أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدي المولودي - انطباعات أهل المدينة الغامضة














المزيد.....

انطباعات أهل المدينة الغامضة


سعيدي المولودي

الحوار المتمدن-العدد: 5852 - 2018 / 4 / 21 - 17:30
المحور: الادب والفن
    


انطباعات أهل المدينة الغامضة
* انطباعات "سِيدِي بُويْغْصَانْ":
تأتي هذه السنون، صورة لقيامات صغيرة تمشي على الريق. سرير واحد يعيش ظلامه في رصيفها الجريح، لا يقودني إلى الصحوة الأولى. جاء حارس الغابة وانتهر الجبال وأمسك بمفاتيح العشب وصرخة الطير. قال لا تنطقُ هذه الأحجار عن الهوى. أشدُّ قسوة من السيل.
أفْلَتَ الهواء من فخ الهبوب، يا سيد الجسد الراسي لماذا تبكي عرصات الغياب، وتجعل من رمادها مغنما. يستعصي هذا الوقت على الفهم، على افتراض أن المدينة تدك نبوءاتها في الجدار، وبقاياها الشاردة تردد حكايات غامضة تسكن فراغها القادم، تحكي عن خيول جامحة تتقاطر في فجوة صباح من معدن رخيص.
الشجرة تُقاسمني وجهي.
لولا سرُّها بين يدي، خرجتُ من بين عناكب الشهوة، واقترنتُ بالجنية الخرساء التي تراودني كالموجة.أقول لها : يا أمي الطاعنة في الشكل، إني أنهض عاريا من مصبك كي تستحم أقدامي أو تستريح على ذكريات الدوم البلدي ، النخيل الزاحف المكتنز باليقظة الزرقاء.
اشتهيت جذوري الهاربة، الموروثة كالفخار، أنا من اكتشفت خوفا عريقا يجتاح عظامي ويناديني: توغَّلْ في طواف الجهات حارسا ينابيعها، لن تكون هناك أرض ، لن تكون هناك سماء، لن يكون هناك ليل أو نهار، لن يكون هناك موت أو حياة، لن يكون هناك قبلٌ أو بعدٌ، ستهتف القبائل باسمك البائس ، الواقف كبقايا رميم عظام حزينة.

* انطباعات الراعي الأول:
يلقاني نهر هذا القطيع، ما يزال أنسي، أسافر في مداه الملقى، يدخل هذه الأزمنة المهجورة، ولا ماء يعلو، يتصاعد الحنق اليابس ويملأ نسيج العثرات، تتنكَّسُ الأهواء المسدودة في هاتيك الليالي الموقدة ولا يد تلوِّح على الضفاف. نامت الجسور على برودة النبال. وخرجت أنا لهذه الحياة الغريبة، أسأل المعابر الطويلة والمطر المهشَّم والربوات الراكدة. حيث القوافل العمياء تمر تباعا، محملة بالعطور والأرياح والسياسات الصدئة التي تقطف شهوة الأرض.
إني الراعي الوحيد، في هذه التخوم، أسكن هذا الليل المقمر، تكسوني أسواره وتجري مواسمي لمستَغِلٍّ لها، حيث تسقط مدائح البحر وتخذلني هذه الديموقراطية التي تصلني باللحطات المريبة، وتجعل الكون هادئا كالأعصاب أو الأنصاب.
قابلْتُ السماء، خوذةَ الأجداد، وكانت النجوم هاربة من حضنها. سمعت صوتها يناديني: أيها الراعي المتشابك الخطوات، كُلُّ ملامحك تتجمع على حافة القطيع، أنت الساعي، وكل ساع مسؤول عن سعايته.

* انطباعات المقاتل:
أحمل هذا الجرح الغامض، والموت الفائض، تجاورني الصدفة أو الضرورة، ولا يرتبك حد السيف في جلدي، على مبعدة من الصمت أعانق اللون الأخير، الرمق الأخير، الغيم الأخير في اتجاه الشرق العاطل، وأقرأ العالم في قبضتي ليكون مأواي في متاهة المطاف. أنا في داخلي أصرخ في وجه الكهف، وأغرف من سواقي السواد، هل أنا أسود لهذه الدرجة من البياض؟.
أعبر سرب هذه الفلوات العشر، حيث تتراص بيوت الأعداء، وأكلمهم واحدا واحدا، أعرف أنهم سيموتون كأعشاب الخطيئة، ولكنني أخاف ظلالهم، لذلك غير ما مرة أردت أن أكون القاتل، المقاتل، وفارس الأساطير القديمة.

* انطباعات "سِيدِي بُوثــْزْڴـَّاغْثْ":
خذ خيطا من هذه الغابة، واغزل بها قارة من الأحلام، قليلا من الشبة والحرمل، وامزج الخليط بين راحتيك، ستسمع صهيل الصيادين ورفرفة الأحزاب البرية والبحرية، وسترى كل شيء يتغير بإذن الغبار،حيث يمضي الأقوياء إلى مزارع البهاء، والأغنياء إلى الحسابات الثخينة، وتنتشي الخرائط بريشها، ويهرب الفقراء للمفازة. وسترى أن المقابر بوسعها المضي بعيدا حتى آخر الصوت، وأن القلوب القاسية ستربح النزال، وتتوعدنا بصناديق الاقتراع.حيث تقام الصلوات الحمراء على الغائب.
أنا واثق من هذه الطبول، من هذه السنابك، وضيعات الحشائش والبخور العنيدة.من هذه الكرامات أضحى العبيد أسياد الوقت والطريق، وليس كمثلها شيء.
مطر أحمر يسقط على المدينة. وأهلها الغرباء أشد اشتعالا. لا نراه، ولا يرانا، في هذا الضريح المطفأ يلزمنا الكثير من الضلال كي ندرك معنى المدينة.
خذ شعرة من هذه العانة البلاد، واغرس تفاصيلها في الجمر، سترى رياحين اللذة في تكة الروح، قل الروح تجاورها الطرائد، ثمة ستلقى قلب امرأة، باقة حبر قانٍ، وسنديانة من هذيان تضج بأحلام غريبة، ودعاة الفتنة يمشون على الماء. ولا أحد يبالي.

* انطباعات الأرملة:
أيها الرمل البارد. لماذا تتلبَّس بالصحراء، وتخفي وجهك في لوعة السراب.

* انطباعات "الفلاح وأعوانه":
يسألني الحقل عن خاصرة الخصب، عابرا ليله متدفقا يواصل خط الماء، الْيَسْرِي في ملامحه بالغ الدقة.. ريما الآن فقط عرفت المدينة، صلصالها ومرعاها، ونهرها الذي يولد فيها. لا تعدو أن تكون جبلا صغيرا، وجد على هذا النحو: أبواب موصدة، معابر مثقوبة، حدائق كئيبة.. كنا نمشي لها صغارا، حفاة، ويلقانا الملح والهواء المستعار.
أنا مستاء ،
وعندي دمعة،
سأسقي بها أرخبيل الصمت البور، وأستبدل الخوف بالخوف، أيا كان ما سأجنيه من الحقل حبة خردل أو صاعا أو ذراعا من شعير.
يا إلهي، لماذا هذه المدينة لا تفضي للحقل.

* انطباعات " سِيدِي بُولُوحُوشْ":
يا أشياء الله الحسنى، تقدمي خطوة، ضعي يديك على صدري أو قبري، اقتربي قليلا من نافذتي لتعرفي الطريق للخراب. أنا مملكة جدباء تأخذ بخناقي، أحزاني المؤجلة مخبوءة في كف عفريت، تأتيني الوحوش في موعدها، موسم التوارد، يتضاعف هلعي وأنا أبحث عن المفتاح السري لهذه المدينة حيث النساء حبلى بالغموض، والطرقات مأهولة بالغموض، والرمان يخرج من دورة الغموض.
يا أشياء الله الحسنى، تطاردني الوحوش، كأني سيدها، شديد السطوة، أشد تاريخي بعمامة فوق السرج، إذ لا يمكنني الخروج من الخوف. والنساء البدويات الجميلات يصعدن قمتي، أنا الجبل العتيد، يتوسلن النسل البعيد، ويدخلن الغابة الغامضة حيث الزلازل ترقب خيط الحسم.. لكن السوق كاسدة والوحوش غاضبة تهدد في كل لحظة بالهجرة نحو الأكمة البعيدة قبل صلاة الفجر.




#سعيدي_المولودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - مواطنون- لا - شحاذون-
- الواقيات
- - 15-
- - المجال- في الثقافة الأمازيغية بالأطلس المتوسط.
- -جهات-
- ثقافة التلاص: ذ.محمد بوبكري ومنابع سرقاته.
- مقالة تحريم التماثيل وفن النحت.. وقع الحافر على الحافر: سرقة ...
- أراضي الجموع: الفتنة القادمة( نموذج قيادة الحمام/ إقليم خنيف ...
- مهازل الجامعة المغربية:المفتشية العامة لوزارةالتعليم العالي: ...
- جامعة مولاي إسماعيل.مكناس: -الهيدروجيولوجيا- تناقش -السوسيول ...
- (Ann gui zdam) : مرآتي الأولى.
- (سفر الخروج)
- -شهران متتابعان قبل التماس-
- مرثية -فيديل-
- الأساتذة الباحثون والتقاعد
- بلاغ جمعية أجذير إيزوران للثقافة الأمازيغية
- - كوطا- للجميع.. وبرلمان للجميع.
- - رئيس الحكومة والسعادة الخاصة-
- موقع حزب التقدم والاشتراكية لا يمكن أن يكون خارج قوى اليسار
- الجامعة المغربية: -العنف أصدق أنباء من الكتب-


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدي المولودي - انطباعات أهل المدينة الغامضة