلماذا تخبيء احلامها في زهرة توليب؟ فزهرة التوليب، هي من الأزهار التي تتمتع بشكل جمال يجذب الجميع و تتميز هذه الزهرة بأنها تظل فترة طويلة نضره و جميلة ولا تذبل ألا بعد مدة طويلة … اذن يبقى حلم القاسمي يتبرعم ويستمر في معانقة الحياة، كما هي زهرة التوليب..!! رغم (ان الايام القادمة تحيك من الغيمات عقود الفل)، والفل نوع نباتي يتبع الفصيلة الزيتونية ويطلق عليه أيضا ياسمين عربي هو نوع من أنواع الياسمين وهو نبات شجيري عادي ومتسلق دائم الخضرة، هذه الابعاد القيمة، التي وضعتها الشاعرة بقصدية من التراث، كما في "جوبيتر" الى اختيار نباتات ذات ميزة معينة، كعينة من الواقع، فكانت القصدية واضحة المعالم .. في ان الشعر رغم انه مشروع لايتكامل واحتمالي، الا انه يصلح ان يكون رؤية قابلة للنقاش والمحاكمة في طروحات الموقف في الالتزام واحترام الذات الشخصية والذات الموضوعية، كما في احترام التراث .. تقول الشاعرة القاسمي في موضعٍ اخر من قصيدتها :
(فأعاود للتو ممارسة الغليان
لا تسبق افكارك في لغة العابر للمجهول
لوحة في منتصف طريقي
وبعض وصايا سفر كلواصق ادعية فوق زجاج الذاكرة
انزع قميص جوبتير
ينطفىء الحظ العاثر
فأزاول عمل الأثير في بستان ابي
واعلق اسمي في اول وردة تزف خبر انتقالي الى قنينة عطر اخرى)
وهنا تعاود المحاكمة في نزع قميص جوبتير، اي بمعنى تترك اضاءة جوبتير كونه تراث انساني، وتزاول العمل في بستان ابيها، خالقة معادلة تضامنية بين جوانب التراث الانساني، وتراث امتها الزاخر بما هو مشرق ويستحق الاستثمار .. فتقول : (واعلق اسمي في اول وردة تزف خبر انتقالي الى قنينة عطر اخرى)، فالتراث عطر الماضي الثابت بوقائع تفيد مسيرة الانسان في تنمية التجربة، ومليء الذاكرة بالامثلة الانسانية الخالدة ويجدر بالذكر أن الإنسان كائنٌ اجتماعيٌ بطبعه، ويتميّز بحسّه الجماليِّ وتذوق الجمال، وهو ما يبعث به إلى الإبداع الثقافي في مجالات الفن والأدب والموسيقى، فهو الذي يخلق التراث والحضارة ..

قصيدة (قميص جوبيتر) للشاعرة اسماء القاسمي



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعرة مها ابولوح، تتبنى الحزن المُبرر ..!
- الشاعرة ساناز داودزاده فر، تصنع حوارا شبه سري مع الاخر ..!!
- الشاعر رافد الجاسم، رومانسية بشكل كلاسيكي ورؤية حديثة ..!!
- الشاعرعبدالعزيز الحيدر ومحاولة ترويض اللاوعي للوعي ..!!
- الشاعر كريم الزيدي في كندا، مصطحبا الحزن العراقي معه..!!
- التشكيلية أفين كاكايى /رحلة البحث عن الوطن
- جنة عدنان .. موصلية ابداعها امتداد لحضارة بلدها
- الشاعرة حنين عمر/ورقصة الوهم
- الشاعر علاء احمد ، تتجلى معانيه بصور المفارقة
- الشاعرة رشيدة موني في صراع لاختراق المألوف
- افياء الاسدي : الشعر والحضور
- الشعر التلقائي والابتعاد عن الرقيب الاجتماعي في رؤية الشاعرة ...
- (حلمة الهذيان) في (تميمة قلب) للشاعر تحسين عباس
- شمس تبريزي ورباعيات مولانا صراع مرير مع القبح الأرضي
- صراعات فكرية ، تحملها قصيدة (ماهية السر)
- رواية (احببت حمارا) ، والسخرية الاحتجاجية
- الفنانة ندى عسكر ، سر الخلود يغويها بالبحث
- التجريد افتراق ولقاء لتأصيل الوعي الفني ، لوحات الفنان اسعد ...
- الفنانة رؤيا رؤوف : امرأة ملطخة بالوان الالم
- الكاتب كاظم الحصيني : لازال صراعه مستمرا /رواية (الدوران في ...


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعرة اسماء صقر القاسمي، بين التراث ومحاكمة الذات ..!